خاطرة “أبو المجد” (الحلقة الأربعون)
موقع إنباء الإخباري ـ
الدكتور بهجت سليمان سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن:
(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).
-1-
[ إنّ أَرْحَامَ البغايا، لم تَلِدْ مُجْرِماً، في شَكْلِ هذا المجرمِ ]
· هذا ما قاله (الشاعر عمر أبو ريشة “عام 1948”)، في حلب وأشار، بِيَدِهِ إلى “جميل مردم بك” الذي كان موجوداً…. ألا ينطبق هذا القول، على مَن سنتحدّث عنهم، أدناه؟.
· لا يجوز التغافل عن أنّ أعراب البُعْران، في المحميّات النفطية والمشيخات الغازية، لا يستطيعون الاستمرار في السلطة، إلاّ إذا تغذّوا، دائماً، على تكريس وترسيخ وتعميم النزعات الطائفية والغرائز المذهبية، والتي هي بالنسبة لهم، الأوكسجين الذي يتنفّسونه، ويختنقون في حال غيابه.. لأسباب متعدّدة، أهمها:
(1) من أجل إلهاء الناس وإشغالهم بتلك العنعنات الغرائزية.
(2) من أجل إغراق (رعاياهم – وليس مواطنيهم) في مستنقع الطائفية والمذهبية، لاجتذاب أكبر أعداد ممكنة، وإِدْرَاجِها في عقلية القطيع، وسَوْقِها إلى حيث يريدون، ساعَةَ يريدون.
(3) من أجل إخفاء مباذلهم وعارِهم وعهرهم السياسي والاقتصادي والمالي والأخلاقي، والتمويه على احتكارهم العائلي للسلطة، وعلى نهبهم الفظيع للثروة.
(4) من أجل التغطية على تبعيّتهم الذيليّة الذليلة، لأعداء الوطن والأمّة، في المحور الصهيو-أمريكي.
(5) من أجل تسويق حكّام تلك المشيخات والمحميّات، لأنفسهم، زوراً وبهتاناً، على أنّهم، المدافعون عن الدين، بلا هوادة!!.
(6) من أجل قطع الطريق على أيّ مطالب شعبية، بتحسين الأحوال المعيشية والسياسية، والاكتفاء بتوجيه الحمد والشكر للمكرمات والمنح الملكية والأميرية.
(7) من أجل ترسيخ سُلْطَانِهم وسُلُطَاتِهم، ليس فقط في مواجهة (مواطِنِيهِم: رَعَاياهُمْ) بل في مواجهة مختلف القوى والتيّارات المتناقضة معهم، من قوى وطنية وقومية ويسارية وعلمانية ومدنية، ومن قوى مقاوِمة، ومن مجموعات بشرية واسعة متديّنة، تَدَيُّناً متنوراً متسامحاً، مُحَمَّدياً أصيلاً.. ومَن يتغافل عن ذلك، إمّا أن يقع في حبائل التضليل الإعلامي الهائل في هذا المجال، أو أنه ينجرف بما لا يتوافق مع منطق التفكير السليم، بل مع “منطق” آخر؟!.
· لمَن يرفضون الاعتراف بوجود (ثورة) في سورية!!.. ألا يرون، بأمّ أعينهم، وكما يقول رؤساء ووزراء حلف الأطلسي، وأذنابهم في المشيخات المحميّات، بأنّ هناك (ثورة غير مسبوقة) في سورية!!!!.
