خاطرة “أبو المجد” (الحلقة الثالثة والستّون)
موقع إنباء الإخباري ـ الدكتور بهجت سليمان ـ سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن:
(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).
الحلقة الثالثة والستّون:
وَمَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍ مَرِيضٍ يَجِدْ مُراً، بِهِ، الماءَ الزُّلالا
-1-
[ ضربني وبكى، سبقني واشتكى ]
كم ينطبق هذا المثل، على “فخامة: ميشيل سليمان” و”دولة: نجيب ميقاتي” اللذين، لولا “سورية” لبقي الأول ضابطاً مغموراً، ولأحيل على التقاعد، برتبة “عميد”، ولبقي الثاني “بائع أجهزة موبايل متنوعة” لا أكثر… والسوريون لا يريدون منهما، أكثر من الحفاظ على “لبنان” الوطن، والحفاظ على الشعب اللبناني، وعدم إقحام لبنان في مخططات دولية وحسابات إقليمية، لا علاقة لها بمصلحة لبنان، ولا بمصلحة هذا الشرق العربي، بل تريد – تلك المخططات والحسابات – أن تجعل من الوطن اللبناني ومن الشعب اللبناني، أداة في خدمتها، حتى لو أدى ذلك إلى فتنة كبرى في لبنان، تحرق الأخضر واليابس.. ولولا وجود حكماء في لبنان، وفي مقدمتهم “حزب الله” و”العماد ميشيل عون” لتكرّرت في “لبنان” مآسي سنوات الحرب الأهلية، وبشكل أسوأ بكثير، ولدخل “لبنان” في تيه، لا خروج له منه.
والسوريون لا يريدون من اللبنانيين – كل اللبنانيين – إلّا أن لا يكونوا حطباً، في تنّور المشروع الصهيو -أميركي-الوهّابي، الذي يعمل جاهداً، وبكل ما يملك من قوّة، لإشعال الفتنة في ربوع هذا الشرق العربي، تنفيذاً للمخططات الصهيو-أميركية.
وعندما يرى السوريون، بأنّ “لبنان” الشقيق، قد تحوّل -ليس إلى خاصرة رخوة- بل إلى خاصرة مسمومة ملغومة، إلى قاعدة عسكرية وأمنية، تحتضن وتدرّب وتسلّح وتمرّر إلى “سورية” عشرات آلاف الإرهابيين، المجلوبين من مختلف بقاع الأرض، أو من منتجات التفقيس المحلّي، لكي يقتلوا الشعب السوري والجيش السوري…. وعندما يصبح لبنان، قاعدة ومقراً وممراً، لاستقبال بواخر السلاح، المخصّصة لتسليح العصابات الإرهابية، التي تقتل السوريين وتدمّر منشآتهم….. وعندما تقوم أدوات المحور الصهيو -أميركي المحلية، المسمّاة “قوى 14 آذار” بالتحوّل إلى خنجر مسموم في ظهر سورية، وعندما يقوم “فخامته” و”دولته” بضرب جميع الاتفاقيات الناظمة بين البلدين، عرض الحائط….. فماذا ينتظران من سورية؟ وهي تخوض حرباً شعواء في مواجهة عدوان صهيو – أميركي – أطلسي -عثماني -وهّابي؟!؟!؟!؟!؟!.
إذا كان الآخرون لا يعنيهم أمن بلدهم، بل كل ما يعنيهم، هو مصالحهم الذاتية غير المشروعة، وأوهامهم غير المدفوعة، والوعود الخارجية لهم، بـ “تربحات” سياسية، لن ينالهم منها شيء، إلّا إذا كان قد نال شيء منها، بعض “الفخامات” السابقة التي هدّدت بضرب سورية، وهي في “واشنطن” وإذا بها، بعد عدّة أشهر، تعود صاغرة إلى دمشق… والعاقل مَن اتّعظ بغيره…. أمّا الدولة الوطنية السورية، فلا تملك ترف التفريط بأمنها الوطني، ولا بالأمن القومي العربي، وهي من أجل ، خاضت حروباً عديدة، وتخوض الآن حرباً شعواء، حفاظاً على أمنها الوطني وعلى الأمن القومي العربي، ولا تتمنى لبعض الأشقاء، أن يمعنوا في تضييع السمت الوطني، لأنّ الحق العربي المقدّس، سوف يفرض نفسه على الجميع، دولياً وإقليمياً، بفضل القلعة السورية، والعاقل وحده، هو الذي يعيد النظر في حيدانه عن الصواب، ويعود إلى جادة الصواب، قبل أن تصبح العودة، صعبة، إن لم تكن مستحيلة.
