خاطرة “أبو المجد” (الحلقة الثانية والخمسون)
موقع إنباء الإخباري ـ
الدكتور بهجت سليمان ـ سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن:
(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).
الحلقة الثانية والخمسون
-1-
[ سيرحلون جميعاً.. ولن يرحل ]
[تَقَوُّلات صهيو- أمريكية- وهّابية- إخونجية عن سورية]
[ أمورٌ يَرْتَعُ السفهاء فيها وَيَأْلَمُ من مَوَاجِعِها، الحليم]
– (الرئيس السوري، يقتل شعبه)
– (الرئيس السوري، متشبّث بالكرسي)
– (الرئيس السوري، أظهر عجزاً، عن حماية الشعب السوري)
– (الرئيس السوري، كان السبب في موت سبعين ألف سوري، وفي دمار سورية)
– (الرئيس السوري، تأخّر بالإصلاح، مما أدّى إلى الثورة عليه)
– (الرئيس السوري امتنع عن القيام بإصلاحات حقيقية، فتصاعدت الثورة ضده)
– (النظام السوري يعاني من عزلة دولية وإسلامية وعربية)
– (الشعب السوري ضد النظام السوري)
– (القاعدة، وجبهة النصرة، وفتح الإسلام، صنائع النظام السوري)
– (النظام السوري يقوم بالتفجيرات والاغتيالات في سورية)
– (النظام السوري طائفي، ولا يقف معه إلاّ أتباع الأقليّات)
– (إسرائيل حريصة على بقاء النظام السوري)
– (لو كانت أمريكا تريد إسقاط النظام السوري، لّسَقَطْ).
– (لم تطلق سورية، طلقة واحدة في الجولان، منذ أربعين عاماً)
· صار القائد الذي يقود الرَّكـْب، ويرفض الانخراط في طابور نواطير الغاز(الإخونجي) والكاز (الوهّابي)، التابع للمحور الصهيو- أمريكي، ويقول (لا) كبيرة، لأمريكا، ولحلف الناتو، ولإسرائيل، ولأتباعهم الأعراب.. ورَفَضَ ويرفض المغريات الخرافية التي قدّموها له، بما فيه تعميده مرجعاً سياسياً أعلى، لجميع دول المنطقة، إذا تخلّى عن استقلالية قراره، وتخلّى عن مبادئ ومصالح الشعب السوري والأمة العربية، وطلّق نهج المقاومة والممانعة، وقَبِلَ بما قَبِلَت به (الجامعة العربية) من تبعية ذليلة، للقرار الصهيو- أمريكي، وارتضى بالاستسلام لإسرائيل، باسم (السلام).. لأنه كذلك، جرى اتّهامه بقتل شعبه، وجرى شنّ حرب كونية إرهابية عليه، باسم الحرية والديمقراطية، وعبر (عصابات الوهّابية وقطعان الإخونجية) وعبر نصَّابِي ولصوص ومجرمي الداخل، الخارجين على القانون، الذين قتلوا عشرات الآلاف، ودمّروا كل ما استطاعوا تدميره من البنى التحتية والفوقية في سورية.. وعندما قاد الرئيس بشّار الأسد، الشعب السوري والجيش السوري، في مواجهة هؤلاء، لكي يمنعهم بالقوّة، من أخذ سورية إلى الحضن الصهيوني، صار في نظر الشبكات الأخطبوطية للإعلام الدولي، هو الرئيس الذي يقتل شعبه!!!!.
· لا بل صار عندهم، (متشبّث بالكرسي) لأنه صَمَد وواجـَهَ وقاتل واستبسل، لكي يمنع أخذ سورية إلى المجهول الأبدي، وليمنع تحويلها بيدقاً تابعاً لإسرائيل، تمهيداً لإدخالها في حرب أهلية تؤدي إلى قتـْـل الملايين من أبناء شعبه وإلى تقسيمها إلى كيانات متحاربة، لعقود من السنين.. لأنه وقف بكل ما لديه من قوّة، في وجه هذا المخطط، صار متشبّثاً بالكرسي!!!!!.. وصار مَن يحمي الشعب السوري، من ذلك المخطط الجهنّمي الرهيب بنظر هؤلاء، عاجزاً عن حماية الشعب السوري !!!!!..
· كما صار هو السبب في موت سبعين ألف سوري، لأنه لم يهرب، كغيره، من اللحظات الأولى، ولم يرضَ قبل ذلك ولا بعده، بأن يسلّم سورية إلى إسرائيل وحُمَاتِها وإلى أذنابهم وبيادقهم!!!!!.
