خواطر “أبو المجد” (الحلقة المئة وواحد “101”)
موقع إنباء الإخباري ـ
الدكتور بهجت سليمان ـ سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن:
الحلقة المئة وواحد “101”
(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).
[ وَمَنْ ذا الذي، تُرْضِي سَجَايَاهُ كُلُّها كَفَى اَلْمَرْءَ، نُبْلاً، أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهْ ]
-1-
[ بين “الحالة الثوريّة”… و”الثورة المُضادّة” ]
· عندما كانت سوريّة الأسد، تقول، منذ نهاية “2010” وفي بدايات “2011”، حينما “انفجر” الموقف في تونس، كانت تقول: بِأنّ ما يُسَمَّى “الحالة الثورية” أو “عوامل الثورة” ليست متوافرةً في سوريّة، على الرُّغْم من وجود مُعاناةٍ معيشية وتضييقٍ أمني ووجودِ بُؤَرِ فسادٍ، هنا وهناك، ونزوع ِالأجيال الجديدة لِمزيدٍ من الحرية والديمقراطيّة..
وعندما كانت تقول، بِأنّ سوريّة، بِمَا فيها وَمَنْ فيها، ليست على أبواب “ثورة”… كانوا يستهجنون ويستنكرون ويسْخرون، لِأنّهُمْ كانوا على بَيِّنةٍ مِمّا حاكَهُ ونَسَجَهُ ورَاكَمَهُ أسـيادُهُمْ وأوْلِياءُ نِعْمَتِهِمْ، في مطابخِ الغَرْب الأمريكي والأوربّي.
· نَعَمْ، وألْفُ نعم، لم تَكُنْ سوريّة مُهيّأة لِقيام “ثورة” ولا لِقيامِ “انتفاضة”، وَهُمْ يعرفونَ ذلك جيّداً.. وَلَوْ كانتْ مُهَيّأةً لذلك، لَماَ كانَ أسـْيادُهُمْ، أعَدّوا العُدّةَ، منذ الشهر التّاسع من عام “2006”، لِتفجيرِ سوريّة من الدّاخل، ولَماَ كانوا حَشَدوا رُبْع مليون إرهابي متأسْلِمْ، عَبـْرَ السّنوات الأربع التي تَلَتْ ذلك، ونَشَرُوهُمْ في البلدان المجاورة لسورية.. حينما جَهّزوا خطّةً جهنّميّةً لِوَضْع اليد على سورية، وللخَلاصِ منها ومِنْ شعبهِا، إلى الأبد.. وعندما اعتمدوا على مئات آلاف السوريين الذين يعملون في مشيخات نواطير الكاز والغاز، وجَنّدوا قسماً كبيراً منهم.. وعندما اعتمدوا على عشرات مليارات الدولارات النفطية الوهّابية، عَبـْرَ أكـْثرَ مِنْ عَقْدٍ من السّنين في بناءِ بيئةٍ وهّابيّةً حاضنةٍ لِهذا المخطط الرّهيب في المُدُن الحدوديّة، وفي بعض ضواحي المدن.. وعندما تسَتَّروا على ذلك، بِـ”دَبّ الصّوت” حول ما سَمَّوْهُ “خطر الهلال الشيعي” وحول الإصْرار على أنّ هناك “حركة تَشَيُّعْ” في سورية، بالملايين، مِنْ أجْلِ تمرير وتبرير وتسـتير “الوهّابية” تحت عناوين إسلامية إيمانيّة، بِغَرَضِ إظْهارِ كُلّ مَنْ يقف في مواجهة تلك “الوهْبَنَة المُتسَعْوِدَة” على أنّه يقف ضدّ الإسلام وضدّ أعمال الخير!!!!.
· “الحالة الثورية” و”عوامل الثورة” كانتْ ولا زالتْ موجودةً، في مختلف البلدان الأعرابية والعربية، التّابِعة لِـ”العمّ سام” والدّائرة في فَلَكِه والمتهالِكة لإرضائه واسـتِرْضائِهِ و”كَسْبِ بَرَكَتِه”.
لماذا؟
لِأنَّ هذه البلدان، تفتقد الحرية الحقيقية، وتفتقد الاستقلال الحقيقي، وتفتقد الكرامة…
على الرُّغْم من مُمَارَسَةِ بَعْضِها صُنُوفاً من “الشّعوذة السياسيّة” التي يحلو لها أنْ تُسَمّيها “ديمقراطية!!!”، والتي تأخذ من الديمقراطية، قُشورَها الخارجية الحقيقية، وتُسَوّقها على أنّها “ديمقراطية” بينما هي في الحقيقية “ديكتاتورية قاسية” مُغَطّاة بِطبقَة من “السولوفان” بغرض تخدير الجماهير وتمرير التبعية والإذعان لمراكز القرار الصهيو – أطلسي، بأقلّ قَدْرٍ ممكنٍ من الاعتراض أو الضجّة..
و”الفئات السياسية” في هذه المحميّات “الديمقراطية”، تَكـذِبُ الكِذْبة حَوْلَ “نعيم الديمقراطية” الذي تَرْفُلُ فيه، ثمّ تُصدّقها، ثم تنتظر من الآخرين أنْ يصدّقوها، بينما لا يَفُكّ حُكّامُها خيطاً واحداً، دون رِضَا السفارة الأمريكية في بَلدِه.
وأمّا البعض الآخر من البلدان التي تدور في فلك “العمّ سام” فلا تُكَلّفُ خَاطِرَها، حتّى للقيام بتلك الشّعوذات السياسية، بل تستولي فيها، عائلاتٌ تبلغُ أقلّ من “1” واحد بالألف من تعداد سُكّانها، على البلاد والعباد وعلى الأرض وما فوقها وما تحتها، ثمّ تُعْطِي بَعْضَ الفَضَلات، لِبعض العائلات والأفخاذ والفعاليات الاجتماعية، لكي تجعلَ منها عَضُداً وسنَداً لِاستبدادها القُرْ- وسْطي، الذي لا يختلف بشيءٍ، عن أسوأ أنواع الاستبداد البدائي والجاهلي في التاريخ.
· “التّبعيّة” و”الديمقراطية” لا يجتمعان، ولذلك اختلقَ، لنا، الغرْبْ الأمريكي والأوربي “ديمقراطيّةً” مشوّهةً ومسمومةً وملغومةً، تحافظُ على جميع عواملِ التخلف الاجتماعي، والتخندق الثقافي، وتعيدُ شَدَّ روابطِ التّبعيّة له، كلّما شعرَ أنّها بدأت بالارتخاء، أو أنّ الشعوبَ يمكن أنْ تتحلّلَ من هذه الروابط، وتُمارِسُ حقّها في تقريرِ مَصيرِها.