-2-
[ مَن لم يشكر الناس، لم يشكر الله ]
تلك الحملة الإعلامية المتنوعة الأشكال والأصناف، التي جرى شنها، على سوريّة، عبر النيل من شخص السفير السوري في “عمّان”… وقابلتها مئات الردود التي قام بها كثير من شرفاء الأردن، وبعضهم ممّن لا أعرفه شخصياً.. جعلتني أؤمن إيماناً عميقاً، بأنّ المقولة الخالدة التي قالها القائد الخالد “حافظ الأسد” عن سورية ولبنان، بأنّهم “شعب واحد في دولتين” تنطبق على الشعب السوري والأردني، بأكثر مما تنطبق على السوري واللبناني.. وجعلتني أوقن أنّ مقولة “الأردن كيان وظيفي” مقولة فات عليها الزمن، وباتت مقولة ظالمة، وأنّ شعب الأردن العظيم، ومعظم قواه الحية، الشعبية والعشائرية والنقابية والمهنية والثقافية والفكرية، لن يسمحوا لجميع محاولات الضغوط الدولية، وعمليات الابتزاز الإقليمية، أن تحرفه عن اتخاذ الموقف الصحيح والسليم، في الدفاع عن هذا الشرق العربي المستهدف من المشروع الصهيو – أميركي، عبر الاستهداف الحالي للقلعة الوطنية القومية السورية الصامدة… وليس ذلك فقط، بل إنّ الجيش العربي الأردني، ما كان ولن يكون، إلّا صاحب معركة “الكرامة” وصاحب موقف العزة والوطنية والشهامة، ولم ولن يضيّع السمت ولا الهدف ولا الاتجاه، ولا العدوّ الأوحد له، والذي هو “العدو الإسرائيلي”، مهما كانت الظروف ومهما ادلهمت الأمور…. وأنّ التيار الوطني الأردني، داخل مطبخ القرار السياسي الأردني، تمكّن من الحفاظ على الموقف الوطني والقومي السليم، الذي يليق بشعب الأردن العظيم.
فشكراً من أعماق القلب لهم جميعاً، لأنّهم ألقموا حجراً، لكل أولئك الذين حاولوا الاصطياد بالماء العكر، وإيقاع الوقيعة بين البلدين، وشكراً لعشرات القامات الوطنية الأردنية التي انبرت لاتخاذ الموقف المنصف، في تلك الحملة الإعلامية الظالمة على سورية، عبر استهداف سفيرها في عمان، والشكر الأخير في ذلك، لآخر مقال، جرى نشره، بهذا الخصوص، بعنوان (أبو المجد: قامة كبيرة عصية على التطاول) – والمنشور في هذه الصفحة – للكاتب والإنسان والمواطن الأردني الشريف (سالم قبيلات) وأقول له: إنّ كانت لنا قامات شامخة ورؤوس باسقة، فالفضل الأكبر، في ذلك، يعود للشعب العربي العظيم، في سورية والأردن، ويعود للرموز الوطنية والقومية الباسقة والشامخة في هذين البلدين العظيمين، ويعود – بشكل خاص – للأسد العربي الرابض في ذرى قاسيون، وهو يقود الركب، في أشرس وأشرف معركة دفاعية مقدسة، بمواجهة الحرب العالمية الصهيو -أطلسية -الوهّابية -الإرهابية، على هذا الشرق العربي، عبر البوابة السورية.
-3-
[ نشكر.. ولا ننسى ]
سيبقى السوريون، مُــمْــتَــنِّــين، لعشرات السنيين القادمة، لكلّ عربي شريف وقف معهم في مواجهة الحرب الاستعمارية الصهيو-أمريكية-الوهّــابية-الإرهابية على وطنهم، و ممتنّــين لكل صوت وطني وقومي صادق، أبى إلاّ أن يقف مع الحق وأن يكون صوت الحق، رغم عواصف وأعاصير السموم الأطلسية والإسرائيلية والعثمانية التي هبّــت في المنطقة..