(1) أليس تدمير المرافق الإنتاجية والخدمية، الكبرى والمتوسطة والصغرى، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(2) أليس تدمير محطات توليد الكهرباء، وخطوط وأبراج نقل الكهرباء، وأنابيب نقل النفط والغاز، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(3) أليس تدمير القطارات والسكك الحديدية، وتدمير شاحنات وصهاريج نقل الغاز والمازوت، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(4) أليس نهب صوامع الحبوب وإحراق حقول القمح والشعير والقطن، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(5) أليس تفكيك وتخريب (1500) معمل ومصنع، حتى الآن، وخاصةً في حلب، ونقلها إلى تركيا، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(6) أليس تدمير واحتلال المساجد والكنائس والمتاحف والمدارس والجامعات والمستشفيات والمستوصفات وتدمير معامل الخميرة وأفران الخبز، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(7) أليس احتلال بعض آبار النفط والعبث فيها، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(8) أليس قطع الطرقات الدولية والفرعية والقيام بآلاف عمليات الخطف، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(9) أليست آلاف عمليات السيّارات المفخخة والاغتيال والتفجير والقتل والسحل والرمي من الطوابق العليا والاغتصاب وتقطيع الجثث، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(10) أليس إطلاق النار على ورشات إصلاح خطوط الكهرباء المدمّرة، وخطوط الهواتف المسروقة، لمنعهم من إصلاحها، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(11) أليس اغتيال وقتل مئات الأطبّاء والممرّضين والممرّضات في عياداتهم ومشافيهم، وفوق ذلك كله نهب مستودعات الأدوية، أليس عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(12) أليس استهداف الكوادر العلمية والإدارية والفنية في سورية، للقضاء عليها عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(13) أليست زعزعة البنية الاجتماعية وتدمير البنية الثقافية، بعد تخريب البنية الاقتصادية التحتية، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(14) أليست الاستماتة لتعميم الفوضى وانعدام الأمن، بديلاً عن الأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(15) أليست العقوبات الاقتصادية والمالية، غير المسبوقة، على الشعب السوري، قبل الدولة السورية –والتي باركها معظم المعارضات السورية– أليست عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(16) أليس منع وصول بواخر مازوت التدفئة والغاز المنزلي، إلى الشعب السوري، عملاً من أعمال الثورة، ودعماً لها؟؟!!.
(17) أليس مَنْع جميع المواطنين السوريين، من مغتربين ومقيمين ومسافرين، من تحويل دولار واحد، إلى أهلهم في سورية، عملاً من أعمال الثورة ودعماً لها؟؟!!.
(18) أليس احتضان مشيخة (قطر) للمعارضات السورية وتمويلها وإدارتها.. في الوقت نفسه التي تُموّل الحملة الانتخابية لـ: (نتنياهو) أليس هذا عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(19) أليس قيام الأقمار الصناعية الأمريكية والأوربية والإسرائيلية بتقديم الصور الفضائية والمعلومات الاستخبارية الدقيقة، للعصابات المسلّحة في سورية، عن تمركز وتحرك وحدات الجيش العربي السوري، وإنشاء غُرَف عمليات ومحطات تَنَصّت بريطانية وفرنسية وتركية، في بعض الدول المجاورة، لقيادة وإدارة عمل مجموعات الإرهاب والموت والدمار، في سورية… أليس هذا، كلّه، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
(20) وأخيراً – وليس آخراً – أليس إصرار أصحاب وأذناب المحور الصهيو-أمريكي، واستماتتهم وتكالبهم، على اتّهام الدولة الوطنية السورية (التي يسمّونها: النظام السوري) بأنّها تدمّر نفسها وتقتل شعبها وجيشها، وتفجّر منشآتها ومقدّراتها.. وبأنّ عشرات آلاف الإرهابيين من فِرَق الموت والدمار، التي لم تعد تخفي نفسها، ليسوا إلا حَمَامات سلام.. أليس هذا كلّه، عملاً من أعمال الثورة؟؟!!.
هل تريدون برهاناً، أكثر من ذلك، بأنّ ما يجري في سورية، هو (ثورة غير مسبوقة)!!!.