· وأمّا التأخّر بالإصلاح، الذي أدّى إلى (الثورة).. فالمقصود به هو التخلّي عن النهج السياسي والاقتصادي والثقافي المستقلّ غير التابع، لأنه الإصلاح الوحيد المطلوب، أمريكياً وأوروبياً، من أجل الالتحاق بالطابور التبعي الأعرابي.. وأكبر أعداء المحور الصهيو- امريكي، هو القيام بإصلاحات حقيقية راسخة، ولذلك كلما كانت سورية، منذ بداية هذا القرن، تبدأ بتنفيذ برنامج إصلاحي، يحقّق صلابة وحصانة الوضع السوري، كان المحور الصهيو- أمريكي، يضع العقبات في طريقه، ويشنّ الحملات على سورية، من أجل إجهاض أيّ إصلاح، والأنكى أنّ تلك الحملات على سورية، كانت تجري تحت عنوان (حاجة سورية إلى الإصلاح) وطبعاً يقصدون به إصلاحاً مفصّلاً على مقياس رغباتهم، بالتحاق سورية بهم، بدءاً من إصدار (قانون محاسبة سورية في الكونغرس الأمريكي”عام 2003″)، بعد أن ضربتهم صَنِيعَتُهم (القاعدة) في عقر دارهم في أيلول 2001 وبعد قيامهم بغزو العراق (2003)، مروراً باغتيال الحريري، لإخراج القوات السورية من لبنان، واتّهام سورية بذلك، وعدوان إسرائيل على لبنان عام (2006)، وتوتير الجوّ في لبنان، وتسميم الجوّ السياسي ضد سورية، في العراق، ومحاولات تزليق سورية، لاحتوائها وترويضها، عبر تقديم إغراءات خرافية، عبر (ساركوزي فرنسا) و(أردوغان تركيا) و(حاكم قطر) في السنوات اللاحقة، وإصابتهم بالإحباط، لفشلهم في عملية الاحتواء هذه!!!!!!.
· وهذا ما أدّى بهم إلى شنّ الحرب الإرهابية الدولية، منذ بدايات عام (2011) تحت عنوان (الربيع العربي)، وأمّا العزلة الدولية والإسلامية والعربية، التي يتحدثون عنها، فهي انخراط أعراب النفط والغاز وأتباع واشنطن في العالم الإسلامي، في سلسلة من العقوبات التي قرّرها المحور الصهيو- أطلسي، بحقّ سورية ، من أجل إسقاط سورية.. ولكنهم باؤوا بالفشل، رغم الأضرار الهائلة التي ألحقوها بالشعب السوري!!!!!.
· وأمّا أن يكون الشعب السوري ضد النظام السوري، فالسؤال: كيف يمكن لنظام سياسي تقف أميركا ودول أوروبا والمؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، ضدّه، ويقف شعبه ضدّه، أن يصمد هذا الصمود الأسطوري؟! لو كان شعبه ضدّه، لَمَا استطاع الصمود، شهراً واحداً، حتى بدون الحاجة إلى وقوف الغرب الأمريكي والأوروبي والأعراب ضده!!!!.
· أمّا تنظيم (القاعدة) ومفرزاته المتوالدة، كالفطريّات السامّة، فلا يخفى على أحد في العالم، بأنها صناعات أمريكية، بتمويل أعرابي نفطي، وأنّ الدّجل والرياء في هذا المجال لا يُقنع إلاّ الدجّالين والبيادق.
· وكذلك قيام (النظام السوري) بالتفجيرات والاغتيالات: إذا كان ذلك صحيحاً، فأمر يجب أن يرحّب به المحور الصهيو- أمريكي وأعرابه وسلاجقته، لأنه يعني أنّ (النظام السوري) قرّر الانتحار، وما عليهم إلاّ أن يرحّبوا بذلك، من أجل الانتهاء منه إلى الأبد!!! على مَن يضحك هؤلاء الحمقى، ومَن يخدعون؟ إنهم يضحكون على أنفسهم وعلى أذنابهم فقط!!!!.
