سرطان التفكّك الداخلي يُفتِّت المُجتمع الصهيوني
وكالة مهر للأنباء
نسرين نجم
يعاني المجتمع الصهيوني منذ القدم من داء السرطان، حيث بدأ الان بالظهور بشكل فاقع وفاضح، والذي بدأ بالانتشار والتمدد بشكل كبير في مختلف الاتجاهات المجتمعية، وعلى كافة الصعد، ويتمثل هذا السرطان بـ”التفكك والتخبط”، وهذا يعود لعوامل عديدة منها عدم الانتماء الحقيقي تجاه الكيان المحتل من قبل المستوطنين.
هذا الكيان الذي اغتصب ارضا وانتهك حقوق شعب كامل، وهدم منازله وحرق اراضيه وارتكب المجازر بحقه، واتى بمجموعات من المهاجرين من مختلف انحاء العالم يحملون جنسيات متنوعة لا عقيدة موحدة لديهم، ويعتنقون خلفيات ثقافية مختلفة عن ثقافة ما يسمى بـ”اسرائيل”، بمعنى العادات والتقاليد وحتى التاريخ واللغة، ولكن ما جمعهم هو كذبة “الارض الموعودة”، وتضليل ديني حول أحقية اليهود بأرض فلسطين؛ لذا لم يستطعوا الانخراط مع بعضهم البعض.
لا يمكن لأي احد ان ينكر دور الضربات المتتالية والانتصارات الساحقة من قبل دول محور المقاومة بريادة وقيادة الجمهورية الاسلامية في ايران على ضعضعة وزعزعة ما يسمى بـ”الجيش الذي لا يقهر”
اضف الى ذلك، دولة الاحتلال لم تعمل على الصهر والدمج والانخراط، بل كانت تتجه الى زيادة الكمية دون النظر الى نوعية الوافدين اليها، وكان هاجسها الاساس ولا يزال هو الحروب والمجازر، فجوهر سياسة الصهاينة ينصب على ان التهديد هو الخارج ليحافظوا على ما يسمى بـ”بوتقة الصهر”… الى جانب كل هذا لا يمكن لأي احد ان ينكر دور الضربات المتتالية والانتصارات الساحقة من قبل دول محور المقاومة بريادة وقيادة الجمهورية الاسلامية في ايران على ضعضعة وزعزعة ما يسمى بـ”الجيش الذي لا يقهر” ليصبح اوهن من بيت العنكبوت…
ومن الطبيعي من كان يعيش ببلاد تتسم بالهدوء والاستقرار والامن، وانتقل الى كيان غاصب يعيش في توتر، وقلق، وانتفاضات، وحروب عسكرية، ان يشعر بالفارق ويرفض هذا الواقع، وما شاهدناه منذ فترة من عمليات بطولية للشباب المناضل في اماكن مختلفة من فلسطين المحتلة وبالسلاح الابيض، زرع الرعب والهلع لدى المستوطنين، وجعلهم يفقدون الثقة بحكومتهم، هذا عدا عن الازمات الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها الكيان المحتل، وحكومته التي تتخبط بإنقسامات عامودية وأفقية، وفضائح لقادتها والمسؤولين فيها والتي لا تعد ولا تحصى، وهذا التفكك حذر منه معهد الامن القومي الصهيوني لمرات عديدة، واعتبره يشكل خطرا وجوديا…
إن قيام اي دولة يعتمد على أحقيتها في الارض والهواء والمياه، وهذا ما نصت عليه القوانين الدولية، لا ان تكون دولة محتلة مغتصبة عنصرية تعيش على القتل والدم… وقيام اي دولة يعتمد على تاريخ وحضارة وتراث، ومنظومات قيمية واخلاقية واجتماعية وثقافية تجمع افراد هذه الدولة، وهوية تحتضنهم، الى جانب الشعور بالانتماء والولاء والمواطنة داخل هذه الدولة، لتستطيع الاستمرار وتبقى محافظة على استقلاليتها، مهما واجهت من عواصف وغزوات وغيرها…
ما يعيشه المجتمع الصهيوني هو أزمة بنيوية حقيقية، انطلاقا من طبيعة الانتماء الحضاري، ومعنى الخصوصية اليهودية، وطبيعة الاولويات، كل هذا يدل على ان هذا الكيان اللقيط لا يمكنه ان يكون دولة طبيعية، فهو عمل ويعمل على التقوقع حول الذات، معتمدا على عنصرية مقيتة، وعلى التحصن ضمن الفيتو العسكري المدجج بأسلحة دمار شامل…
ومن مظاهر هذا الانقسام الحاد داخل المجتمع هو ظهور المشاكل العميقة بين المتدينين والعلمانيين، وتدخل محكمة “العدل الاسرائيلية” لصالح العلمانيين للمرة الاولى في تاريخ الكيان، الامر الذي كان له ارتدادات سلبية واسقاطات عنيفة من قبل المتدينين على العديد من القوانين سيما تلك المتعلقة بتجنيد الشباب…
من هنا نستطيع القول بأن “اسرائيل” تعاني من شرذمة الهويات الدينية والقومية والسياسية… ومن الطبيعي من الناحية النفسية والاجتماعية ان تؤدي هذه الانقسامات لحدوث انفجارات عنيفة داخل المجتمع الصهيوني، ومن المتوقع حصول حرب اهلية قريبا جدا، فـ”اسرائيل” حسب “حاييم هانغفي” هي:” ديموقراطية مسلحة حيث نجد الجنرالات في كل مكان؛ في الكنيست، في الحكومة، في البلديات، والمجالس المحلية… واين لا يوجدون؟، حتى في مقر الرئاسة مثل حاييم هرتسوغ وعيزر فايتمان، انها دولة ترتدي الخاكي”…
اما الكاتب “اوري افنيزي” يقول في افتتاحية”الجيروزاليم بوست”: “إن اسرائيل الواحدة الموحدة قد ماتت منذ وقت طويل، وقامت بدلا منها فيدراليات من المجتمعات، كل واحدة منها لها طابعها الداخلي ووجهة نظرها واحاسيسها وكراهيتها”…
إذن وكما قال قادتنا العظماء، وكما كتب شهداءنا الكبار بدمائهم الطاهرة الشريفة أن “اسرائيل الى زوال حتمي”… وما فجر النصر والتحرير الا وقد بدأ بالبزوغ واصبح قريبا جدا..