فنزويلا والباراغواي : تقارب سياسي بأبعاد استراتيجية
موقع الحدود الإلكتروني ـ
علي فرحات
يبدو أن الباراغواي وفنزويلا قد قطعتا شوطا كبيرا في رحلة استعادة العلاقات الثنائية بعد تدهور فيها وصل الى حد قطع العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء على إثر الإنقلاب الدستوري الذي أودى برئيس الباراغواي السابق القس فرناندو لوغو .
فنزويلا التي اعتبرت إقالة لوغو تدخلا سافرا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في شؤون أمريكا اللاتينية وقتلا للعملية الديمقراطية كانت من أبرز الدول التي دعت الى مقاطعة حكومة فيديريكو فرانكو الذي كان يشغل نائبا للوغو ثم ما لبث أن استلم زمام السلطة حتى وصل الكولورادو أوراسيو كارتس في انتخابات 2013.
سوء العلاقات بين البلدين له بعد زمني أي منذ إنشاء منظمة مركوسور حيث كانت ترفض الباراغواي دوما انضمام فنزويلا الى الكتلة الإقتصادية اللاتينية باعتبار أن للباراغواي ملاحظات حول الديمقراطية في فنزويلا متهمة الرئيس الراحل أوغو تشافيز باتباع نهج “توتاليتاري” ، وبما أن دخول أي دولة الى مركوسور يتطلب إجماعا من الأعضاء ( البرازيل ، الأرجنتين ، الأوروغواي والباراغواي ) بقيت فنزويلا خارج المنظمة بفعل “فيتو” الباراغواي حتى جاءت الأزمة السياسية عام 2012 والتي أطاحت بلوغو مما أدى الى تجميد عضوية الباراغواي الأمر الذي شكل فرصة ذهبية لفنزويلا التي تحظى بتعاطف من البرازيل والأرجنتين والأوروغواي فدخلت مركوسور من بابها الواسع.
اليوم وبعد ارتياح المشهد السياسي بين البلدين يبدو أن الباراغواي تقبلت وجود فنزويلا على نفس الطاولة خصوصا وأن تجربة المقاطعة أنهكت مفاصل هذا البلد الذي يعتمد بالأساس على علاقات حسن الجوار والتكامل الإقتصادي.
الإجراءات الأولى بين البلدين بدأت بعودة السفراء الى كل من كاراكاس وأسونسيون ، واستتبعتها تصريحات إيجابية لكلا الطرفين آخرها ما أعلنه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عن سعي بلاده لدعم عودة الباراغواي الى مركوسور معتبرا أن تطبيع العلاقة بين البلدين أمر بغاية الأهمية.
إذا نهاية قد تبدو سعيدة للبلدين حيث تسعى فنزويلا للحد من الصراعات خصوصا وأنها تعاني من أزمات إقتصادية متتالية وتدير صراعا قاسيا مع الولايات المتحدة الأمريكية مما يجعلها بحاجة الى الحضن اللاتيني خصوصا وأن نقطة الصراع مع الباراغواي قد انتهت برحيل حكومة فرانكو ودخولها مركوسور ، أما الباراغواي فإنها تسعى الى إنشاء نموذج جديد في إدارة الحياة السياسية وفك العزلة والإتجاه الى تعزيز التنمية والإستفادة من العلاقات الإقليمية لتقوية البرامج والإقتصادية والإجتماعية خصوصا وأن العقلية الإدارية لأوراسيو كارتس تعتقد بوجوب الخروج من سياسة المحاور التي تزيد في تراجع البلاد وإبقاء هذا البلد الفقير على الحياد الإيجابي وتطوير علاقات متوازنة مع الجميع بعيدا عن التجاذبات السياسية.