شهداء 4 آب…كي لا يسقطوا مرَّتين
موقع قناة المنار-
أمين أبوراشد:
مع إعلان ذكرى استشهادهم يوم حدادٍ وطني، وتحديد 4 آب تاريخاً لإنعقاد مؤتمر دعت إليه فرنسا للتضامن مع لبنان، وربط مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بالتاريخ نفسه، لا بُدَّ من تهيُّب فداحة ما حصل منذ سنة في مرفأ بيروت، واحترام أرواح الضحايا ودموع ذويهم، وتصويب بوصلة الإهتمام الى القضاء الذي وحده دون سواه يُنصف الجميع، وكل ما عدا التحقيقات الشفافة والقرائن والبراهين، يدخل ضمن سياق “الإتهام السياسي” الذي لا جدوى منه، والبعض للأسف، اعتاد في لبنان رمي الحرام تحت هذا المُسمَّى، سواء ورد على ألسُن بعض السياسيين أو بعض الإعلام.
مؤتمر التضامن مع لبنان على أهميته، وتشكيل حكومة بأسرع وقت على ضرورته، لا يُشكلان جزئية من الصخب الذي تضجُّ به بعض وسائل الإعلام في استعداداتها لذكرى 4 آب، وهي سابقة تُسجَّل لهذه الوسائل في مواكبة الإستحقاقات والأزمات اللبنانية، لا بل هي تجارة، تجارة رائجة منذ العام 2005، ولن ندخل في الإشاعات حول مصادر التمويل، لأننا نربأ بأنفسنا عن “الإتهام السياسي” لهذه الوسائل، ولم نكن ولن نكون أبداً من جماعة رمي الحرام على أحد.
التجييش الذي تمارسه شاشات ومواقع باتت معروفة في شارع الإحتجاجات، سوف يكون مضاعفاً في 4 آب، لأن الأجندات على وفرتها سوف تتناول كل شيء إلا حقوق الشهداء وتبيان الحقيقة لذويهم، بدليل مرور سنة على التحقيقات والتدخلات الإعلامية في الملف، ولم تُقدِّم هذه الوسائل أي جديد للناس سوى سكب الزيت على نار التأجيج غير المُجدي، وشحن النفوس بما لا يُفيد في التحقيقات التي تأخذ مجراها وفق المعطيات التي أمام القضاء.
وما يُخشى منه أيضاً في 4 آب، أننا دخلنا في سباق الإنتخابات النيابية التي ستجري خلال أشهر، وسوق المزايدات من المرشحين سيزدهر، والتصاريح التي تتناول قضية المرفأ سوف تتوالى بل تنهمر بغزارة، وجميعها خارج السياق لأنها ليست أكثر من إطلاق نار عشوائي، وبالتالي، نتمنى على ذوي الضحايا وكل من يُشارك في إحياء الذكرى، الترفُّع عن الإنزلاق خلف أي كلام سياسي تحريضي غير هادف سوى أنه يستهدف تمزيق المؤسسات الدستورية وعرقلة عمل الأجهزة القضائية، ولا يساهم بتقديم أية قرينة إضافية لملف التحقيق.
ومع اشتداد السجالات حول رفع الحصانة النيابية، وكثرة الإجتهادات الدستورية والقانونية فيها، والجدل البيزنطي بصلاحية هذه المحكمة أو تلك، وهذا المرجع القضائي أو ذاك ، فإن العقلانية بشأن قضية شهداء المرفأ تفرض على الجميع في 4 آب، الرهان على قيام حكومة تنهض بالبلد وتكون على قدر المسؤولية أمام أرواح الشهداء وأنظار ذويهم، وإعطاء القضاء فرصة الوصول الى الحقيقة، بعيداً عن تُجار السياسة، وسماسرة الإعلام، ومزادات المُزايدة الإنتخابية عشية الإستحقاق، وحرام علينا قتل الشهداء مرتين…