ملاحظة: بالله عليكم ألا تلاحظون بأنّ هذا البيت من الشعر ينطبق تماماً على كلّ من (سعود الهزّاز عبد الناتو) و(حمد بن نعجة عبد التلمود).. إذ أنّ كِلَيْهِما، لا يمتلكان ذرّة حياء ولا شرف واحدة، عندما يفوّضان نفسيهما بالحديث عمّا يريده الشعب السوري أو لا يريده، وكأنّ الشعب السوري قد انتخبهما ليتحدّثا باسمه، علماً أنّهما لا يمثّلان، حتى في شَعْبَيْهِما، إلاّ أقلّ من القليل، وثانياً، إنّهما أغبياء وبلهاء لدرجة يعتقدان فيها، أنّهما إذا اتّهما القيادة السورية بأنّها هي التي تدمّر شعبها، يتوهّمان أنّهما، بذلك، يمكن أن يَصْرِفا النظر، عن الدور الكامل لِمَحْمِيّتَيْهِما البائستين، في تدمير سورية وقتل أبنائها وتخريب ممتلكاتها ودفعها إلى الهاوية!!!!!.
-2-
[ يقول (الإمام الأكبر محمد عبده):
وَلَسْتُ أُبالي، أَن يُقَالَ: مُحَمَّــدٌ……… أبلّ، أم اشتدّت عليه العظائم
ولكنّه دينٌ، أرَدْتُ صَلاحه……… أٌحَاذِرُ أن تقضي عليه العمائم. ]
· [ أركان الإسلام ، في قاموس المحور الصهيو-أمريكي، وأذنابه نواطير النفط، وبيادقه الوهّابية والإخونجية، ركنان فقط، هما: (شهادة حسن سلوك أمريكية) و(بطاقة توصية إسرائيلية) ]..
والبرهان على ذلك هو أنّ اللبنانييّن (عقاب صقر) و(باسم السبع) و(محمد عبد الحميد بيضون) و(نديم قطيش) و(أحمد كامل الأسعد) و(حازم الأمين) و(مفتي الجنوب المعزول علي الأمين) مُضافاً إليهم العراقي (إياد علاّوي) ومعهم شاه إيران (محمد رضا بهلوي): كلّ هؤلاء (مسلمون شيعة) ومع ذلك ليسوا (أرفاضاً) ولا (صفويين) ولا (مجوساً) ولا (وثنيين) ولا (نصيرييّن) ولا (مارقين) ولا (كافرين) ولا (مرتدّين) إلى آخر القاموس المعروف.. بل هم بنظر المحور الصهيو-أطلسي وزبانيته من أعراب البُعْران وملحقاتهم (مسلمون كاملو الإسلام) طالما أنّهم وضعوا أنفسهم في خدْمة أذناب السيّد الأمريكي وحليفه الصهيوني.. وهذا هو الشرط الأساسي – إن لم يكن الأوحد- المطلوب توافره في (المسلم) لدى هؤلاء!!!!..
· وأمـّا الزعيم العربي الأبرز في القرن العشرين (جمال عبد الناصر)، والعالم والفقيه الأبرز في هذا الشرق (الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي) فهؤلاء –رغم أنّهم مسلمون سنّة ويؤدّون كامل الفرائض والنوافل- ليسوا مسلمين، بنظر، نواطير النفط، ولا بنظر الوهّابية، ولا بنظر الإخونجيـّة.. بل جرى تكفيرهما وهَدْرُ دَمِهِما، لماذا؟ لأنهما لم يحصلا على (شهادة حسن سلوك أمريكية) ولا على (بطاقة توصية إسرائيلية) تُقِرُّ بإسلامهما!!!!..
· أرأيتم –أيها السادة- إلى أيّ درجة وصل الانحدار السحيق، بمَن جعلوا من أنفسهم، أوصياء على الدين الإسلامي؟!!!!.. وهل تتساءلون –بعد الآن- لماذا انحدرت الأمة العربية، ومعها العالم الإسلامي، إلى هذا الدّرَك الأسفل، طالما أنّ الوهّابية والإخونجية، هما اللتان تهيمنان على الفقه الإسلامي، بل على الدين الإسلامي، في هذا الزمان؟!!!!.
وهل أدرك العرب والمسلمون، أنّ الظلاميين التكفيريين، من وهابّيين وإخونجيين ومُفرزاتِهم وبناتِهم وأحفادِهم، لا يكفّرون مخالِفيهم، من منطلق ديني أو إيماني – رغم ادّعائِهم ذلك- بل من منطلق سياسي مصلحي انتهازي لا أخلاقي، ثم يقومون بإلباس مَن يكفّرونهم، ممن يختلفون معهم، لَبُوساً دينياً، بغرض إضفاء تلال وجبال من التزوير والتضليل، على أسبابهم الحقيقية.
