#روسيا #بوتين و #قاديريوف و #فلسطين ووشائج التاريخ
موقع إنباء الإخباري ـ
الشيخ محمد التويمي*:
قبل خمس سنوات تبرّع السيد رمضان قاديروف رئيس جمهورية الشيشان الروسية بمبلغ مالي كافٍ لتشييد مسجد كبير في قرية أبو غوش الفلسطينية شمال غرب مدينة القدس المحتلة، ما أعاد إلينا أريج تاريخ العلاقات الناصعة الروسية الفلسطينية والعربية الروسية التي ترسخت بتضامن مشترك لمن يفقهون، وها هي تتجمل اليوم ومنذ بداية التاريخ المُمتع للعلاقات الثنائية الفلسطينية الروسية بكل معاني الإخلاص المتبادل والصداقة الحق والمنفعة المتساوية والندية..
ربما قليلون من العرب يَعرفون ان الرئيس الشيشاني رمضان قديروف هو الذي إفتتح بنفسه المسجد في القرية، فقد حضرن الى فلسطين برفقة زملائه المخلصين من الشيشان والروس، وقد سُمّي المسجد بقرار من المجلس المحلي للبلدة على إسم والده ورئيس الشيشان السابق المرحوم “الحاج أحمد قديروف”، الذي قُتل غيلة وإرهاباً في انفجار سيارة مفخخة العام 2004 بيد إرهابيين إنفصاليين شيشان تبرأ منهم شعب الجمهورية والعالم، والعرب والمسلمين في طليعتهم.
هذا المسجد أصبح أكبر مسجد في بلدة عربية في مناطق 1948، إذ تبلغ مساحته حوالي خمسة آلاف متر مربع، وله 4 مآذن، طول كل منها 46 متراً. كما أن المسجد أكبر مسجد بعد مسجدي الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة في مدينة القدس الحبيبة. وهو يتسع لأكثر من 3 آلاف مصل. وكلّف بناؤه نحو 10 ملايين دولار، وتقول معظم المصادر الاعلامية ان جمهورية الشيشان تبرعت بكامل كُلفة إقامته، واخرى تشير الى ان الشيشان دفعت معظمها. وقد شارك فنانون أتراك ومعماريون حاذقون بالعمل في المسجد تبرعاً، لأجل وضع رسومات آخاذة وفن إسلامي جميل على جدرانه.
وأذكر خلال افتتاحه المهيب، كيف تحدثت وسائل الإعلام عن هذا الحدث الفريد من نوعه في “الشرق الاوسط” والعالم، إذ زُيّنت شوارع أبو غوش بالأعلام الشيشانية والروسية، حتى ليعتقد المرء بأنه حاضراً في روسيا وجمهورية الشيشان الجميلة التي أتوق لزيارتها إن أكرمني الله بذلك بجهود اصدقائنا الروس والشيشان الذين يقرأون مقالاتي عن روسيا الصديقة. قاديروف إستُقبل أنذاك بعزف موسيقى الكشافة وشبّان ركبوا الخيول وأطفال هتفوا بعيون دامعة: “شيشان – أبو غوش – وحدة للأبد”.
والطريف في أمر المسجد، ان تشييده جاء تلبية روسية سريعة لطلب وصلها من سكان بلدة أبو غوش، الذين يعتبرون أنفسهم متحدّرين من بلاد الشيشان في القرن السادس عشر.
وكانت الكلمات التي خَطب بها الرئيس قاديروف جموع المصلين والمحتفين بالمسجد متميزة ورسخت في القلوب والعقول، فقد أشار للحضور بأنهم و “منذ هِجرَتكم من أرضكم ما كان بامكان الشيشان إعلان قوميتهم، إلا قبل 11 عاماً بفضل الحاج الشهيد أحمد قديروف، الذي أسس دستور الشيشان، ومنح حياته قرباناً لهذا الهدف، وأصبح بامكاننا إن نُعلن للعالم إننا شيشان مسلمون”.
لقد ربط مسجد قاديروف فلسطين بروسيا من جديد وأعاد ذكريات “أرباط” الشهير وخيله، واستحضر وشائج اللُحمة الأبدية بين شعبينا. لذلك، فإن صداقة فلسطين وروسيا لم ولن تمحى، فالتاريخ يَعرض علينا الكثير الكثير من محطات النضال المشترك بين البلدين والشعبين، وكيف ان روسيا وقفت وماتزال تقف في عهد بوتين حالياً ومع قاديريوف وغيرهما من رؤساء الجهوريات الروسية، ومنها تلك العديدة ذات الطابع الاسلامي، الى جانب فلسطين وقرار استقلالها وسيادتها وتحرير شعبها من قيوده، ونحن كعرب وفلسطينيين لن ولا ننسى ما تقدمه روسيا إلينا من مساهمات ومساعدات جليلة، وقد لا يعرف بعض العرب بها لكون وسائل الاعلام الروسية ضعيفة في وصولها إلينا وانتشارها بيننا، وهي حقيقة واقعة، ولأن غيرها من تلك الوسائل المناهضة لروسيا نشطة جداً وخبيثة وتعمل على طمس الحقائق الروسية نحو فلسطين وتسويد صفحتها، لكن من أبو غوش الصغيرة مساحة والكبيرة بحُلمها الفلسطيني الروسي انطلقت قبل خمس سنوات كلمة الحقيقة وعلت روسيا في سماء القرية وبلادنا لتعود الصداقة معها راسخة وأبدية ولا يهزّها ريح عاتية ولا عاصفة خصم هوجاء، فقد صار شعبنا يُدرك ان روسيا ستبقى معنا كتفاً الى كتف كما كان أمرها منذ بدايتها، فروسيا وفلسطين لن تتباعدان، ولا تنقسمان إلا على بعضهما بعضاً.
*كاتب من الولجة (القدس)، وعضو ناشط ومسؤول الاذاعة والنشر في رَاَبِطَة الَقَلَمِيِّين الاَلِكْتْروُنِيّةِ مُحِبِّيِ بُوُتِيِن وَرُوسيِّهَ فِيِ الأُردُن وًالعَالَم العَرَبِيِ.