قبل أن يعود «الجهاد» المزيف للداخل..؟!
صحيفة الجزيرة السعودية ـ
ناصر الصِرامي:
برنامج تلفزيوني واحد صريح ومباشر هزهم، وفجأة تراجع دعاة الجهاد عن وجهتهم، أو خففوا لغتهم، بعد أن أصبح صوت الشكوى عالياً ممن فقدوا أولادهم وذويهم بتأثير الخطابات الحماسية، والتجنيد الذي قذف بهم لسكرة الموت، ولخدمة أهداف تضليلية، وأخرى كيدية للمزيد من النفوذ والاستعراض بالقدرة على الحشد والنفير!
اليوم أصبح دعاة الجهاد المعروفين ناكرين لسيرتهم الماضية والحاضرة، وليسوا نادمين أو معتذرين!، والسبب إمكانية محاسبتهم ومحاكمتهم على ما اقترفوه وتسببوا فيه من قتل وترميل وفقد، لقد لفوا حبال الموت حول من ورطوهم، لعقود مرت بعد أن كان صوتهم هو الصوت المتفرد في الساحة، والذي لا يعلو عليه صوت!
هل تراجعوا فعلا؟ هل تغير تفكيرهم، اتجاههم، تطورت رؤيتهم؟
هؤلا القوم – نعرفهم جيداً – أنهم يخافون على جماهيرتهم وشعبيتهم أكثر من أي شيء آخر -ولا نلومهم على ذلك- هي استثمارهم، وثروتهم ونفوذهم، وأدة مساومتهم أيضاً! وهو الهدف دائماً من استعراض القوة والقدرة للبقاء باعتباره جزءاً من تركيبة القوة الاجتماعية- السياسية، وإثباتاً للوجود والحضور في المعادلة، وطبعاً خارج المؤسسات والدولة.
تتعدد التوصيفات، لكن الفرق في بعض التفاصيل والأهداف الضيقة، ثم كيف ومتى وكم الثمن..؟ حيث دائماً ما يكون التوجه واحداً، والأهداف متقاربة، وإن اختلفت التعريفات، والخطوط المتقاطعة والمتعارضة (الواهنة) لتقديم تصنيفات ليس من فائدة لتكريسها إلا للتشويش، فيما الصورة الأوضح والتي يجب أن لا تفارقنا سهلة، ومن الممكن فك اشتباكها بطريقة أسهل.
لا فرق بين تنظيم حزبي أو تيار سواء كان قاعدياً أو جهادياً أو إخوانياً أو سرورياً أو سلفياً يتبنى لغة العنف، أو له علاقه به، ووجود جناح أو تنظيم مسلح يرتبط به بشكل مباشر أو غير مباشر! العلاقة بالعنف والمليشيا المسلحة هي محك أي تنظيم يشرعن لنفسه بذلك، ويدعو للانخراط معه او مع شبيهه، أو استقدام تفاصيل تاريخية – (كالجهاد مثلاً)- لتقديس العنف والتبرير له.
والهدف دائماً تقوية المليشيا المسلحة لترتد إلينا يوماً، بالصورة نفسها التي حدثت مع قاعدة بن لادن، ومن دافعوا عنه كثيراً، وإلى فترة قريبة جداً!
الهدف هو الشأن الداخلي وإن طال الزمن، إذ سيعودون بهؤلا الجنود لإرهابنا مرة بعد مرة… وللأسف الفرق في المواربة، والهدف هو تجنيد الشباب وتحويلهم إلى حطب في الصراعات السياسية في الداخل قبل الخارج اليوم وغداً.. فالحرب في العصر الحديث مسؤولية الدول تعلنها أو تتركها، وليست دور واعظ أو مرشد أو شيخ، لأنه في هذه الحالة إنما يتحول إلى رئيس عصابة وميلشيا، أو موجهاً لمرتزقة لا أقل ولا أكثر، سيعيد توجيههم باتجاه آخر في أول فرصة متاحة.. وسيوجههم للداخل.. بمعنى أنه سيوجه جهادهم نحونا..!