كسب …. وقائع ميدانية
ارتديت البزة العسكرية .. ما زالت تليق بي ..
كنت ذاهبا الى هناك وانا اعرف بأنه بكل لحظة هناك احتمال اشتباك ..
انطلقنا مع سيارات المقاومة السورية من اللاذقية وصولا حتى البسيط .. حركة السيارات خفيفة .. حواجز عسكرية للجيش العربي السوري تمنح روحك الإطمئنان والثقة بالنفس ..
الجندي العربي السوري اجمل جنود العالم .. اجمل جنود الله ..
مسيرة اقل من ساعة وكنا مع اول محطة في البسيط .. ارتحنا قليلا هناك وبعض التفاصيل وخاصة عن زورق بحري تركي اقدم صباح اليوم على انزال مجموعة كبيرة من المسلحين عند شاطئ قرية السمرا .. وكان بإمكاني مشاهدة الزوارق الحربية التركية وهي تبحر عند الخط الممتد قرب الحدود السورية التركية..
شاهدت المنطقة التي يحتلها الغزاة من جماعة الحوريات وهي شاطئ صغير عند الحدود التركية ليس له ايّة ميّزات عسكرية او لوجستية ..
في ذاك الشاطئ لا يمكن ابدا انزال ايّة معدات او تجهيزات ونقلها لاحقا الى اي مكان من الجبهة .. مباشرة بعد هذا الشاطئ هناك مرتفع حاد جدا غير صالح نهائيا للعبور ونقل المعدات الثقيلة ام الخفيفة وربما يحتاجون الى اكثر من سنة لشق طريق يعبر تلك المرتفعات وصولا الى عمق كسب او الشريط الساحلي .. تبين لي ان عملية احتلال الشريط الساحلي ليس المطلوب منه اكثر من فقاعة اعلامية تهلّل لها فضائيات الخليج لرفع الروح المعنوية التي تحطمت وانكسرت بعد معركة يبرود ومحاولة لسرقة الفرحة وسرقة الانتصار من قلوب الشرفاء السوريين .. بربوغاندا اعلامية ليس اكثر ..
تابعنا طريقنا بعدها في السيارات حتى وصولنا الى مقر قيادة عمليات المقاومة ..
طوال الطريق هناك مواقع للجيش العربي السوري وابطال الدفاع الوطني ورجال المقاومة .. كان هناك مراسلين ومصورين في بداية الطريق لم يكملوا معنا ربما بسبب مخاطر القصف والقذائف التي تتساقط في المنطقة .. رافقنا في الرحلة الصديقة الاعلامية الشجاعة مرح وهي مراسلة جريدة الاخبار اللبنانية ..
في احد المواقع القريبة من خط الجبهة قابلنا المقاوم الكبير الاستاذ علي كيالي قائد مجموعات المقاومة السورية والذي استضافنا وشرح لنا تفاصيل العمليات والوضع على الارض من خلال خارطة عسكرية توضح اماكن توغل المسلحين في منطقة كسب اضافة الى مقابلتنا للعديد من قادة المواقع ورجال المقاومة والدفاع الوطني وجنود الله ..
بالمناسبة : مجرد ان تجلس وتستمع الى قائد المقاومة الاستاذ علي كيالي ستفهم جيدا ومن خلال الثقة الكبيرة التي تراها في عيني مقاوم صادق وتشعر بها مع كلماته انه محال لأحد وحتى للجيش التركي ان يعبر من تلك المنطقة ..
انطلقنا مع مجموعة من رجال وابطال المقاومة السورية متوغلين في المناطق المتاخمة للعمليات الحربية ..
نسمع هدير القصف المدفعي .. المدفعية التابعة للجيش العربي السوري لها رنين مميز .. وقع خاص .. صوت خاص .. نكهة خاصة .. تنظر الى اماكن سقوطها ويرتفع دخانها وتعتقد انك في احد المقاهي و …… ( معسل تفاحتين ) ..
تمر من فوقنا فجأة احدى قذائف المدفعية التابعة للجيش التركي وانا اقسم ومتأكد انها مدفعية تابعة للجيش التركي .. نسمع صوتها المباغت وكأنها ستسقط فوق رؤوسنا .. .. ننبطح ارضا جميعا .. نقف .. نتابع قليلا وقذيفة اخرى والانبطاح من جديد .. اكثر من خمسة او ستة مرات وبين القذيفة والقذيفة دقيقة او دقيقتين .. والقذائف تتساقط في اماكن قريبة ومتفرقة ..