وفي هذا السّياق، جرى ما جرى، بَدْءاً من تونس، حين توهّمَ عشراتُ آلاف الشباب، بِأنّ رياحَ الثورة قد هَبّتْ، وأنّ عَلَيْهِمْ اغْتِنَامَها.. لِيُفَاجَؤوا بَعْد أسابيع، بِأنّ “العم سام” هو الوصيّ الأوّل على هذه “الثورات” وأنّ محميّاتِه النفطية والغازية، القابعة في غياهب الماضي السّحيق، هي صاحبة اليد الطّولى في هذه “الثورات”.
وبالمناسبة، فإنّ “المناخ الثوري” النّاضج، في المحميّات الأمريكية، الأعرابية والعربية، دَفَعَ الأمريكان لتبريد هذا المناخ في بعض هذه المحميّات، ولتحْريكِهِ في بَعْضِها الآخر، بحيْثُ لم يحتاجوا إلاّ لِتحريكِ زُمَرِ منظّمات التمويل الأجنبي، في هذه البلدان، ومعهم بعضُ “فُرْسانُ الفيسبوك”، حتّى انفجرَ الموقفُ من الدّاخل، وخرج مئاتُ الآلاف إلى الشوارع.
· وأمّا مَنْ أصَرّوا ويُصِرّونَ على الاستقلال في الرأي والقرار كَـ (سورية الأسد)، فهؤلاء “ديكتاتوريّون – فاسدون” لا بُدَّ من “فَرْضِ الديمقراطية” عليهم، بالقوّة، والحقيقة هي “فَرْضُ التّبعيّة” عليهم، بالقوّة أوّلاً، ومن خلال الشعوذة السياسية الديمقراطية، ثانياً، والمخصّصة، حصـراً، لبلدان العالم الثالث التّابعة، والتي هي أسوأ أنواع الديكتاتورية، ولكِنْ بِرتوشٍ وستائرَ وعباءاتٍ، مهمّتها تزْويرُ إرادة أبناء هذه البلدان وتضـليلهُمْ، قَبـْلَ غيـرِهِمْ.
· وأمّا “الثورة” الحقيقية، فتُبْنَى على “عواملَ الثورة” الراسخة، وهي:
– القائد الكارزمي
– القيادة المحنّكة
– الرؤية المستقبلية
– البرنامج المرحلي
– استقلاليّة القرار
– معاداة أعداء الشعب “وليس الالتحاق الذيلي بهم”.
وهذه العوامل تتحرّك، انطلاقاً ممّا يُسَمَّى “حالة ثوريّة” أو “مناخ ثوري”
· وجميع هذه العوامل، غير متوافرة في ما سَمَّوْهُ “الثورة السورية!!!”، لِأنَّ حالة “الثورة” شيء، والطموح المشروع والدّائم للملايين، لِتحسين وَضْعهِم، المعاشي والمعنوي، شَيْءٌ آخر.
ولذلك، فَمَا حَدَثَ في سورية، هو “ثورة مضادّة” بامتياز، قادَها ووجّهها المحورُ الصهيو – أميركي، وأدارَها وموّلها نَواطِيرُ الغاز والكاز، ونفّذها وقامَ بها، عشراتُ آلافِ الإرهابيين الوهّابيّين والإخونجيين.
-2-
[ عندما تفشل مراهنةُ “العمّ سام” على احتياطِه الاستراتيجي، من العصابات الإرهابية المتأسلمة ]
· يخطئ مَنْ يظنّ أنّ الهدفَ الأكبر للمحور الصهيو – أميركي، في سورية، كان يتجلّى بِإشعال حَرْبٍ بَيْنَ “الجيش السوري” و”العصابات الإرهابية المتأسلمة” لِلخَلاص من الاثنين.
· كان الهدفُ الأساسي هو تقويض الدولة السورية، وتفكيك الجيش السوري، ووَضْعُ الـْيَدِ على سوريّة، لِتحويلها إلى بَيْدقٍ يدور في الفلك الإسرائيلي، تمهيداً لِتقسيمها وتقسيم كامل بلاد الشام، مرّةً ثانية، وإدخال بلاد الشام في حروبٍ متنوّعة الأشكال، تقتل الملايين من أبناء هذا الشرق العربي، تمهيداً لِإخراجها كلياً من التاريخ والجغرافيا.
· وتجلّى ذلك، بالحملات الهائلة من تجييش وحَشْدِ عشرات الآلاف من الإرهابيين المتأسلمين من مختلف بقاع الأرض، وشَحْنِهِمْ إلى الدّاخل السوري، عَبـْرَ السنوات الماضية، وتكليف نواطير الغاز والكاز، بتمويل عملية التجييش والحَشْدِ والشحن هذه.
· وكانت الحساباتُ الصهيو – أمريكية، مَبْنِيّةً على قُدْرَةِ هذه العصابات المتأسلمة، على القيام بالمهمّة المطلوبة، على أحْسَن وَجْه.
· وعندما فشِلَتْ حِساباتُ هؤلاء، فشلاً ذريعاً، بِفَضْلِ الصّمودِ الأسطوري للدّولة الوطنية السورية، وعندما أُصِيبوا بِخيبةِ أملٍ كبرى، من الفشل الذريع لهذه العصابات المسلحة في تنفيذ المهمّة، كانَ لا بُدَّ لِـ “العمّ سام” وأتـْبَاعِهِ، مِنْ تغيير مراهناته على هذه العصابات الفاشلة، إلاّ في التّدمير.
· وهذا ما اقتضى من الأمريكي، أنْ يبدأ بِـ (الحْلاقة لهم) بمعنى التخلّي عَنْهُمْ. شيئاً فشيئاً، ولكِنْ ليس قَبـْلَ عَصْرِهِمْ حتّى آخِر نقطة، من خلال استخدام ما تبقّى مِنْ قُوّتهم، لِدَفْعِ الدولة الوطنية السورية، للقبول ببعض التّنازلات التي كانت ولا زالت وستبقى مُصِرّةً على رَفْضِها، مهما تلوّنت وتبدّلت المقاربات الصهيو – أمريكية.
· ملاحظة: طبعاً هذا الاحتياط الاستراتيجي لِـ “العم سام” يَجـْرِي عَلْفُهُ ورعايَتُهُ وتَسْمِينُهُ لِاستِخْدامِهِ حَصْراً في البلدان العربية والإسلامية – ومن ثمّ جرى التفكير بالعمل على استخدامه في روسيا، ولاحِقاً في الصين، ولذلك لن يقوموا بالتخلّي عنه -…
وعندما يخرج البَعْضُ من هذه العصابات الإرهابية المتأسلمة عن الطّاعة، أو يقوم بأعمالٍ إرهابية خارج البلدان المطلوب منه القيام بنشاطِهِ الإرهابي فيها… حينئذ فقط، يتحرّك الأمريكان والأوربيون، لِيُنَادُوا بالويل والثّبور وعظائم الأمور وبضرورة “مكافحة الإرهاب في العالم” وتستمرّ الأمور كذلك، إلى أنْ تجري إعادة هؤلاء الإرهابيين المتأسلمين، إلى “بَيْتِ الطّاعَة”.
