سورية وحلم التوحد هنا يختلط الزيت بالماء
وكالة انباء آسيا-
نائل محمد:
لم تكن عشر سنوات من الحرب كفيلة بتعليم الجميع دروسا وعبرا، حلم توحيد سورية وتحريرها على الاقل لتشبه ما كانت عليه قبل العام ٢٠١١ بات تحت رحمة قوى اقليمية ودولية اصبحت كأمر واقع مع وجود ألوف مؤلفة من المقاتلين المتشددين الذين يحملون جنسيات كثيرة.
أم الصبي تأكل ولدها
تطلق مصادر معارضة في اسطنبول على تنظيم تحرير الشام اسم أم الصبي في اشارة الى ان النصرة او الهيئة تعتبر اما روحية ومظلة تنضوي تحتها فصائل بمسميات مختلفة ومن بينها لواء هنانو، حيث طلبت تحرير الشام من اللواء بإخلاء مواقعه ونقاطه وتسليم المنطقة التي ينتشر فيها للهيئة.
وهو سيناريو مشابه لما جرى في جبل التركمان حيث تم التضييق على مسلم الشيشاني ومن ثم تم اخراجه ومقاتليه من الجبل.
هذه التطورات اثارت مناوئي الهيئة و أججت مخاوفهم، حيث اتهم هؤلاء تحرير الشام بأنها قد تسلم مناطق تلك الفصائل لمن اسموهم بأعداء “الثورة” فيما رأى معارضون آخرون بأن الجولاني يعمل حاليا على ازاحة اي فصيل قوي قد يشكل تهديدا محتملا لسلطة الهيئة في ادلب وفق رأيهم.
تحرير الشام و قسد اختلاط الزيت بالماء
فرض واقع الحرب السورية وتوزع القوى على المناطق الجغرافية معادلة مصالح الاضداد، فقد اضطرت الحكومة السورية لاستجرار النفط من قسد رغم ان الاخيرة متمردة وفق الدستور بل ووفقا للقانون الدولي، كما حكي كثيرا عن صفقات بين داعش ووسطاء لاطراف عدة، وعلى مايبدو فان هذا الواقع هو ما يفسر اعجوبة اختلاط الزيت بالماء، حيث وصلت معلومات تفيد بأن تحرير الشام وقسد يتعاونان لتبادل المصالح اللوجستية والمالية فيما بينهما، رغم انهما على النقيض، فقسد قومية علمانية وشعوبية، فيما تحرير الشام سلفية تكفيرية وعابرة للقوميات.
في هذا السياق كشفت معلومات استخباراتية مصدرها اوساط مقربة من انقرة وجود معمل للسلاح والصواعق المتفجرة في بلدة حير جاموس يتبع لتحرير الشام يقوم بتزويد قسد بما يلزمها عسكريا مقابل مبالغ كبيرة بالدولار.
بينما رد مصدر محسوب على التنظيم الكردي قائلا: ان تلك الدعاية المعادية مصدرها انقرة وهدفها اثبات وجود ترابط عضوي مزعوم بين قسد وتحرير الشام، حيث تجهد تركيا لايجاد اي ذريعة تقنع من خلالها دول المنطقة بخرافة ان قسد ارهابية كجماعة الجولاني، خاتما :ان تركيا على صلة بتحرير الشام، الا يكفي ان الجولاني ربط اقتصاد ادلب بالليرة التركية بحسب قوله.
واشنطن وفرض الفدرالية كأمر واقع في سورية
على الرغم من تجميد انقرة لعمليتها العسكرية ضد قسد لاسباب سياسية قاهرة، الا ان المشهد بات ضبابيا وغير قابل للتفسير بحسب تعبير البعض.
فبعد ان ساد اعتقاد بانسحاب امريكي وشيك، واذ بواشنطن ترسل دبلوماسييها وعسكرييها الرفيعين للقاء مظلوم عبدي والهام احمد، ليتم حقن الاوردة الكردية بجرعة من الامل عبر دعم امريكي لن ينقطع، لكن التحركات الامريكية على الارض كانت كفيلة بابقاء المشهد غامضا، فقد افادت معلومات بخروج عشرات الاليات الامريكية من شرق الفرات باتجاه الاراضي العراقية.
وفي سياق متصل اعتبر مصدر من دمشق وصف نفسه بالمطلع بأن هناك محاولات امريكية لفرض الفدرلة كأمر واقع في سورية حيث دعا وفد من الخارجية الأمريكية ما يسمى بالائتلاف المعارض لتفعيل دور الحكومة السورية المؤقتة لتكون شبيهة بتجربة شرق الفرات، حيث تحكم قسد ومن ورائها حزب الاتحاد الديمقراطي.
التردي الاقتصادي و تهاوي الوضع المعيشي في عموم سورية الى جانب الاصطفافات الاقليمية والدولية وتضارب المصالح كل ذلك يجعل من حلم توحيد سورية وتحريرها محكوما بتسوية كبرى لم تتضح ملامحها حتى الان.