خطة الاستنزاف ومعنى الانتصار السوري
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
تحدث الصحافة الأميركية عن خلافات داخل إدارة أوباما بشأن الوضع في سورية وأبرزت كلاما لبعض قادة البنتاغون أمام الكونغرس يشير إلى محاذير تسليح ما يسمى بالمعارضة السورية بعد ظهور الحجم الأساسي والحاسم للقاعدة ولفرعها السوري جبهة النصرة وهو منطق عززته مؤخرا التفجيرات التي وقعت داخل الولايات المتحدة بعد انكشاف تورط إرهابيين من فصائل الشيشان المشاركة في العدوان على سورية بدعم أميركي بينما كشفت الصحافة الغربية قبل أشهر عن تكوين مجموعات شيشانية مقاتلة جرى تدريبها في ليبيا بإشراف المخابرات الأميركية بهدف شحنها إلى تركيا ومن ثم إلى سوريا ومن بعدها إلى روسيا.
أولا: إن الارتباك الأميركي بشأن الوضع في سورية ناتج عن صمود الدولة الوطنية السورية وجيشها ونجاحها في إفشال حلقات العدوان الاستعماري الذي تقوده الولايات المتحدة ويكذب الأميركيون حين يتحدثون عن مناقشة التسليح كخيار مطروح للنقاش فالولايات المتحدة أشرفت مباشرة على جميع شحنات الأسلحة التي أرسلت لصالح العصابات الإرهابية في سورية ومولتها السعودية وقطر والإمارات .
الولايات المتحدة هي التي أوعزت إلى حكومتي فرنسا وبريطانيا للمشاركة في إرسال أجهزة الاتصالات وشحنات الأسلحة بآلاف الأطنان إلى سورية وقد أعلن رسميا من واشنطن مؤخرا أن جون كيري يحمل معه إلى اسطنبول قرارا برصد مبالغ كبيرة من الخزينة الأميركية العاجزة لتقديم أسلحة ومصفحات وأجهزة اتصالات للعصابات الإرهابية .
إن الكلام عن خلافات في الإدارة يتعاكس كليا مع حقيقة ما يحمله وزير الخارجية وما يعلنه كقرار رسمي أميركي ولكن واشنطن تتعمد ذر الرماد في العيون لتحتفظ بالقدرة على التراجع في الوقت المناسب الذي ما تزال تراهن على إبعاده زمنيا من خلال التحايل على الاتصالات والمبادرات لكسب المزيد من الوقت و لاختبار محاولات عسكرية إرهابية جديدة يديرها ضباط أميركيون من غرف العمليات في اسطنبول وعمان .
ثانيا: من الواضح أن الجيش العربي السوري حقق انجازات كبيرة وهو يخوض حملة عسكرية شاملة تهدف إلى إحكام السيطرة على جميع المدن الكبرى ومحيطاتها الريفية وإعادة ربط وتأمين جميع الطرق الدولية في القطر و إحياء شبكات المواصلات والخدمات على امتداد الأراضي السورية وهذا الهدف الذي يمثل عنوان المرحلة الراهنة من الخطة العامة للقيادة العسكرية سوف يتيح بعد تحقيقه إحياء الدورة الاقتصادية ومحاصرة البؤر الإرهابية وعزلها والانتقال بالبلاد إلى مرحلة جديدة تسمح ببدء عودة كبيرة للنازحين إلى سورية مع استمرار المعركة المفتوحة ضد الجماعات الإرهابية في جميع الأنحاء السورية.
يسعى المخططون الأميركيون في هذه المرحلة إلى محاولة تحريك وحدات من عصابة ما يسمى بالجيش الحر دربوها في تركيا والأردن ويسعون لتزويدها بالمصفحات وبالأسلحة وبشبكات الاتصال المربوطة بالأقمار الصناعية والهدف هو محاولة السيطرة على رقعة داخل الأرض السورية تتواجد فيه حكومة هيتو العميلة وبالتالي خلق نواة جيب عميل داخل الأرض السورية بأي ثمن وهذا هو سر التركيز على شراء الموقف الأردني والعمل بكل الوسائل للملمة شتات الواجهة السياسية الفاشلة التي يرأسها معاذ الخطيب في مؤتمر اسطنبول الذي يشارك فيه ممثلو الناتو وحكومات العدوان الخليجية وحكومة الوهم العثماني و يرئسه جون كيري.
ثالثا: يبدو واضحا أن خطة الاستنزاف الأميركية الأطلسية ما تزال محكومة بكمية كبيرة من الأوهام حول إمكانيات التأثير في المعادلات السورية الصعبة و في ظل تكالب حكومات الخليج أي قطر والسعودية والإمارات ضد سوريا ورئيسها وفي ظل الإلحاح الإسرائيلي على العمل بجميع الإمكانات لمنع نهوض القوة السورية مجددا ، أو تأخيره على الأقل ، بينما يرى أردوغان مصيره السياسي الشخصي في الميزان ولهذا الاعتبار فان الولايات المتحدة المندمجة استراتيجيا بإسرائيل والحريصة على حماية مستعمراتها العربية من خطر تعاظم القوة السورية حين يقع الاعتراف الأميركي بالهزيمة أمام الأسد، تبدي تصميما مستمرا على مواصلة العدوان وتعمل بكل إمكاناتها للتحايل على المبادرات والاتصالات الروسية وهكذا وجدنا الولايات المتحدة تتعامل مع الإنذار الكوري بأسلوب الاحتواء وتقدم التعهدات للصين بخفض قواتها في كوريا الجنوبية بل وقام أوباما شخصيا بمناشدة الزعيم كيم جونغ اون التجاوب مع المساعي السياسية لحل النزاع.
إن حصيلة الإقرار الأميركي بالانتصار السوري على الحرب العدوانية ستكون خضوع الولايات المتحدة الدولة الأعظم والقطب الوحيد المهيمن في العالم لمعادلة شراكة دولية جديدة وخضوع إسرائيل لحقيقة مناعة القلعة العربية الحاضنة للمقاومة ولقيام منظومة إقليمية تضم إيران والعراق وسورية سرعان ما سينضم إليها لبنان والأردن والبحرين واليمن وتداعياتها ستكون زلزالا يطيح بما تخيل الغرب وإسرائيل وقادة الأخوان أنهم نجحوا في إقامته في غزة ومصر وتونس.
بقدر ما تبدو تلك التحولات كبيرة ونوعية فهي قاسية وكارثية على الأميركي والإسرائيلي اللذين يسعيان لإبعادها بكل جهد ممكن عبر إطالة أمد العدوان على سورية بشتى الوسائل المتاحة.