في مِثال الديمقراطية والإعلام والرئاسة الكازاخية
موقع إنباء الإخباري ـ
مروان سوداح*:
كان واضحاً ومَلحوظاً اهتمام جمهورية كازاخستان وسفيرها وسفارتها في الاردن، بتوضيح الصورة الانتخابية، وواقع المنافسة القوية في البلاد على منصب رئيس الدولة، الذي انتظر قرار الشعب الكازاخي المستقل والسيّد، ليواصل قيادة دولته الغنية والمُنفتحة على العالم بثقة واقتدار الى برّ الأمان، خلال الحقبة القادمة، الطافحة بالتحديات الإقليمية والدولية.
إهتمام وزارة الخارجية الكازاخية لإطلاع الاردنيين على الواقع السياسي، والبرامج السياسية والحزبية التي كان أصحابها يَطمحون الى تفعيلها على أرض الواقع في دولتهم، إنما يؤشر على ديمقراطية حقيقية تعيشها البلاد حرفاً وروحاً، وتمتع النظام السياسي والاقتصادي والإداري القائم بثقة عالية بالنفس، وقدرته على مواجهة أية تغيّرات في الدولة، بغض النظر عما تتسربل به من ألوان وأزياء، بعد تثبيت أُسس الدولتية الكازاخية، وتعمّق وتجذّر طموحاتها الاممية والانسانية في وجدان الامة المتعدّدة القوميات، المُنسجمة بأديانها، والمِثال للبشرية جمعاء.
والمَلاحظ في الانتخابات الرئاسية الكازاخية التي انتهت للتو وفاز بخواتيم حملتها الرئيس المؤسس للدولة المستقلة نورسلطان نزارباييف، أنها جرت في وضع يشهد ترسّخ مكانة كازاخستان في تحالف “بريكس”، وتمكينها كدولة إقليمية نافذة في منطقة آسيا الوسطى، السوفييتية السابقة، والتسليم العالمي بقياديتها هناك، وقدراتها على صناعة مستقبل زاهر لناسها والدول الجارة لكازاخستان، المُدركة أهمية الإحتكام الى الجغرافيا السياسية بديكتاتوريتها النافذة، ولتغدو داعمة لتناغم أُمم الاقليم ونشر السلام فيه، ومنعاً لتعديات وتراجيدية على شاكلة تلك التي تجري بنشاط في مناطق غير بعيدة عنها.
في الايجاز الصحفي الذي أعلم السيد عظمات بيرديباي، سفير جمهورية كازاخستان لدى الاردن، الإعلاميين والكتّاب به، خلال لقائه معهم قبل أيام، تم استعراض أسماء المنافسين على الموقع الاول في الدولة، وهم الرئيس الفائز نورسلطان نزارباييف، ومرشح الحزب الشيوعي الكازاخستاني تورغان سيزديكوف (68 عاما)، وهوموظف سابق في أحد الاقاليم، الذي شنَّ ويواصل بتصريحاته النوعية شنّ حملة مركّزة ضد العولمة وتجريمها، طالت هوليوود والهمبرغر والعاب الفيديو. بينما كان المرشح الثالث المستقل، ابيلغازي كوساينوف (63 عاما)، الذي تركزت حملته الانتخابية خصوصاً على المسائل البيئية، والذي بعدما شغل عدة مناصب وزارية، يتولى اليوم رئاسة الاتحاد الوطني للنقابات.
وفي الإدراك العالي لمكانة وسائل الاعلام المحلية والخارجية، عملت كازاخستان من خلال سفارتها في الاردن، وفي غير الاردن أيضاً، لتأمين ما أسمته “وصول عادل الى وسائل الإعلام مِن قِبل كل المرشحين والناخبين، ليتمكّنوا من الحصول على معلومات كاملة، تتمتع بمصداقية وموضوعية عن هؤلاء المرشحين”. وفي تساوق مع هذا العمل النوعي، تابع الرئيس الفائز ملف الانتخابات والإعلام، حتى تغدو النجاحات التي يَنالها الجميع حرّة في جوهرها، وحرة في الإعلان عن نفسها، ولأجل ان لا تتغوّل جهة ما على أخرى، وبهدف أن يَحمل الجميع والشعب وعلى مستوى واحد على كواهله نتائج قراراته بمسؤولية ووعي وإدراك تام، سيّما وان الانتخابات الرئاسية كانت مبكرة، بسبب الصعوبات “الاقتصادية”، وضرورة تحدّي تبعات الوضع الاقتصادي والسياسي العالمي الحالي بغية المحافظة على الانطلاقة النوعية للبلاد نحو العالمية، ضمن خططها الموضوعة وذات التطلعات الشاسعة حتى العام1950، وانعكاسات ما يُسمّى بالعقوبات الامريكية والغربية على الروسيا، على الاقتصاد الكازاخي الذي يُعاني من تراجع أسعار النفط، كما تعاني منه أيضاً روسيا الجارة الشمالية لكازاخستان.
الانتخابات الكازاخستانية الرئاسية التي سبقت الحالية، جرت قبل أربع سنوات، الا أن مصالح البلاد والعباد، والوضع العالمي الاقتصادي بالذات، المُعقّد وغير المُستقر، والحاجة الى ضمان تنفيذ المهام التي وضعتها كازاخستان نصب عينيها، حتّمت على أستنا الشروع في عملية انتخابية رئاسية جديدة، تعطي دفعاً في مختلف المجالات، وتجدّد عَزم الشعب الكازاخي بخوض غِمار التحديات الحالية، وبضمنها قوى خارجية ماضوية، وتعزيز ضرورات الوحدة العالمية لدول بريكس وتنسيقها الجماعي الكامل والشامل، ومَدّ مزيدٍ من جسور تجسير الروابط والتحالفات مع العالم المُنَاصر لكازاخستان وسياستها، التي ترى في الجميع أصدقاءً في الأسرة الانسانية الكبيرة، وحلفاء في بناء صروح مجتمع رغيد الحياة، يُشارك الآخرين أفراحهم وانتصاراتهم، ويتقاسم وإياهم أتراحهم.
*كاتب أردني متخصص في الشؤون الآسيوية.