روسيا ستقلب ’قواعد اللعبة’
وعليه، يمكن القول ان روسيا الآن تخوض حربا فعلية، سياسية وعسكرية واستراتيجية عامة، وليس حملة إعلامية. ولائحة المتهمين المفترضين واسعة جدا، تمتد من سيد البيت الأبيض الى اصغر حمال في مطار شرم الشيخ. ومن شبكة داعش المتعاونة مع المنظمات الإرهابية والمعارضة السورية الخائنة والمافيا الدولية، الى مختلف جنسيات المخابرات ذات المصلحة في ضرب روسيا واضعافها، الى مكاتب السفر والسياحة، الى المطارات والمرائب الميكانيكية للطيران التي سبق ان حطت فيها الطائرة، الى المعارضة والجواسيس والخونة في روسيا ذاتها.
وقد اعلن الرئيس فلاديمير بوتين من منتجع سوتشي، ان روسيا ستطور منظوماتها الخاصة بالقوة الضاربة النووية، القادرة على تدمير جميع أنظمة الدروع الصاروخية المضادة للصواريخ. وقال ان الولايات المتحدة الاميركية وحلفاءها تابعوا بناء ونشر مكونات الدرع الصاروخية الدولية و”للأسف لم يأخذوا في الاعتبار مخاوفنا، واقتراحاتنا للتعاون”. واكد بوتين “وقد اشرنا مرات عديدة الى اننا ننظر الى مثل هذه النشاطات بوصفها محاولات للاخلال بالتوازن في القطاع الصاروخي ـ النووي، وفي الواقع تقويض نظام الاستقرار الإقليمي والدولي”.
واضاف “ان الحديث عن الخطر النووي الإيراني والكوري الشمالي لم يكن سوى حجة لاخفاء الحقيقة. والهدف الحقيقي هو تحييد القدرات النووية الستراتيجية للبلدان الأخرى، وقبل كل شيء روسيا. وبالتالي فإن هدفهم هو الحصول على امتياز التقدم الحاسم، بكل ما ينجم عن ذلك من عواقب”. “لقد قلنا مرارا ان روسيا سوف تتخذ التدابير الضرورية لتدعيم قدرات قواتها الاستراتيجية النووية، ونحن سوف نعمل على تطوير أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ، وتطوير المنظومات الضاربة”.
روسيا بالمرصاد
ويستدل من كلام الرئيس الروسي انه بسبب سياسة الكيل بمكيالين والاكاذيب التي تعتمدها اميركا وحلفاؤها، وخصوصا فيما يتعلق بدعم المنظمات الإرهابية في سوريا وغيرها، بحجة دعم “المعارضة المعتدلة” و”نشر الديمقراطية”، والاستمرار في نشر الدرع الصاروخية في إسرائيل وتركيا وأوروبا، وأخيرا وليس اخرا الجريمة الكبرى المتمثلة في اسقاط الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء والشكوك الكبيرة حول ضلوع المخابرات الغربية والإسرائيلية في ارتكاب هذه الجريمة ضد الإنسانية، فإن روسيا لن تكون بعد اليوم حريصة على تطبيق اتفاقات الحد من تطوير الأسلحة الاستراتيجية النووية والصاروخية، التي سبق ووقعتها مع الولايات المتحدة الأميركية، وخصوصا فيما يتعلق بالصواريخ متوسطة المدى، التي يتجاوز مداها 500 كلم كما هي منظومة صواريخ “إسكندر” (S-300)، التي ارعبت أوروبا حين وضعتها روسيا على الحدود البولونية في مقاطعة كالينيغراد، لدى بدء الازمة الأوكرانية.
وقد وضعت الآن في المناوبة القتالية منظومة صواريخ (S-400)، التي يتراوح مداها بين اقل واكثر من 500 كلم. ومعلوم ان منظومة صواريخ “إسكندر” قادرة ليس فقط على مواجهة واسقاط جميع الطائرات والصواريخ المعادية، بل واقتلاع منظومة الدرع الصاروخية من جذورها وتصفية قواعدها تصفية تامة، واذا ما كانت محملة ببعض الرؤوس الحربية النووية فإنها تقضي قضاء تاما على أي منطقة توجه ضدها وتحولها الى قاع صفصف لا يبقى حتى بوم ينعب فيه.