-3-
[ تُخْفي مقولة الربيع العربي، دعوة سرّية للإطاحة بالشعب العربي نفسه، قبل الإطاحة بالأنظمة ] * المهندسة والكاتبة “يلينا نيدوغينا”
· حتى في الدول العربية التي نجحت فيها (ثورات “لورانس العرب الجديد”: الفرنسي اليهودي المتصهين “برنار هنري ليفي”).. تَراجَعَ الأمن، وتراجَعَ الاقتصاد، أمّا التطوّر السياسي الذي طرأ عليها – أو بالأدقّ: التبدّل السياسي الكبير الذي حصل – والذي يسمّيه بعضهم، بعصر الشعوب والحرية والديمقراطية.. فليس إلاّ مجيء الإخوان المسلمين إلى الحكم، والعمل على استفرادهم به، والحفاظ على كل حبائل التبعيّة السياسية والاقتصادية والمالية، للمحور الصهيو-أمريكي، وتكريس هذه التبعية عبر إسباغ رداءٍ إسلامي عليها، يصل بها أحياناً، إلى درجة القداسة!!!.
· معظم المعارضات السورية الخارجية، وبعض الداخلية، تتراوح بين (معارضات الناتو) و(مجنّدي المارينز) و(بيادق الموساد).. ويخطئ مَن يظنّ، أنّ هؤلاء غير ذلك.. ومَن يكون منهم – أي من هذه المعارضات، غير ذلك – يجري استبعاده والتضييق عليه، بحيث لا يبقى أمامه إلاّ أحد خيارين: إمّا الانخراط الكلّي في ما هو مطلوب منه.. وإمّا الابتعاد الكلّي عن قطعان المعارضة، ونفض اليد منها.. والذين يحترمون أنفسهم، يبتعدون عن تنفيذ الأدوار القذرة المطلوب منهم تنفيذها.. ويبقى فقط، مَن ارتضوا أن يقوموا بتلك الأدوار المهينة لهم وللبلد المفترض أنّهم ينتمون إليه.
أمّا بعض المعارضات الداخلية، المندرجة في هذا الإطار.. فهي تلك التي لا تزال مصرّة على أنّ ما يجري في سورية هو (ثورة) وأنّ (النظام) هو الذي يقوم بالمجازر والمذابح بحقّ الأبرياء!!!.. وأنّ المسلّحين الحاليين، حَمَلوا السلاح فقط، كردّة فعل على (قمع الدولة)!!!.. هذا النوع المأفون من المعارضة، هو امتداد لمعارضات الخارج الساقطة.. وأمّا الباقون من المعارضات الداخلية وبعض أفراد المعارضة في الخارج، ممّن لم يضيّعوا البوصلة، وممّن ينشدون الإصلاح الحقيقي، وتطوير بلدهم وتحصينه والعمل على تحقيق وتوسيع المشاركة الشعبية في القرار السياسي والاقتصادي، فأولئك معارضون شرفاء، تحتاجهم سورية، وتمدّ يدها إليهم، لإعادة بناء الوطن.
· معيار أذناب واشنطن، – وخاصةً في محميّات نواطير النفط والغاز – الغارقون في حَمْأَة الطائفية والمذهبية.. يتجلّى عبر أسلوبهم الذي يتلخّص، بأنّ كلّ مَن يبتعد عن واشنطن، يجري الإمعان في توجيه تهمة الطائفية والمذهبية إليه، حتى لو كان أبْعَدَ الناس عنها….. وأنّ كلّ مَن يحظى برضا واشنطن، يجري تنزيهه من هذه التّهمة، حتى لو كان لا يتنفّس إلاّ الطائفية والمذهبية، كما هو حال نعاج الغاز والكاز.
