فلنواصل الضغط حتى تحرير كامل فلسطين من النهر إلى البحر
صحيفة البناء اللبنانية ـ
العلامة الشيخ عفيف النابلسي:
يواجه المحتل الصهيوني أشكالاً غير معهودة من العمل المقاوم الفلسطيني غير المرتبط بقيادة وتوجّهات وسياسات خاصة ولا يخضع لقواعد اشتباك أو حسابات حول الأكلاف أو التبعات والنتائج. إنّه عمل مقاوم ابن ظرفه ودوافعه وارتباطاته الذاتية، وخارج التقديرات والتوقعات والمناخات العامة التي في الغالب تعطي انطباعاً بالاسترخاء والأمان والهدوء.
هذا النمط من العمل الفردي الذي يقوم به شخص واحد، هو نفسه القائد والمخطّط والمنفذ، بات يحيّر الصهاينة ويجعلهم أمام تحدي فهم الظاهرة الجديدة التي لا يمكن محاصرتها.
إنّ المرحلة الحالية يمكن تعريفها بأنها ما بعد المقاومة والانتفاضة التقليدية من دون نفي بقائهما واستمراريتهما، ولكن الظروف التي مرّ بها الشعب الفلسطيني في الداخل وتقييد حركة العبور والتنقل والإجراءات المتشددة التي تقوم بها سلطات الاحتلال جعلت الفلسطيني يفكر بأسلوب جديد لا يحتاج إلى التحشيد وبناء المجموعات والخلايا السرية ولا نقل أسلحة وعتاد ولا إقامة شبكة تواصل وتنسيق مع آخرين، لا يحتاج إلى ذلك كله، فقواعد اللعبة ترتكز على فرد واحد وخطة واحدة وإرادة واحدة باستعمال السكين أو السيارة أو أي مركبة يمكنها دهس عشرات المستوطنين ورجال الشرطة والأمن الصهاينة.
تكرار هذه الحوادث الفردية من قبل شبان فلسطينيين أبطال شكّل معادلة صراعية يجعلها العدو اليوم على رأس اهتماماته ومتابعاته.
ونحن بدورنا علينا أن نشجع هذه الأعمال، فإذا كان العمل المقاوم المسلح بشكله الواسع متعذراً فلا يمنع أن يبتكر الفلسطيني وسيلة أخرى حتى لو كانت محدودة التأثير لاسنزاف العدو وإلهائه وتشتيت قوته وإنهاك أمنه واقتصاده وإرعابه على نحو دائم، بحيث يتحول كل مكان وكل بقعة في فلسطين المحتلة إلى بؤرة تهديد وخوف لا يشعر معها الصهاينة بالأمان والاستقرار أبداً.
ففي الوقت الذي تجري فيه المباحثات بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني لتسريع تطبيع العلاقات، على كل المقاومين في العالم العربي والإسلامي وكل الأحرار في العالم تسريع خطواتهم أيضاً باتجاه تحويل فلسطين كتلة نار تحرق الصهاينة. عامل الزمن مهم وعلينا جميعاً أن نتحرك لإثارة وتأجيج الحماسة في نفوس الفلسطينيين لتصعيد المواجهات بأشكالها كلها.
نعلم وندرك أنّ كل عمل حتى يصل إلى خواتيمه يستغرق وقتاً لكن المواجهات بين الفلسطينيين والمحتلين الصهاينة التي تقع كل يوم جمعة تحديداً هي مؤشر إلى ثورة مقبلة أكثر عمقاً واتساعاً من الانتفاضات السابقة، وما نتوقعه نتاج عمل تراكمي ووعي تاريخي يزداد تمدداً وانتشاراً داخل الأوساط الشعبية الفلسطينية. والمستقبل هو المعيار على ما نقول. الصهاينة يعانون من حالة اللايقين والتشتت وتطور حالة المقاومة وتبلور أبعادها بطرق وأساليب جيدة فلنواصل الضغط حتى تحرير كامل فلسطين من النهر إلى البحر.