فرحة جزائرية وسط حزن عربي
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
لا أكتب في كرة القدم وإن كانت هي سبب كتابتي، بل في حالة القتال التي خاضها الفريق الجزائري الفدائي في البرازيل. ولا أكتب عن الجزائر، مع أني مغرم بهذا البلد العربي الذي يطوق عنقي منذ وعيي بتضحياته من اجل استقلاله الوطني.
ليس مهما خسارة الفريق الجزائري، هو في الحقيقة غيّر مرحلة ونسج من قتاله حلما عربيا لم استطع الخروج منه. كنت اتابع المباراة بدموع الفرحة .. ماذا لو كسب هذا الفريق .. بل كانت الأفكار تهرس أعصابي وأنا اتفرج على العرب يرفعون علمهم الجزائري في سماء العالم وامام العالم، يناهضون فريقا تاريخيا، يهزونه خوفا، وبدراية في بعض الحركات أكثر منه.
فكرت كثيرا: اذا كان فريق كرة عربية أخذني الى حيث اشتهي من الافكار والاحاسيس، فكيف لو رأيت علم الوحدة العربية ذات يوم مشدودا الى زنود فريق عربي متجمع من أقطاره. وماذا لو كان هذا الفريق من كل بلاد العرب، وماذا لو أطلق عليه اسم الفريق العربي، وفي لحظة من اللحظات يحقق مكاسب تعود إلى الأمة بأسرها.
كانت الفكرة هاجسا طغى علي .. لم أكن أحلم لأني كنت مستيقظا، كانت هنالك أحلام اليقظة التي شغلتني وأنا اتابع وأدقق وانفعل .. أخذتني روح القتال كما قلت، أذهلني التصميم وأعرف أن العرب يملكونه إلى حد لايملكه غيرهم. لكنها السياسة القطرية التي تجعل من كل قطر عربي وحدة لها عالمها، يرفض واقعها الحالي لأسباب وأسباب أن يتخلى عنها.
أعاد إلي الفريق الجزائري بعضا من فرحة إن لم يكن كلها .. سما بي الى فضاء واسع شاهدت من خلاله وميض أعلام عربية تنصهر وتتمازج، تتخلص مما عليه اليوم لتكون علما واحدا ونشيدا وطنيا واحدا ونخترع له لباسا يليق بمجموعه. أكثر من هتفوا للفريق الألماني من عرب صمتوا خجلا من تأييده مقابل الجزائر. ماذا يفعل المرء بالاحساس الذي يفوق على كل شيء .. نحن أمام علم اسمه الوطنية والقومية، هو في الحقيقة حس سام يرتبط بالوجدان بالجذور المرتبطة بالتربة الى حد عشقها.
أخذنا الفريق الجزائري بعيدا، ان لم نكن جميعا فعلى الأقل انا .. فحين بدأ النشيد الوطني الجزائري وجدتني أقف لأردده مع المرددين، في الملعب وفي الشوارع وفي البيوت .. إنه نشيد مستوحى من لب الحرية الجزائرية ومن نعم بلدها ومن عملقة شعبها. خذوا غزة العزة التي كانت تتعرض لغارات اسرائيلية الا ان شعبها تجمع في كل الأماكن بهتاف موحد للجزائر.
” قسما ” إن أراه ذات يوم .. فريق عربي واحد صورة عن وطني العربي الواحد. وان يتفق العرب على أن يظل نشيد الجزائر نشيدهم، او فليكن ” والله زمان يا سلاحي ” .. في مساحة الحزن العربي الحالي لانملك سوى تلك الأمنية .. ومع أني افيق من حلم اليقظة ، إلا أني وجدت نفسي ابتسم وسط غرفة هادئة لو رآني أحد لقال ما باله وقد ارتسمت على وجهه بسمة طارئة فيها نظرة حلم عميق مع أن عصر البسمات العربية قد ولى.