· ما يجري، باسْم الإسلام، ليس (صحوة) إسلامية، بل هو أكثر من (كبوة) ومن (غفوة) ومن (غفلة).. إنه نكوص، بل سقوط مريع في هاوية، تعيد العرب والمسلمين إلى عصور الانحطاط الأولى، وإلى عصر ملوك وأمراء الطوائف والمذاهب.. فَلْيَتَكَرَّم بعض الكتّاب الشرفاء بالتوقف عن الحديث عن الصحوة والثورة الإسلامية التي قامت في مصر وتونس وغيرها!! لأنّ ذلك يناقض الواقع ويتناقض مع الحقيقة، ويقودنا، من حيث يقصد أو لا يقصد القائلون بذلك، إلى تأمين الستارة المطلوبة للإخوان المسلمين، للمضيّ في تنفيذ المخطط الصهيو-أمريكي، مقابل تسليمهم السلطة.
-4-
( مساجُدنا، ثُكُنَاتُنا.. قِبَابُنا، خُوذَاتُنا.. مآذِنُنُا، حِرَابُنا.. والمُصَلُّون، جُنُودنا )
هذا الاقتباس قاله (رجب أردوغان)، في احتفال، جرى في إحدى المدن التركية، في بداية هذا القرن، ودخل السجن، بسبب ترداده ذلك الاقتباس، وصدر قرار قضائي بمنعه، من ممارسة الحياة السياسية… وهذا كله، كان جزءاً من خطة صهيو- أمريكية محكمة، لتقديمه إلى الجمهور التركي المسلم، على أنه سيف من سيوف الإسلام، ولتعبيد الطريق أمامه، من أجل اختطاف وسلب كل ما بناه الزعيم الإسلامي التركي البارز (نجم الدين أربكان) عبر تاريخه، بعد أن عجزوا عن تطويعه ووضعه (في جيبتهم).. تمهيداً لتسليم (أردوغان) قيادة وإدارة الإسلاميين الأتراك.. وفور دخول (أردوغان) السجن، بدأ مخطط تسويقه، كزعيم إسلامي شاب، لا تلين له قناة، وخلال أشهر عديدة، جرى تلميعه وتسويقه، بسرعة أسطورية، وانتقلت معظم الكوادر الإسلامية من (حزب السعادة : آربكان) إلى حزب جديد، سمّوه (حزب العدالة والتنمية) ونجح هذا الحزب في الانتخابات النيابية، عام( ٢٠٠٢)، وألغي قرار منع أردوغان من ممارسة الحياة السياسية، واستلم رئاسة الحكومة التركية من (عبدالله غول) الذي كان مرسوماً له، أن يكون هو الاحتياط (الاستبني) الذي يجب عليه أن يكون في الواجهة، إلى أن يجري استكمال تلميع وتسويق (رجب أردوغان) القادم كالصاروخ، إلى عالم الحياة السياسية التركية .. وما لم يكن يعرفه الشعب التركي، والذي انطلى على (إسلامييه) أن هذا الصاروخ السياسي الذي هو (رجب -طيب!!!- أردوغان) كان من صناعة مخابراتية أمريكية- صهيونية، بامتياز، وأن أمامه، مهمة كبرى، هي إعادة صياغة (الإسلام السياسي) في المنطقة، بما يجعله الرافعة الأولى، لتحقيق وتنفيذ (مشروع الشرق الأوسط الجديد) والذي هو – بدوره- مشروع صهيوني- أمريكي بامتياز.. ولذلك جرى دعم الاقتصاد التركي، أمريكيا وأوربيا، بشكل لا سابق له، وبما يرفع وتيرة نمو الاقتصاد التركي، إلى أعلى الدرجات الممكنة، من أجل إعطاء المصداقية المطلوبة والدعم اللازم لــ:(حزب أردوغان)، وهكذا كان…. ونجحت المرحلة الأولى من المخطط، عندما جرى تسليمه (تركيا) ومضاعفة النمو الاقتصادي فيها ، وجرى تلميعه، أيضاً، ببعض الحركات المسرحية الاستعراضية، كملاسنته مع (شمعون بيريز) وانسحابه من الاجتماع، وكاشتراك