كلام الجبير يطرح تساؤلات عن الالتزام بعدم التدخل بالشأن اللبناني
موقع العهد الإخباري ـ
حسن سلامة:
تفاجأ المراقبون بالموقف الأخير لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير بما خص شؤونا لبنانية داخلية وادعاءه ان كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحزب الله لم يسمحا لرئيس الحكومة سعد الحريري بالحكم ولم يعطياه الهامش السياسي، واستخدماه كواجهة لتغيير القانون الانتخابي، حتى ان الوزير السعودي ذهب الى حدود الاعلان عن توجه بلاده لتغيير قانون الانتخابات، لانه لا يتناسب على ما يبدو مع حسابات حلفائه في لبنان.
بداية، يقول زوار مرجع سياسي كبير ان “ما قاله الجبير غير مناسب في هذا التوقيت، خاصة بعد التسوية التي حصلت حول لبنان وأدّت الى معالجة الاستقالة القسرية للرئيس الحريري وبالتالي اوصلت الى اعتماد سياسة النأي بالنفس، خصوصا ان هذه التسوية جاءت بضمانات اقليمية ودولية وصولا الى عدم تدخل اي طرف خارجي بالشأن اللبناني في مقابل ان ينأى لبنان بنفسه عن الصراعات العربية”. ويضيف الزوار ان “مرد هذا الموقف للجبير يعود الى ما تواجهه السياسة السعودية من هزات واخفاقات في كل القضايا الداخلية والخارجية، وهو الامر الذي دفع المسؤولين فيها الى اطلاق المواقف الخاطئة شمالا ويمينا كتعبير عن فقدان الاعصاب والابتعاد عن الواقعية السياسية، وحتى عما فيه مصلحة السعودية نفسها”.
ويذهب هؤلاء الزوار للقول إن “مضمون الكلام الاخير للوزير السعودي يفهم منه انه يريد من الاخرين ان يطبقوا سياسة النأي بالنفس من دون ان يطبقوها على انفسهم، بينما المطلوب ان ينأوا بأنفسهم عن التدخل في شؤون الاخرين، اذا كانوا يريدون ان لا يتدخل احد في شؤونهم”.
وعلى هذا الاساس يشير هؤلاء الزوار الى ان “احداً من غير الاجماع اللبناني لا يمكنه ان يغيّر حرفا واحدا في القانون، فاللبنانيون تمكنوا بعد اكثر من 12 سنة ومن “الاخذ والرد” ومن النقاشات الصعبة والطويلة من انجاز قانون جديد للانتخابات يعطي التمثيل لكل فئة حسب تمثيلها الشعبي”.
الا ان الزوار يعتقدون انه بـ “امكان السعودية ان تسعى لمحاولة دعم حلفائها في الانتخابات من خلال تقديم الدعم المالي لهم لادارة معاركهم الانتخابية باشكال مختلفة قانونية وغير قانونية، واما غير ذلك فأي محاولة للعب بالوضع الامني عبر استخدام هذا الطرف او ذاك بما في ذلك الجهات المتطرفة، سيكون الرد عليه بقوة من جانب الاجهزة الامنية”. واما اي محاولة للعب بالوضع الاقتصادي فيقول الزوار ان “هذا الموضوع سلاح ذو حدين، لانه في امكان اي جهة ان ترد على اي اجراءات سلبية باجراءات مماثلة، يضاف الى ذلك ان المعطيات الحالية للسعودية لا تعطيها الامكانية الكبيرة للمناورة في الموضوع المالي والاقتصادي بعد ان ارتدت الاجراءات المالية الاخيرة سلبا على الوضع الداخلي للسعودية، فحتى المصارف الخليجية بدت في الاسابيع الاخيرة قلقة جدا من نتائج ما سمي بمكافحة الفساد على خلفية الاجراءات المالية والعقابية التي اتخذتها السلطات السعودية بحق مئات المستثمرين وكبار رجال الاعمال من افراد العائلة المالكة وغيرها”.
ويشير الزوار الى ان “عشرات بل مئات رجال الاعمال والمستثمرين عمدوا مؤخرا الى سحب وتهريب اموالهم من السعودية، خوفا من ان تطالهم الاجراءات التي لجأت اليها الرياض عبر مصادرة مئات المليارات من الدولارات لكبار اصحاب رؤوس الاموال والمتمولين”. وتضيف ان “ما حصل مع رجل الاعمال الاردني الفلسطيني صبيح المصري قبل ايام قليلة في السعودية سبب المزيد من القلق لدى كبار المستثمرين في دول الخليج، حيث عمدت السلطات السعودية الى توقيف المصري كرسالة سلبية للملك الاردني عبد الله الثاني لانه لم يستجب الى طلب محمد بن سلمان لعدم حضور القمة الاسلامية التي خصصت لقضية القدس والرد على وعد “بلفور” الجديد للرئيس الاميركي دونالد ترامب”، ويوضح الزوار ان “الرياض اضطرت للافراج عن المصري بعد تدخل الاميركيين مباشرة معها، نظرا لما يمثله من ركيزة اقتصادية للاردن الحليف للولايات المتحدة”.
من كل ذلك، يؤكد الزوار ان “الجهات اللبنانية المعنية لن تدخل في اي سجال مع الجبير او غيره، فلبنان ملتزم سياسة النأي بالنفس”.