-3-
[ سورية في حالة مواجهة دائمة مع (إسرائيل) ]
-منذ عام (1982) وسورية تواجه إسرائيل – عملياً – في ما أُطْلِقَ عليه (الحرب خارج الأسوار) أي خارج سورية، بمعنى أنّه طالما أنّ موازين القوى التقليدية لا تسمح بتحقيق الإنجاز المطلوب في حال القيام بالهجوم على “إسرائيل” بسبب قيام الغرب الأمريكي والأوربي – ومنذ 1948 وحتى الآن – بالالتزام بتحقيق التفوق النوعي لإسرائيل، في السلاح والعتاد والتكنولوجيا، على جميع الدول العربية المحيطة بها …..
– وبسبب عدم القدرة أثناء حرب تشرين عام “1973” على تحرير الأراضي المحتلة عام “1967” على الرغم من مشاركة مصر وسورية معاً، في الحرب وفي وقت واحد، وعلى الرغم من وجود ظهير دولي في ذلك الحين، هو الاتحاد السوفيتي، الذي كان يمدّنا بمعظم ما نحتاجه من سلاح وعتاد، وبديون آجلة…. ورغم كلّ ذلك، لم نستطع حينئذ، تحرير الجولان المحتلّ، بسبب عوامل عديدة، كان أهّهما (التفوّق النوعي الإسرائيلي) و(خيانة أنور السادات لِسورية)……..
– حينئذ اجترح القائد العظيم حافظ الأسد، فكرة (القتال خارج الأسوار) بمعنى: – عدم الاستسلام لِإسرائيل تحت عنوان (اتفاقيات السلام)..
– ودعم جميع القوى المقاومة الفلسطينية الحقيقية ضدّ إسرائيل..
– وإيجاد مقاومة لبنانية فاعلة وموجهة لإسرائيل، طالما أنّ ظروف لبنان تسمح بذلك، وعلى هذا الأساس، ظهر “حزب الله”..
– وقَبْلَ ذلك وبَعْدَهُ، الاستمرار في بناء القدرة العسكرية السورية، إلى الحدّ الأقصى الذي تسمح بالظروف والإمكانات.
– وكذلك إيجاد التحالفات العربية والإقليمية الممكنة، لدعم هذا النهج الذي سُمِّيَ حينئذ (الصمود والتصدّي) والذي يُسَمَّى الآن (نهج المقاومة والممانعة)…
وهذا ما أطار صواب “إسرائيل” لِأنّها رأت إنّ هذه الإستراتيجية الحربية الجديدة العبقرية التي قام بها (حافظ الأسد) هي أكثر خطورةً عليها من الحرب التقليدية..
– ولذلك جرى ما بجري من استهداف دولي وأعرابي وداخلي لِـ (سورية الأسد) منذ ذلك الحين وحتى اليوم… ولذلك قام الإسرائيليون بِمعاملتنا بِـ (المِثْل) من خلال المحور الصهيو – وهّابي – الإخونجي، عندما عملوا على نقل الحرب إلى داخل سورية، كلما استطاعوا ذلك، سواء عَبـْرَ عصابات “خُوّان المسلمين” المجرمة، أو عَبـْرَ قطعان الوهٌابية الإرهابية…
– وما نقوم به الآن، هو أشرس أنواع الحروب في مواجهة الإسرائيليين، عَبـْرَ مواجهة أدواتهم الإرهابية المتأسلمة، داخل الأرض السورية .
لِأنَّ أسدَ بلاد الشّام الرئيس بشّار الأسد، كان خَيْرَ مَنْ حَمَلَ رايةَ المقاومة والممانعة، مِنْ حَيْثُ المواجهة السياسة للمشروع الاستعماري الأمريكي الجديد في الهيمنة على هذه المنطقة، ومِنْ حَيْثُ المواجهة المتعدّدة الأشكال والأنواع، بما فيها المقاومة المسلحة للمشروع الصهيوني الاستيطاني العنصري الإلغائي، على أرضنا العربية .
إنّنا نخوضُ حرباً دفاعيةً مقدّسةً، في مواجهة العدوان الإرهابي الصهيو – أطلسي- الوهّابي – الإخونجي، على الجمهورية العربية السورية .
-4-
[ الشّام… قَدْ تُمْهِلُ، لكنّها لا تُهْمِلْ ]
· سفهاءُ ولقطاءُ عائلة آل سعود، حفَروا وُدْيَاناً، وبَنَوْا سُدُوداً، بَيْنَهُم وبَيْنَ عشرين مليون مواطن سوري على الأقلّ… عندما رَكِبَهُمُ الجُنُون وتمَلّكَهُمُ السُّعار، فَلَمْ يَكْتَفوا بتسليح وتمويل وتذخير وشحن عشراتِ آلافِ الإرهابيين، من مئة دولة في العالَم، إلى سورية، لِذَبْحِ شَعْبِها وجَيْشِها، وتدْمِيرِ مُقَدّراتِها وبُناها التحتية التي جرى بِناؤها عَبـْرَ نصف القرن الماضي…..
بل استنفروا كلّ ما وَمَنْ يُمْكِنُ استِنْفَارُهُ في هذا العالَم، لِدَفْعِ الولايات المتحدة الأمريكية، إلى شنّ حَرْبٍ ساحقة ماحقة، على سورية..
وكأنّ هؤلاءِ العبيد المتخلّفين البدائيّين المتصحّرين، من سفهاء آل سعود – المُتْخَمينَ بِالبترو: دولار – يختزنون حِقْداً وكيْداً لا مُتَنَاهِياً، تجاهَ بلادِ الشّام وتجاهَ حضارةِ بلادِ الشّام!!!!!!..
· وبَعْدَ ذلك، لا يخجل هؤلاءِ وزَبانِيَتُهُمْ ومُرْتَزِقَتُهُم، من “التمجُّق” بالحديث عن (وقوفِهِم مع الشعب السوري!!!!)، أي أنّ أذْنَابَ وأرِقّاءَ أعْدَاءِ الشعوب في مهلكة الظلام، يدّعُونَ الوقوف مع الشّعوب!!!!.
· لو وَقَفَ هؤلاء يَوْماً، إلاّ مع عدوّة الشعوب “الولايات المتحدة الأمريكية”!!!!…
ولو وقفُوا يوماً مع الشعب الفلسطيني، ضدّ المشروع الصهيوني الاستيطاني!!!!، وَلَوْ وقَفُوا يوماً مع مجتمعاتِ بلادِ الحجاز ونَجْد، وسَمَحُوا لها، بِأنْ تتحوّلَ إلى شُعُوبٍ، بَدَلاً مِنْ إجـبَارِها على أنْ تَبْقىَ “رَعايَا” لِآل سعود، وبدلاً من احْتلالِ أرَاضِيها ونَهْبِ ثرواتِها!!!!.. لَكَانَ يُمْكِنُ لهم، أنْ يخدعوا شريفاً واحداً على وَجْهِ الأرض.
