روسيا تكثف وجودها العسكري في القرم وتحشد قواتها على حدود اوكرانيا
صوفيا ـ جورج حداد –
موقع العهد الإخباري:
تجمع وكالات الانباء على ان روسيا مصممة على تعزيز وجودها العسكري في القرم بعد عودته الى الوطن الأم، غير آبهة لجميع الحملات المسعورة التي تشن ضدها في الغرب.
وقد نشرت وكالة انترفاكس الروسية تصريحا لناطق باسم وزارة الدفاع الروسية رفض الكشف عن اسمه، قال فيه ان برنامج تكثيف وجود القوات المسلحة الروسية في القرم يتضمن موضعة القاذفات ذات المدى البعيد من طراز TU-22M3 قبل سنة 2016، وكذلك طائرات الحراسة الجوية والبحرية والغواصات. وسيتم موضعة حاملة هيليكوبترات قبل سنة 2017.
وقال الناطق “دائما كانت توجد حاجة لمثل هذه الطائرات في الجنوب، والان حان الوقت لتعود الى هناك” كما كان في الحقبة السوفياتية.
وقد رفعت الاعلام الروسية فوق 193 من الوحدات والمواقع العسكرية في شبه جزيرة القرم، منذ ان تولت موسكو بالكامل الحماية العسكرية لشبه الجزيرة.
واعلن رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف انه جرت احتفالات في جميع الثكنات العسكرية في القرم لدى رفع العلم الروسي وإنشاد النشيد الوطني الروسي.
وتولت القوات الروسية السيطرة على اخر سفينة حربية في القرم كانت لا تزال ترفع العلم الاوكراني، وهي كاسحة الالغام “تشيركاسي”، التي تمت السيطرة عليها بعملية استخدمت فيها القنابل الضوئية ـ الصوتية واطلاق النار في الهواء، حسبما اوردت وكالة رويترز نقلا عن مصادر عسكرية اوكرانية. وكانت السفينة متمركزة في بحيرة دونوزلاف، وقد وقع فيها انفجار عطل محركها. وخلال العملية استخدم البحارة الاوكرانيون مضخات مائية في محاولة لرد المهاجمين، الذين كانوا يستخدمون زوارق سريعة. ولم تقع اصابات في اي من الطرفين. واشارت رويترز ان القوات الروسية استخدمت التاكتيك ذاته في انتزاع اخر السفن والقواعد العسكرية التي كانت لا تزال في ايدي الجنود الاوكرانيين في شبه الجزيرة. وكانت كاسحة الالغام قد حاولت الفرار في عرض البحر، ولكن الزوارق الروسية السريعة حاصرتها وسيطرت عليها.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية ان القوات الروسية وجهت “ضربة شديدة” للقوات البحرية الاوكرانية، حينما استولت على 12 من اصل 17 من السفن الحربية الاوكرانية وعدد كبير من الطائرات الحربية الاوكرانية. والسبب الرئيسي لذلك هو ان القوات البحرية الاوكرانية كانت تتجمع في القرم.
والان تتجمع ست سفن حربية اوكرانية في مرفأ اوديسا. وفي الوقت ذاته فإن العسكريين الاوكرانيين الذين لم يختاروا الانضمام الى الجيش الروسي، اخذوا يغادرون القرم مع عائلاتهم. ولكن لم يسمح لهم بنقل اسلحتهم، بل اغراضهم الشخصية فقط.
وحسب تقديرات شخصيات رسمية اوكرانية فإن حوالى نصف العسكريين الاوكرانيين في القرم قد انتقلوا الى الجانب الروسي. اما وزير الدفاع الاوكراني السابق إيغور تينيوخ الذي قدم استقالته في الاسبوع الماضي، فيقول ان 4300 فقط من اصل 18800 عسكري اوكراني في القرم عبروا عن رغبتهم في الانسحاب والبقاء في صفوف الجيش الاوكراني. اما المصادر الروسية فتقول ان عدد المنسحبين لا يتجاوز الـ2000 عسكري اوكراني.
هذا وبالرغم من رفض الدول الغربية الاعتراف بشرعية الاستفتاء الذي تم في القرم في 16 اذار للانضمام الى روسيا، وبالرغم من كل الحملة الدعائية المحمومة ضد روسيا، والادعاء بأنها قامت بضم القرم بالقوة، فإن حلف الناتو لم يجرؤ ان يحرك اصبعا ضد القوات المسلحة في القرم التي اصبحت جزءا لا يتجزأ من الجيش الروسي. وبهذا الصدد كتبت جريدة “دايلي تلغراف” البريطانية ان عجز الناتو سيشجع مناطق اخرى تقطنها مجموعات روسية على المطالبة بالعودة الى الوطن الام روسيا. وحسب بعض التقديرات فإن عدد الروس الذين يعيشون في اوكرانيا يبلغ 27 مليونا. كما يجد جيب روسي كبير في جمهورية مولدوفا هو جيب بريدنيستروستروفيه. وهناك مجموعات روسية كبرى في جمهوريات البلطيق استونيا وليتوانيا ولاتفيا، تطالب ايضا بالعودة الى الوطن الأم.
