عقبات كثيرة على طريق حل الأزمة السورية
صحيفة الوطن العمانية ـ
خميس بن حبيب التوبي:
أخيرًا أقرت المعارضة السورية في الخارج بحصولها على أسلحة نوعية متطورة من تركيا والولايات المتحدة في ظل رهانها على خيار العنف سبيلًا إلى وصولها السريع للسلطة، بعد أن كانت تزعم أنها لا تتلقى دعمًا لا بالمال ولا بالسلاح من أحد، وإنما السلاح الذي بيدي عصاباتها المسلحة هو من “غنائم” مواجهاتها مع الجيش العربي السوري، وهو ما يناقض الروايات المرسلة من مسؤولين أتراك وأميركيين وأوروبيين بعدم قيام دولهم بمد المعارضة السورية المسلحة بأسلحة، وبالتالي ضلوعهم في الأزمة.
يأتي هذا الاعتراف في وقت خرجت فيه إلى العلن مجموعة من الأنباء تشكل في مجموعها دليلًا إضافيًّا آخر على الانخراط المباشر في الأزمة وتغذية العنف داخل سوريا، منها إبرام حكومة أنقرة صفقات شراء أسلحة متطورة لصالح العصابات الإرهابية داخل سوريا وبطلب وبتمويل دولة خليجية، وتزويد كيان الاحتلال الصهيوني تركيا بأسلحة ورادارات متطورة وفائقة الدقة، ومثل هذا العطاء الصهيوني السخي لأنقرة لن يخرج عن إطار التحالف القائم بين تركيا لا سيما حكومة رجب طيب أردوغان وكيان الاحتلال الصهيوني، وتنسيق الجهود الرامية إلى تدمير سوريا وإضعافها، حيث ترى تركيا العثمانيين الجدد أنها واقعة بين قوتين صاروخيتين تتفوقان عليها من هذه الناحية هما الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا، وتتقاسم في الوقت عينه مع حليفها الصهيوني هذا القلق، بالإضافة إلى نخر البنية الأساسية والبنية الأمنية والعسكرية والمقومات الصناعية والزراعية التي تتميز بها سوريا، من خلال زعزعة الأمن وإشاعة الفوضى واستهداف مخازن السلاح وفي مقدمتها مخازن الصواريخ، واغتيال العلماء والأطباء والخبراء، واستهداف المطارات وتدمير المصانع وتفكيك آلاتها، وبذر بذور الطائفية وتشجيع الإرهاب وزرع خلاياه.
هذه التطورات كانت منذ بداية الأزمة ولا تزال وتتزامن حاليًّا مع الحديث عن عملية استدارة من جانب الولايات المتحدة قائدة معسكر تدمير سوريا من خيار المراهنة على العنف نحو خيار الحل السياسي والحوار. وفي تقديري أن هذا الحديث عن الحل السياسي سيبقى زمن حصوله معلقًا حتى إشعار آخر، تشير إليه عملية تبادل الأدوار بين المعارضة وأوليائها عبر التمسك بشروط ثم التخلي عنها أو بعضها أو فرض شروط جديدة، وذلك بهدف كسب الوقت لتحقيق إنجاز في الميدان، وأيضًا ريثما يتم ضخ كميات كبيرة من الأسلحة النوعية المتطورة للمعارضة السورية المسلحة، خاصة وأن بداية مارس المقبل من المحتمل أن يرفع الاتحاد الأوروبي الحظر عن الأسلحة، سعيًا من المعسكر الأميركي لتحسين شروط التفاوض إذا ما حصل.
أزعم أن كل الجهود التي تقودها روسيا وإيران لحل الأزمة سلميًّا معرضة للفشل أو لن تكون في القريب العاجل، ليس بسبب عناد معارضة الخارج، وإنما كيان الاحتلال الصهيوني لن يسمح بحل الأزمة سلميًّا قبل أن تتحقق أهدافه وهي تحول سوريا إلى دولة ضعيفة، وتدمير صواريخها ومخزوناتها من الأسلحة، وتغيير عقيدة جيشها بما يجعلها دولة قابلة للتفكك تسيطر عليها النزعات الطائفية، كما أنه لن يسمح بالحل قبل أن تتغول العصابات الإرهابية والتكفيرية وفي مقدمها ما تسمى “جبهة النصرة” أحد أذرع تنظيم القاعدة في القطر السوري، وما يلفت الانتباه هنا هو العمل على تمكين هذه العصابات الإرهابية على الحدود السورية ـ اللبنانية، وإيجاد بنية أساسية وبيئة حاضنة لها في لبنان، ويبدو أن هناك أهدافًا يسعى إليها كيان الاحتلال الصهيوني وحلفاؤه بزرع خلايا الإرهاب في هذه الأماكن بالتحديد، لأنهم يدركون أن ما بين هذه المجموعات الإرهابية والطائفة الشيعية في كل من سوريا ولبنان ما صنع الحداد، ما سيشكل فرصة لهذه المجموعات للقيام بما عجز عنه كيان الاحتلال الصهيوني وشبكات عملائه، من تنفيذ هجمات انتحارية تستهدف القيادات السورية ـ اللبنانية، ومحاولة إثارة فتنة الصراع بينها وبين المقاومة اللبنانية تسمح بالتدخل الصهيوني لاستهداف المقاومة اللبنانية أو إيكال المهمة إلى تلك العصابات الإرهابية وتزويدها بما تحتاجه من مال وسلاح، وبذلك تدخل كل من سوريا ولبنان في حرب أهلية طائفية طاحنة. وأزعم أن التلويح الغربي والتحذير شديد اللهجة ضد سوريا في الشهور الأولى على الأزمة من قيام الجيش العربي السوري بتوجيه ضربات داخل العمق اللبناني وملاحقة هذه العصابات الإرهابية كان هدفه توفير الغطاء اللازم لتكوُّن هذه الخلايا الإرهابية وتأسيسها بنية أساسية وبيئة حاضنة لها.
خلاصة القول، إن لدى كل من تركيا وحليفها كيان الاحتلال الصهيوني أهدافه الخاصة في الأزمة السورية والتدخل في الشأن الداخلي السوري، وهي بالمحصلة أهداف تدميرية استعمارية، ولذلك ستكثر عقبات الحل السلمي.