«سرايا زياد الجرّاح» ساهمت لوجستياً؟… تفجير السفارة: السيارة من سجن «رومية» إلى سوريا!
صحيفة السفير اللبنانية ـ
جعفر العطار :
كشفت مصادر أمنية مطلعة لـ«السفير»، أمس، عن معطيات جديدة في شأن تفجيري السفارة الإيرانية في بيروت، أبرزها أن سيارة الانتحاري الرباعية الدفع (شيفروليه ــ بلايزر موديل 2005)، جرى تفخيخها في منطقة يبرود السورية الواقعة في القلمون، ثم وصلت إلى لبنان آتية من عرسال البقاعية.
وبدا لافتاً للمعنيين في التحقيقات، أن عملية بيع السيارة وشرائها نفذت عبر وسيط من عائلة أ. مسجون حالياً في سجن رومية، بعدما طلب موريس.ي. من سجين يُدعى أ.ز. تدبير بيع السيارة التي استأجرها من صاحبها ثم سرقها، فطلب ز. من زميله في السجن أ. أن يساعده في بيعها.
بعد ذلك، وفق معلومات «السفير»، اتصل أ. من داخل زنزانته في «رومية» بشخص من عائلة أ. (قُتل أخيراً على يد شقيقه) في بريتال. عرّف الأخير موريس ي. على شخص من عائلة م. في بعلبك، حيث قام بشراء السيارة بثلاثة آلاف دولار وباعها من أحد تجار السيارات المسروقة، ثم نقلها إلى يبرود وتم تفخيخها هناك. علماً أن السيارة التي انفجرت في الرويس أخيراً، باعها ح.ط. من بريتال إلى جهات سورية معارضة، أي مثلما حدث مع سيارة السفارة.
لكن الجهات الأمنية المعنية في التحقيق، لم تتوصل حتى الساعة إلى تحديد الجهة الأساسية التي تولّت عملية التفخيخ، موضحة أن يبرود تضم عشرات الفصائل السورية المسلّحة، وبالتالي لا يمكن الجزم «إلا عندما يتم توقيف أحد المتورّطين في مساعدة الانتحاريين داخل الأراضي اللبنانية»، يقول مرجع أمني.
وثمة معلومات مؤكدة لدى المعنيين في التحقيقات، تفيد بأن التخطيط والتفخيخ والإشراف جرى في سوريا، لكن التنفيذ في لبنان حدث بمساعدة محلية، وأبرز الاتهامات والشبهات تحوم حول «سرايا زياد الجراح» التابعة لـ«كتائب عبدالله عزام»: «المؤكد أن عملية التفجير لا تقف خلفها جهة واحدة فقط»، يقول مرجع أمني آخر.
وفي حين تبيّن أن الانتحاريَين مكثا في سوريا منذ منتصف حزيران الماضي «وبالتالي لا نعرف مع أي تنظيم مسلّح قاتلا»، أكدت مصادر أمنية لـ«السفير» أن معطيات محددة «لا يمكن الكشف عنها حالياً»، ترجّح أن «سرايا زياد الجرّاح، التي نعتبرها من أهم الفصائل المسلحة والمحترفة في لبنان، ساعدت – لوجستياً ــ الجهة الأساسية المنفذة، لكنها لم تشأ الاعتراف بذلك علناً خوفاً على مصيرها في مخيم عين الحلوة».
لذلك، وفق المصادر الأمنية، ظهر السيناريو التالي: اللبناني الشيخ سراج الدين زريقات يعلن أن «سرايا الحسين بن علي» هي المنفذة، وليس سرايا الجرّاح، لإبعاد الشبهة وتحييد أمير التنظيم أبو محمد توفيق طه عن المضايقات الأمنية والضغوط من داخل المخيم، علماً أن الأمير الفعلي هو السعودي ماجد الماجد.
