زلزال سوريا: تفنيد الدعاية المضلّلة “للمعارضة”
موقع الخنادق-
مروة ناصر:
وجدت ما تسمى “المعارضة” في سوريا في الكارثة الإنسانية التي أحدثها الزلزال الكبير والتي راح ضحيتها حتى الساعة أكثر من 3000 سوري وأبقت آلافًا آخرين تحت الأنقاض وسط مشاهد إنسانية صعبة، الفرصة لإطلاق حملة إعلامية تضليلية ضد دمشق والرئيس بشار الأسد، هدفها سياسي خارجي ليس الا. فيما الواقع شيء آخر:
معبر “باب الهوى” مفتوح لتمرير المساعدات
ادعى الاعلام الداعم لما يسمى “المعارضة” والجماعات المسلّحة في سوريا أن دمشق تعرقل دخول المساعدات الى المناطق الخارجة عن سيطرتها في الشمال عبر التحكّم بـ “المعبر الوحيد” هناك. علمًا أن معبر “باب الهوى” والمعابر الحدودية مع تركيا في إدلب لا تخضع لسيطرة دمشق. كما دحض تصريح لرئيس “هيئة التفاوض السورية” بدر جاموس أنه “بعد التواصل المستمر مع الحكومة التركية تم السماح بإدخال المساعدات من معبر باب السلامة والراعي بالإضافة لباب الهوى المدخل الرئيسي”، وذلك يوم أمس بعد مرور أكثر من 48 ساعة على وقوع الزلزال وبدأ عمليات الإغاثة.
ومطلع الشهر الماضي دخلت شاحنات تحمل مساعدات إنسانية أممية إلى محافظة إدلب عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا وفق آلية إدخال المساعدات الأممية. وتحدث مراسل قناة “الجزيرة” عن “استمرار حركة الدخول عبر معبر باب الهوى الاعتيادية للقوافل التجارية ودخول المرضى والحالات الإنسانية الحرجة”. وأوضحت القناة أن قرار مجلس الأمن الدولي “يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى من دون إذن من النظام السوري”.
دمشق تمدّ يد المساعدة للمناطق الخارجة عن سيطرتها
زعم الاعلام الآخر أن دمشق منعت المبادرات الفردية و”المجتمعية” من العمل وقيّدت حركتها خاصة في مناطق سيطرتها، فضلًا عن ادعاءات حول حصر دمشق التبرع العيني والنقدي في مراكزها. فيما صرّح مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بسّام صباغ منذ الساعات الأولى على وقوع هذه الكارثة الإنسانية أن ” سوريا مستعدة للعمل مع كل من يرغب بتقديم المساعدة للسوريين من داخل سوريا، والوصول من داخل سوريا متاح، وعلى من يرغب بالقيام بذلك التنسيق مع الحكومة السورية”. وأضاف أن ” سوريا مستعدة للتنسيق مع الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية لكل السوريين في كافة أرجاء البلاد”.
وقد نزلت جمعيات أهلية ومدنية الى جانب الفرق السورية ومنها ” مؤسسة سورية بتجمعنا”، وجمعية “صامدون”، وغيرها التحقت خلال الساعات الأخرى.
وفي وقت رفضت فيه ميليشيا “قسد” إرسال سيارات إسعاف وغيرها من المعدات الثقيلة، لمساعدة المحافظات السورية المنكوبة خضوعًا لما يسمى “قانون قيصر” الذي يحاصر سوريا، فّإن المؤسسة السورية للتجارة قد أعلنت عن “تجهيز قافلة جديدة من المساعدات في الإدارة العامة بدمشق وإرسالها إلى المتضررين من الزلزال في محافظة حلب”، بمعنى أنها لم تحصر المساعدات في مدينة حلب فقط التي تخضع لسيطرة دمشق. بل إنّ المحافظة تشمل أيضًا ريف حلب الذي تنتشر فيه الجماعات الإرهابية المسلّحة.
كذلك أعلن رئيس الهلال الأحمر السوري خالد حبوباتي “إن المنظمة مستعدة لإيصال المساعدات الإغاثية لجميع مناطق سوريا بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وحث الأمم المتحدة على تسهيل الأمر. وقال في مؤتمر صحفي “ما عندنا فرق بين أي واحد من الشعب السوري، نحن الهلال الأحمر العربي السوري لجميع فئات الشعب السوري”. وتابع “نحن على استعداد لإرسال قافلة مساعدات عبر الخطوط إلى المناطق المنكوبة في إدلب. يفتحوا المعارضة لنا طريق واحنا مستعدين نروح ما عندنا مشكلة بهذه القصة”.
