فكرة البقرات الخمس الحمر.. ترويج لهدم الأقصى وبناء الهيكل
صحيفة البعث السورية-
د. معن منيف سليمان:
يروّج العدو الصهيوني لفكرة البقرات الخمس الحمر ومفادها أن ولادة بقرة حمراء بلا عيوب تمهّد لبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى الذي فصولاً مختلفة ومستمرّة من الانتهاكات التعسفية التي تمارسها “إسرائيل” بحقه، في محاولة منها للسيطرة عليه وتقسيمه زمانياً ومكانياً، وكان آخرها منع طواقم الإعمار والترميم من استكمال عملهم وإصلاحه بعد الأضرار التي تعرّض لها بسبب زيادة حدّة الحفريات.
التطور الأخطر في قضية تهويد المسجد الأقصى، هو المخطّط الجاري العمل على تنفيذه بالانتقال من مرحلة الإحياء “المعنوي” للهيكل المزعوم إلى مرحلة البناء الفعلي لهذا الهيكل، حيث كشفت وسائل الإعلام، عن قيام الجماعات التلمودية والتوراتية باستيراد خمس بقرات حمراء اللون من ولاية تكساس الأمريكية جرى تربية هذه البقرات بعد “الاستنسال” إنجابها بطريقة الأبحاث دون تزاوج وفق مواصفات معينة، حيث جرى نقلها جواً بتمويل حكومي شاركت فيه وزارتا التعليم والاستيطان، وكان مدير عام ما يعرف بـ “وزارة القدس والأديان” في استقبالها، وقد جرى نقلها إلى مستودعات سريّة، حتى تبلغ من العمر عامين، يجري ذبحها شريطة أن تكون خالية من العيوب وحمراء اللون، وعلى جسمها شعرتان متجاورتان ومختلفتان في اللون، على أن تجري عملية الذبح على جبل الطور في القدس، ومن بعد ذلك يذرّ رمادها الذي يجري حرقه بخشب الزيتون الفلسطيني وجبله بالماء، واستخدام عملية الحرق من خلال خشب الزيتون، للتأكيد على أن هذا الوجود التاريخي التلمودي التوراتي لليهود ضارب جذوره في هذه الأرض كشجر الزيتون، وإيجاد صلة ما بين اليهود والأقصى.
الرماد المحروق سيتمّ نثره على المستوطنين من أجل التطهر وفق الأساطير والروايات المزيفة، بما يمكنهم من اقتحام الأقصى من دون عوائق، وهذا يعني فتح الطريق أمام عشرات الآلاف من المستوطنين للقيام بعمليات اقتحام الأقصى، وبالتالي نقل عملية إحياء الهيكل إلى الترجمة الفعلية، من خلال هدم مسجد قبة الصخرة وإقامته مكانه.
وتقف وراء البحث المحموم عن “البقرة الحمراء” منظمتان يمينيتان، هما “بونيه يسرائيل”، وتيار يميني متطرف بقيادة “تساحي ميمو”، و”معهد الهيكل” برئاسة يسرائيل أرييل الذي يُعدّ الحاخام الروحي للوزير إيتمار بن غفير.
هذا التيار الذي كان هامشياً خلال نشأة الحركة الصهيونية وتأسيس الكيان، آخذٌ اليوم بالتوسّع والصعود ليصبح الطليعة المقاتلة للاستيطان في الضفّة الغربيّة، والطليعة التي تحاول حسم هويّة القدس دينيّاً، ونقطة الوسط التي تقف ما بين القوى القوميّة العلمانيّة الأصوليّة مثل حزب الليكود والقوى الدينية التقليديّة مثل حزبي يهودوت هتوراة وشاس نتيجة تنوع مكوناته الداخليّة.
وتتطلع الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يوصف بـ”الشخص المغامر” لبناء الهيكل المزعوم في ساحات الحرم مكان قبة الصخرة، انطلاقاً من انصياعه لمعتقدات وفكر الصهيونية الدينية المتجدّدة بشأن “خلاص الشعب اليهودي”، فضلاً عن الاستعداد مؤقتاً لتقسيم ساحات الحرم القدسي الشريف مع المسلمين، حتّى يتمكّن اليهود من فرض كامل السيادة الدينية على الأقصى.
وتتفق جميع أحزاب الائتلاف الحكومي الإسرائيلية، ومن ضمنها حزب الليكود، على ضرورة مواصلة التحضيرات والتجهيزات لبناء الهيكل، وتجهيز لباس الكهنة، وتربية البقرة الحمراء، وتعزيز مكانة الحاخام الأكبر.
إن بدء جماعات المستوطنين المتطرفين الترويج لفكرة ذبح وحرق البقرات الخمس في المسجد الأقصى، أمر خطير يُحاك ضدّ الأقصى، وذلك بعد إخفاقهم في إيجاد أي إثبات أو قرائن تاريخية أو أثرية تؤكّد وجود ما يُسمّى بهيكل سليمان يثبت علاقته بالتاريخ اليهودي.
كما أن قضية البقرات الخمس التي اشتراها المستوطنون المتطرفون من الولايات المتحدة قبل نحو عام، تأتي ضمن معتقدات وهمية لدى المتطرفين، والهدف الأساسي منها زيادة تهويد الأقصى وتدنيسه، ذلك أن أي عمل يقوم به الاحتلال في القدس أو المسجد الأقصى المبارك، يلبسونه الثوب الديني، لترويج فكرتهم ولتشجيع اليهود في العالم للهجرة إلى فلسطين. ولقد دأب المستوطنون الصهاينة بين فينة وأخرى على افتعال أمور وهميّة لأجل إعطاء شرعية لمحاولة بسط يدهم على المسجد الأقصى، واستكمال مشروع تهويده.
فالاحتلال يواصل منع أعمال الترميم في المسجد الأقصى المبارك أو إجراءها في ظلّ رقابةٍ شديدةٍ، في خطوة من شأنها أن تهدّد المسجد الأقصى المبارك، وسقوط مزيدٍ من الأحجار، ومنها انهيار حجر من قبة الصخرة منذ أيام.
إن إعطاء قضية البقرات اهتماماً حكومياً كبيراً يزيد من خطورة هذه القضية، ذلك أن المستوطنين سيعملون على زيادة اقتحامات الأقصى، ما من شأنه إشعال انتفاضة دينية في فلسطين التاريخية، مع الأخذ بالحسبان أنها ستنتقل للعالمين العربي والإسلامي، ما سيعرّض المنطقة لحرب دينية.