غزة تريد دعما يعزز صمودها .. وليس حركة علاقات عامة!
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
في الوقت الذي يواصل فيه الكيان الصهيوني عدوانه الإرهابي على قطاع غزة، وفي الوقت الذي يتواصل فيه سقوط الشهداء والجرحى جراء القصف العنيف، تنتظر غزة المحروقة اليوم زيارة الوفد العربي التي جاءت إثر قرار من جامعة الدول العربية العتيدة في اجتماعها يوم السبت الماضي الذي جاء انعقاده بعد ثلاثة أيام من بدء العدوان الإرهابي الصهيوني، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة منها: ما الأهمية التي ستضفيها زيارة الوفد العربي، في حين تحرق آلة الحرب الصهيونية القطاع وتبيد أطفاله ونساءه ومسنيه، وتنسف على رؤوسهم المنازل؟ هل من أجل تحرير شهادات وفاة لضحايا الإرهاب الصهيوني الغادر؟ أم من أجل تقديم واجب العزاء؟ وهل الزيارة نفسها ستردع الإرهابي الصهيوني عن ممارسة إرهابه، وستجبره على فك حصاره الظالم عن ما يزيد على مليون ونصف مليون مواطن فلسطيني؟ وأيهما أهم تقاطر الوفود أم تقاطر المساعدات بأنواعها بما فيها السلاح الذي يمكِّن المقاومة الفلسطينية من الصمود في وجه العدوان وردعه؟ ولماذا يخذل الموقف العربي الرسمي الشعب الفلسطيني مجددًا، بل وأكثر عن السابق؟
اليوم الكيان الصهيوني في عدوانه الإرهابي يستفيد من دعم حلفائه الرئيسيين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ومن أغلب الدول الأوروبية من تحميلها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة مسؤولية قيام الكيان الصهيوني بصب إرهابه على القطاع، لكن ما الذي يستفيد منه الفلسطينيون من زيارة يمكن وصفها بأنها “علاقات عامة”، ومن أولى بالدعم والتسليح من يقاوم محتلًّا أيدت مقاومته الشرائع السماوية والشرعية الدولية، بل ودعته إلى رفع الظلم عن نفسه وكنس الاحتلال عن أرضه، والسعي إلى نيل حريته بكل وسائل المقاومة، أم من يختلف مع حكومته في قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية يمكن حلها بالحوار الثنائي، كما هو حال المعارضة السورية المسلحة؟
في الحقيقة أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات في ظل التعاطي العربي الرسمي مع الإرهاب الصهيوني، وما يثير الريبة والشك ليس في الموقف العربي الرسمي فقط، بل والشعبي، من خلال المفارقات الغريبة والعجيبة على الأرض، ففي العدوان الإرهابي الذي شنه الكيان الصهيوني الغاصب على قطاع غزة في 2008 ـ 2009م، كان التحرك الشعبي أكبر، حيث كان هناك من يطالب بفتح الحدود لـ”الجهاد”، ويدعو إلى فتح ملفات تحقيق، ورفع دعاوى جرائم حرب ضد حملة الإرهاب الصهيوني على قطاع غزة. أما اليوم، فالصمت هو الذي يخيم لدرجة أن الإرهابيين الصهاينة تنتابهم الدهشة من الموقف الشعبي. وبالنسبة للموقف الرسمي، فتحركه تجاه الأزمة السورية أطاح بكل المبادئ والأخلاقيات التي كان يتشدق بها أصحابها، بالمقارنة مع الموقف الضعيف من العدوان الإرهابي على قطاع غزة، وكذلك مع الموقف مع الأزمة السورية.
إن الشعب الفلسطيني هو الأولى بالدعم العربي من مال وسلاح، ودواء وغذاء واستخدام الوسائل الاقتصادية والدبلوماسية لإجبار المحتل للتسليم بحقوق الشعب الفلسطيني وإرجاعه، والضغط على حلفائه باتجاه ذلك، وليس المعارضة السورية التي لا تقاوم احتلالًا وإنما تحارب اختلافًا يمكن حله بأبسط الطرق وأسهلها دون تمزيق وطن بأكمله وتقديمه على طبق من ذهب للكيان الصهيوني الذي ينحر الشعب الفلسطيني الآن، ولذلك فإن هذا التناقض يخدم الكيان الصهيوني في صب المزيد من حمم إرهابه على الفلسطينيين، ويرفع الحرج عن حلفائه، فإلى متى يا ترى سيستمر هذا التناقض في المواقف؟