سفينة (مرمرة) واستشهاد تسعة مواطنين أتراك، في محاولة اختراق الحصار على (غزة) وجرى أيضاً، تسويق هاتين الحادثتين العابرتين، وكأنهما (فتح جديد) في تاريخ الإسلام، أو كأن (أردوغان) صار (صلاح الدين الجديد) وكأنه قام بتحرير القدس؟؟!! كل ذلك، كان يصب في رصيد (أردوغان) من أجل استخدام كل هذا الرصيد، عندما تحين ساعة الحسم الكبرى…. وساعة الحسم الكبرى، هي مع الحلقة الصلبة في هذه السلسلة، والتي هي سورية… فحاول، عبر سبع سنوات، وبمختلف الأساليب الناعمة، وعبر محاولات الاحتواء والإغراء والإغواء ، للقيادة السورية، من أجل انخراط سورية، في مخطط الشرق الأوسط الجديد، والتخلي عن نهج المقاومة، مقابل تحويل سورية إلى (هون كونغ) جديدة في المنطقة.. ولكن جميع محاولاته، باءت بالفشل الذريع… حينئذ كشّر (أردوغان) عن أنيابه، وظهر على حقيقته، كأداة قذرة، لتطويع سورية، بالقوة، بعد أن فشل في تطويعها ب:(المروّة)، وجرى كل ما جرى في سورية، في العامين الماضيين، والذي كان (أردوغان) وحكومته، قطب الرحى فيه، ورأس الحربة، في الحرب الكونية الصهيو- أطلسية -الإرهابية- الوهابية- الإخونجية، على سورية….ولكن الصمود السوري الأسطوري، شعبا وجيشا وقيادة وقائدا، أمام ذلك المخطط الرهيب، وأمام أصحابه الحقيقيين وداعميه الأمريكان والأوربيين والإسرائيليين، وأمام ملحقاتهم النفطية والغازية، وأذنابهم من باقي المحميات التي تدور في فلكهم، على سطح هذا الكوكب…. ذلك الصمود الإعجازي، أجهض هذا المخطط، وكسر عموده الفقري، واضطره للانحسار، شيئا فشيئا، إلى أن يصبح في وقت ، ليس ببعيد، في مزابل التاريخ.
-5-
(عظماء الرجال، كالجبال.. لا تُنْقِصُ الكهوف، في داخلها، ما لها من العظمة)
رغم عظمة الشعب السوري، وديناميكية شاباته وشبابه الخلاقة، التي ظهرت جلية، في هذه الأزمة.. مع ذلك، كم ظهر في سورية، من الرخويات المسمومة، والزواحف الملغومة، والقوارض المأفونة !!! وكم ظهر، فيها، من المارقين والجاحدين والناكرين والغادرين، ومن اللاهثين والمنبطحين والمفرّطين والمتربّصين، ومن المأجورين والمرتهنين والمباعين والبيّاعين!!!!!! صحيح، أن الهشاشة والرخاوة في البنية الاجتماعية والسياسية، لم تكن خافية، على أحد… ولكن لم يخطر ببال عاقل، أنها مكرسّة إلى هذه الدرجة، ولا أن الاختراق الهائل، لهذه البنية، هو بهذا الحجم!!!!! ولكن رغم ذلك، ومع ذلك، فقد فشل (قانون غريشام) الاقتصادي، الذي يقول بأن (العملة الرديئة، تطرد العملة الجيدة، من السوق) فشل في أن ينسحب على الميدان الاجتماعي والسياسي، وما جرى، هو العكس، وهو أن العملة الجيدة (التي هي تعبير عن أكثرية الشعب السوري الرائعة) هي التي طردت العملة الرديئة (التي تجسد حثالات وسفالات المجتمع السوري) وانفرزت سورية، إلى جبهتين، لا ثالث لهما (جبهة المجد) و( جبهة الذل) الأولى: تضم خيرة أبناء الشعب السوري، وهم الأكثرية، وبقيادة وريادة: القائد العربي الكبير، الذي