صــراع هــويـات لـقـتــل لبــنان؟
جريدة السفير اللبنانية:ـ
ادمون صعب
«إحذر أن تكون ثناءً منشوراً،
وعيباً مستوراً».
الثري السقطي
برغم الآمال التي يعلقها «تيار المستقبل» على ظهور الرئيس سعد الحريري على التلفزيون، اليوم، ومحاولته تدارك تصدّع تحالف 14 آذار في ضوء الخلاف في وجهات النظر بين الفريق الحريري ومسيحيي 14 آذار، وفي مقدمهم حزبا الكتائب و«القوات اللبنانية»، حول حقهم في اختيار ممثليهم داخل التحالف ـ بعيداً من الضغوط السياسية والطائفية ـ فضلاً عن الإغراءات المالية، فإن كثيرين يعتقدون أن الحريري وتياره قد علقا في الرمال المتحركة التي ألقيا نفسيهما فيها عندما قررا مقاطعة الحوار، وكذلك الحكومة اثر اغتيال اللواء وسام الحسن أواخر تشرين الأول الماضي.
ولم يكن تفصيلاً بسيطاً مطلب سيد الصرح لقانون انتخابي جديد يؤمن التمثيل الصحيح للمسيحيين ولسائر اللبنانيين، كما يحقق لهم العدالة. وكان واضحاً أن هذا الكلام موجّه في الدرجة الأولى إلى الرئيس سعد الحريري وتياره الذي كان يصر، حتى أيام قليلة، على «قانون الستين» الذي تضافر الإقطاع السياسي والإقطاع المالي على منحه أكثرية في مجلس النواب، ومكّناه من الاستئثار بالسلطة، حتى إزاحته عن رئاسة الحكومة في كانون الثاني 2011، وهو على أبواب البيت الأبيض! وشن مذ ذاك حرباً على الرئيس نجيب ميقاتي و«حزب الله»، وحلفائهما المسيحيين إلى درجة حوّلت الصراع بين الطرفين إلى ما يشبه «الهويات القاتلة» التي تحدث عنها الكاتب اللبناني الكبير بالفرنسية أمين معلوف في كتابه الذي يحمل العنوان نفسه، متوقعاً أن تستمر حرب الهويات الطائفية والمذهبية في لبنان وقتاً طويلاً.
وسبق للمحامي زياد بارود أن أشار، في ندوة حول قانون الانتخاب، إلى أن الخلاف حول هذا القانون، أكثري أم نسبي، وعلى تقسيم الدوائر، صغيرة وموسعة، يشبه «حرب هويات»، قد تنتهي بإجهاز مجموعة من «القتلة» على ضحية واحدة هي الوطن!
ولا نظن أن ثمة مواطناً مسيحياً واحداً يطمح إلى أن يتحول لبنان ساحة لصراع الهويات، لأن ذلك سيؤدي إلى التضحية بلبنان على مذبح العنف والفوضى والصراع الديني في المنطقة.
على أن يكون أي نظام انتخابي «خدمة للمجتمع»، وهذا ما عجزنا عنه إلى الآن، إذ ان كل القوانين الانتخابية، منذ ما قبل الاستقلال، كانت أدوات في أيدي الحكام لتحقيق أطماعهم، كما مثّلت تكريساً لـ«التحالف الجهنمي» بين الإقطاع السياسي والإقطاع المالي، مما جعل الانتخابات عملية استنسابية تضيع فيها المساواة بين المواطنين، ويقوم فيها المال بالدور الأساسي في الفوز.
وأكد هذا الأمر الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في الكلمة التي ألقاها الجمعة الماضي، في ذكرى المولد النبوي.
وحبذا لو يُصغي الرئيس الحريري إلى السيد نصر الله، ويجد نقاط تلاق معه بضرورة الالتفات إلى هواجس المسيحيين والتي فيها توصيف للواقعين اللبناني والعربي، والتصرف بقانون الانتخاب كمن يؤسس للبنان جديد، وجعل مجلس النواب العتيد بمثابة مؤتمر وطني، يجري الإقبال عليه بالكثير من الحوار والطمأنة، والقليل من الهواجس، والاتهامات المتبادلة، بعيداً من المراهنة على الوضع السوري والاستقواء بالخارج. مؤكداً أن النظام النسبي هو «الأعدل» لأنه «يعطي أحجاماً طبيعية، ويحقق العدالة وصحة التمثيل.