سذاجة تحرك بندر تجاه القيصر .. مجرد تساؤلات!

shaker-shubair

موقع إنباء الإخباري ـ
د. شاكر شبير:
في مباراتهم الأخيرة مع الأوروغواي، أبدى كثير من المحللين الأردنيين أنهم قادرون على تجاوز عقبتها! وكان كثير منهم يختلفون على تفاصيل نتيجة الفوز الأردني على الأوروجواي! كانت هذه التحاليل تصدر عن أماني أكثر من كونها تحليلات علمية موضوعية! وعندما تم سحق الفريق الأردني أمام الأوروجواي، بدأ المحللون يستردون وعيهم ويتذكرون أن الأوروجواي فازت بكأس العالم عام 1930، وقبل تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية! كما أنها انتزعت كأس العالم من البرازيل عام 1950 وعلى أرض البرازيل وبين جمهور البرازيل!
هنا نطرح بعض التساؤلات عن لقاء رئيس مخابرات حالي هو بندر بن سلطان، ورئيس مخابرات سابق هو القيصر فلاديمير بوتن.ـ

في البداية لا بد من وضع معايير موضوعية يتم الحكم من خلالها، فمثلا عندما يمنح شخص نفسه ألقابا لمجرد أنه قادر على منح نفسه هذا الألقاب .. هل يعني هذا عندها أنه يمتلك مهارات من استحق هذه الألقاب عن جدارة من خلال نظام معياري أثبت نجاعته الحقلية؟ فعندما يمنح أمير أو شيخ نفسه لقب مثل الفيلد مارشال الفريق أول أو المشير، فهل نتوقع أننا نقف أمام عبقرية روميل أو حتى مونتجمري، أم هي مجرد بناء أوهام وعلاج نفسي للتطلع للعظمة والأهمية؟! أسئلة تدور في الذهن عندما تسمع الفريق اول أو المشير في هذه الدولة العربية أو تلك!ـ

مدير المخابرات السعودية بندر بن سلطان يشد الرحال إلى موسكو لمقابلة فلاديمير بوتن مدير المخابرات (الـ كي جي بي)، ألذي أصبح قيصرا. وهناك تتم المباراة. بندر بن سلطان قفز من أعلى ليتم منحه مدير المخابرات السعودية، ذهب ليقابل رجل المخابرات المخضرم فلاديمير بوتين؛ الرجل تدرج من بدايات حياته المهنية في الكي جي بي على خط التماس الساخن بين الشرق والغرب؛ فقد عمل فيما كانت تسمى ألمانيا الشرقية، وهي خط التماس بين الشرق والغرب. كما أنك عندما تتكلم عن الكي جي بي فأنت تتكلم عن تاريخ عريق في الحروب الاستخباراتية، ومعرفة أسرار الدول من داخلها. بل هناك في الغرب من يدعي أن الكي جي بي هي من سربت أسرار القنبلة النووية من قلب مشروع مانهاتن الشهير! وما المكارثية إلا الهلع والخوف من اختراق الكي جي بي للبنية الأمريكية! وفوق هذا الذكاء الخارق للقيصر، فعندما يلعب يلعبها ضمن النظام وبطريقة منهجية ولا يفكر في تجاوزه كونه أمير أو سرقة وخداع. لقد تجاوز سقف مرتي الانتخاب كرئيس لروسيا من خلال تقلده منصب رئيس الوزراء لفترة بعدها عاد للترشيح للرئاسة وفاز بها، فكان الباصرة أو (الهاند) الذي رمى به على الطاولة. أليس هذا يعني أننا أمام مصارع هاوٍ رأى بسمة جون سينا فجرأته ليتحداه!ـ

هل لدى مدير المخابرات السعودية أي معرفة بتاريخ روسيا العريق وجزئياته كونت عقلية الروسي المعاصر والرئيس بوتين؟ هل يعرف أن روسيا القيصرية مقابل الأزمة المالية التي كانت تواجهها، قامت عام 1867 بالضحك على ذقن العم سام (كما تصورت) وباعتها ألاسكا مقابل سبعة ملايين تقريبا، وهو بالتأكيد ما يشعرهم بالمرارة اليوم لهذا الحدث؟! فقد ذهبت السبعة ملايين وبقيت ألاسكا ارضا أمريكية، مكنت أمريكا من منافسة سيبيريته حتى على القطب الشمالي!ـ

