عدنان منصور و”الانتحار الجماعي”
موقع العهد الإخباري ـ
حسام مطر:
لا داعي للإنكار، الواقعة “الجريمة” ثابتة وموثقة، لقد طالب عدنان منصور، وزير خارجية حكومة “النأي بالنفس” اللبنانية، بتمكين سوريا من العودة الى الجامعة العربية بهدف تسهيل التسوية السلمية وإيقاف الحرب في سوريا.
لقد تمرد عدنان منصور كما بدا من وجه وزير الخارجية القطري، والتهديد السعودي، والانزعاج الغربي، وحملة قوى 14 آذار. لقد تمرد منصور على منطق الحرب المذهبية في سوريا، على الإصرار على الانتقام من سوريا كلها، على منطق العنف العبثي، على سردية الحسم العسكري، لقد تمرد عدنان منصور في زمن التهليل لملوك النفط، يا له من “مجنون”.
لماذا تمرد عدنان منصور؟
تمرد بسبب “التصاق الغالبية الشيعية اللبنانية في المحور الايراني السوري وتورطها في حروبه، حتى النهاية التي لا يمكن أن تكون أقل من عملية انتحار جماعي موصوفة” وهو “المحور الذي يقودها نحو الفناء، غير آبه بمستقبلها اللبناني أو العربي طبعاً مثلما برهن طوال العقود الأربعة الماضية”، كما يجيب الأستاذ ساطع نور الدين. منطق “ساطع” لا يختلف بتاتاً عن منطق “نخبة” شيعية “عاقلة” أو كما يسميهم البعض “شيعة الوهابية” ومفاده “الشيعة أقلية ويجب أن لا يتخذوا أي موقف يتناقض مع ممالك النفط، وإلا أرسلت لنا الانتحاريين او الإسرائيليين لإبادتنا”.
لا يمكن للقارىء إلا أن تتبادر لذهنه جملة أسئلة وملاحظات قبالة هذا المنطق:
ـ أولاً: إذا كان المحور الأول هو “المحور الإيراني السوري” فالمحور المقابل إذاً هو “الأميركي – الإسرائيلي – الخليجي” ، وبالتالي العنوان الشيعي ـ السني ليس إلا عنوان تضليلي لفرض التراجع على مشروع المقاومة بأسلوب بديل عن القوة الإسرائيلية العقيمة.
ثانياً: ما دامت سوريا في مقابل محور مقابل “إميركي ـ إسرائيلي ـ خليجي”، يصبح من الممكن فهم الكثير مما يجري في سوريا بما يتجاوز المسببات الداخلية التي لا يمكن إنكار اهميتها.
ـ ثالثاً تقول “هذا المحور غير آبه باللبنانيين وقادنا للانتحار خلال أربعة قرون؟” إذاً كيف تحرر الجنوب؟! كيف تحرر الأسرى؟! كيف أصبحت “إسرائيل” تخشى من الاعتداء علينا؟!
ورابعاً، أنت وسواك من يسار الحرب الأهلية، كم قتلتم من اللبنانيين بحجة المقاومة؟ وبحجة ان المسيحيين كانوا جزءاً من مؤامرة أميركية؟ لا يشكل 7 أيار (رغم أنكم تنسون دائماً أن هناك 5 أيار قبله) إلا يوم واحد في تاريخ المقاومة الإسلامية ولكنه سيناريو قمتم به كل يوم على مدى 15 سنة من الحرب الأهلية، يا للعجب.
تذكروا جيداً، لقد دعا حزب الله المعارضة العراقية “الشيعية” إلى المصالحة مع “السفاح” صدام حسين تفادياً للغزو الأميركي، شيعة لبنان يدعون للحوار والإصلاح ونبذ العنف في البحرين والسعودية حيث يتعرض “الشيعة” للقمع والقتل والتنكيل، فكيف يكون موقفنا من الأزمة السورية مذهبياً؟ بدل أن تقفوا بوجه جهود السعودية وقطر لوهبنة المسلمين ومذهبتهم وإرسال الانتحاريين، تقومون باستثمار أموالهم في مشاريع “ثقافية تنويرية”؟ تقومون بتبرير أفعالهم من خلال اتهامنا بالمذهبية والجنون وبخدمة مصالح إيران؟
والأدهى، الترويج لفرضية التورط في سوريا من خلال القول “الكلام يتردد أكثر فأكثر عن رفض مقاتلين لبنانيين شيعة الذهاب الى الحرب في سوريا”، دليلك “كلام يتردد”؟! وحيناً تقول إن الطائفة موحدة حول سلطتها بفعل الخوف، وفي الجملة التالية تقول بتمرد يحصل داخل الطائفة، كأنك تقول للمستثمرين، إننا بدأنا بالتأثير وهذه هي ملامح التمرد، كما أقنعهم سابقاً أحمد الأسعد فحصد بضعة مئات من الأصوات الانتخابية مقابل عشرات ملايين الدولارات.
تهمة الجنون تاريخية، هي وصمة المستبد لكل أقلية تجرأت على رفض الركوع. منطقكم الاجتزائي القائم على الشبهات لا يشكل وزناً داخل الطائفة بل له نتائج عكسية بالكامل، ولكنه يُشجع التكفيريين على الذبح ويزيد التعبئة المذهبية عند السنة كما تريد الوهابية، لأن منطقكم بالنسبة لهم بمثابة “شهد شاهد من أهله”.
لو كنتم أحراراً، ليبراليين، تنويريين، لكنتم على الأقل، وقفتم موقفاً نقدياً من المحور المقابل كما تفعلون مع المقاومة وأهلها ومحورها، فلسنا خارج النقد.
قد نباد ونقتل، نعم، وقد يكون من الأسلم أن نلتحق بملوك النفط “وربهم” في واشنطن، ولكن بعد 30 عاماً من الجنون والنظر إلى جبل صافي الأشم، لم تعد تحتمل رؤوسنا أن تنحني، يا لسوء حظكم.