وقد حذرت المخابرات الاميركية البيت الابيض من انه يوجد احتمال كبير ان تقوم القوات الروسية بالدخول الى اراضي اوكرانيا القارية، حسبما اذاعت بي بي سي.
وحسب معلومات المخابرات الاميركية والاوروبية الغربية فإن روسيا حشدت قوات يبلغ تعدادها 30 الفا على حدود اوكرانيا الشرقية، التي تقطنها أغلبية روسية تطالب باجراء استفتاء على غرار استفتاء القرم للانضمام الى روسيا الفيديرالية. وهناك تقديرات بأنه يوجد زيادة ملحوظة في عدد القوات الروسية على الحدود مع اوكرانيا، بالرغم من انه يجري ايضا التبديل الروتيني لبعض الوحدات. وحسب معلومات المخابرات الغربية فإن القوات الروسية على الحدود الاوكرانية تشمل وحدات نظامية تقليدية من المشاة والآليات المدرعة، وقوات الطيران المساندة. كما ان هناك مجموعات من المتطوعين والقوات الخاصة، ترتدي ازياء عسكرية بدون شارات مميزة. ويقول بعض المراقبين ان هذه الوحدات تتألف على الارجح من الاوكرانيين من اصل روسي الذين غادروا اوكرانيا، ويبلغ تعدادهم عشرات الآلاف، وانضم قسم كبير منهم الى الجيش الروسي.
وبخصوص الحشود الروسية على الحدود الاوكرانية، وفي مقابلة حية له على الاثير الالكتروني مع المنظمة النافذة المسماة “المجلس الاطلسي” في واشنطن، صرح رئيس مجلس الامن القومي الاوكراني اندريه باروبيي ان روسيا تحشد 100 الف جندي على الحدود مع اوكرانيا.
وتبعا لاقوال باروبيي فإن الجيوش الروسية تحتشد على الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية لاوكرانيا، وهي في حالة جهوزية قتالية للدخول الى الاراضي الاوكرانية. وأكد قائلا “اننا ننتظر هجوما مكثفا على اراضي اوكرانيا القارية في كل يوم، وكل ليلة”.
واضاف ان موسكو ستحاول ان تعرقل اجراء الانتخابات الرئاسية في اوكرانيا في 25 ايار القادم. ودعا “الشركاء” الغربيين لتقديم الدعم العسكري لاوكرانيا، واقترح اجراء مناورات مشتركة في اقرب وقت.
ووفق تصريح ناطق باسم الادارة الاميركية، رفض الكشف عن اسمه، يوجد تقرير سري للمخابرات الاميركية، يقول ان المناورات التي تجريها القوات الروسية على الحدود الاوكرانية هي شبيهة بالعمليات العسكرية التي سبق ان قام بها الجيش الروسي في الشيشان وجورجيا.
وقد ارسل بعض السيناتورات الجمهوريين رسالة الى الرئيس اوباما عبروا فيها عن القلق العميق حيال تطور الاحداث.
وتعتبر لجنة القوات المسلحة في الكونغرس انه توجد مخاطر حقيقية من ان تتوجه موسكو نحو “احتلال” شرقي وجنوبي اوكرانيا، وان تتحرك نحو بريدنيستروستروفيه في مولودوفا، وان تحاول “الاستيلاء” على اراضي جمهوريات البلطيق.
واجتمع الرئيس الاميركي باراك اوباما مع السكرتير العام لحلف الناتو اندريس فوغ راسموسين وطلب منه ان يكثف الحلف حضوره العسكري في اوروبا الشرقية ربطا بأزمة اوكرانيا. واعلن راسموسين “أؤيد دعوتكم لاتخاذ اجراءات اضافية لتشديد دفاعنا المشترك” وخاصة في نطاق “المناورات التدريبية” و”انتشار الجيوش”. واضاف ان الناتو سوف يقوي تعاونه العسكري مع اوكرانيا وسوف يساعدها على تحديث قواتها المسلحة، حسبما جاء في وكالة اسوشيتد برس.
ولكن اوباما استبعد امكانية التدخل العسكري الاميركي في اوكرانيا، التي هي ليست عضوا في حلف الناتو، وبالتالي لا يشملها اتفاق الدفاع المشترك الخاص بالحلف.
وسوف يجتمع وزراء خارجية الدول الـ28 الاعضاء في حلف الناتو في بروكسل للبحث في الاوضاع في اوكرانيا.