· وعلى سُفَهاءِ ولقٓطاءِ آل سعود، أنْ يُدْرِكوا أنّ “لعنة سوريّة” سوف تَطُولُهُمْ، حتّى لو كانوا في بروجٍ مُشَيَّدَة، وأنّه ما مِنْ أحْدٍ في التّاريخ، تَطاوَلَ على “سورية المقدّسة” و”شام شريف” إلاّ ودَفَعَ الثّمَنَ، غالياً جداً جداً.. فالشّامُ قَدْ تُمْهِلُ، لكنّها لا تُهْمِلْ.
-5-
– لا تنْسَوْا، مَقُولة:
( لم تطلقْ سورية، طلقةً واحدةً في الجولان، منذ أربعين عاماً!!! )
– ولا تنسوا مقولة:
( سورية وَقَفَتْ مع الأمريكان، في حَفْرِ الباطن!!! )
– وهل تَعْلَمُون مَنْ هُمُ الذين يَحْلُو لَهُمْ، تردادُ هذه المقولات، بِمُناسبة وبدون مناسبة؟
· إنّهم:
(1): ليسوا من الجهات المشهورة بِعدائها لِـ “العمّ سام”…
(2): وليسوا من القوى أو الدّول التي تعاديها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، أو تفرض سلسلة عقوبات متلاحقة بِحقّها…
(3): ولا من الجهات المتفرّغة لِخَوْضِ الحروب مع “إسرائيل”…
(4): ولا من قوى المقاومة المنذورة لمواجهة “إسرائيل”…
(5): وليسوا من القوى أو الدّول التي تعادي “إسرائيل”…
(6): وليسوا من الجهات أو الدّول التي تقوم باحتضان قوى المقاومة ضد “إسرائيل”…
(7): وهؤلاء جميعاً، وقفوا ضدّ سورية، عندما دافعَتْ عن “لبنان” في مواجهة العدوان الإسرائيلي عام “1982”، وشَهَّرُوا بها، واتّهموها بأنّها “تخاذلت!!!” في لبنان، مع أنّها قدّمَتْ آلاف الشهداء، حينئذٍ، في مواجهة العدوّ الإسرائيلي، وكَبّدَتْ هذا العدوّ، ثلاثة أرباع الخسائر التي تكَبّدها في لبنان، باعتراف مراكز الدراسات الإسرائيلية، نَفْسِها.
(8): وهُمُ الذين وقفوا ضدّ سورية، عندما دَعَمَتْ المقاومة العراقية، في مواجهة الاحتلال الأمريكي، عام “2003” وفي الأعوام اللاحقة، بل واتّهمُوها بِدَعْمِ “الإرهاب” تماماً، كما فَعَلَ سَيِّدُهُمْ الأميركي.
(9): وهُمْ الذين فتحوا حدودَهُمْ وسماءَهُمْ وبِحارَهُمْ، لِجحافل القوات الأمريكية والأطلسية، لِكي تقومَ باحتلالِ العراق، عندما لم يَكُنْ العراقُ محتلاً للكويت.
يا سبحان الله!! “يقفون” مع “صدّام حسين” عندما يحتلّ الكويت.. ويقفون ضدّه وهو خارج الكويت!!!!، ويقفون – على الحائط وعلى قَدَمٍ واحدة – مع الأمريكي ومع باقي القوّات الأطلسية، عندما يعتدون على العراق ويقومون باحتلاله!!!!.
(10): وهُمْ الذين وُلِدوا وفَقّسوا في الحواضن الاستعمارية، الأوربية والأمريكية… وهُمْ الذين تملأ القواعدُ الأمريكية والأساطيلُ الأطلسية، أراضيهم وبِحَارَهُمْ… وَهُمْ التّابعون لِواشنطن، منذ عشرات السنين… وَهُمْ الذين لا يَفُكّونَ خيطاً في بُلْدانِهِمْ، إلاّ بعد الحصول على بَرَكات سفارات “العمّ سام” في عواصِمِهِمْ!!!!.
· وهؤلاء، جميعاً، ومعهُمْ أسْيادُهُمْ وأوْلِياءُ نِعْمَتِهِمْ، ليسوا مِنْ تلك الجهات أو القوى أو الدّول، التي يسمحُ لها تاريخُها أو حاضِرُها، بالحديثِ عن العِداء مع الولايات المتّحدة الأمريكية، أو بالحديث عن ضرورة خوض الحروب مع “إسرائيل”.
· ومع ذلك، لا يجدُ هؤلاءِ غَضَاضَةً، في التّناقض الفاضح، لِمَا يقولونه مع ما فعلوه ويفعلونه… ومع كَوْنِ بَعْضِهِمْ بَيَادِقَ وأبْواقاً، سواءٌ للمحور الصهيو – أطلسي مُبَاشَرَةً، أو للمحميّات والمشيخات الأعرابية والكيانات الوظيفيّة، التي لم تَكْتَفِ بِتَرْكِ سورية، وحيدةً في مواجهة “إسرائيل” منذ أكـثَرَ مِنْ أربعين عاماً، بل أقامَ هؤلاءِ، علاقاتٍ دبلوماسيّة وسياسيّة وسياحيّة وأمنيّة واقتصاديّة وماليّة ومائيّة ونفطية وغازية، مع “إسرائيل”.
وأضافوا إلى ذلك، وقُوفَهُمُ المُخْزي والمُشين، منذ عام “2011” حتى الآن، في خندق العدوان الإرهابي الصهيو – أطلسي – الوهّابي – الإخونجي، على الجمهورية العربية السورية.
· إنّ هؤلاء وأنْصابَهُمْ وأزْلامَهُمْ، يعتقدون أنّهُمْ بِمِثْلِ تلك البهلوانيّات اللفظيّة، يضعون القيادة السورية “المقاوِمة والمُمَانِعة والوطنية والقومية والعلمانيّة والمدنية” في الزّاوية وفي موقع الاتّهام… وأنَّهُمْ – بذلك – يُبَرِّؤونَ ذِمّةَ أسْيادِهِم، من الجرائم الموصوفة التي ارتكبوها ويرتكبونها، منذ عشرات السّنين… ويتوهّمونَ أنّهم يستطيعون تحويلَ “القاضي: الذي هو سوريّة” إلى “مُتّهَم”، وتحويلَ “المجرم الممسوك بِالجرائم المشهودة” إلى “قاضٍ”!!!.
· ولكنّ حَبْلَ الكذب قصِيرٌ، وقصيرٌ جداً.. وفي النّهايةِ، لا يَصِحُّ إلاّ الصّحيح.