كذلك لن ينسى السوريون، كلّ مَن وقف ضدّهم، وانضمّ إلى أعدائهم، وتناغم مع العصابات الإرهابية المكلفة بتدمير سورية.. ولن يفيد هؤلاء الضغائنيين ادّعاءاتُــهم، بأنّهم يقفون مع الشعب السوري، فالشعب السوري (بأغلبيته الساحقة) يقف في الخندق المضاد للحلف الأطلسي ولإسرائيل وللعثمانيين الجدد وللوهّــابيين وللإخوان المسلمين، وكل مَن يقف في هذا الخندق، يضع نفسه، شاء أم أبى، في خندق العداء للشعب السوري.
-4-
[ فَلْيَتَعلَّمْ إعلاميّو المارينز ]
حبّذا لو يرتقي بعض إعلاميّي المارينز وبلاك ووتر، إلى المستوى الحضاري المتجسّد بقائد القوات المشتركة لـ “الأسد المتأهّب” اللواء الركن “عوني العدوان” عندما قال: (تصريح السفير السوري حول الباتريوت واختراقه، حرية رأي) الأمر الذي يؤكّد أنّ مؤسسة الجيش العربي الأردني لا تتمتع فقط بميزة وطنية عروبية، بل تمتلك من سعة الصدر ورحابته، ما يؤهّلها لسماع الرأي الآخر، وليس كما فعل بعض الإعلاميين المتربّصين، عندما جعلوا من ذلك الرأي، قضية القضايا، ومشكلة العصر.
-5-
[ ألم يكن باستطاعة سورية، تلافي سفك الدماء؟ ]
سألني مواطن أردني مخلص لوطنه الأردني ولأمّته العربية: أما كان بإمكان القيادة السورية أن تحتوي هذا (التمرّد أو هذه الثورة) في سورية، منذ بدايته، بعيداً عن القتل والخراب وسفك الدماء؟
والجواب:
وهل تعتقد يا صديقي، أنّ الحرب الدولية الصهيو-أطلسية-الإرهابية-الوهّابية، على سورية، تعود إلى حرصهم على إجراء إصلاحات في سورية أو تحقيقاً للديمقراطية أو إكراماً لعيون السوريين؟
إنّ الحرب الدولية مقرّرة على سورية، منذ سنوات، وبأدوات وهّابية وإخونجية وبأموال بترو دولارية.. وكلّ ما في الأمر، أنّهم استغلّوا الفجوات والثغرات الموجودة داخل المجتمع السوري، ليتذرّعوا بها، كنقطة انطلاق فقط، ومن ثم ليبدؤوا بتنفيذ مخططهم (الذي تحدّث عنه مؤخراً وزير الخارجية الفرنسي الأسبق “رولان دوما”).. وبالمناسبة، فإنّ الغرب الأمريكي والأوربي المتصهين، وأدواته الصهيو-وهّابية-الإخونجية، لم تعلن الحرب على سورية، من أجل معالجة السلبيات الموجودة فيها، بل من أجل اجتثاث الإيجابيات التي تتحلّى بها سورية.. وعندما تُعْلَنُ الحرب على دولةٍ ما – كما جرى مع سورية – فإنّ جميع محاولات الاحتواء أو التطويق الداخلي، لا تفيد بشيء، لأنّ الحرب خارجية، وبأدوات خارجية وأعرابية وداخلية، متأسلمة ومرتزقة ومرتهنة للخارج.. ولا يفيد معها، إلّا الدفاع عن النفس، كما فعلت وتفعل الدولة الوطنية السورية – بشعبها وجيشها وقيادتها..
أعرف تماماً، بأنك تسأل من منطلق الحرص على سورية.. ولكنّ الكثيرين يسألون هذا السؤال، من منطلق الخبث والارتهان، في محاولة مستميتة منهم، لتحميل الدولة السورية، مسؤولية الحرب المعلَنة عليها، وتبرئة ذمّة المحور الصهيو-أمريكي وأدواته وأذنابه.. والانجرار إلى هذا الفخ، يعني الإقرار بأنّ ما حدث في سورية (ثورة أو انتفاضة أو ما شابه) وليس حرباً عدوانية إرهابية، تريد تحطيم الشرق العربي، عبر البوّابة السورية.. والشرفاء من أمثالكم، لا يقعون في هذا الفخّ المسموم، ولكن الكثير من الخبثاء المرتهنين والمأجورين يعملون على تزوير الحقائق، عبر تسويق تقصير الدولة، في احتواء ما جرى في البداية، مع أنّ الدولة السورية، قامت بعشرات الخطوات الإصلاحية، في الأيّام الأولى وفي الأسابيع الأولى وفي الأشهر الأولى، وبما لم يرتقِ إلى مستواه، جميع الدول التي سقطت أنظمتها في العامين الماضيين، حتى بعد وصول قيادات جديدة للسلطة.. ومع ذلك يجري التعتيم على ذلك، ويجري التسويق لِمَا هو عكس ذلك.
