عملية “سلفيت”: صفعة القرن لصفقة القرن
موقع العهد الإخباري ـ
محمود ريا:
قد تزيد أعداد المصابين في عملية سلفيت البطولية بين قتيل وجريح أو تقلّ، وربما يرتفع إلى أربعة أو ينخفض إلى اثنين عدد القتلى، ولكن هذا ليس مهماً كثيراً، فالخسارة الحقيقية قد وقعت، ولا يمكن للعدو الصهيوني الهرب من آثارها.
الخسارة تكمن في أن كل إجرام العدو، وكل قمعه، وكل محاولات التيئيس والتدجين التي يقوم بها بحق الشعب الفلسطيني تذهب هباء، وكل عملية من هذه العمليات البطولية التي ينفذها “مقاوم منفرد” تعيد عقارب الساعة سنوات إلى الوراء.
الخسارة تكمن بأن كل محاولات التطبيع والتمييع التي تقودها دول عربية، وترعاها جهات محلية، تنتهي إلى الفشل، لا بل هي تصبح هباء منثوراً، عند طعنة شاب، أو إخفاء فتاة لسكّين، أو إطلاق فتى لحجر على دورية صهيونية، أو أي محاولة مهما صغرت لتعكير صفو الاحتلال في ضفة العزّة والإباء.
هي معادلة تتحكم فيها إذاً موازين دقيقة، وتغيّرها حركة يد أو تمتمة شفاه أو شعور قلب ينطلق من فلسطيني رافض للاحتلال، فيحطم جبروت المحتل، ويحيّد طائراته ودباباته، ويقوّض مستوطناته وبنيانه، ويجعله على شفا جرف هارٍ، ينتظر نهايته المحتومة، دون أي أمل بالاستمرار.
لطالما كانت الحرب في فلسطين هي حرب إرادات، ولطالما أثبت الشعب الفلسطيني أنه شعب يتقن صنع المفاجآت، فالأم ولاّدة، والقرى والمدن ولاّدة، وهي تضخ الدم في شرايين مقاومة أبت أن تنكسر، لينهار على نصلها كل كبرياء الاحتلال وعنجهيته، ومعهما ثقته بنفسه وبمستقبل كيانه.
ليست العملية الأولى من نوعها، فقد سبقها عمليات نفذها أبطال فهموا معنى الصراع، فقدموا أنفسهم قرابين لإبقاء جذوة المقاومة مستعرة، فيتسلم المشعل جيل بعد جيل، ويحبط كل أحلام العدو، وأحلام من يصطف بصفّه، بالاستقرار والهدوء وتنفيذ مخطط التهويد بلا معارضة ولا مواجهة.
ولن تكون الأخيرة حتماً، فهناك الكثيرون من الذين ينتظرون اللحظة المناسبة، ليقوموا بدورهم في طعن قلب العدو، من خلال قتل جنوده ومستوطنيه، وجعلهم يعيشون حالة الرعب دائماً، فلا يشعرون بأمن ولا أمان، ولا يستطيعون التفكير بأبعد من يومهم، لأنهم لا يعلمون متى ينزل غضب الله عليهم، بأيدي مجاهدين آمنوا بحقهم ورفضوا أن يتنازلوا لأيّ كان، غريباً كان أو قريبا.
إنها سلسلة ماسيّة من النجوم الزاهرة، تضيء سماء فلسطين بالدعوة إلى البقاء واقفين، صامدين، منتفضين، متحفزين، رافضين لأي محاولة بائسة من هنا وهناك، لاختزال الصراع ببعض فتات، وتسليم رقبة هذا الشعب المضحي للاحتلال، فيجرّه إلى حيث يشاء، إذا أبقى منه أحداً على قيد الحياة.
إنها بالفعل صفعة القرن التي تدوي عالياً، لصفقة القرن التي يريدونها شهادة وفاة لفلسطين وصكّ عبودية لشعبها الجبّار
هي كذلك وأكثر، هي صرخة عالية في وجه أسماء، بعضها أجنبي، وبعضها أحرفه عربية، فيما محتواه ينضح بالعمالة والخيانة والتصهين والخزي.
بوركت الأيدي المتوثبة، بوركت الأرواح المتمردة، بوركت فلسطين الأبيّة، ولتهنأ بأبنائها وبناتها، أباة الضيم، معلمي الشعوب، وفخر الأمم.