· وأمّا أنّ النظام السوري (طائفي، ولا يقف معه، إلاّ أتباع الأقليّات) فلو كان الأمر كذلك، أيضاً لَمَا صمد (النظام) في سورية، شهراً واحداً.. وما عليهم إلاّ أن ينتظروا الانتخابات القادمة، لكي تتكشّف عوراتهم ويظهر دَجَلُهم…. ورغم الجهود الهائلة للوهّابية والإخونجية التي لا تستطيع الحياة، شهراً واحداً، بدون أوكسجين الطائفية والمذهبية، رغم جهودهما لِبَثّ سموم الطائفية والمذهبية في سورية، ولتأجيج تراكمات التاريخ السلبية، من أجل تدعيم الحرب الخارجية القائمة على سورية، عبر إشعال حرائق طائفية ومذهبية، وعبر استنفار غرائز كلّ ما ومن يستطيعون استنفار غرائزه الطائفية والمذهبية، من أجل تحويل الصراع مع سورية إلى صراع بين الطوائف والمذاهب في سورية، تنفيذاً لمخططات أسيادهم وراء البحار، الذين يرفضون تصنيف بلدان العالَم الثالث، تصنيفاً سياسياً، ويُصرُّون على تصنيفها، طائفياً ومذهبياً وأثنياً – مع أنّهم يصرّون على العكس في بلدانهم -…. رغم كل ذلك فإنّ محاولاتهم المسمومة هذه، فشلت، حتى لو استطاعوا تحريك بعض البؤر المأفونة، هنا أو هناك، في هذا الاتجاه، وقاموا بتسويقها وتعميمها، على أنها ظاهرة عامة في أنحاء سورية…. ومهما اخترعوا حكاية الأقليّات والأكثرية، فإنّ ثلاثة أرباع الشعب السوري، هم الأكثرية، وإنّ الأقلّ من الربع الذين اخترقوهم، وهّابياً وإخوانجياً، لا علاقة لهم بالإسلام، بل خرج هؤلاء من دين الإسلام ليدخلوا إلى دين جديد هو دين (الوهّابية) التلمودي و(الإخونجية) البريطاني، اللّذَيْن يعتقد كلٌ منهما أنّ من حقّه أن يصادر عقل المسلمين في هذا العالم، وأن يعمل وكأنّهم فوّضوه بأن يختزل الإسلام في تنظيمه، وأن يُخْرِجَ من الإسلام، كلّ من لا ينضوي في صفوفه.. ولكنّ هرطقاتهم انكشفت بسرعة فائقة، ليس في سورية فقط التي فشلوا فيها، بل في مصر وتونس اللتين وصلوا إلى الحكم فيهما!!!!.
· والقول بأنّ (إسرائيل حريصة على النظام السوري) هي محاولات غبيّة مكشوفة، ممّن وضعوا أنفسهم في خدمة حلفاء إسرائيل طوال حياتهم، وبالتالي في خدمة إسرائيل، من أجل إسقاط سورية.. إنّها محاولات مفضوحة للتستّر على تحالفهم مع إسرائيل ضد سورية!!!!.
· أمّا القول بأنه (لو كانت أمريكا تريد إسقاط النظام السوري، لَسَقَط) فهذا قول يردّده مَن يعتقدون بأنّ أمريكا هي إله هذا الكون، الذي لا يُرَدُّ له أمر، ومَن يؤمنون بأنّ واشنطن، إذا قالت للشيء (كن، فسيكون) ولذلك تعجز عقولهم الملتاثة أن تتصوّر بأنه يمكن لبلد في العالم الثالث، أن يرفض كلّ ما تريده أمريكا، ثمّ يبقى هذا البلد، واقفاً على قدميه.. وينسى هؤلاء، أنّ أتباع أمريكا هم وحدهم من يَسْقطون، عندما تريد أمريكا، إسقاطهم.. وأنّ من تُصرّ أمريكا على استعدائهم ومحاصرتهم، يستمدّون شرعيتهم من شعوبهم، ولذلك تفشل أمريكا في إسقاطهم، والدرس السوري أكبر دليل.
