ضربة وخيبة.. ومزيد من فقدان الهيبة
موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
غرّد ترامب فصعق العالم، وبات بين مد وجزر، ومحلل ومتابع، وراغب بالحرب وغاضب من الجنون!
لعلّه عنما أطلق تغريدته بأنه سيرسل صواريخه الذكية إلى سوريا كان يجسّ نبض العالم، خاصة محور المقاومة (روسيا، الصين، ايران، سوريا، حزب الله).
لم يتأخر الرد الروسي على كل الصعد، وبدا صلباً شديداً، وأن المواجهة ستكون مباشرة بين روسيا وأمريكا.
وبات من الواضح أن روسيا لن تتخلى عن سوريا في مثل هذه المواجهة، ولها أسبابها الوجيهة، من الحفاظ على مصالحها، إلى الحفاظ على مبادئها.
الصين أيضا بات قرارها واضحا بأنها لن تتخلى عن محور المقاومة، ولن تترك الساحة العالمية ليحكمها الأمريكي وحده، فعهد الأحادية القطبية قد ولى، وبات لمحور المقاومة ثقل وازن يجب أن يُعتدّ به.
ومن المعلوم أن ايران وحزب الله وسوريا لن يستسلموا ويقدموا سوريا لقمة سائغة بعد تحقيق كل تلك الإنتصارات والإنجازات.
وهذا يعني أنه إذا ما قررت أمريكا خوض حرب على سوريا، فعليها أن تواجه محور المقاومة بأكمله، وبالتالي سنكون أمام حرب عالمية ثالثة، بين دول محور الشر المتمثل بأمريكا وملحقاتها من الدول، وبين محور المقاومة.
التاريخ الحديث ـ وما جرى في هذين العقدين من الزمن ـ كشف الكثير من الأمور، التي باتت واضحة وضوح الشمس، أمريكا ومن معها يفعلون كل ما يفعلون من أجل حماية الكيان الغاصب وتقويته، إضافة إلى حب السيطرة وجعل كل المنطقة تحت أمرتهم من أجل مصالحهم الإقتصادية والسياسية. فعندما فشلوا في القضاء على المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله عام 2006، أعدوا العدة لهجمة شرسة على سوريا من أجل قلب النظام وجعله مسانداً للكيان الصهيوني الغاصب، والسيطرة على المنطقة. واليوم يحصدون خيبة كل ما خططوا له، وصمد النظام في سوريا بمساندة الحلفاء، وخسرت أمريكا، ولكنها لا تريد الاعتراف بالخسارة، وبدأت تزبد وترعد محاولةً أخذ ما تريد من خلال التهويل بحرب لا تبقي ولا تذر.
لو كان هذا الأمر سهلاً على الإدارات الأميركية، لما انتظرت كل هذه السنين، ولتدخلت مباشرة منذ البداية، ولكن هناك ما يعيق.. السبب ذاته الذي يعيق الكيان الصهيوني الغاصب عن شن حرب جديدة على حزب الله، هذه القوة التي باتت تخشى المواجهة معها أكثر من السابق، وما يلجمها ليس أنها لا تريد الحرب، وإنما تخشى عواقب هذه الحرب، ولو كانت متأكدة من ربحها لما انتظرت ساعة واحدة!
أولى نتائج الحرب العالمية الثالثة سيكون دمار هذا العدو الصهيوني وهو على مرمى حجر، فلمَ تقوم بالحرب إذا؟ إذا كان من تريد حمايته هو المهدّد الأول!
القرار الروسي بالمواجهة، جعل الكثير من الدول الغربية، ومنها ألمانيا وإيطاليا، تقف لتعيد النظر، لأنها تعلم أن الأمر لن يكون نزهة، فأعلنت عدم رغبتها في المشاركة العسكرية، إذا ما قررت أمريكا التدخل عسكرياً في سوريا، فمثل هذا العمل الأخرق سيفجّر العالم بأكمله.
وقعت الولايات المتحدة الأمريكية في المأزق، فهي لم تقدّم دليلاً ملموساً على استعمال الكميائي في سوريا، وليس هناك قرار موحد من داخلها بضربة عسكرية، وبعد تجربة العراق وقفت الدول قبل أن تنجر معها، باستثناء بعض الدول العربية التي تحاول دفعها لفعل ذلك، ومنها السعودية وقطر إضافة إلى تركيا وفرنسا وبريطانيا، الدول عينها التي تموّل الإرهاب وترعاه، وتدّعي كذبا أنها في صدد محاربة الإرهاب. وبالمقابل هناك قرار حاسم من قبل روسيا ومحور المقاومة بالمواجهة إن حدثت، لذلك قررت أمريكا القيام بضربة محدودة، علّها بذلك تحافظ على ماء وجهها بعد كل تلك التهديدات. لكن ماء الوجه هذا الذي أردات الحفاظ عليه بدا مراقاً أكثر فأكثر، وأتت الضربة بنتيجة عكسية عليها، حتى صحّ معها قول الآية الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم: “ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين” صدق الله العلي العظيم، فسبعون بالمئة من صواريخها الذكية أُسقطت من قبل منظومة الدفاع الصاروخية، أما الصواريخ التي أصابت أهدافها فقد سقطت في أماكن مدمرة أصلاً، وباعتراف صهيوني فـ “إن الصواريخ ذكية فعلاً ولكن نتيجة مفعولها كانت صفرا” فحملت الخيبة الكبيرة للعدو الصهيوني، وللأعراب المتصهينين، وباتوا أكثر غرقاً في الرمال المتحركة التي سوف تبتلعهم ذات يوم.
الضربة العسكرية التي أرادتها أمريكا صفعة لمحور المقاومة ارتدّت عليها صفعات، ومزيداً من الخيبات المريرة، وما يزيد المشهد قوة هو أن الشعب السوري قد نزل إلى الشارع في دمشق بمظاهرات حاشدة، مؤيدّة للنظام ومندّدة بالعدوان الأمريكي الفرنسي البريطاني، ليسقط هذا العدوان، وتسقط معه أهدافه، ولتزداد التهديدات الأمريكية فشلاً، وتتمرغ بوحول الهزيمة التي تلاحقها في الأعوام الأخيرة. فهل ستقتنع الولايات المتحدة الأمريكية أنها لم تعد صاحبة القرار الوحيد في هذا العالم، أم أنها ستستمر في عنادها، وتجر العالم إلى المجهول؟!
أمريكا في الموقع الأضعف، وأي حرب ستعود عليها وعلى الدول المساندة لها بالخسارة الكبيرة، فمحور المقاومة يعد العدة لمثل هذه الحرب منذ زمن بعيد، وهو يعلم أن أمريكا تريد أن تصل إليها، لأنها استنفذت كل الخيارات المتاحة، فمنيت بالهزائم المتلاحقة، وان شاء الله تعالى ستكون هزيمتها أكبر هذه المرة، في حال سارت في هذا الخيار المجنون، عندها لن يسلم أحد من الأعداء، وما النصر إلا من عند الله.