-6-
[ عندما “يتزعتر” الإخوان المسلمون ]
هناك إعلامي أردني نبيه يدعى (ياسر زعاترة) ولكن نباهته تضيع وتتبدّد، بحكم “إخونجيته” المتزمّتة التي تضعه في موقع وموقف، لا يحسد عليه، عندما يتحوّل إلى بيدق في”كورس” إخونجي، يردّد ببغاوياً، ما هو مطلوب منه، وما هو مراد له، أن يقوله… ويعيش ويفكر ويكتب، متأخراً، لأكثر من سنتين، عما يجري في هذا العالَم، ويعتقد بأنّ ترداد المواقف نفسها التي كان يردّدها “الإخوان المسلمون” قبل. عصر “الربيع الصهيو-أميركي” المسمّى – زوراً وبهتاناً – بـ “ربيع عربي، أو ثورة، أو انتفاضة” ، يمكن أن تكون كافية، لتغطية الباطنية السياسية، التي برع “الإخوان المسلمون” في ممارستها… ولن نعدّد مئات المواقف التي تؤكّد ذلك، بل سوف نكتفي بإيراد بعضها… فمنذ عشرات السنين، وهم يصرخون (خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد بدو يعود) وهم ينادون (زحفاً زحفاً حتى القدس) وهم ينادون اليهود (يا أبناء القردة والخنازير).. وفور وصولهم للسلطة، بعد أن امتطوا الحراك الشعبي في “مصر” و “تونس” وبعد أن اختطفوا هذا الحراك، بالتعاون والتنسيق مع “واشنطن” وبدعم واحتضان وتمويل من “إمبراطورية قطر العظمى” ومن “قائد الثورات والانتفاضات الثورية العربية: جلالة الأمير حمد بن خليفة”… وكأنّ العالَم أعمى، لا يرى ويدرك ويعرف، بأنّ “قطر” ليست أكثر من قاعدة صهيو-أمريكية، عسكرية ومالية وغازية ونفطية وإعلامية، مسخّرة كلياً، لخدمة إسرائيل وخدمة “العمّ سام”….. وكأنّ العالَم، لم يرَ كيف تهافت حكّام مصر الجدد “الإخونجيون” والمرشد الروحي الإخونجي التونسي “راشد الغنوشي” لتقديم أوراق اعتمادهم ، لـ “الإيباك” الصهيوني، وتقديم طلبات استرحام لإسرائيل، مباشرة، يتوسلون فيها العفو عن بعض أقوالهم السابقة، ويؤكّدون لهم أنّ “التجربة أكبر برهان” و “جربونا، ستجدون ما يسرّكم” وبالفعل “استطاع” الإخوان المسلمون، خلا ل أشهر عديدة، أن يقدّموا خدمات جلّى، غير مسبوقة، لإسرائيل وللمحور الصهيو – أميركي، تفوقوا فيها، على “أنور السادات” وعلى “حسني مبارك” وعلى “زين الهاربين بن علي”… ومع ذلك، لا يجدون أدنى حرج، في أن يتكلّموا، بنفس المفردات والمصطلحات التي كانوا يتكلمون بها، قبل ذلك، الأمر الذي يؤكد أنّهم هم وحدهم، لا غيرهم، المنفصلون عن الواقع، والواهمون، والموهومون الذين يظنون أنّ أحابيلهم التي انطلت على عشرات الملايين، لعشرات السنين، يمكن أن تنطلي على أحد بعد الآن… وهذه هي المشكلة العويصة لـ “كورس” هؤلاء الإعلامي، الذي يشكّل “ياسر زعاترة” أحد بيادقه… ولا يسعنا إلّا أن ندعو لهم بالشفاء العاجل.
