رفع سقف التهديد الأميركي ضدّ كوريا الشمالية
جريدة البناء اللبنانية-
رنا العفيف:
ماذا يعني تهديد الرئيس الأميركي جو بايدن لكوريا الشمالية بمحوها من الخارطة السياسية، والأخرى تحذر من أيّ مغامرة ضدها؟
مواقف اميركية لافتة تأتي قبل انقعاد قمة مجموعة الدول السبع في اليابان، والتي سيشارك فيها جو بايدن بحسب مصادر مطلعة من البيت الأبيض، وتصريحات نارية صاخبة موجهة لكوريا الشمالية وصفتها بينغ يانغ بأنها خطوة استفزازية ردّت عليها بإطلاق صواريخ بالستية تكتيكية ضمن مناورات متواصلة للجيش الكوري الشمالي…
الهدف من ذلك القول إنها على استعداد لأيّ مواجهة محتملة كنوع من رسالة حادة في حال أقدمت الولايات المتحدة الأميركية على أيّ اعتداء لا سيما بالنووي، فهل نحن أمام مرحلة جديدة من التصعيد في حال شنّ هجوم نووي استباقي للولايات بحق كوريا أو العكس؟
عندما تأتي تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن مماثلة لعبور بارجة أميركية تسير بالطاقة النووية في مضيق تايوان وبحر الصين بذريعة المشاركة في مناورات مع كوريا الجنوبية، فهذا يُترجم إلى أنّ الولايات المتحدة تطبّق استراتيجية وقف فرملة تمدّد النفوذ الصيني العالمي لأسباب عديدة أولها الدفاع عن كوريا الجنوبية باعتبار أنّ أحد أسلاف الرؤساء الأميركيين لبايدن تعهّد بذلك في مرحلة ما في حال كان تهديد واشنطن واضح المعالم من قبل كوريا الشمالية التي تستطيع أن تضرب أيّ مدينة اميركية ليس فقط بالصواريخ البالستية، بل قادرة أيضاً على تحطيم الرؤوس النووية من خلال توفير الردع النووي الذي تطالب به كوريا الجنوبية، وهذا الأمر ربما سيجعل الولايات المتحدة أن تكون أكثر حذراً وتأنّ، عدا عن موقف الرأي العام الذي يميل إلى كفة إدانة كوريا الشمالية…
في حقيقة الأمر نحن أمام تصعيد جدي من خلال الحفاظ على البوارج الاستراتيجية القادرة على حمل الرؤوس النووية في ظلّ الرسائل المتواصلة لكلّ من الطرفين في مسألة الصدّ والردّ، والمغزى هنا أنّ واشنطن تحاول إيصال رسالة تكتيكية للصين مفادها أنّ المواجهة المقبلة ستكون مختلفة تماماً، على الرغم من أن لا أحد منهم يريد الانخراط في هذا النزاع باعتبار هناك مصالح اقتصادية تربطهما، ولكن حاولت الصين أكثر من مرة احتواء الولايات عبر المفاوضات إلا أنّ واشنطن كانت تردّ بفرض العقوبات والتهديدات منها العسكرية ومنها السياسية، لا سيما أنّ الجميع يعلم انّ الصين لديها ليونة قد فعلتها هنا وهناك، وما لم يعلمه البعض أنّ خلف هذة الليونة إعصار يعصف في وجه أميركا التي تواصل استفزازها المستمرّ مع كوريا الشمالية التي طالبت واشنطن بالتعهّد في أكثر من مرة بعدم شنّ أيّ حرب، وبالتالي على ما يبدو واشنطن تريد التصعيد لغاية في نفسها غير مدركة الأضرار الجسيمة، خاصة أنها تتحدث مع دولة نووية مثل كوريا الشمالية التي باتت اليوم تملك 240 رأساً نووياً مع حلول 2027، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة لأنه يشكل قلقاً كبيراً لها، لذلك ربما واشنطن تتعهّد بسيناريوين أحلاهما مرّ، وقد يكون أحدهما عسكرياً، وهذا متوقع لطالما أميركا تريد حرب الوكالات مع تايوان التي ستخوض في مطلع 2025 انتخابات قد تستقلّ من خلالها، وهذا قد يتسبّب بتغيير في السياسة الأميركية وربما يؤدّي إلى دفع الولايات المتحدة لمهاجمتها عسكرياً.
إذن هذة التصريحات والتهديدات ربما هي مقدمة لشيء ما تواكبه كوريا الشمالية عن كثب وتدرك أن لا حلول سياسية مع واشنطن إنْ استمرت بنهجها العدائي لا سيما إذا كانت تحاول تطبيق استراتيجيتها على نحو يوازيه المزيد من التجارب النووية من قبل كوريا الشمالية إذا هاجمت جارتها الجنوبية وقد يكون لهذا التصعيد الميداني انعكاسات حساسة في المنطقة .