-6-
[ مراِحِلُ “الربيع العربي!!!!”… والعدوان على سورية ]
· مَنْ اعْتَقَدَ، سابقاً، بِأنّ هَمْرُوجَة ما سُمِّيَ “الربيع العربي” كان يقتصر على: بروباغندا إعلاميّة، مترافقة مع حَراك مختلط بين شبابٍ وشابّاتٍ، حالِمِين بِالأفْضل، و”شَبَابٍ وشابّاتٍ” يتحرّكون بِمُقْتَضَى خطّةِ مُمَوِّلِيهِمْ في جمعيّات ومنظّمات التمويل الخارجي… مَنْ اعْتَقَدَ ذلك، كانَ واهِماً.
· لِأنَّ تلكَ كانت أوّلاً، المرحلة الأولى المُخَطَّطَة، لِإسقاط رؤوسِ أنظمةِ الدولِ المطلوب إسقاطُها، في الدّول التّابعة لِـ “العمّ سام”، كَأُضْحِيَة لا بُدَّ من تقديمِها، بغية إعادة إحْكام طَوْق تبعيّة هذه الدول، للمشروع الصهيو- أمريكي الاستعماري الجديد، وتَجْديد الدّورة الدّمويّة لهذه التّبعيّة، بحيْثُ تصبح أكـْثرَ دَيْمُومَةً وأكْثرَ فاعليةً وأكثرَ فائدةً لهذا المشروع الاستعماري.
· وهُنَا قَدْ يسْألُ سائِلٌ سُؤالاً مُحِقاً: لماذا لم يظهر “الربيع العربي!!!!” في مشيخات الغاز والكاز المتخلّعة: السَّبَبَ، هو لِأنَّ التّبعِيّة للمشروع الصهيو: أميركي كاملة ومضمونة، ولا يُوجَدُ خطرٌ في المدى المنظور عليها – حسب وجهة النّظر الأمريكية – ولذلك لم يجد “العم سام” حاجةً لِإدْراجها في مسلسل “الرّبيع العربي” والذي هو – كما تعرفون- ليس إلّا ثورة مُضادّة للشعوب، باسـْمِ الدّفاع عن الشعوب.
· وأمّا بالنّسبة للجمهورية العربية السورية، بِصِفَتِها الدولة العربية الوحيدة الخارجة عَنْ سِرْبِ التّبعيّة لِـ “العمّ سام”، والرّافضة لمشاريع الاستسلام أمام المشروع الصهيوني، والحاضِنة لِنهج المقاومةً والحامِلة لِراية الممانعة للمشروع الصهيو – أمريكي…. لذلك كان المطلوب في سورية، هو إسقاط الدولة الوطنية السورية – شعباً وجيشاً وقيادةً وأسداً – لأنّ المسألةَ الأساسية أو المشكلة الأساسية التي يواجهها الأمريكيُ وشريكُهُ الصهيوني مع سورية، هي عُنْفُوانُ الشعب السوري، والإحساسُ العميقُ بالكرامة لدى الشعب السوري، والنّزوعُ الفريد من نوعه لِممارسة الحق الكامل في صناعة القرار السياسي والاقتصادي.. وعَلَيْهِ كان المطلوب، صهيو- أمريكياً، هو الخلاص النهائي من هذه الدولة ومن هذا الجيش، تمهيداً لِإدْخال الشعب السوري، في حالةِ احْترابٍ داخليٍ، مَبـنِيٍ على تراكمات التاريخ السلبية، عَبـْرَ مئات السنين، مِنْ مُخَلّفاتٍ طائفية ومذهبية وعِرْقية وإثنيّة وجهوية، بحيْثُ تتحوّل سورية الحالية، إلى كياناتٍ جديدة متصارعة، تدور في الفلك الإسرائيلي.
· والمفتاح الأهمّ لِتحقيق ذلك، هو الخَلاص من الرّمز الأوّل للسوريين ومِنْ قائِدِهِم ورئيسهِم وأسَدِهِمْ، لِأنَّ الخلاص منه، هو المفتاح الوحيد المكفول لِتحقيق المشروع الصهيو- أمريكي، بحيث يُشَكّلُ الخَلاصُ من الرئيس الأسد، فُرْصَةً ذهبيّةً لِتفكيك الجيش العربي السوري، تمهيداً لِتفتيت الدولة السورية، بحيْثُ يستطيعون تقسيم سورية وتحقيق هدفهم المنشود القديم الجديد، في سورية.
ولذلك جاءت تلك الحملة الشعواء غير المسبوقة في التاريخ، لِشيطنة الرئيس الأسد ولِأبْلسته، كَمقدّمة للخلاص منه…
وأيضاً، لذلك، بَرْهَنَ الشعبُ السوريّ، على عنفوانه وكبريائه واستقلاله، عندما وقفت أغلبيةُ الشعب السوري، ضدّ هذا المخطّط، وازْدادتْ تشبّثاً بِأسد بلاد الشّام: الرئيس بشّار الأسد، لِتفويت الفرصة على تحقيق المشروع الاستعماري الجهنّمي المطلوب لِسورية.
· وعليه، كانت المرحلة الثانية للمشروع الاستعماري في سورية، بَعْدَ فشل المرحلة الأولى التي تجسّدت بـ (الهمروجة الإعلامية والتظاهريّة المأجورة)، هي الانتقال إلى تحريك الخلايا المسلّحة النائمة في الداخل السوري، وإدخال آلاف الإرهابيين المسلحين المُعَدِّين في الخارج، لِإسقاط الدولة الوطنية السورية.
· وعندما فشلوا في إسقاط الدولة السورية، بدأوا بالانتقال إلى المرحلة الثالثة، التي هي الغزو العسكري الأطلسي لِسورية، كَطريق أخير لتحقيق الهدف المنشود في إسقاط سورية.
وعندما أيقنوا أنّ الغزو العسكري، سوف يؤدّي إلى إحْراقِ المنطقة، وفي المقدّمة “إسرائيلُهُمْ”، بدأوا يبحثون عن وسيلة للنّزول عن شجرة التورّط في غزو سوريةّ، إلى أنْ أُتِيحَ لَهُمْ، النّزول إلى أرض الواقع.
ثمّ انتقلوا إلى المراهنة على مؤتمر جنيف، وتوهّموا إمكانيّة الحصول بالدبلوماسية، على ما عجزوا عن الحصول عليه بِالقوّة… إلى أن أدْركوا، منذ اللقاء الأوّل، أنّهم كانوا يراهنون على سَرَاب…. فَجُنَّ جُنُونُهُم وأخَذُوا يتخبّطون في مواقفهم، فَتَارةً هُمْ مع “حلّ سياسي”… وتارةً مع “دعم وتسليح المعارضة المعتدلة: التي هي عصابات مسلّحة منضوية تحت الجناح الأمريكي”… وتارةً يهدّدون بالعودة إلى “خيار استخدام القوة الخارجية” إلى ما هنالك من “خيارات” تبدأ ولا تنتهي.