هل يذهب بندر إلى قيصر روسيا وهو يعرف أي شيئا عنها، إذا كان الخبراء لديه مسموح لهم فقط أن يجيدوا قول: سم طال عمرك؟ وكيف يعدلون عليه وهو الأمير الذي يعرف أين مصلحة البلد، ولديه الحكمة للتحرك من أجلها؟ ألا يعني أنه يأتي بأوهام وشخصية رعاة البقر الزائفة التي لا يستطيع القيام بها ويوهم نفسه غرورا أنه يستطيع أن يقوم بها أمام القيصر الروسي، فيبني خططه الساذجة المبنية على أوهام شخصية غير موضوعية، مثل حبه لفريق تاكساس الذي يمثل نموذج رعاة البقر، فيتعامل مع القيصر من خلال نماذج تم تصميمها للأقوياء، مثل نموذج العصا والجزرة؟!ـ

في المقابل ألا يعرف بوتين رجل المخابرات السابق بالضبط دور السعودية في المنظومة المضادة للاتحاد السوفيتي والآن المضادة لروسيا، والتي كانت مجرد مخلب قط في العدوان على الاتحاد السوفيتي سابقا وعلى روسيا حاليا؟ من الحرب الأفغانية التي انتهت باستقلال أفغانستان وهو ما يعني تسليمها للناتو؛ فقد توقف الجهاد عندما تسلم الناتو افغانستان، إلى حرب الشيشان وداغستان إلى تفجيرات موسكو؟ ألا يعرف القيصر رجل الكي جي بي المال السعودي السائب وغير المراقب يتم صرفه هنا وهناك دون رقيب أو حسيب، وأن هذا المال كان وراءها؟ ألا يعرف بوتين تماما ما يمكن للمملكة القيام به وما لا تستطيع حتى لو ادعته؟! ألا يعرف بوتين تماما أن بندر يمكنه أن يجني مكاسب للولايات المتحدة والغرب، لكنه لا يمكنه تحميلهم مسؤليات من خلاله، فهو في مهمة شبيهة لمهمة جاسي جاكسون إلى صربيا!ـ

ثم أسأل هنا لو تم تخيير الولايات المتحدة أن تختار بين إيران أو السعودية حليفا، فمن تختار؟! إيران البلد الأقوى والقادر على أن يؤدي التزاماته كاملة في التحالف مهما كان طبيعة الالتزامات. أي أن لديه قيمة مضافة يضيفها لحليفه. بينما السعودية التي ليس لديها إلا المال أن تقدمه، فمن تختار؟ ألا يعني هذا أن بندر لا يعي ولا يدرك أنه يأتي للقيصر ليناقش أشياء أكبر من حجمه! ثم إذا كان بوتين قادرا على الاتفاق مع المدير الكبير، أي مع الإدارة الأمريكية، فلماذا يشغل نفسه بالعمالة التابعة لهذا المدير؟!ـ

وأضيف في التساؤل: ألسنا أمام روسيا بوتين التي تشعر بمرارة بيع القيصر لجزء من الوطن (ألاسكا)، هل من لديه هذا الشعور يبيع وضعه التحالفي؟ أم أننا ما زلنا أمام مشهد روسيا القيصرية التي باعت ألاسكا، فخسرت؟ حتى الجزرة التي يقدمها بندر، ألا يعرف القيصر بوتين تماما أن الجزرة التي يقدمها بندر لا يملك قرارها، وهي جزرة وهم؟ ألم تقل سفيرة الولايات المتحدة في القاهرة من أشهر أنه حتى مئات الملايين يمكن للسعودية التصرف بها وما زاد عن ذلك لا بد من الرجوع لواشنطن؟! ألا يعلم رجل المخابرات السابق وقيصر روسيا أن السعودية لا تملك أي قوة في التأثير عليها في مجال الغاز مثلا سواء من حيث الجغرافيا أو حجم المخزون أو الاستقرار السياسي، فأي عصا يمكن أن يلوّح بها بندر أمام القيصر بوتن؟ ألا يعرف بندر أن القيصر يعرف كيف يضع كل تهديد أو تلميح في خانته من القانون الدولي الذي لا يعرف بندر إلا قشوره، وهو ما يذكرني ـ إن حدث ـ بغباء فضل شاكر عندما تفاخر أمام الكاميرا بقتل اثنين كما قال فطايس، فكانت كافيه لإدانته وحكم عليه بالإعدام؟!ـ

ويبقى سؤالي الأهم: ألا يوجد رجل حكيم في المملكة قادر على ايقاف تحركات بندر الساذجة واستعراضاته الهوليوودية الجوفاء التي لن تغير من المخرج النهائي للفتنة على أرض الشام، فيوقف شلال الدم السعودي على أرض الشام ويحافظ على الدولة السعودية من السقوط الذي تقود سياسات بندر إلى حتميته! مجرد سؤال ستكشف الأيام القادمة عن إجابته؟! وقد كنت حقيقة أتوقع أن يقوم بهذا الدور الأمير سلمان، لكن علمت بمرضه ـ شفاه الله.ـ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.