سوريا .. اقتتال يفضح الأهداف!
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
ليس خافيًا أن السواد الأعظم من الناس في بداية تفجر الأزمة السورية كان واقعًا تحت تأثير تزييف الواقع الذي لعبته بعض وسائل الإعلام المغرضة والتابعة لمعسكر التآمر والتخريب والتدمير بتصوير المؤامرة على أنها عبارة عن مطالب شعبية مجردة، ووسط حصار محكم وهجوم شرس ضد الإعلام السوري والمحايد والنزيه وكل غيور على عروبته وقوميته، ظلت سوريا تناضل من أجل كسر هذه القيود لتتمكن من إفهام المخدوعين من الشعوب العربية بأن الأمر أكبر من مجرد مطالب شعبية مشروعة ملزمة كل حكومة أن تلبيها.
واليوم وبعد مضي أكثر من سنتين ونصف على نشوب الأزمة لم يعد الأمر بحاجة إلى مزيد من الشرح والتفصيل وبذل كل جهد ممكن لتفنيد حقيقة ما يحاك ضد سوريا من مؤامرة كونية، فلم تعد الأرض السورية وحدها مكتظة بالحقائق الساطعة التي لا تقبل الشك أو مجرد الجدال، بل إن خارج سوريا أخذت روائح المؤامرة تزكم الأنوف وتغطي سحبها سماء البحر الأبيض المتوسط ومياهه وأروقة الأمم المتحدة ومجلس أمنها، وبرلمانات دول معسكر التآمر.
على أن الداخل السوري بمتناقضاته الماثلة في تلك العصابات الإرهابية المدعومة من قبل معسكر التآمر والتخريب كفيل بنقل الحقيقة إلى العالم أجمع، وهي أن لا حقيقة لما يسمى بـ”ثورة”، فمشاهد الاقتتال والتطاحن بين تلك العصابات الإرهابية والتكفيرية والمرتزقة والمتمردين والتي تضج بها الفضائيات التابعة والمحايدة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك بأن لا هدف يجمعها وإنما تبرهن على كل ما آمنت به سوريا شعبًا وجيشًا وحكومة وآمن به الغيورون على التراب العربي وطهارته من دنس الإرهاب والاحتلال وفحشاء القتل وانتهاك الأعراض، بأن ما يجري على الأرض السورية يستهدف سوريا الدولة والشعب والجيش والحكومة والجغرافيا، وليس مطالب مشروعة طريق تحقيقها بالوسائل السلمية لا بالإرهاب وترويع الآمنين وتشريدهم من أرضهم وإخراجهم من بيوتهم، ونهب مصادر رزقهم ومظاهر عيشهم، وحرق مزارعهم وسرقة صوامع الحبوب، واغتصاب الحرائر والمتاجرة بهن، وانتهاك الأعراض.
لقد كشفت عمليات الاحتراب بين مختلف العصابات الإرهابية والتكفيرية والمرتزقة والمتمردين عن الأبعاد الخطيرة والأجندات التي تتخفى وراء حالة التجييش والتجنيد للمرتزقة والتكفيريين وتنظيم القاعدة للفتك بالشعب السوري وتدمير دولته وتقسيمها على أساس طائفي، وتبرز هذه الأهداف الخبيثة من خلال قيام طرف من أطراف معسكر المؤامرة على سوريا بتجنيد إرهابيين ومرتزقة وتكفيريين ودعمهم بالمال والسلاح وتدريبهم عليه، ومن ثم إرسالهم إلى الداخل السوري ليعيثوا فسادًا ضد الشعب السوري ومؤسساته الخدمية والاجتماعية والأمنية وتهجيره، بحيث تقوم هذه العصابات بالسيطرة على أجزاء من الأراضي السورية وفق ما يتماهى مع أجندات الطرف الممول والداعم وأهدافه، وهذا بدوره يقود إلى أن كل ما يروج إعلاميًّا وسياسيًّا وعسكريًّا عن “نصرة” الشعب السوري و”مساعدته” حتى نيل حقوقه وإقامة الدولة الديمقراطية المدنية، هو محض افتراء وهراء، بل أصبح أسطوانة مستهلكة وممجوجة، وأن كافة التحركات، سواء على الأرض السورية أو خارجها تصب في خانة تعطيل الحل السياسي والإصرار على خيار العنف، فيما هناك ممن يسمون بـ”معارضة الخارج” الذين تم جلبهم من دهاليز دوائر الاستخبارات الغربية وفنادق أوروبا وغيرها واصطلح على تسميتهم بهذا الاسم لا يزالون يراهنون على عدوان عسكري أميركي ويتسولونه من عند أسيادهم.