· ولكنّ الخيارَ الأبقى والأقوى والأسْلم والأحْكم، هو خيارُ الشعب السوري والجيش السوري والأسد السوري، في الصمود والمواجهة والإصرار على تحقيقِ النصر المبين، حتّى تضعَ الحَرْبُ على سورية، أوْزارَها، مهما كانت الأشْكالُ التي تتّخذها، ومهما كانت الجهاتُ التي سَتُشارِكُ فيها.
-7-
[ أَوْرَدَهَا سَعْدٌ، وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ ما هكذا تُورَدُ، يا سَعْدُ، الإبِلْ ]
· عندما يكونُ المريضُ في المشفى، لا يَقُومُ أطِبّاؤُهُ بِتَقْرِيعِهِ، عَنْ إهْمالِهِ لِنَفْسِهِ، في ما مَضَى، ولا حتّى عَنْ ما هو أكثر من الإساءةِ لِنَفْسِهِ… بل يقومونِ بِمُعالَجَتِهِ وتقديم الأدوية اللازمة له، كي يتعافى.
وهكذا هو حالُ الوطن.. فليس من المناسب لِمئاتِ وآلافِ المخلصين، الذين يعتبرونَ أنْفُسَهُم – وبِصِدْقٍ – أطِبّاءَ في السياسة والاقتصاد والمال وفي التربية والتعليم والأخلاق، أنْ يُقَرِّعُوا المَعْنِيّيِنَ بِالْأمْرِ، ولا أنْ يُعْطُوهُمْ دُرُوساً في السياسة وفي الأخلاق.. بل أنْ ينضَمّوا إلى المعْنِيّين بالأمْرِ، لكي يَشُدّوا على أيـدِيهِمْ، مِنْ أجْلِ مُعافاةِ الوطن… وإلى أنْ يتعافى الوطن، لِكُلّ حادِثٍ، حديثٌ حينئذٍ.
· نعم، هناك الكثيرُ من السلبيّات في ربوع الوطن، وفي طليعتِها “الفساد”.. ولكنّ السؤال: هل الوقت، هو وقْتُ التّفرّغ لمواجهة السلبيّات، أمْ وقْتُ التّفرّغ، لمواجهة الحرب العدوانية الإرهابية الأطلسية الوهّابية الأعرابية على الوطن السوري؟.
وأمّا التوهّمُ بالقُدْرة على خَوْضِ الحَرْبَيْنِ في آنِ واحِدٍ، فأمْرٌ رغْبَوَيٌ لِكُلّ الشُّرَفاء، ولكنّ الحقيقة هي مسألةٌ أخرى، فالحربُ التي تُشَنُّ على سورية، يجبُ أنْ تُزَجَّ في مواجهتِها، كُلّ الطاقات والإمكانات والقدرات، بدون “عنعنة” ولا “بسبسة” وبدون “نعم هذا صحيح.. ولكن”…
· وفي العِلْم العسكري، هناك ما يُسَمَّى “اتّجاه جهد رئيسي” و”اتّجاهات جهود فرعيّة” في الحَرْبِ، بحيْثُ يجب أنْ تنضويَ جميعُ اتّجاهاتِ الجهودِ الفرعية، تحتَ لواءِ اتّجاهِ الجهد الرئيسي، بمعنى أنْ تكونَ في خدمته، لتحقيق النَّصْر، إلى أنْ يتحقّقَ النّصْرُ في هذا الاتّجاه الرئيسي، وبعدئذ يجري التركيزُ على الاتّجاهات الباقية..
وكذلك، يجبُ أنْ يكونَ الأمْرُ في السياسة.
· لن يكونَ ما بَعْدَ انتصارِ الوطن على العدوان، كَمَا كانَ قَبْلَهُ.. ولنْ يستطيعَ أحَدٌ، كائناً مَنْ كان، أنْ يقف في مواجهة دولاب الإصلاح، الذي سَيَهْرِسُ أمَامَهُ، كُلّ مَنْ يُحاوِلُ الوقوفَ في وجْهِهِ أو عرْقلتَهُ.. ولن يستطيع أحَدٌ، كائناً مَنْ كان، أنْ يقفَ في وْجْهِ الحرب التي سَتُشَنُّ لمواجهة الفساد ولملاحقتهِ في أوكارِهِ ومنَابِعِه.
· وأمّا الآن، وفي المدى المنظور، فَكُلُّ شيءٍ مَنْذُورٌ لِتحقيق النَّصْرُ السّاحق الماحق، على العدوان الإرهابي الصهيو – أطلسي، وعلى أذْنابِهِ الوهّابية – الأخونجية – الأعـرابيّة، وعلى أدواتِ هذا العدوان في الداخل السوري، من قِطْعانِ الإرهاب الوهّابي التكفيري التدميري الظلامي المتأسلم، مهما كانت التضحيات ومهما كانت العقبات…
والباقي، كُلُّهُ تفاصيل – رُغْمَ أهمّية التّفاصيل -، إلا ّ لِمَنْ يريدونَ الغرَقَ في التّفاصيل، فهذا شأنُهُمْ، ولكن عليهم أنْ يعرفوا أنّ الغرقَ في التفاصيل، لن يكونَ إلاّ على حساب القضيّة الأساسية والجوهرية، وليس تحصيناً لها، كما يظنّون.
· وستبقى الحَرْبُ قائمةً، والتي هي “حَرْبُ الإرادات” بين، إرادة الحياة للوطن، والاستعداد للتضحية بكلّ غالٍ ونَفيس، دفاعاً عن وطَنِ بلاد الشّام.. وبين مَنْ يريدون “الموت والقتل” للوطن ولِأبناءِ الوطن، تنفيذاً لِأجنداتٍ خارجية.. ولن تتوقّف إلاّ بِسَحْقِ ومَحْقِ أعداء الوطن.
-8-
[ الفساد… الفساد ]
· عندما يأخذ جيلُ الشباب والشابّات دورَهُمْ الحقيقيّ في إدارة شؤون المجتمع، سوف يَفْضَحون مواضِعَ الفساد، وسوف يُجْبِرون أيّ مسؤول في الدّولة والقريبين منه، على أنْ “ينضَبّوا” ويرْتَدِعوا، تحت طائلةِ التشهيرِ بهم ومُحَاسَبَتِهِم، الحسابَ المناسبَ والرّادع والعاصِم لِغَيْرِهِمْ.
· مع الإشارة إلى أنّ “الفساد” مَوْجودٌ في جميع ربوع العالم، بدرجاتٍ متباينة… والمشكلة ليْسَتْ في الفساد، بِقَدْرِ ما هي في (الموقف من الفساد)، وعندما يُشاركُ الجيلُ الشبابيُّ الجديد، بقوّة، في صناعةِ القرار، سوف يتقلّصُ الفسادُ إلى الحدّ الأدنى.