-7-
[ هل هناك حرب على سورية؟! ]
عندما يُطرح سؤال مغلوط، هو (هل هناك حرب على سورية ؟): يقتضي الأمر، توضيحاً، بأنّ هناك حرباً طاحنة، تدور رحاها على الأرض السورية، منذ أكثر من عامين، وأنّ هذه الحرب، هي “حرب عدوانية إرهابية صهيو -أميركية – أطلسية -عثمانية -وهّابية – إخونجية”، تهدف إلى تفكيك الدولة السورية، وإلى تفتيت المجتمع السوري، وإلى تمزيق الجغرافيا السورية، تمهيداً، لتفكيك وتفتيت وتمزيق الشرق العربي بكامله، وتحويله إلى أجرام متصارعة ومتحاربة، لعشرات السنين القادمة، تدور في فلك إسرائيل، وتتسابق على تقديم الخدمات المطلوبة واللازمة لها.
وأمّا إذا كان المقصود بالحديث عن الحرب، هو “حرب عسكرية تقليدية” شبيهة بالحرب الأمريكية-الأوربية، التي جرى شنّها على “العراق” أو حتى على “ليبيا”، فإنّ حلف الأطلسي، لم يقم بذلك، لأنه يدرك، وبعمق، بأنّ اللحم السوري، لا يؤكل، وأنّ سورية، سوف تكون مقبرة الغزاة، وأنّ حلف الناتو، سوف يتفكك في سياق أي حرب على سورية، وأنّ المصالح الغربية، سوف تصبح في مهب الريح، على امتداد كامل المنطقة من الماء إلى الماء، وأنّ خرائط جغرافية جديدة، سوف تقام وتنشأ، لن تكون، حينئذ، لصالح المشروع الصهيو -أميركي في المنطقة، لا بل سوف يكون هذا المشروع، أولى ضحاياها، وأنّ ضخامة وهول الخسائر والتضحيات التي سوف يجري تكبّدها وتقديمها، من الطرفين المتحاربين، يشكّل رادعاً قوياً، لمنع الأطالسة من شنّ الحرب… كما يشكل حافزاً قوياً، للدولة الوطنية السورية، للتشبّث بحقها في الدفاع المقدّس عن وطنها وعن بلاد الشام وعن الوطن العربي، وبإيمانها العميق في قدرتها على تحقيق النصر المبين، سواء في مواجهة “الحرب العدوانية الإرهابية الدولية” التي تُشنّ عليها منذ أكثر من عامين، أو في مواجهة “حرب تقليدية خارجية” يهدّد ويلوح بها، أعداء سورية وأذنابهم، كجزء من الحرب النفسية والإعلامية والتهويل والترهيب والتخويف، بغية إجبار سورية، على التنازل، عما فشلوا في إجبارها على التنازل عنه، طيلة الحرب العدوانية الإرهابية القائمة والمستمرة عليها… ولكن “هذا حصرم، رأوه في حلب” وسيرونه في “حلب” بالتأكيد.
-8-
[ المطلوب: رأس الشرق العربي، وليس رأس سورية فقط ]
لم تترك الدول الاستعمارية في “مجموعة الثمانية” مجالاً للشك، بأنّهم لا زالوا سادرين وسائرين في مشاريعهم العنصرية، للهيمنة على هذا “الشرق العربي” بالتعاون والتكافل والتضامن، مع الكيان الصهيوني، وعبر الاستعانة بخدمهم وحشمهم، من نواطير النفط والغاز وباقي الكيانات والمحميات الأخرى…. والدولة الأولى الوحيدة التي لم تكن كذلك، هي “روسيا” التي رفضت الانخراط في هذا المشروع الاستعماري الجديد، وأبت إلّا أن تقف مع الحق والعدل، ومع طموحات الشعوب، وضد أيّ محاولة للسيطرة على الشعوب، سواء عبر الاختباء وراء شعارات برّاقة مخادعة منافقة، أو بشكل واضح فاضح.. ولذلك جرى وتجري حملات إعلامية ضارية، ضد الموقف الروسي، لرفضها الانخراط في المشاريع الاستعمارية الجديدة، ولإصرارها على الوقوف في خندق الحق والحرية والاستقلال.