جعل من سورية (جبهة للمجد) الرئيس بشار الأسد – والذي لولاه، حصرا- لكانت سورية، تحوّلت إلى صومال ثانية.. ولكن لأن الله تعالى، يحب الشام وأهلها، وبلاد الشام وأبناءها، قيّض لها أن يكون على رأسها، في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ سورية، قائد من هذا الطراز الرفيع، لم تسكره السلطة، ولم يرعبه، استنفار كامل قوى الاستعمار الجديد والقديم في هذا العالم، ضد وطنه وشعبه ودولته العربية السورية، وقرر الصمود في وجه هذه الهجمة الاستعمارية الشرسة، التي كان فيها، بنو جلدتنا من الأعراب والمتأسلمين، هم رأس الحربة، في هذه الحرب الظالمة على سورية… ولو كان يبحث عن السلطة، أو كان متشبثاً بالكرسي، كان يكفيه، أن يتخلى عن تجسيد طموح ومصالح الأغلبية من أبناء شعبه، وأن يقدّم أوراق اعتماده للمحور الصهيو- أميركي، كما هو الحال في معظم دول المنطقة- لكي يصبح هو معتمدهم الأول، ولكي يجعلوا منه مرجعاً أعلى لجميع رؤساء وملوك المنطقة… ولأنه يدرك بعمق، أن ثمن ذلك، هو تسليم سورية للمحور المعادي، وَوَضْعِها، مستقبلا، على طريق التفكيك والتفتيت، ولذلك رفض، ومعه معظم أبناء الشعب السوري، إلا أن تكون سورية، حرة أبية عزيزة مصانة، مهما كانت التضحيات ومهما كان الثمن.. نعم (عظماء الرجال كالجبال، لا تنقص الكهوف، في داخلها، ما لها من العظمة).
-6-
(جوهر الصراع، بين النخبة الثقافية الوطنية السورية… والنخبة الثقافية المغرّدة خارج سرب الوطن، التي انخرطت – موضوعياً، أو عمداً – خارج حديقة الوطن “وهنا، لا نحتسب من التحقوا بقطيع الناتو”): هو صراع بين العقل الدولتي” نسبة إلى الدولة”… والعقل التسلّطي، الذي يدّعي الديمقراطية، بين العقل العَمَلاني… والعقل الطوباوي، بين العقل السياسي… والعقل الثقافوي، بين العقل المنظومي… والعقل التجزيئي، بين العقل الاجتماعي العملي… والعقل الأكاديمي النظري، بين العقل العلمي… والعقل الأدبي، بين العقل المستقبلي… والعقل الماضوي…. وما من شك بأنّ النصر، سوف يكون، في النهاية، للنخبة الأولى.
-7-
[ كما قال المناضل المبدع “سعود قبيلات” ] فإنّ مَن يجب أن يخجل على نفسه، ومن نفسه، هو مَن وَضَع نفسه في حضن عواصم الاستعمار القديم والجديد، ومَن جعل من نفسه، ذيلاً ملحقاً، بعواصم قروسطية بل جاهلية، تغطّي جاهليتها، بالبترو دولار.. وهو مَن وَضَع نفسه في خندق واحد، مع القوى الإرهابية الظلامية التكفيرية التدميرية الإلغائية… وأمّا مَن وضع نفسه في مواجهة هؤلاء، جميعاً، فلا يحقّ لتلك الجهات، أن تتّهمه بالوقوف مع الاستبداد والقمع والشمولية وكلّ ما لا يمتّ للإنسانية بصلة.. بل يكفي فخراً، أن يتجرّأ مئات الرجال الأحرار والنساء الحرائر، على أن يجهروا بكلمة الحقّ، وأن لا يخشوا في قولها، لومة لائم، وأن يعلنوا وقوفهم ضد الاستعمار الجديد وأذنابه، وأن يستعدّوا لتلقّي الضربات واللّكمات والهجمات، عقاباً لهم على مواقفهم التاريخية المشرّفة.