اجمل ما في الأمر ان المقاتلين الذين يرافقونني وبينهم عدة مقاتلات مقاومات من فارسات المقاومة لم يرف لهن جفن ولم يكن هناك أي احساس بالخوف ابدا .. لقد إعتادوا .. سيدات سورية وبدون رتوش ..
نسمع طلقات قنص من احدى المرتفعات الكثيرة والتي من الصعب معرفة من يتواجد فوقها ..
طلقات قنص .. نأخذ مواقع قتالية .. نراقب .. نتابع الجولة في طريقنا الى الشلالت المهجورة وقرية قسطل ماعز حسب ما اذكر اسمها .. قرى عديدة اصبحت فارغة من السكان ..
اشجار البرتقال والليمون واللوز والاكيدينيا في كل مكان .. تناولت بعضها .. ( طيبة ) ..
بعد هذه الجولة الحربية تبين لي بكل بساطة الآتي :
ابتدأ الهجوم على منطقة كسب من خلال قصف مدفعي شديد من جانب المدفعية التركية ..
هاجم المسلحون من جماعة الحوريات المنطقة بالآلاف على طول الحدود من قرية السمرا الشاطئية والشريط المتاخم لمنطقة كسب والمترافق مع حدود محافظة اللاذقية .. تقدموا بداية حتى مسافات في العمق ما يقارب الثمانية كوليمترات في بعض المناطق .. ومنها تقدمهم حتى النقطة 45 وتلة النسر ومدينة كسب التي سقطت بخطئ ما كان يجب ان يقع هناك ………. حيث سقط الشهيد هلال الاسد بالقرب من محلات بن ( العلبي ) ومعه رفاقه شهداء في خطأ كان بسبب النخوة والاندفاع المتسرع في محاولة بطولية منهم لمواجهة المسلحين الذين هاجموا تلة النسر .. استشهدوا كالابطال ..
جاء الرد الصاعق من ابطال الجيش العربي السوري ومن رجال المقاومة والدفاع الوطني سريعا .. يسقط المئات قتلى وجرحى واسرى في صفوف المسلحين .. ولن انكرالوقائع فقد كان لنا ايضا العديد من الضحايا من شهداء وجرحى وخاصة بسبب طبيعة المنطقة الحرجية والتلال والغابات التي من الصعب مراقبتها وقيادتها عملياتيا في ذات الوقت ..
انسحب المسلحون من المواقع التي تقدموا اليها بعد القيام بعمليات تصوير تظهرهم وكأنهم ما زالوا فيها ..
والحقيقة انهم انسحبوا بعد هجوم مضاد قوي للقوات العربية السورية وقوات المقاومة والدفاع الوطني وقصف مدفعي وصاروخي كان زلزالا تحت اقدام المسلحين واستطاعوا اجبارهم على الانسحاب حتى الحدود التركية ولم يعد لهم من موطئ قدم سوى لمسافات تتراوح بين كيلومترين وكيلومترين ونصف في منطقة وعرة مليئة بالغابات والمرتفعات على طول الحدود التركية ..
لم يعد بإمكانهم الهجوم او التقدم من جديد وتهديدهم لمدينة الللاذقية او ( القرداحة ) كما يدّعون ويدّعي معهم الإعلام الخليجي ليس اكثر من ( مزحة ) سخيفة ..
العملية انتهت وخلال فترة من الوقت ستعود كامل المنطقة تحت سيطرة رجال الجيش العربي السوري ..
تركيا اخطأت وشاركت بشكل مباشر بهذه العملية ولها اسبابها السياسية الغبية ومصالحها .. وساقوم بنشر بعض الصور التي تثبت انطلاق المسلحين من مناطق تواجد الجيش التركي ..
بكل بساطة .. المعركة انتهت تقريبا .. فشل جديد .. ليس بإمكانهم ان يفعلوا اكثر ممّا فعلوا .. ولن يكون بإمكانهم التقدم مجددا او احتلال المزيد من المناطق .. وهذا لا يعني انه ليس بإمكانهم التسلل بين الحين والآخر من خلال تلك المنطقة الواسعة جغرافيا ومحاولة تمثيل دور جديد على فضائيات الخليج ..
الى بعض الخائفين اقول لهم :
معركة كسب انتهت .. واتحمل مسؤولية صدق كلامي ..
لن يستطيع احد .. أي احد .. ان ينتصر في سوريا ..
هنا .. هذا البلد .. هو الرقم الصعب ..
ارض الاسد ………
كمال فياض – بانوراما الشرق الأوسط