ومن الواضح أنّ المستهدف، مما يجري في سورية، ليس “الرئيس الأسد”، وليس “النظام السوري”، بل المستهدف هو هذا “الشرق العربي”، من بابه إلى محرابه، وأنّ المدخل لتفكيك وتفتيت هذا الشرق، هو تقويض النظام السياسي في سورية، وأنّ العنوان والمدخل، لتحقيق ذلك، هو الخلاص من الرئيس “بشّار الأسد”.. فالرئيس الأسد، ليس مستهدفاً لذاته، بل من أجل إتاحة الفرصة وفتح الطريق، لتحقيق هذا المخطط الاستعماري الجديد الخبيث، بحق هذا الشرق، وصولاً إلى استهداف كامل الأمة… وهذا هو سبب وقوف أدوات وبيادق وأذناب الاستعمار الجديد، سواء داخل النظام العربي الرسمي، أو خارجه، وراء أسيادهم وحماتهم الاستعماريين، ضد الدولة الوطنية السورية، وضد الرئيس الأسد.. “وكم من فئة قليلة، غلبت فئة كثيرة، بإذن الله، والله مع الصابرين”.
-9-
[ يلهثون لتنفيذ ما تريده إسرائيل ]
هل تعرف ماذا تعني مطالبة “مهلكة آل سعود” بـ “وقف تزويد النظام السوري، بالسلاح؟” يعني أنّ “هذه المهلكة السعودية” أخذت على عاتقها، القيام بالمهمة التي ذهب “نتنياهو” على جناح السرعة، إلى “روسيا” للمطالبة بها وهي الامتناع عن تزويد سورية بالأسلحة الإستراتيجية، التي تمكّنها من الدفاع عن نفسها، في مواجهة أي عدوان إسرائيلي، أو في أي حرب محتملة مع إسرائيل…. ولا يجد شيوخ “آل سعود” حرجاً في ذلك، فوجودهم، يعتمد على وجود إسرائيل، ولو لم تكن إسرائيل موجودة، لما كان “آل سعود” موجودين، وهما كالتوأم السيامي، يرتبط وجود أحدهما، بوجود الآخر، وذهاب أحدهما، بذهاب الآخر.
ويخطئ مَن يظن، أنّ هذه المطالبة، تتعلق بما يجري داخل من سورية، من حيث نوع السلاح المستخدم في مواجهة الجيش السوري، للعصابات الإرهابية الظلامية التكفيرية التدميرية، وإن كانت هذه المطالبة، تختبئ وراء ذلك، وتتذرع به، بل تتعلق هذه المطالبة، حصراً، بمواجهة إسرائيل، لأنّ سورية، تنتج مختلف أنواع الأسلحة والذخائر الخفيفة والمتوسطة، وقسم كبير من الأسلحة الثقيلة.. كما أنّ جميع أنواع الأسلحة التي تستخدمها سورية، في حربها الدفاعية الحالية، هي من إنتاجها… وهنا يبدو التناغم والتعاون والتنسيق، واضحاً وجلياً، بين دول “الحلف الأطلسي” وبين “إسرائيل” وبين “السعودية” في العمل على منع “سورية” من التزوّد بأيّ نوع من أنواع السلاح الاستراتيجي، الكفيل بتحّصينها وتدّعيمها، في مواجهة “إسرائيل”… هذا هو سرّ وجوّهر الموقف المخزي الأخير لـ “مهلكة آل سعود” فـ “هنيئا لهم!!!!!!!!”.
-10-
[ مهلكة آل سعود الوهّابية التلمودية ]
هي رأس أفعى الفتنة في العالمين العربي والإسلامي….. وهي رأس حربة المشروع الصهيو-الأمريكي، في المنطقة، والمسمّى “الشرق الأوسط الجديد”…… وهي السبب الأوّل لضياع فلسطين…… وهي السبب الأكبر لثلاثي التخلف “الفقر- الجهل-المرض” الضارب الأطناب في الربوع العربية……. وهي التي صادرت واستولت على الديار الإسلامية المحمّدية المقدّسة، وأطلقت عليها، اسم جدّها “سعود”……. وهي التي جعلت من هذه الديار المقدسة، ملكاً شخصياً لها، تتصرف به على هواها، تسمح لمَن تريد، أن يقوم بـ “الحج” وتمنع مَن تريد، من القيام بـ “الحج”، ولم تكتف بذلك، بل جعلت من هذه الديار المقدسة، استثمارة سياسية، لأعداء الإسلام في الربوع الأمريكية والصهيونية.
وأمّا جماعة “خُوّان المسلمين” فهي ليست أكثر من ذيل ملحق، عملياً، بـ “مهلكة آل سعود الوهّابية التلمودية” رغم حجم الخلافات “التاريخية” بين الوهّابية والإخونجية، لأنّ المؤسس واحد هو “الاستعمار البريطاني” ولأنّ “المعلّم” واحد، وهو الآن “المحور الصهيو-أميركي”.