· وأخيراً، القول بأنّ سورية لم تطلق طلقة واحدة في الجولان، منذ أربعين عاماً، فإنّ القائلين بذلك، إمّا أنهم جهلة، أو ضغائنيون، أو مرتهنون لإسرائيل وأسيادها، لأنهم أول مَن يدرك، أنّ سورية وحدها، من بين الدول العربية، واجهت إسرائيل بقوّة، عبر تكريس وترسيخ نهج المقاومة السياسية وطريق المقاومة العسكرية، بديلاً عن تخاذل معظم الدول العربية وانتقالهم إلى الخندق الإسرائيلي، عبر عقد اتفاقيات سلام استسلامية معها، وأنه لم يكن أمام سورية، إلاّ أن تجترح الوسائل الكفيلة باستمرار مواجهة إسرائيل بمختلف السبل الناجحة والناجعة، فكان نهج المقاومة والممانعة… وبالمناسبة يتجاهل هؤلاء أنّ سورية، قدّمت عام (1982) أثناء مواجهة الاجتياح الإسرائيلي في لبنان (5000) شهيداً، وخسرت (500) دبابة و (100) طائرة، ومع ذلك لا يرى هؤلاء ذلك، وتعاموا عنه، وأنكروا وجوده… ولكن الأهمّ من كل ذلك هو أنّ سورية لا تنظر للصراع مع إسرائيل، من منظور قـُطْري، بل من منظور قومي عربي، ولا تعتبر الجولان، أهمّ من القدس، ولا أهمّ من فلسطين، ولا تعتبر الصراع، نزاعاً سورياً مع إسرائيل، بل تعتبره صراعاً عربياً- إسرائيلياً، وصراع وجود، لا صراع حدود… والسياسة السورية العليا، محكومة بثلاثة محدّدات، هي: المبادئ القومية العربية- والمصالح السورية- والكرامة الإنسانية.. والجولان ليس هو القضية، وليست سيناء هي القضية، بل القضية هي فلسطين، بما فيها القدس.. ولأنّ احتلال الجولان، كان نتيجة للحرب مع مَن احتلّوا فلسطين.. فإنّ تحرير الجولان، يأتي نتيجة تحرير فلسطين، ناهيك عن أنّ قدسية فلسطين عامّةً، والقدس خاصّةً، فوق جميع المقدّسات الأخرى، بما فيها الجولان، حسب المنظور القومي الذي تعتنقه سورية.. ولأنّ المدرسة السياسية السورية (الأسدية) كانت تؤمن بهذا النهج، وتعمل على أساسه، جرت محاصرتها والتضييق عليها، منذ عدّة عقود، وصولاً إلى شنّ الحرب العالمية الثالثة عليها، منذ بداية عام (2011) من أجل الانتهاء من سورية، مرّة واحدة، ومن أجل قطع الطريق على إمكانية نهوضها، مرّةً أخرى، كقاطرة للشرق العربي، وللوطن العربي.. ولكنّ حساب الحقل لم ينطبق على حساب البيدر في دفتر المحور الصهيو- أمريكي، رغم الخسائر الهائلة والدماء السائلة التي انسكبت مدراراً على الأرض السورية.
-2-
[ لمَن يقولون، بأنّ “الحسم العسكري، في سورية، غير ممكن” ]
من الضروري أن يعرفوا، بأنّ (الحسم العسكري، هو الوحيد الممكن) أو الممكن الوحيد، لأنه، إذا لم تحسم الأمور، عسكرياً، في مواجهة عشرات الآلاف من قطعان الإرهابيين والمجرمين، وفي مواجهة داعميهم: الصهيو-أطلسيين، وأذنابهم، من نواطير النفط والغاز… أقول: إذا لم تقم الدولة الوطنية السورية، بحسم الأمور، عسكرياً، في وجه هؤلاء، فإنّ سورية، ستعود خمسمئة عام، إلى الوراء، وسوف تصبح، بلاد العرب بكاملها، حظيرة جانبية، لإسرائيل… وإذا كانت معظم أطراف المعارضة، تردّد ذلك، فلأنّها تدرك، بأنّها لا تمتلك رصيداً شعبياً، وبأنّها تراهن على إضعاف الدولة السورية، من أجل أن تحظى ببعض الفتات، ثم “تفلسف” موقفها، هذا، بالتحدّث عن ضرورة حقن الدماء، والكف عن الحسم العسكري، لخشية هؤلاء، من قيام الدولة بالحسم العسكري، فيخسرون فرصة سانحة، يعتقدون أنّها لن تتوافر لهم، مرّة أخرى، متجاهلين أنّ الدولة، إذا لم تقم بالدفاع عن الوطن، في مواجهة الهجمة العدوانية عليه، فإنّها بذلك تتخلّى عن واجبها الوطني، لا بل، إنّها، حينئذ، تقترف جرم الخيانة الوطنية، إذا تخلّت عن مسؤولياتها وعن واجبها المقدس.. وموقف هؤلاء، مفهوم…
وأمّا موقف بعض الوطنيين، في الترداد الببغائي، لتلك المقولة الخرقاء، فأمر غير مفهوم، وغير مقبول، وغير حصيف، بل وغير أخلاقي، لأنّ سورية تخوض حرباً ضارية، وما من حرب، تنتهي إلّا بالحسم، ومَن يحذرون من مخاطره، إنما يخشون من نتائجه الوخيمة عليهم وعلى أطماعهم، وليس على الوطن، لأنّ ضمانة الوطن، تكون في قطع دابر هذه العصابات الإرهابية والإجرامية، وفي تلقين أسيادهم الدوليين والإقليميين والأعراب، دروساً، في الصمود الأسطوري السوري، تجبرهم على التوقّف عن احتضان ودعم وتسليح هذه القطعان الظلامية، والمراهنة عليها….