كل خيوط الإرهاب تقود الى واشنطن
من أفغانستان، الى احداث 11 أيلول 2001 في اميركا، الى العراق وسوريا ولبنان وروسيا وانجلترا واسبانيا وفرنسا وغيرها… ومن تشكيل القاعدة حتى الاختفاء الغامض (مسرحية القتل؟؟؟ المشكوك فيها) لبن لادن… ومن “الربيع العربي!!!” الى الظهور العجائبي لدولة داعش، وتشكيل التحالف الدولي الذي كان هدفه الفعلي ـ بحجة المحاربة الصورية لداعش ـ تحويلها الى دولة فعلية على الأرض ينبغي مفاوضتها ومهادنتها والاعتراف بها، وهو ما اضطر روسيا للتدخل العسكري المباشر لمنع تكريس وجود هذه “الدولة!!!”… والان: من تفجير الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء… الى تفجيرات لبنان الأخيرة… الى تفجيرات باريس… فإن كل خيوط العمليات الإرهابية تبدأ من واشنطن، وتنتهي في واشنطن. فالارهاب تحول الى “سياسة دائمة” او “أداة استراتيجية رئيسية” للدولة الأميركية، بمواجهة الاتحاد السوفياتي سابقا، وبمواجهة روسيا حاليا، والى جانبها طبعا بمواجهة حركات التحرير وجميع الدول المستقلة في العالم، بما فيها الدول الحليفة والصديقة لاميركا، لان اميركا لا تريد حلفاء وأصدقاء، بل تريد أنظمة عميلة تأتمر بأوامرها، وتريد السيطرة على الأسواق العالمية، والاستيلاء على جميع البلدان، بشعوبها او بدون شعوبها، ووضع يدها على الأرض، والاستئثار باستغلال خيراتها الطبيعية.
و”الدولة” الوحيدة التي تريد اميركا المحافظة عليها، ومساعدتها على التوسع، وأخيرا الاتحاد معها والاندماج بها هي: إسرائيل.
اميركا تريد السيطرة على الفضاء
ومؤخرا صوتت الولايات المتحدة الأميركية ضد مشروع قرار اتفاقية دولية بأن لا تكون الدول الموقعة عليه هي الأولى التي تبادر الى وضع سلاح في الفضاء الكوني، وهو المشروع الذي صاغته روسيا بالاشتراك مع 25 دولة أخرى، وتقدمت به الى اللجنة الموسعة المختصة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومع ذلك حصل المشروع على الأغلبية، إذ صوتت الى جانبه 122 دولة، وامتنعت عن التصويت 47 دولة، اغلبيتها أوروبية، في حين صوتت ضد المشروع: جورجيا، أوكرانيا، إسرائيل وطبعا اميركا.
كما تم التصديق على مشروع قرار بتجنب سباق التسلح في الفضاء الكوني، وأيدت المشروع 173 دولة، وعارضته دولتان هي بالاو وأميركا وكيان العدو.
ويستند هذان المشروعان الى مشروع قرار كانت قد تقدمت به الى الجمعية العامة روسيا والصين سنة 2014.
ويقول الخبير اناطولي تسيغانوك، رئيس “مركز التوقعات العسكرية” في موسكو: “من المعروف منذ 15 سنة، ان الاميركيين يعملون على تجهيز وسائل حربية للهجمات الفضائية. ويبدو انهم يخططون الان لادخال أسلحة الى الفضاء. ولهذا فهم يعارضون الان صدور هذا القرار من الأمم المتحدة الذي يمنعهم من ذلك. وانا اعتقد انه ينبغي على روسيا ن تطرح هذه المسألة امام مجلس الامن التابع للأمم المتحدة”.
روسيا تقلق العسكريين الاميركيين
هذا وقد اطلقت روسيا قمرا اصطناعيا عسكريا في المدار الأرضي يسمى “كوسموس ـ 2504″، مما اثار قلق قيادة القوات الجوية الأميركية كما كتبت مجلة Spacenews. اذ ان المواصفات الفضائية لهذا الجهاز أجبرت العسكريين الاميركيين على الافتراض انهم امام سلاح روسي مضاد للاقمار الاصطناعية.
ان روسيا تمتلك القدرات الدبلوماسية، والمالية، والإعلامية، والاقتصادية، والتسلحية، والعلمية، والمخابراتية، في الأرض، والجو والفضاء، لان تحصي على اميركا أنفاسها، وتترصد كل تحركاتها، وتمنعها من تهديد سلامة واستقرار العالم، وترد لها الصاع صاعات، وتقتلعها من الخريطة هي ومن يحالفها اذا اقتضى الامر!
وانطلاقا من تاريخها العريق الذي يتصف بالنزعة التحررية، فإن روسيا تنتهج سياسة استنهاض جميع شعوب وبلدان العالم ـ أيا كان نظامها الاجتماعي والسياسي وانتماؤها الديني والمذهبي ـ لان تدافع عن استقلالها ومصالحها القومية، بوجه العنجهية وسياسة الهيمنة الأميركية.
ولا شك ان روسيا، التي قدمت عشرات ملايين الشهداء في مواجهة النازية، التي لم تكن سوى صنيعة لليهودية العالمية والامبريالية الأميركية، لن ترعبها أي تضحية في مواجهة المنظمات الإرهابية، الصنيعة الجديدة لليهودية العالمية والامبريالية الأميركية، وسيتم سحق هذه المنظمات كما تم سحق النازية.