دروس وعبر…ما الذي ينبغي على أميركا تعلّمه من مهاجمة سفاراتها؟
صحيفة الوطن السورية ـ
صياح عزام:
بعد الهجوم على بعض السفارات الأميركية في بعض الدول العربية والإسلامية ولاسيما منها دول ما يُسمَّى الربيع العربي، انكب المحللون السياسيون والباحثون والكتاب الأميركيون على دراسة أسباب ذلك الهجوم ودوافعه وتداعياته المستقبلية، محاولين من خلال هذه الدراسة استنباط الدروس والعبر، ومن ثم معرفة ما الذي ينبغي على أميركا تعلمه من ذلك، وماذا يترتب عليها لمواجهة هذا الأمر؟
وقد جاءت هذه الدراسات تحت عناوين متنوعة، مثل: «ما الذي ينبغي على أميركا تعلمه من مسألة مهاجمة سفاراتها» و«دروس من مهاجمة السفارات».. الخ.
في هذا الإطار، نشر الكاتب الأميركي الصحفي «توني كارون» مقالاً في مجلة «تايم» بعددها الصادر يوم 14/9/2012 تحدث فيه عن مجموعة دروس استنبطها –على حد قوله- من الهجوم الأخير الذي حصل على بعض السفارات الأميركية وذلك على النحو التالي:
الدرس الأول:
الخوف من «العلم الأسود»
لقد كان التيار السياسي والمهيمن الذي انبثق من الربيع العربي في مطلع عام 2011 إسلامياً، ولوحظ أن الأعلام السوداء التي رُفعت على السفارات في بنغازي والقاهرة وصنعاء كان مكتوب عليها «لا إله إلا الله محمد رسول الله» ويرمز هذا العلم على حد قول الكاتب إلى «السلفيّة السياسية». وكان تنظيم القاعدة غالباً ما يرفع هذا العلم. كذلك من جهتها فوجئت الحكومات الغربية باستشراء «السلفية» في ليبيا وتونس ومصر وسورية حتى في غزة؛ هذه «السلفية» التي تعمل على تحدي الإخوان المسلمين الأكثر اعتدالاً.
وقد تنامت الحركة السلفية مؤخراً بسبب دعم المملكة العربية السعودية التي تعتبر مركزاً للفكر السلفي، ولم يكن السلفيون يتحدون العالم الغربي فقط، عندما صبّوا جام غضبهم على السفارة الأميركية، بل كانوا يتطلعون أيضاً إلى تنصيب أنفسهم حراساً للإسلام ضد الإخوان والأحزاب المصرية. ويشير كارون إلى أن السلفيين قد يشكلون التحدي الأكبر للإخوان المسلمين وليس الغرب فقط.
الدرس الثاني:
هو أن قادة مصر يهتمون أكثر بالداخل
نقل «كارون» عن [مارك لينش] أستاذ السياسة بجامعة جورج واشنطن قوله في أعقاب الهجوم على السفارة الأميركية في القاهرة «أنَّ رد فعل جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي يشير إلى أنهم أكثر اهتماماً في الوقت الراهن بمصلحتهم السياسية الداخلية لحمايتها من أي مزايدات من الجانب السلفي. ويرى كاتب المقال أن السلفيين يعتبرون تحدي الإخوان وتقويض سلطتهم من خلال إثارة الغضب إزاء الولايات المتحدة إستراتيجية ناجعة، والرؤية نفسها هذه تبنتها (جايتي كلاوسن) في مقال لها نشرته مجلة (فورين أفيرز) في عددها الصادر يوم 13 أيلول 2012، حين اعتبرت أن الرئيس مرسي والإخوان اهتموا بالحسابات الداخلية للأزمة أكثر من الخارجية، بالرغم من تعهد الرئيس المصري بتأمين البعثات الدبلوماسية.
الدرس الثالث:
ليبيا في طور التكوين
جاءت السرعة التي شجب بها قادة ليبيا الجدد الهجمات على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي وتعهدهم باتخاذ إجراءات صارمة ضد مرتكبيها، في تناقض مع الحالة المصرية، كما يرى كاتب المقال، بيد أن هذه الاستجابة الليبية والتعهدات لا تتناسب مع قدراتهم، لاسيما أن ليبيا تعاني من فراغ أمني يشغله مزيج من ميليشيات متنافسة منذ سقوط القذافي ونقل كارون عن (وليام لورانس) مدير مشروع شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية قوله: (لم تقم دولة ليبية بمعنى الكلمة حتى هذه اللحظة، ولا يوجد فيها جيش قوي أو شرطة فعالة مهيمنة.. والصراعات المحلية تترك قائمة هناك بدلاً من حلها).
الدرس الرابع:
العالم العربي يكره أميركا
أكثر من أي وقت مضى
تعجب الكثيرون من قول الرئيس (أوباما) يوم الخميس: إن مصر ليست حليفاً وليست عدواً، ويبدو أن هذا الوصف كان مريحاً إلى حد ما للرئيس (مرسي)، ولاسيما أن الجيش المصري وحكومة الإخوان المسلمين بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة ومساعدتها من أجل إرساء الاستقرار في مصر والنهوض بالدولة.
ووفقاً للمسح الذي أجراه مركز (بيوم) للأبحاث حول موقف العالم من الولايات المتحدة، والذي ظهرت نتائجه في شهر تموز، ينظر 79% من المصريين إلى الولايات المتحدة نظرة سلبية، على حين ينظر إليها 19% نظرة إيجابية وما يلفت النظر هنا هو أنه على الرغم من وعود أوباما بشأن إحياء مكانة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي، ارتفعت نسبة كراهية البلدان الإسلامية للولايات المتحدة عما كانت عليه في عام 2008 ومن ثم يرى كارون أن تبني الولايات المتحدة كحليف لا يزال رهاناً محفوفاً بالمخاطر سياسياً بالنسبة للقادة العرب الجدد.
الدرس الخامس:
المضي قدماً بحذر في سورية
من المرجح أن يكون مقتل الدبلوماسيين الأميركيين الأربعة في بنغازي قد حطم آمال الثوار السوريين بشأن إمكانية قيادة الولايات المتحدة التدخل الدولي لإسقاط نظام الأسد، تماماً كما فعلت في ليبيا.
التعليقات مغلقة.