باختصار، مَن يحذّرون من الحسم العسكري، لا يخشون من عواقبه على الوطن، كما يقولون، بل من عواقبه على أطماعهم، كما لا يقولون ولا يعترفون .
-3-
[ لمَن يريد أن يعرف، وكذلك، لمَن “لا” يريد أن يرى ]
(هذا هو موقف، مئات الآلاف، من نمور سورية وفرسانها، ومن آساد سورية ونسورها) الذين تحوّلوا إلى جنود للوطن، عندما احتاجهم الوطن: جنود الوطن السوري – شباباً وشابات، مدنيين وعسكريين – أينما كانوا، وحيثما وجدوا – داخل حدود الوطن، وخارج حدود الوطن – عندما يتعرض الوطن للخطر، يستنفرون جميع ملكاتهم وطاقاتهم وإمكاناتهم وقدراتهم وخبراتهم وتجاربهم، ليس في ميدان واحد فقط، بل في جميع الميادين التي يحتاجهم الوطن فيها، والتي يجيدون القتال فيها، ويتحوّل كل مقاتل منهم، إلى جحفل قائم بذاته، أو إلى فيلق أو فرقة أو لواء أو فوج أو كتيبة (على الأقل)، من أجل أن يتمكن الوطن من الانتصار الساحق، في الحرب العالمية الثالثة، التي شنّها ويشنّها، على الشعب السوري – بل وعلى هذا الشرق العربي – : الاستعمار الجديد، الصهيو-أطلسي، وأذنابه الأعراب، وزواحفهم من الخارجين على القانون وعلى القيم وعلى الأخلاق، من داخل الوطن السوري.
ويأتي في طليعة عوامل الجاهزية، للدفاع عن الوطن، تحوّل جميع جنود الوطن الشرفاء، إلى كربلائيين ومشاريع شهادة، بعد أن تعلّموا من تجارب التاريخ، بأنّ أولئك الذين يطلبون الموت، هم من توهب لهم الحياة، وعندما ينالون شرف الشهادة، يكون ذلك، من أجل أن يحيا الوطن، وتعلّموا، أيضاً، من تجارب التاريخ، أنّ الشجاع يموت مرة واحدة، وأن الجبان يموت آلاف المرات، وأنه عندما يسلك شرفاء الوطن، نهجاً كربلائياً إنسانياً أخلاقياً قيمياً رفيعاً (يسمو فوق العقائد والمذاهب)، وخاصة في حرب دفاعية مقدسة، وفي معركة الشرف والكرامة التي تخوضها الدولة الوطنية السورية.. فإنّ النصر يكون حتمياً، لا ريب فيه، حتى لو وقف العالم، بكامله، ضدهم… وهم على ثقة مطلقة، بقدوم هذا النصر الحاسم، مهما كانت الصعوبات ومهما كانت العقبات ومهما كانت التضحيات… وسوف يتعلم السوريون، دروسا كبرى، من التحدّيات الكبرى، التي واجهتهم ويواجهونها، وسوف يكون حجم النصر، بحجم التضحيات الكبرى، التي قدّمها ويقدّمها السوريون، بل وسوف تولد سورية جديدة، ومتجددة، دائماً، من بين الأنقاض، كما ولدت (اليابان) الجديدة، من بين الأنقاض، وسوف تكون نبراساً وقدوة وطليعة وقائدة لنهج التحرر العربي، الذي سيعم المنطقة، رغماً عن الجميع، بل وسوف نكون جميعاً، (من قمة الهرم إلى قاعدته) رجالاً جدداً وفرساناً جدداً، تعلّموا مما واجههم وواجهوه، رجالاً وفرساناً جدداً، لم يعهدهم التاريخ، في الاستشراس لبناء وطن سليم معافى حصين منيع عزيز كريم، لا تستطيع العواصف والأعاصير، النيل منه، مرّة أخرى، وسوف يكون القائد العملاق (الرئيس بشّار الأسد) هو الربّان الذي سيقود سفينة الوطن .
