كسر الجمود الروسي- الفرنسي
صحيفة البعث السورية-
هيفاء علي:
استقبل وزير خارجية الاتحاد الأوربي، جان ايف لودريان، ووزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، نظيريهما الروسيين سيرغي لافروف، وسيرغي شويغو، على هامش المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي انعقد مؤخراً في باريس، في إطار مجلس التعاون حول القضايا الأمنية.
وكانت المشاورات بين روسيا وفرنسا قد انطلقت في 6 شباط 1992 بمبادرة من قادة البلدين، وكانت ماضية على قدم وساق حتى عام 2014 عندما أوقفت باريس المشاورات بسبب الوضع في أوكرانيا.
ومن ثم استؤنفت أعمال المجلس في عام 2019 بعد اجتماع بين فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون في سانت بطرسبرغ، حيث التقيا في المقر الصيفي للرؤساء الفرنسيين. كانت المواضيع الرئيسية التي تمحورت حولها المفاوضات داخل المجلس قضايا الأمن الدولي والإقليمي، فضلاً عن منع الحوادث أثناء الأنشطة العسكرية. في اللقاء الجديد، أوضح سيرغي لافروف للصحفيين: “نحن نقدر استعداد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإيجاد نقاط اتصال بشأن القضايا الإستراتيجية في المنطقة الأوروبية الأطلسية، وتطوير علاقات بناءة ومفيدة للطرفين مع روسيا. في هذا السياق، ناقشنا الأمن العالمي، والوضع في المنطقة الأوروبية الأطلسية، في أفريقيا، في الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ. وحسب التقاليد، لم نتجنب العناصر الإشكالية وقد ذكرنا المجالات التي قد تكون فيها مقارباتنا مختلفة أو متناقضة.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه باريس أنه لا بديل عن تدابير مينسك، فإن تفسيرها، يختلف عن تفسير روسيا، حيث تميل فرنسا بشكل متزايد إلى الاعتقاد بأن على روسيا أولاً احترام اتفاقيات مينسك. وفي هذا السياق، أشار لافروف إلى “إرادة” “المحاورين الفرنسيين لتعزيز وتأكيد سياسة الاتحاد الأوروبي في العلاقات مع روسيا، وهي سياسة ظلت دون تغيير لسنوات، لكن العنصر الأساسي في الأخير هو أن سيكون الاتحاد الأوروبي على استعداد لتطبيع العلاقات بمجرد أن تنفذ روسيا اتفاقيات مينسك. وقد قدمت الدبلوماسية الروسية أمثلة على عبثية هذا التأكيد واستشهدت ببنود اتفاقيات مينسك التي تؤكد بوضوح الحاجة إلى تنسيق عدد كبير من العناصر بين كييف ودونيتسك ولوغانسك ، ولا سيما مع الوضع الخاص لهذه المناطق و تنظيم الانتخابات فيها، وما إلى ذلك.
يحذر سيرغي لافروف من أن الطابع غير المنطقي وغير المبرر لمثل هذا النهج صارخ لكل أولئك الذين قرؤوا، بشكل مائل، نص اتفاقيات مينسك التي تمت الموافقة عليها بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأكد لافروف على رغبة روسيا في العمل مع الاتحاد الأوروبي، وعزمها وتصميمها على إقامة علاقات بناءة مع الاتحاد الأوروبي.
هذا الموقف والاستعداد لإملاء كيفية العيش على روسيا لم تره الولايات المتحدة. ولم يبد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مثل هذه التأكيدات خلال محادثاته الأسبوع الماضي مع نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس أو حتى قبل ذلك في اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في روما مع الرئيس الأمريكي جو بايدن. ومع ذلك، كان لدى الرئيس الفرنسي سبب وجيه للغاية للقيام بذلك، خاصة بعد توقيع اتفاقية “اوكوس” التي اعتبرتها فرنسا طعنة في الظهر وخيانة من قبل الولايات المتحدة. إذ يبدو أن الدبلوماسية الفرنسية تفضل الاستمرار في تعريض نفسها للإذلال من خلال خدمة الولايات المتحدة بعبودية واحتقار روسيا، التي تعتبر حليفاً حقيقياً لها.