عرب النواح

arabic-summit-syria

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:

عرب الضربة نواح، مثلما فرحوا سريعا بالعدوان على سوريا، احبطوا سريعا بالعدول عنها. لم يكتشفوا بعد إلى أي مدى تصل اللعبة الدولية، وان الأميركي ليس وحده من يقرر بقدر ما صار ممسوكا من أطرافه ومن رأسه. فائض قوته تحول وبالا عليه لذلك صار يتهرب منه .. واكتشف اكثر ان العالم الذي كان يهزمه بغمزة، صار يقع فيه ان هو فكر احتلاله كما حصل له في العراق.
ماهر كان الرئيس بوتين وحاذق .. عرف الطريق الى عقل الاميركي فأرسل اشاراته الصائبة إلى ان دفعه إلى التراجع. لم يستعمل القوة العسكرية ولا السياسية ولا الضغوط الدبلوماسية، استعمل الكلمات التي يفهمها الاميركي، وعليه تبنى كل معاني الانتباه إلى انه ليس وحده في ميدان روسيا اساسية فيه.
اما السوري فهو ايضا لاعب اللحظات الأخيرة، أليس اتهم حافظ الأسد بأنه من اخترع حافة الهاوية مع اسرائيل، وعندما كان يصلها كانت الحلول في جيبه جاهزة وحاضرة. وحين كلمت احد الاصدقاء في بيروت العارفين في السياسة وفي معلوماتها، اخبرني ان وليد المعلم هو من حمل فكرة وضع السلاح الكيماوي تحت الوصاية الأممية فتلقفها الروسي على الفور، او ربما كانت حوارات من هذا النوع دائرة على الهواتف وغيره سبقت وصول المعلم إلى موسكو.
وثبت بما لا يدع للشك ان الروسي انقذ اوباما الذي لم يكن مقاتلا طيلة اللعبة التي دارت وعلى مدار صهيل فأرسها المكتئب كيري. اكتشف الروسي الحاذق عمق الخطأ الذي وقع في مطبه أوباما وانه بات بحاجة ليد تسعفه وتخرجه من المأزق فجاءه على طبق من فكرة صائبة اطارت صوابه وحولته فورا إلى الكونجرس طالبا التريث، الذي هو حكم الإعدام على قرار الحرب والعدوان.
عرب الضربة نواح، صورة وجوههم في مرآة مخرج الأزمة ينبئ ذلك .. ما كتبته صحفهم، وما قالته اذاعاتهم وتلفزيوناتهم اكد فرحهم المخبأ والمعلن ايضا بأن ما سمي بالضربة التي هي عدوان شامل وكامل سيخلصهم من الأسد، اقول لهم ان لا احد في هذا العالم سيخلصهم من أحد أكبر بناة مشروع اثبت فعاليته في العملية الأخيرة، وان الأسد بقدر ما هو قوي الحضور، قوي التأثير والأثر في هذا المشروع الذي يبدأ من روسيا ليمر في طهران وبغداد وصولا إلى جنوب لبنان، وله متسع من الأصدقاء في العالم، كما له عند الطرف المعادي من يداريه ساعة الحقيقة عند التفكير بين نظامه وبين القوى التكفيرية التي لم ترحم حتى بلدة معلولا ذات العصب المسيحي والحضور المسيحي والهوى المسيحي وقد تكون عاصمته في الشرق وخصوصا لناحية الروم الارثوذكس التي روسيا موطنه.
ربما ارتاحت اعصابنا نحن المرتبطين عضويا بسوريا الاسد، كان بودنا ان نتمكن من تسليم مناديل تكفكف دموع دعاة الضربة النائحين الباكين الذين مرة اخرى اسقط في يدهم، ومرة أخرى يخسرون الرهان على رحيل الرئيس السوري.
من بعيد اسمع عويلهم ايضا وربما شكواهم لأوباما على انسحابه من ” نصر ” كانوا ينتظرونه ..! .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.