قرارات التصعيد من المملكة.. والتنفيذ للتابعين في لبنان
موقع إنباء الإخباري ـ
ميسم حمزة:
كالفيلم السينمائي تابعنا ما جرى بالامس، في لحظات انتابتنا الدهشة والذهول، وفي لحظات توقف الدم عن الخفقان في قلوبنا، وفي لحظات قلنا رحم الله الوطن وأبناءه فإننا دخلنا في النفق المظلم الذي كنا نحاول حتى اليوم البقاء بعيداً عنه…
فقد شهدت بيروت بالأمس مأتمين: مأتماً للشهداء ومأتماً للكرامة والأمن والاستقرار والعيش المشترك. في المسجد هُتف بأن رجل دين هو عدو الله، وفي جنازة توعد الخطيب بالانتقام من سلاح شرف، وما بين الكلمات المسمومة التي ألقيت على المنابر وما بين دموع أهالي الشهداء، حكايات خيانة للوطن وانعدام للأخلاق والإنسانية.
ليست مبالغة، ولكنه جزء من تصوير مشهد واقعي، فلو عدنا إلى الخطابات، لوجدنا بين سطورها دعوات للتصعيد، واستثماراً لدماء الأبرياء، ومحاولة للضغط على المقاومة وقوى 8 آذار، والتحدث عن فرض حكومة أمر واقع، وفتح معركة على أرض لبنان، ومحاولة لجعل قوى المقاومة والممانعة تترك سوريا لمغتصبيها، وكل هذا بتمويل سعودي علني وبمباركة فرنسية – اميركية، وطبعا من تحت الطاولة ـ كي لا نقول علناً ـ هناك المباركة الصهيونية.
فخطاب فؤاد السنيورة بالأمس كان موجهاً فقط ضد سلاح حزب الله، وضد محور المقاومة والممانعة، وضد العيش المشترك، وضد الآخر، منفذاً للإملاءات الخارجية، وغير آبهٍ لما سيحمله هذا الخطاب على الوطن وأمنه. وكانت النتيجة فورية بالاعتداء الآثم والمهين والمعيب بحق الوطن والدين والعروبة والانسانية الذي تعرض له سماحة المفتي الدكتور محمد رشيد قباني، بما يمثله من مرجع ديني ورمز من رموز الوطن، من قبل محازبي تيار المستقبل، الذين تناسَوا المصيبة التي جمعت كل أبناء الوطن والمكان المتواجدين فيه وحرمة الشهادة، ليطلقوا الاتهامات واللعنات، وليجعلو أهل الشهيد يفجعون مرتين: مرة باستشهاده ومرة بتشويه هؤلاء لمراسم الجنازة بحقدهم.
والصورة الأبشع أن كل اللبنانيين وأبناء العالم العربي والاسلامي وحتى الغربي كانوا يشاهدون ما جرى عبر وسائل الاعلام التي كانت تنقل مباشرة. والمؤسف أكثر هو تأخر القوى الأمنية المعنية في التدخل، وغياب الموقف الرسمي الذي من المفترض أن يصدر عن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان الذي، وبدل شجب واستنكار ما جرى والعمل على محاسبة المسؤولين الذين باتوا معروفين ـ وقف أمام الشعب اللبناني ليتباهى بصفقة عار وولاء للسعودية، دون خجل. فلأول مرة في تاريخ لبنان يختم رئيس جمهورية خطابه بالقول “عاشت المملكة العربية السعودية”، فهل أصبح مرتبطاً بالمملكة على حساب الوطن، وأي صفقة هي التي تريدها السعودية، وما الهدف من الأموال التي تريد صرفها على الجيش اللبناني، المؤسسة الوطنية الجامعة التي ، ومهما حاولوا ـ لن تنشق عن الثالوث المقدس: الشعب والجيش والمقاومة، وهل السعودية وفرنسا ودول الغرب ورئيسنا اليوم يريدون أن يضعوا الجيش في مقابل الوطن والعيش المشترك؟؟
إن كانت السعودية تظن أنها بأموالها ستضع الجيش في مواجهة المقاومة التي حمت لبنان وألحقت بالكيان الصهيوني الغاصب الهزيمة فهي مخطئة، لأن الجيش والمقاومة وجهان لعملة واحدة، لا يمكن التفريق بينهما ولا فصلهما، فالأجدى بالمملكة صرف أموالها الطائلة على موظفيها في لبنان الذي ينفذون إملاءاتها، لأن جيشنا ليس للبيع ولا لتمرير صفقات.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، إلى متى؟؟ إلى متى سنقول بأننا لن ننجر إلى الفتنة الطائفية وإلى كل ما من الممكن أن يخل بالسلم الأهلي وبالعيش المشترك؟؟؟ إلى متى الصمت عن التدخل السعودي بالشأن اللبناني ومحاولة حرق البلد وجعله يعاني من الاقتتال الطائفي؟؟؟ إلى متى سنصمت عن الخطابات التحريضية التي لا ينفك جماعة قوى الرابع عشر من آذار يتلونها على مسامعنا؟؟؟ إلى متى سنقبل بأن يقول رئيس لبناني “عاشت المملكة العربية السعودية” بدلاً من أن يقول عاش لبنان!!!!!! ووإلى متى سنقبل أن ينسى هذا الرئيس استنكار ما جرى ويتناسى واجبه في العمل على محاسبة المخلّين بالأمن المعروفين، وأن يكرّس خطابه لشكر السعودية؟؟؟