سورية: الخوف من الجرائم الإلكترونية وتداعياته
وكالة أنباء آسيا-
يانا العلي:
كّم الأفواه، ردع المثرثرين، ترهيب المتسلطين، تقييد للحريات.. كل هذه الصفات وأكثر تم إطلاقها على قانون الجرائم الإلكترونية لحظة صدوره. رغم عدم وضوح القرار في بداية نشره لكن للوهلة الأولى بدا للأغلبية أنه مصادرة لحرية التعبير.. وما إن توضحت الأمور قليلاً حتى تبين نسبياً أنه يضع حداً لقضايا كان لابد للقانون أن يُنظمها ويُجرمها في حال المخالفة… لكن الطامة الأكبر التي بقيت واستمرت أو ربما تعددت أسبابها.. الخوف..
الخوف حتى من الإفصاح عن الرأي في هذا القانون.. وصل إلى حد ارتيابي من تناول هذا الموضوع كتقرير صحفي رغم أهميته وضرورة وجوده لخلق ضوابط لابد منها، والارتياح لوجوده لا الخوف منه… فما السبب وراء هذا الخوف؟
فكان لوكالة أنباء آسيا لقاء مع الدكتور أحمد خير السعدي مدرب واستشاري في الصحة والسلامة المهنية حيث قال أن :”القانون غير واضح للناس، وغير مفصل وحمال للأوجه، وخاصة عند كثير من المسؤولين.. يستطيع أي مسؤول أن يزجز أي مواطن في السجن بدعوى جريمة إلكترونية. وهذا ما نشاهده اليوم وخاصة بعض الصحفيين الذين يتمتعون بحماية من الدستور.. وكان لي تجربة حيث تعرضت صفحة ابنتي لتهكير والشخص بدأ بابتزازها هي وصديقتها بصورها كونها محجبة. ذهبنا إلى الأمن الجنائي وقدمنا معروضاً.. وكانت النتيجة جداً إيجابية. حيث تم إرجاع الصفحة وعرفنا الشخص من هو خلال ٢٤ ساعة”
أما من الناحية القانونية فتحدث لوكالة أنباء آسيا المحامي ياسر محرز فيما إذا كانت الشكاوى التي تخص الجرائم الإلكترونية في تزايد أم في تناقص؟ قال:” إزدادت مؤخراً في المجتمع السوري معدلات الجريمة الإلكترونية وتعددت أشكالها وصور ممارستها مثل جريمة الإحتيال وإنتهاك خصوصية الغير والذم والقدح الإلكتروني ونشر تسجيلات صوتية أو مرئية غير مشروعه دون رضى صاحبها وأصبح لتلك الجرائم تداعيات سلبية كبيرة على كافة المستويات الإجتماعية والثقافية والأمنية نظراً لأنها تستخدم في إرتكابها برمجيات غير مرئية متطورة، مما يخلق صعوبة في القبض على مرتكبها، لذلك صدر القانون رقم ٢٠ لعام ٢٠٢٢ والذي يتضمن إعادة تنظيم القواعد القانونية التي نظمها المرسوم التشريعي رقم ١٧ لعام ٢٠١٢ وتم إحداث مكتب مكافحة الجريمة الإلكترونية في وزارة الداخلية ومكاتب فرعية لدى فروع الأمن الجنائي في المحافظات السورية وإحداث محاكم مختصة للنظر بها وقاضي تحقيق مختص للنظر بالجريمة الإلكترونية ”
وعمّا إذا كانت تلك الشكاوى تلقى آذاناً صاغية وتصل لنتيجة تجيب على طلب الشاكي؟ قال محرز:” تلقى تلك الشكاوى إهتماماً كبيراً لدى القضاء والجهات المختصة المحالة لها تلك القضايا. ويعتبر قانون الجرائم الإلكترونية قانوناً عصرياً ومتطوراً وظهر ذلك من خلال التطبيق العملي ومن خلال البت في العديد والكثير من القضايا المحالة للقضاء ويساهم في تماسك المجتمع وضبط وتنظيم دخول آمن على شبكة الأنترنت وعلى المجتمع الأهلي والجمعية المعلوماتية السورية مسؤولية كبيره في عقد الندوات والمحاضرات لتوعية الشباب من مخاطر الدخول غير الآمن على شبكة الأنترنت وعقد الندوات القانونية التي تشرح مضمون التشريعات و قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية رقم ٢٠ لعام ٢٠٢٢”
وحول رأي أ. محرز كقانوني في قانون الجرائم الالكترونية هل هو مُجدي للمُعتدي عليه أم هو أداة جسور للمُعتدي؟وما السبب الذي جعل الناس تعتقد بأن قانون الجرائم الالكترونية لا فائدة عمليه منه على أرض الواقع؟ أجاب :” يوجد إعتقاد خاطىء عند الكثيرين بأن اللجوء للقضاء غير مجدٍ والحقيقه غير ذلك وأعتقد أن سبب هذا الإعتقاد هو التأخر في الإجراءات و مرور مدة زمنية طويلة لإستكمال إجراءات الدعوى المعلوماتيه حيث يتم إرسال المعروض الشخصي للجهات والمكاتب المختصة في وزارة الداخلية ووزارة الإتصالات لذا يجب أن تتعزز الثقة لدى المواطنين من خلال الإسراع وتبسيط تلك الإجراءات وهذا ما تم إعتماده مؤخراً.
كما يجب العمل على تحفيز ثقة الناس بضرورة اللجوء إلى القضاء في حال تعرضهم لإبتزاز او إحتيال أو سرقة حساباتهم الشخصية وبأن القضاء هو الضامن الحقيقي للوصول إلى حقوقهم ومعاقبة مرتكبي تلك الجرائم ”
في طبيعة الحال أي قانون مُعرض للانتقاد وللثناء..مثل أي شيء يحملُ جوانب إيجابية وأُخرى سلبية.وكون العالم الإفتراضي أصبح هو أساساً للتواصل والعمل ويشبه إلى حدٍ كبير الواقع الحقيقي الذي نعيش فيه لذا لابد من قوانين تنظمه.