-4-
[ ليس مهماً أن تمتلك إسرائيل، سلاحاً نووياً، بل المهمّ أن نتمكّــن من تهديم العراق ومصر وسورية ]
* بن غوريون
لقد صارت مفاهيم “الحرية” و “الديمقراطية” و “حقوق الإنسان” هي الأسلحة الحديثة والأكثر فاعليةً، لإشهارها في وجه دول العالم الثالث، وتحوّلت هذه المقولات، إلى مصطلح “كودي” وممرّ آمِــن، لهيمنة الاستعمار الجديد، على مقدّرات شعوب العالم الثالث وعلى قرارات قياداته المحلّــية، عبر الاستعانة، بكوادر محلّــية، جرى تدجينها وتطويعها وتدريبها وتمويلها، من أجل القيام بالمهامّ المطلوبة لذلك.
وكلما رأيت غربيا – إلاّ أقلّ القليل- يرفع شعار(الديمقراطية) بوجهك، يجب أن تعرف على الفور، أنه يريد لك(الديكتاتورية).. وعندما يرفع شعار(الحرية) فتأكّد أنه يريد سَــوْقَـــك إلى(العبودية) له، وعندما يرفع شعار(حقوق الإنسان) فتأكّـــد أنه يريد الوصول بك إلى دون مستوى(حقوق الحيوان) التي يتمتع بها الحيوان في الغرب.
هل عَــرَفْــتُــم، الآن، لماذا يريدون تدمير بلاد الشام، ومصر، والعراق، دون الحاجة إلى استخدام سلاح نووي؟ فسلاحهم ” النووي” الأكثر فعاليةً، هو (الوهّــابية) و (الإخونجيّــة) و مُــفْــرَزَاتُـــهُــما.. وديكور هذا السلاح النووي، هو (منظمات التمويل الأجنبيNGO ).
-5-
[ نَصّابو ومُحْتالو الـ NGO ]
هل تعلمون، أنّ أسوأ أنواع النصّابين والمحتالين واللصوص (الحرامية) في العقود الأخيرة، هم نصّابو ولصوص (منظمات حقوق الإنسان) و(جمعيات المجتمع المدني) و(المنظمات غير الحكومية، المموّلة خارجياً) من ذوي الياقات البيضاء، والقفّازات المخملية، الذين يدّعون، الحرص على الإنسان، وحقوقه، وحريته، وديمقراطيته، ويرفعون عقيرتهم، بادّعاء الزهد بمغريات الحياة، والتحلّي بالتقشّف، وبالغيرية، وبنكران الذات، والتفرّغ للدفاع عن المظلومين والمقموعين والمضطهدين، في هذا العالم… ثم يقومون، باتّهام كل مَن لا يرضى عنهم “العم سام” وملحقاته، موجّهين لهم، تلالاً من التّهم المتلاحقة..
وأمّا مَن يحظون برضى “العمّ سام” فتجري ملامسة جرائمهم الإنسانية الكبرى، ملامسة خفيفة، من باب رفع العتب وتسجيل الموقف، لا أكثر… وهؤلاء، جميعاً -إلّا أقل من القليل- يعملون (خزمتشية) و(أجراء) عند قوى الاستعمار الجديد، مقابل جعالات مالية مغرية… ويشكّلون، في الوقت ذاته، واجهات برّاقة، لبيوتات وأقبية، أجهزة المخابرات الاستعمارية الجديدة.. وهؤلاء، هم ممن ينطبق عليهم، قول الأديب اللبناني الراحل (سعيد تقي الدين): (إنّ القحباء، أكثر ما تكون فصاحة، حينما تتحدث عن الشرف).
وبالمناسبة، يشكّل هؤلاء النصّابون واللصوص، المفاصل الرئيسية في (الثورة المضادة) التي يقوم بها (ثوّار الناتو) في سورية.