وعن انتماء الانتحاريين إلى أنصار الشيخ أحمد الأسير واحتمال وقوفه خلف عملية التفجير، توضح مصادر أمنية أن «الانتحاريين متعاطفان مع أفكار الأسير، لكن ليس ضرورياً أن يكون الأخير ضليعاً في تفجير احترافي مماثل، بالإضافة إلى أنهما لم يشاركا في معركة الأسير، بل كانا في سوريا، ودخلا لبنان خلسة».
وعلمت «السفير» أن الانتحاريين قصدا محلاً لبيع الهواتف الخلوية في منطقة الكولا، قبل عملية التفجير بيوم واحد. وبعد مغادرتهما الفندق (سددا سبعمئة دولار بدل إيجار) قبل التنفيذ بساعة واحدة، افترقا سيراً على الأقدام في منطقة الروشة، وفق كاميرات المراقبة.
ولم يتمكن المحققون، حتى الساعة، من معرفة عنصرين أساسيين: أولاً، لماذا تم شراء جهازين خلويين ولم يستخدما نهائياً؟ ثانياً، ما الهدف من تصوير الانتحاري معين أبو ضهر؟
تشير المعلومات إلى أن صاحب المحل الخلوي قال في إفادته للمحققين: «الانتحاري بدا مسروراً ورصيناً. وحين طلبت منه التصوير، أصرّ على لصق وجهه بالكاميرا، فحاولت إبعاده بيدي لكنه رفض، ولذلك بدت الصورة التي تم تعميمها من جانب الجيش قريبة جداً».
وتقول مصادر رسمية لـ«السفير» إن الخطوة التي قام بها الجيش، عندما عمّم صورة أبو ضهر على أنه «مطلوب خطير» من دون الإشارة إلى أنه أحد الانتحاريَين، أدت إلى نتيجة سريعة إذ تعرّف إليه والده، «وإلا كنّا سننتظر أياماً طويلة وصعبة بغية مقارنة الحمض النووي بأشخاص لا نعرفهم».
ويرجّح معنيون في جهاز أمني أن يكون الهدف من قصد محل الهواتف الخلوية هو كشف هوية الانتحاريَين بعد عملية التفجير، بينما ترفض مصادر أمنية أخرى «تأكيد هذه الفرضية أو نفيها، لكننا لم نفهم حتى الساعة سبب شراء الهاتفين، ويعمل الجيش حالياً على تفريغ محتوى كاميرات المراقبة وتحليلها بصورة مكثفة ومحترفة».
وعن سبب تزوير هويتي اللبنانيين ي.غ. وم.ح. تحديداً وليس غيرهما، يوضح ضباط معنيون لـ«السفير» أن «القاسم المشترك بين الشخصين أنهما قاما بتصوير هويتهما في إحدى مكتبات الطريق الجديدة، ومن هناك تم أخذ الهويتين ثم تزويرهما، مع الإشارة إلى أن المحترفين في التزوير، وفق خبرتنا، هم عناصر سرايا زياد الجراح في مخيم عين الحلوة».
ويكشف مصدر أمني مطّلع لـ«السفير»، عن معلومة أمنية نقلها جهاز مخابرات تابع لدولة كبرى إلى «فرع المعلومات»، قبل «مسيرة عاشوراء» بيومين، مفادها الآتي: «توافرت لدينا معلومات شبه مؤكدة، عن وجود انتحاريين يتجهزان لتفجير أنفسهما في المسيرة».
حينها، عمّم الفرع المعلومة على الأجهزة الأمنية اللبنانية، ومرّ يوم العاشر من دون وقوع أي عملية انتحارية. لكن مصادر أمنية، وبعد تفجير السفارة الإيرانية، طرحت سؤالاً أساسياً: «هل كان هدف انتحاريَي السفارة تفجير نفسيهما في المسيرة لكنهما فشلا؟»، فيما يستبعد ضباط آخرون هذه الفرضية: «كيف نستطيع تأكيد ذلك؟ إنه تكهّن ضعيف ولا يملك أي دليل يثبت أن السفارة لم تكن الهدف الأساسي، فقد تم التخطيط والرصد والتنفيذ باحتراف لا يدل على أنها كانت هدفاً ثانياً، بل أساسياً».