· والخطأ الأكبر هو تَصَوُّرُ البعضِ مِنَّا، بِأنّ الفسادَ يمكن أنْ ينتهي بِقرارٍ أو مرسومٍ أو قانون… إنّ ظاهرة الفساد في العالم، هي أكْبر وأعمق وأعقد من ذلك بكثير.
· والفساد ليس شخصاً، بل هو – في جميع بلدان العالم – أخطبوطٌ، يستدعي مواجهةً دائمةً له، وهذه المهمّة ليست بالسّهولة التي يتصوّرها البعض، ولكنّها أيضاً، ليست مستحيلةً، بل هي ممكنةٌ، رُغْمَ صعوبتها، عندما تتوافرُ المفاصلُ النّظيفة والكوادرُ العفيفة في الأجيال التي تتنطّح لِحَمْل المسؤولية.
-9-
[ تحقيق “الديمقراطية” بواسطة “الإرهاب”!!!! ]
· إنّها آخِر صَرْعة صهيو- أميركية: تحقيق الديمقراطية، بِقُوّةِ الإرهاب، وبواسطة العصابات الإرهابية الظلامية التكفيرية التدميرية المتأسلمة، التي تَشْحَنُها “الحكومات الغربية الديمقراطية” من بلدانها الغربيّة، وتُصَدّرها إلى الجمهورية العربية السورية، لكي تقوم بِمهمّة نبيلة للغاية، هي مهمّة “تخليص سورية من الديكتاتورية، وتحقيق الديمقراطية للشعب السوري”!!!!، ولكِنْ بِشرط “One way: روحة بَلَاً رَجْعَة”، تحت طائلة التهديد بعقوبات صارمة وبِسَحْب الجنسية.
· فَهَلَ رأيتم غَيـريّةً وتضحيةً، أكبر ممّا قامت وتقوم به “قـِلاعُ الديمقراطية الأوربية والأميركية” في التضحية بِأبـنائها، وإرسالِهِم إلى سورية، لِتحقيق الديمقراطية فيها، بَلْ وإجْبار مواطنيها على عدم العودة، قَبـْلَ تحقيق هذه المهمّة “الإنسانية والأخلاقية”!!!!.
· هؤلاء الاستعماريون العنصريون، في عواصم الغرب الأمريكي والأوربي، يقومون بِأقذع وأشْنع أنواع الجرائم والفظائع، بِحَقّ شعوبِنا ودُوَلِنا، منذ عقود وقرون، ثمّ يتشدّقون بِالرسالة الإنسانية الأخلاقية النبيلة، التي يقومون بها!!!!. إنّها “رسالةُ” الاستعمار نَفْسِهِ، منذ مئات السّنين، وحتى اليوم، يُغَطِّي فظائِعَهُ وشَنَاعَاتِه، بِمُفـرَداتٍ ومصطلحاتٍ، صارتْ مكشوفةً ولم تَعُدْ قادِرةً على سَتـْرِ وتغطيةِ شيءٍ من تلك الفظائع والشّنائع.
· وأمّا أدَوَاتُهُ المحلّية وعملاؤُهُ وبيادِقُهُ ومرتزقتُهُ وزواحِفُهُ وقوارِضُهُ ومُسـتحاثّاتُهُ ومومـياءاتُهُ، من داخل الوطن، فهِي أيضاً، ليست شيئاً جديداً، بل كانَ السَّفَلَةُ والعُهَرَةُ، موجودين دائماً عَبْرَ التاريخ، وباعوا أنفسهم لِأعداء الشعوب التي خرجوا منها وعليها… وكانَ هؤلاء السَّفَلةُ والعُهَرَةُ، ولا زالوا، يُقَدِّمونَ أنْفُسَهُمْ، على أنّهُمْ (شَرِيف أبو الأشْراف!!!!).
-10-
[ مَنْ هي الفئة الأكثر قذارة في “الثورات المُضادّة” الرّاهنة؟؟!!!! ]
هَدَفُ “الربيع العربي!!!” و”الثورات العربية!!!” و”الانتفاضات العربية!!!” الرّاهنة وغير المسبوقة، فِعْلاً، هو:
– تصفية القضية الفلسطينية و
– استئصال قوى المقاومة ضد “إسرائيل”، والفِكْر المقاوِم، وثقافة المقاومة و
– تمهيد التربة العربية والمناخ العربي، لتحقيق الخطوة الثانية من المشروع الإسرائيلي، في استكمال “تهويد فلسطين” و”تهويد وصهينة المنطقة” وخاصّةً بلاد الشّام والرّافدين، من خلال تحويلها، إلى مئات المناطق المتصارعة، على أساس ديني وطائفي ومذهبي وعرقي وإثنيّ وقَبَلي وعشائري وجهوي.
– وكُلُّ ذلك، مُخَطَّطٌ له أنْ يجري بواسطة “الأدوات المتأسلمة” وبِـ “أموالٍ نفطية وغازية أعْرابيّة”، تنفيذاً للمشروع الاستعماري الصهيو- أميركي.
– وأمّا قِطْعانُ المرتزقة من “المفكّرين والمثقّفين والإعلاميين!!!!” – وما أكْثرَهُمْ – والمنضوين في هذا المخطّط، فهؤلاء يلعبون دَوْرَ “المُحَلّل: المُجَحِّش” المطلوب منه تسويق “هذه الثورات المُضادّة” على أنّها “ثوراتٌ شعبية وديمقراطية!!!”: “ثائرة على الاستبداد والفساد!!!”.
وقدْ قام هؤلاء السّاقِطون بِهذه المهمّة القذرة، على أكـْمَلِ وَجْه… وهؤلاء استلموا مَهَمّاتِهِم هذه، من مطابخ المخابرات الغربية، منذ سَنَواتٍ عديدة سابِقَة لِهذه الثورات المُضادّة.. وهؤلاء يعرفون ما يَفْعلون جيّداً، وَهُمْ الفئة الأكثر قذارةً في هذا المخطط الاستعماري الجديد.
-11-
[ لماذا تحوّلَ العربُ والمسلمونَ، مِنْ لاعِبٍ إلى لُعْبَة ؟؟ ]
– عندما يجعلونَ ممّا قالَهُ “ابن تيميّة”، بديلاً لِما قاله اللهُ عزّ وجلّ، في القرآنِ الكريم…
– وعندما يجعلونَ من لقيطٍ بريطاني ٍ كَـ “محمد بن عبد الوهّاب”، نبياً جديداً، بديلاً لِآخِر الأنبياء “محمد ابن عبد الله”….
– وعندما يجعلون مِنْ مُخْبِرٍ بريطانيٍ أخَرَ، هو “حسن البنّا”، مُرْشِداً روحياً لِلْعالَمِ الإسلامي وللدِّينِ الإسلامي….