-6-
[ الجنرال عاموس جلعاد، رئيس الطاقم السياسي-الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية ] يقول: في مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، مايلي:
[ الإسرائيليون يفضّلون مجيء تنظيم “القاعدة” على بقاء الرئيس الأسد في السلطة. وحتى لو تفككت الدولة السورية إلى أجزاء مختلفة، وحتى لو أدى هذا التفكيك، إلى استقرار تنظيم “القاعدة” في هذه الدولة، فليس بإمكان إسرائيل، أن تفضّل على ذلك، بقاء الرئيس الأسد، أو نظامه، وذلك لأن “محور الشر” الحالي، مخيف. ]
هذا الكلام، برسم مرتزقة البلاك ووتر، وبرسم بيادق الموساد، وبرسم “متعيّشة” نواطير الغاز والكاز، وبشكل خاص، برسم أبواق (الوهّابية) و(الإخونجية) الذين يحاولون ترحيل قذاراتهم، والتحاقهم الذيلي والذليل، بالمشروع الصهيو-أميركي، ومحاولة تحميلها وتلبيسها، للدولة الوطنية السورية… هذه الأذناب والأدوات والبيادق، جميعها، عندما تقارب أو تحلّل (الوضع في سورية)، تحلّل أي شيء، وكل شيء، ما عدا (الوضع في سورية) وتحلّل فقط، رغباتها، وأمنياتها، وأحقادها، وضغائنها، وارتهاناتها، وخيباتها، وأوهامها، وأطماعها، وتسوّق وتقدّم، ذلك كله، على أنه، هو (الوضع في سورية)!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
-7-
[ بين “الرعاية” و “الوصاية” و “الانتداب” ]
الرعاية السورية، للبنان، أثناء الحرب اﻷهلية اللبنانية، وتقديم التضحيات الجلّى، لوقف تلك الحرب اﻷهلية، ومنع تقسيم لبنان، وإعادة بناء مؤسسات الدولة اللبنانية، وفي طليعتها، إعادة بناء الجيش الوطني اللبناني… كل ذلك، يسميه الـ: (14) آذاريون، بأنه (الوصاية السورية).. نعم، لا ينكر عاقل، الكثير من التجاوزات، غير المقبولة، التي قام بها بعض ضباط اﻷمن السوري، أثناء وجودهم في لبنان، ولكن، للحقيقة والتاريخ، فإنّ تلك التجاوزات غير المقبولة، لا تعادل إلاّ نزراً يسيراً، في بحر الارتكابات الكبرى، التي ارتكبها، معظم جماعات (14) آذار، بحق لبنان واللبنانيين، أنفسهم، سواء أثناء الحرب اﻷهلية اللبنانية، أو بعدها… والغريب أنّ هؤلاء الـ(14) آذاريين، أنفسهم، ﻻ يسمّون (الانتداب السعودي) على لبنان (وصاية) ولا حتى (رعاية) بل يسمونه (احتضان)، أي أنّهم يعتبرون أنفسهم، أطفالاً، يحتاجون إلى حاضنة، وحاضنتهم هي (ماما:السعودية!!!!!!!!!!!!!(.
-8-
[ استقالة الأخضر الإبراهيمي، المحتملة ]
لن تؤثر، بمقدار شعرة واحدة، على عملية الحل والتسوية، في سورية، لأنه لم يكن، يوماً، عنصراً من عناصر الحل، بل جعل من نفسه، منذ اللحظات الأولى، طرفاً مشاركاً، في العدوان على سورية، وستارة يتلطى وراءها، كل من تداعوا للعدوان على سورية… وإذا كان ينوي الاستقالة، فليس صحوة ضمير، بل لأنّ تلك الستارة التي كان يشكلها، لتغطية وتمرير وتفعيل الحرب الصهيو- أطلسية – الوهابية، على سورية، قد تمزّقت، ولم تعد قادرة على أداء المهمة المسمومة، التي جيء، بالإبراهيمي، من أجل تنفيذها.. بل قد تفسح استقالته، المجال، لوضع القطار على سكة الحل، بعد أن باءت بالفشل، كل المحاولات السابقة، لابتزاز سورية، وانتزاع ما عجزوا، عن انتزاعه منها، بالقوة، وبالعمل على انتزاعه منها، بالتحايل والمخادعة الصهيو- أميركية، التي أنيط بالإبراهيمي، دور القيام به.
