“روح البريكس” في قمة بكين غداً
صحيفة البعث السورية-
عناية ناصر:
ستستضيف بكين -وفقاً لوزارة الخارجية الصينية- قمة “البريكس” الرابعة عشرة في 23 حزيران الجاري، والتي ستُعقد بشكل افتراضي تحت شعار “تعزيز شراكة بريكس عالية الجودة، بداية عصر جديد للتنمية العالمية”. ومن المتوقع أن يظهر عدد كبير من بلدان الأسواق الناشئة، والبلدان النامية للعالم خلال القمة روح البريكس المتمثلة في “الانفتاح والشمول والتعاون المربح للجانبين”، على الرغم من الأوضاع غير المستقرة وغير الآمنة بشكل متزايد في الوضع الدولي.
وفي الوقت الذي تستمر فيه قضايا مثل جائحة كوفيد-19، والصراعات الإقليمية في زعزعة استقرار العالم، لم تظهر آلية دول “البريكس” عدم وجود تصدعات أو ضعف، بل أظهرت أيضاً حيوية أقوى، حيث يواصل التعاون في آلية “بريكس” في التوسع والتعمّق، ما يخلق جواً مشرقاً وإيجابياً، والمزيد من قوة “بريكس” في التنمية العالمية، وأيضاً المزيد من الطاقة الإيجابية في عالم مضطرب ومتغيّر.
تُعقد قمة “بريكس” أيضاً في ظل خلفية أعمق، حيث تدفع الولايات المتحدة حلفاءها الغربيين إلى “التمرد” ضد العولمة، وتركز سياسياً على قضايا التنمية العالمية، وتجعل القضايا الاقتصادية سياسية وأمنية، وتطيح بآلية العمل بسلاسة لتقسيم العمل العالمي، فآلية التعددية التي أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية تُقوّض بلا هوادة من قبل الولايات المتحدة، وذلك أصبح السبب لأزمات إقليمية مختلفة!.
ومنذ إنشاء آلية تعاون “بريكس” قبل 16 عاماً، قامت خمس قوى سوق ناشئة غير غربية بجهود كبيرة في التعاون متعدّد الأطراف بأساليب وأشكال ومبادئ غير غربية، وحققت نتائج ملحوظة في ذلك المجال. وهنا يجب التأكيد أن آلية “بريكس” ليست ما يُسمّى بالكتلة المناهضة للغرب، حيث ينظر البعض في الولايات المتحدة والغرب إلى آلية “بريكس” من هذا المنظور، وهي نظرة ضيّقة الأفق ونرجسية. ومنذ البداية، كان لدى دول “البريكس” رؤية واسعة، على أمل إيجاد طريقة أكثر شمولاً واستدامة للبشر للعمل معاً، وهذا هو حجر الأساس، حيث يمكن من خلال الالتزام بالانفتاح والتعاون المربح للجانبين اكتشاف عالم أوسع.
لقد أساءت الولايات المتحدة والغرب إلى سمعة دول “البريكس”، فمن وجهة نظرهم، لا يمكن تصور آلية تعاون “البريكس” منذ إنشائها إلى التنمية. إلا أن تعاون “بريكس” حطم تلك النظرة السيئة للولايات المتحدة والغرب. والآن، يظلّ الرأي العام الأمريكي والغربي صامتاً أمام قمة “البريكس”.
صحيح أن لدول “البريكس” الخمس أنظمة سياسية وثقافات تاريخية وقيماً مختلفة، لكن على الرغم من وجود بعض الاختلافات والخلافات الواقعية فيما بينها، إلا أن ذلك لم يمنع الدول الخمس من التلاقي والوصول إلى ما هي عليه الآن، فما تسعى إليه دول “البريكس” البحث عن أرضية مشتركة وحلّ الخلافات من خلال التعاون متبادل المنفعة والمربح للجانبين. وانطلاقاً من هذا المبدأ، أصبح التعاون بين دول البريكس أكثر صلابة. ففي عام 2021، بلغ إجمالي التجارة بين الصين ودول البريكس 490.42 مليار دولار، بزيادة سنوية قدرها 39.2 في المائة. كما تضاعف الرقم مقارنة بـ241.7 مليار دولار في عام 2016. وعليه لم يعزّز التعاون الاقتصادي والتجاري بين دول “البريكس” تنميتها الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل أصبح أيضاً محركاً مهماً لانتعاش الاقتصاد العالمي.
تتولّى الصين حالياً الرئاسة الدورية لمجموعة “بريكس” هذا العام، والذي يعتبر “عام الصين لبريكس”، حيث عقدت الصين بنجاح وبدعم نشط من جميع الأطراف، أكثر من 70 مؤتمراً وفعالية كرئيس لمجموعة “بريكس” منذ بداية العام، والتي تغطي مجالات تتعلق بالأمن، والاقتصاد، والتجارة، والتبادلات الثقافية، والتنمية المستدامة وكذلك الصحة العامة.
لقد شهد العالم خلال الأشهر الماضية قيام بعض الدول بإحداث ضجة كبيرة، والعديد من الإجراءات لإعاقة السلام والتنمية في العالم، وفي مثل هذا السياق، سيكون لقمة “البريكس” قيمة كبيرة.
تجدرُ الإشارة إلى أن سكان دول “البريكس” يشكلون 41 في المائة من إجمالي سكان العالم، ويساهمون بنسبة 24 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و18 في المائة في التجارة العالمية.