خطة التحرّك الطارئة
اتهم الاعلام الداعم للجماعات الإرهابية المسلّحة الحكومة السورية بـ “ضعف الاستجابة للكارثة، وتخبط العمل الإغاثي”. فيما ترأّس الرئيس السوري بشّار الأسد اجتماعًا طارئًا عقب وقوع الزلزال ووضعت الحكومة خطة التحرّك الطارئة تقودها غرفة عمليات مركزية تعمل على مدار الساعة.
وقد أوصى بـ
_ استنفار كافة الوزرات والمؤسسات والجهات المعنية.
_ استنفار كافة الفرق والإمكانات لدى الدفاع المدني والاطفاء والصحة وشركات الانشاءات العامة وكافة المؤسسات الخدمية للقيام بعمليات إنقاذ الأرواح.
_ توجيه كل المحافظين لحشد كل الإمكانات في القطاعين العام والخاص وتعبئة كافة الآليات للإنقاذ والمساهمة في رفع الأنقاض.
_ تأمين الرعاية الصحية العاجلة لكل المصابين في مختلف المحافظات واستنفار الكوادر الطبية.
_ تأمين أماكن الإيواء والغذاء للمتضررين بشكل عاجل، وتأمين المشتقات النفطية لتزويد العمليات الفنية الطارئة في جميع المحافظات المتضررة.
_ توجيه وزارة التجارة الداخلية لتوفير المواد الغذائية الضرورية لمواقع الإيواء واستنفار كوادها لأداء هذه المهمة بشكل دقيق وسريع.
وفي الساعات الأولى عقب الاجتماع تم تجهيز 1250 سلة مساعدات غذائية لمراكز الإيواء في المحافظات المتضررة من الزلزال مقدمة من نقابة الأطباء. بالإضافة الى تشكيل فرقاً تطوعية طلابية من الدراسات العليا الطبية والهندسية لمساعدة المحافظات المتضررة من الزلزال، وذلك بعد تأمين الدعم اللوجستي والتجهيزات الطبية اللازمة، كما جهزت جامعة دمشق دار ضيافتها لاستقبال المتضررين من الزلزال.
كما قدّم الاتحاد السوري لشركات التأمين 65 مليون ليرة سورية للمتضررين من الزلزال في محافظات حلب واللاذقية وحماة. الى جانب ذلك قدّمت وزارة التجارة الداخلية الخبز والمساعدات الاغاثية والسلل الغذائية للمتضررين. وتحدّثت وكالة “سانا” السورية احصائيات العمل اليومي والتقديمات الاغاثية وحجم الدعم والانفاق من أجل استمرار عمليات الإنقاذ ومساعدة المتضررين.
“قيصر” حاصر المساعدات الإنسانية والاغاثية
عمل الاعلام الداعم لما يسمى “المعارضة” والجماعات المسلّحة وفق الأجندة الأمريكية والغربية التي تدعي أن العقوبات المفروضة على سوريا لا تشمل المساعدات الإنسانية، فيما يحظر “قانون قيصر” على أي جهة تتعامل مع الدولة السورية أو تقدّم لها التمويل، أيّاً كانت أشكاله، وفي مجالات عدة، خاصة تلك التي تتعلق بمشاريع البناء والهندسة، وصناعة الطاقة، وقطاع النقل الجوي.
وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا، المصطفى بن المليح أن “العقوبات على سوريا تضر بالعمل الإنساني فيها، كما منعت من وصول مساعدات مادية بملايين الدولارات للمتضررين من الزلزال”. وعلى سبيل المثال أغلق موقع “GoFundME” حملة التبرعات التي أُقيمت لعم المتضررين من الزلزال في سوريا، بعدما تم جمع حوالي الـ 15 ألف يورو خلال أقل من 12 ساعة، وذلك بسبب خضوعها لتهديد العقوبات الأمريكية وزعم القائمون على الحملة أنهم “يريدون التأكد من أن المساعدات لن تذهب للنظام السوري”.
بالإضافة الى مسلسل الأكاذيب والتضليل، عمد هذا الاعلام الى التفريق بين الضحايا في مختلف المناطق السورية، اذ فرّق ما بين أعداهم في ما أطلق عليه “مناطق المعارضة” و”مناطق نظام الأسد”.
تستمر دمشق بتحمّل المسؤوليات لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية الصعبة التي حلّت منذ يومين، وقد وقفت الى جانبها دول عديدة كسرت حصار “قيصر”، عبر إرسال شحنات من المساعدات على مختلف أنواعها ووضع فرقها الطبية والهندسية في خدمة الشعب السوري في مختلف المحافظات المتضررة، وفي مقدمتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولبنان والعراق والجزائر وغيرهم.