-9-
[ حرائر بلاد الشام ]
من أروع، ما يكحّل عيني المرء، ويبعث في نفسه، الشعور بالعزة والفخار، هو مشهد – أو مشاهد – آلاف الحرائر من السوريات والأردنيات، من المحافِظات، دينياً، وخاصةً من المحجّبات، يقمن بنشاطات وطنية رائعة، في مواجهة الحرب الكونية العدوانية الإرهابية الظلامية، الدائرة على سورية… وليس ذلك، فحسب، بل تتحوّل الواحدة، منهن، إلى لبوة ونمرة، لا بل إلى تشكيل مقاتل، يقوم بما يعجز عن القيام به، مئات من الرجال… فتحية إكبار وإجلال، لحفيدات الخنساء، وجميلة بوحريد، وسناء محيدلي، وتحية عرفان كبير وتقدير رفيع، للدور الوطني والقومي والإنساني، المشرّف والرائع، لهؤلاء الحرائر، في سورية والأردن.
-10-
[ أيديهم أشعلت ، وأفواههم نفخت ]
وزراء خارجية أطلسيون، يحذّرون من كارثة كبرى، ستعم المنطقة، إذا استمر الوضع في سورية، على ما هو عليه!!!!! ومسؤولون أعراب، يذرفون الدموع الممزوجة بالنفط وبالدولار وبالنفاق، على الدماء التي تسيل في سورية!!!!!!!!.
إنّ هؤلاء، وأشباههم، يحذّرون من حصول الكارثة، التي ساهموا، بكلّ ما لديهم من قوّة مادية ومعنوية، لتعبيد الطريق إليها، وإضرام النار فيها، وبسكب ملايين صهاريج النفط، فوقها، لتأجيجها وإدامتها… والآن، يمارسون هوايتهم -بل صنعتهم وحرفتهم- في الدجل والنفاق والكذب والخداع، عبر ادعاء الحرص، على حقن الدماء السورية… مع أنّ الأمر، لا يحتاج، إلّا إلى أن يقوموا، بالتوقّف الفوري عن احتضان ودعم وتسليح وتمويل، مئات المجموعات الإرهابية والاجرامية، التي أعلنت الحرب على الدولة الوطنية السورية.. لكي يتوقّف ما يدّعون الحرص على عدم وجوده، أو حصوله… ولكن هيهات، ففي كل يوم، يقدّمون براهين جديدة -إلّا لعميان البصر والبصيرة- بأنّ المثل العربي (يداك أوكتا، وفوك نفخ) ينطبق عليهم: (أي أنّ أيديهم، هي التي أشعلت النار، وأفواههم هي التي نفخت بالنار)، ثم لا يجدون غضاضة، في ذرف دموع التماسيح، على اشتعال النار، وعلى ما ستأكله تلك النار، التي أشعلوها بأيديهم .!!!!!!!!
-11-
أولئك الواهمون، بأنّ الضوضاء السياسية، والصخب الإعلامي، والضجيج الدبلوماسي، ضد الدولة الوطنية السورية.. مهما تصاعد ذلك، وتراكم وتنامى وتوسّع وتعمّق وامتدّ واشتدّ.. يمكن أن يمنع الانتصار القادم، بفضل عقول وسواعد الجيش السوري الأسطوري، وبفضل صمود ووعي الشعب السوري الأسطوري، وبفضل حصافة وصلابة القائد الأسد الأسطوري.. أولئك الواهمون، بذلك، سوف تصفعهم الحقائق والوقائع الراهنة والقادمة، بل وسوف تقذف بهم، إلى مزابل التاريخ.
-12-
[ لا بُدَّ، من تعزيز وتعميق وترسيخ، روح المبادرة ]
عندما يذهب قادة الوطن، أثناء الحرب، في مختلف الاتجاهات القتالية، العملياتية والتعبوية، من البديهي أن يقوم هؤلاء القادة – إذا كانوا قادةً، فعلاً – بالتصرّف، بحسٍ عميق بالمسؤولية، وبشجاعة، والأهمّ من ذلك، أن يقوموا بسلسة مبادرات متلاحقة، وأن لا ينتظروا التعليمات، طالما أنهم يعرفون واجبهم، ولا حتّى الأوامر، فالقائد لا ينتظر تعليمات، بل من البديهي أن يدرك، بعمق، ما يحتاجه الوطن منه، وما تريده القيادة الوطنية منه، وما الذي يمليه واجبه عليه، أن يقوم به، لكي يحقّق ذلك.. فإذا نجح، يكون قد قام بواجبه الوطني والأخلاقي.. وإذا فشل، فمن البديهي، أن يتحمّل وحده، مسؤولية فشله، لا أن يحمّلها للوطن.