– وعندما يَدْعَمُ الإنكليزُ، سابقاً، والأمريكان، لاحِقاً، سُفَهاءَ آل سعود، لِكي يحتلّوا الدّيار الإسلاميّة المقدّسة، ولكي يستولوا على الثروة النفطية العربية، ولكي يُنَصَّبُوا أوْصِياءَ على الإسلام والمسلمين….
– من البديهي، والحالُ هكذا، أنْ يَصِلَ الوطنُ العربي والعالمُ الإسلاميّ، إلى أنْ يكونوا لُعْبَةً يتلاعبُ بها الأوربّيُ والأمريكيُ والإسرائيلي.
-12-
[ مع “طويلي العمر”!!!! ]
· لن يستطيع رعايا “طويلي العمر”، أن ينتقلوا من حالة “الرعوية” إلى حالة “المواطنة”.. ولا الانتقال من حالة “الشراذمية” و”الشللية” إلى حالة التحضر والمدنية.. ولن تتحول مجتمعات هذه المحميّات اﻷمريكية إلى “شعوب”.. ولن تصبح سلطاتها، حتى “أنظمة” – ناهيك عن “دولة” -، مهما بنوا من أبراج و “مولات” وناطحات سحاب، وحتى لو تحولت كل تلك الرمال إلى ذهب:
· إلّا عندما يصبح حُكّامُ هذه المشيخات المحميّات “في ذمّة التاريخ”، وحينئذٍ سَتَظْهَرُ نُخَبٌ سياسيةٌ جديدة، لا تتصرف بالبلاد وكأنّها “غنيمة حرب” – كما يفعل “طويلو العمر” – ، وعلى أنْ تواكب هذه النخبُ السياسية الجديدة، العصْرَ، وأنْ تتحلى بِروح العصر الحالي، لا العصر الجاهلي.
-13-
[ هناك مَثَلٌ شامِيٌ يقول ]:
( الطّبْل بدوما، والعُرْس بحرستا )
وهذا ما ينطبق على ما يجري على الحدود السورية الجنوبية…. فَتَحْتَ ستارٍ كثيفٍ من الضّباب والدّخان الإعلامي عن “غزوة جديده لِدمشق” يعرفون أنّها مستحيلة التّنفيذ.. تَجْري التّرتيبات الصهيو- أطلسيّة، لِإقامة “حزام أمني” على طول الحدود السورية – الإسرائيلية، يُشارك في إقامته، “العمّ سام” وأذْنابُهُ وبيادِقُهُ، بعد فشل “الثورة السورية!!!” غير المسبوقة، في الاستيلاء على سورية وأخْذِها إلى الحظيرة الإسرائيلية، حينئذٍ جرى التخطيط لِإقامة “حزامٍ أمنيٍ” لِحماية “إسرائيل” ليس من العصابات المتأسلمة – كما يُشِيعون ويُسَوّقون، فهذه العصابات الإرهابية هي المنوط بها، الدفاع عن “إسرائيل” ضد سورية – بل لحماية “إسرائيل” من غضْبةِ الشعب السوري، بَعْدَ استكمال تحقيق النّصر على العدوان الصهيو – أميركي – الوهّابي – الأعرابي – الإخونجي.
ولكنّنا نقول لِهؤلاء جميعاً:
( وتُقَدِّرُونَ، وتَضْحَكُ الأقْدَارُ )
-14-
[ حتّى الله، عزّ وجلّ، يقف مع الذين يقفون مع أنْفُسِهِمْ ]
– الانهيارات الدراماتيكية في أوكرانيا، واضطرار جمهورية روسيا الاتحادية، للتسليم بذلك، رغم أنّ ما يجري، يمسّ بِأمْنها القومي، بِشَكــلٍ كبير، وهو على حدودها مُباشرةً.
– ماذا يعني هذا؟ يعني أنّه لا أحدَ قادِرٌ على الوقوف مع فاشلٍ أو عاجزٍ أو متخاذلٍ أو مشلول…
– والشّرط الأوّل والأخير، لكي يقفَ الآخرونَ معك، هو أنْ تقفَ مع نفسك، أوّلاً…
– وأنْ تكون قادراً على الصّمود، ثانياً…
– وأنْ تكونَ مع الشعب، ويكون الشعبُ معك، ثالثا…ً
– وأنْ يكون الجيشُ الوطني مع الشعب، ومعكَ، رابعاً…
– وأنْ يكونَ رُبّانُ السفينة، تجسيداً لِكُلّ ذلك وتعبيراً عنه، خامساً.
– حينئذٍ فقط، يقف الآخرون معك، ممّنْ تتلاقى المصالِحُ العليا لِبلادِهِمْ، مع مصالِحِ شعبك ووطَنِكْ.
وهذا تماماً، ما جرى في ومع سوريّة الأسد.
– وأمّا الكسيح، فَلاَ أحدَ معه… وحتّى الله عزّ وجلّ، يقف مع الذين، يقفونَ مع أنْفُسِهِمْ.
-15-
[ سَحْقُ الإرهابيين المتأسْلمين، هو الرّدُّ الأنجع والأنفع، على “إسرائيل” ]
· مَنْ يتحدّث عن الردّ على “إسرائيل”، يتناسى أنّنا نخوض حرباً طاحنة، ضدّ عشراتِ آلاف الإرهابيين المتأسلمين “الإسرائيليين” على الأراضي السورية، منذ عشراتِ الشهور.
· وَمَنْ كانَ في قلْبِهِ، شَكٌ في ذلك، فَقَدْ قطعَ عليه “بنيامين نتنياهو” الشكّ بِاليقين، في زِيارَتِهِ لِـ “جُنُودِهِ من الإرهابيين الأعراب والأجانب والسوريين” في المشافي الإسرائيلية.
· وعليْهِ أنْ يعرفَ بِأنّ الردَّ الأقوى، على العدوانِ الأمريكي – الإسرائيلي – السعودي، يتَجَسّدُ بِالسَّحْقِ الكامل لِهؤلاء الإرهابيين “الإسرائيليين” المتأسْلمين، والذي هُوَ سَحْقٌ لِأخْطر مخطط صهيو – أطلسي – وهّابي، يستهدفُ سورية وكامِلَ بلادِ الشّام.
-16-
[ لاعِبُو “الأتاري”… في خِضَمّ الحرب ]
· أولئك الذين لا زالوا يَجْتَرُّونَ الحديث عن “إصلاحات في سورية” لم تَجْرِ، وعَنْ أنّهُ لَوْ جَرَتْ تلك “الإصلاحات” في البداية… لَمَا كانت الأمور، قد وصَلَتْ إلى ما وَصَلَتْ إليه في سورية.
· هؤلاء يُشْبِهونْ مَنْ يلعب بِـ “الأتاري” في حَرْبٍ ضَرُوس.. ثمّ يظنّ أنّ استمرارَهُ في اللَّعِبِ بِلعبةِ “الأتاري” هذه، هو الّطريق الكفيل بِإنهاءِ هذه الحرب الشّعواء.