خدعة أمريكية بإسم إستراتيجية “السلام النووي”
صحيفة البعث السورية-
ريا خوري:
تعاني الولايات المتحدة الأمريكية العديد من الأزمات الاستراتيجية العالمية العسكرية والاقتصادية. كما تعاني العديد من حالات الاضطراب واليأس في بنيتها السياسية والإدارية، بسبب حالة التآكل التي بدأت تزداد يوماً بعد يوم على الصعيد الداخلي، بشكل خاص تلك الصراعات والحروب البينية بين المدن الكبرى، والخلل الاجتماعي المتفشي فيها، وتهاوي البنية الأخلاقية للمجتمع الأمريكي الذي أدى إلى تقسيم المجتمع في جميع الولايات على أساس الدين والعرق والعقيدة، واستمرار التمييز العنصري وطغيان الشعبوية، وعدم المساواة في توزيع الثروة والمناصب الإدارية التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
جميع تلك القضايا أدّت إلى حالة من الإحباط الوطني، ما دفع بالقيادة الأمريكية إلى أن تعمل على تقديم نفسها على أنها دولة قوية بكل ما تملك من إمكانيات، لذلك لجأت إلى تطوير أسلحتها النووية كي تمارس اعتداءها على دول وشعوب العالم بعملية عربدة سياسية متهورة. هذا السلوك العدواني دفع الصين وروسيا لعقد لقاء ضمّ العديد من الدول النووية الكبرى الخمس التي أعلنت في بيان لها منذ بداية كانون الثاني الجاري 2022 التعهد بعدم انتشار الأسلحة النووية.
في الحقيقة، إن محاولة استرجاع القوة والنفوذ الأمريكي في العالم دفعها لأن تواصل تحديث وتطوير أسلحتها النووية، وأسلحة الدمار الشامل، وترصد لذلك عشرات المليارات من الدولارات، رغم أن الدول النووية الكبرى أقرّت بأنه لا يمكن كسب أي حرب نووية، ويجب عدم خوضها نهائياً مهما كلّف الأمر. لكن رغم ذلك نجد أن الولايات المتحدة تتبنى خطة استراتيجية تهدف إلى تطوير القنابل النووية منذ عهد الرئيس السابق ترامب، وما زال الرئيس جو بايدن يسير على هذه الخطة، ولهذا تطور قنابلها النووية بحيث تكون قابلة للاستخدام تحت مسمّى “السلام النووي”. لكن هذه النظرية المخادعة لن تنطلي على أحد، لأن خطر هذه الأسلحة الفتّاكة سوف يبقى مسلطاً على البشرية، وأن كل كلام عن تعهّد أمريكي بعدم استخدامه هو كلام من قبيل التضليل والمراوغة، ويفتقد المصداقية.
ولو كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدول الغربية النووية الرسمية وغير الرسمية صادقة في نواياها وما تقدّمه من تبريرات أمام العالم بعدم استخدام الأسلحة النووية، فلماذا لم توقع على معاهدة حظر الأسلحة النووية التي تبنّتها نحو 122 دولة، ودخلت حيّز التنفيذ في 22 كانون الثاني الماضي، والتي تعتبر أول اتفاقية دولية للإلزام القانوني بحظر الأسلحة النووية، بهدف المُضي نحو القضاء التام على هذه الأسلحة والتخلّص منها؟