عيد النصر العظيم
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
يحتفل اللبنانيون ومعهم أبناء أمتهم العربية اليوم بعيد المقاومة والتحرير، عيد النصر العظيم على العدو الاسرائيلي، وهو يوم مشهود في التاريخ العربي المعاصر باعتباره صنع تغييرا استراتيجيا في طبيعة المعارك التي خاضتها اسرائيل ضد العرب.
ولم يكن سببا ما حولته إسرائيل الى معركة كبرى حين نفذ حزب الله معركة أسر فيه جنودا اسرائيليين من أجل مبادلتهم بأسرى لبنانيين موجودين لديها، بل إن حجم الجحيم الذي صبته الطائرات الاسرائيلية وكذلك مدافع جيشها العملاقة، اثبت أنه مخطط موجود لديها وليس مجرد رد فعل عادي اعتاد عليه لبنان بين الفينة والأخرى.
لكن المعركة لم تحسم خلال أيام أو ساعات كما عهدها الجيش الاسرائيلي مع الجيوش العربية، بل دام ثلاثة وثلاثين يوما كاملة وعلى مدار الساعة وفي حجم من الدمار الذي يحكي عن الجبروت والغطرسة الإسرائيلية. وقد توضح منذ الأيام الأولى للمعركة، إن الاسرائيلي عازم على تنفيذ تصفية حزب الله بكافة السبل، وانه لهذا السبب قام بتدمير الضاحية الجنوبية من بيروت أولا، أعقبها تدمير قرى جنوبية بكاملها، ثم محاولة الهجوم البري على أكثر من موقع.
لقد أثبتت تلك المعارك، فشل الجيش الإسرائيلي في خياراته العسكرية حين تمكن حزب الله من توجيه ضربات قاسية الى العمق الإسرائيلي، بل إن صواريخ الحزب تحاشت في بعض الأحيان مواقع اسرائيلية كان يمكن لها أن تغير وجه مدن اسرائيلية بكاملها، مثلما حصل عن تعفف الحزب من قصف المصانع الكيميائية الضخمة في حيفا والتي ضرب ما حولها فيما كان قصفها يعني كارثة إسرائيلية لن تتخلص منها. بسهولة.
في الأيام ما قبل الأخيرة للمعركة كما تقول المعلومات طلبت اسرائيل تدخلا اميركيا من اجل وضع حد للقتال، فلقد أثبت سير المعارك، أن القصف الجوي دمر أبنية في لبنان لكنه لم يؤثر على روح القتال ولا على قوة المقاومة التي زادت من حجم حممها على المدن الاسرائيلية .. كما ثبت لاحقا أن المعارك البرية وقعت في كمائن حزب الله أدت الى خسائر فادحة في الآليات والدبابات وفي عدد الجنود.
لقد أثبت تقرير فينوجراد الإسرائيلي حول تلك الحرب مدى تقصير القيادة الإسرائيلية في معرفة المعلومات الكافية عن حزب الله وقدراته وطبيعته القتالية وعدد وأماكن تواجده .. وكان بذلك محاكمة مباشرة لتلك القيادة التي ظنت كعادة معاركها مع العرب أن مجرد القصف الجوي ينهي شكل المعركة، لكن حزب الله كان يملك معلومات وافية كافية عن الجيش الاسرائيلي في كل مواقعه، وكان يعلم تماما طبيعة قتاله وأساليبه، ولهذا لم يتفاجأ، بل قاتله بمعرفة ودقة تصويب، فنجح في اصطياد دباباته الميركافا التي كان يفخر بها، إضافة إلى قصم ظهر لواء جولاني الذي يعتبره الاسرائيلي اهم فرقه العسكرية.
واذا كانت معركة العام 2006 والتي كان فيها حزب الله متواضع العدد والقدرة قد أوصل الأمور الى هزيمة اسرائيلية نكراء، فكيف سيكون عليه الحال اليوم إن وقعت معركة جديدة وقد بلغ الحزب مبلغا هائلا من القدرات والأعداد البشرية، بل باتت إسرائيل كلها مفتوحة أمامه مثل صحن مكشوفة كل جوانبه ومحتوياته.
في عيد المقاومة اللبنانية اليوم، يفترض بالعرب التباهي بوجود مثل هذه الإمكانية والقدرة الكبيرة التي تعطي الأمل بامكانية تغيير المناخات السائدة لمصلحتهم إن هم اعتمدوا عليها ومنحوها الثقة والغذاء الذي تحتاجه والاحتضان الضروري المادي والمعنوي .. فهي سبيلهم الوحيد لإعادة الاعتبار إليهم،ومن أجل استعادة الحقوق العربية المغتصبة، وليس غير المقاومة من يحقق هذه الغايات.