حمزة العصر… شمران المصطفى
وكالة مهر للأنباء –
نسرين نجم:
اتى من بلاد فارس رجل يحمل بين كفيه قلم وبندقية، وبين خافقيه ولاء وقضية، زاهدا في الدنيا، عارفا لأهدافه محددا لخطاه، مؤمنا بأن مواجهة ومقاومة قوى الاستكبار والاستعمار واجب مقدس على كل حر ومؤمن وشريف، متزودا بالشهادات العلمية العالية، حاد الذكاء، عرفاني من مدرسة روح الله الموسوي الخميني (قده) …
الدكتور مصطفى شمران اسم حفظته التظاهرات العارمة في ايران في مواجهة الدبابات وفي خضم المسؤوليات الكبرى، فقد كانت افضل واسعد لحظات حياته سقوط شاه ايران وعودة الامام الخميني (قده) الى ارض الجمهورية، رددت اسمه المعسكرات بكل هيبة ووفاء في مصر ايام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عشقته تلال شلعبون والطيبة ومهنية البرج الشمالي وكل قرية من قرى الجنوب اللبناني وصولا الى الشياح في الضاحية الجنوبية التي شهدت على هندسته الإبداعية في رسم التكتيكات لمواجهة العدو الصهيوني، وفي النبعة، عشق لبنان وعشقه وفي مذكّراته.
كتب شمران عن لبنان “لقد كنت أحيا حياة رغدة في أميركا، وكنت أملك شتى الإمكانات، ولكني طلقت اللذائذ ثلاثاً وذهبت إلى جنوب لبنان حتى أعيش بين المحرومين والمستضعفين وأتذوق فقرهم وحرمانهم وافتح قلبي لاستقبال آلام وهموم هؤلاء البؤساء. لقد أردت أن أظل دائماً في مواجهة خطر الموت تحت القنابل الإسرائيلية”…
كان موصولا بالفقراء والمحرومين متواصلا مع قضاياهم، رمى خلفه كل مغريات الدنيا والترف والثراء، فأحبه الناس لتواضعه ورقيه فيقول بمناجاته العرفانية :”إلهي، لقد غمرني الناس بحبهم الزائد وأغرقوني بلطفهم وعطفهم حتى جعلوني أشعر بالخجل وأحسب نفسي من الصغر بحيث لا أستطيع رد هذا الجميل. فامنحني يا إلهي الفرصة والمقدرة على أداء هذا الدين حتى أكون لائقاً بكل هذا العطف والمحبة”.
الدكتور مصطفى شمران شخصية استثنائية مميزة ليس فقط بتميزها العلمي والاكاديمي، ولا بتركه لحالة الثراء التي كان يعيشها في اميركا، ولا فقط بإلتحاقه بالمقاومين والمجاهدين والمناضلين وتأسيس مقاومة عسكرية مناهضة للعدو الصهيوني في لبنان
شخصية استثنائية مميزة ليس فقط بتميزها العلمي والاكاديمي، ولا بتركه لحالة الثراء التي كان يعيشها في اميركا، ولا فقط بإلتحاقه بالمقاومين والمجاهدين والمناضلين وتأسيس مقاومة عسكرية مناهضة للعدو الصهيوني في لبنان وهو الذي كان رفيق الروح والصديق الصدوق لسماحة الامام المغيب السيد موسى الصدر، بل ايضا بعرفانيته بتعلقه بالله عز وجل، بألمه وامله، بهذه الروح التي كانت مفعمة بالرجاء وحولتها الى نصر صاغه وصنعه مع كبار الشهداء..
فعلى الاجيال ان تقرأ لمثل هكذا شخصية ، كانت ثورة متفجرة في وجه الطغيان والظلم والاحتلال، وشمران حالة تدرس عن الزهد وترك ملذات الدنيا، واتباع درب الجلجلة والجهاد، وكيف انه فضل ال “نحن” الجماعية على “الانا” الفردية الانانية…
اضف الى ذلك كان منارة بالعطاء، ولقد كتب في مذكراته مصورًا تلك الفترة من حياته، فيقول: “عندما كنت عائداً تحت جنح الليل المظلم، شاهدت شخصاً فقيراً يرتجف من البرد القارس وسط ثلوج الشتاء، غير أنه لم يكن بإمكاني أن أعد له مكاناً دافئاً، فقررت أن أقضي تلك الليلة مثله أرتعش من البرد بعيداً عن المأوى، وقد فعلت؛ فقطعت الليل حتى الصباح وأنا أرتجف من شدة البرودة لدرجة أنني أصبت بالمرض الشديد، وما أجمله من مرض”.
قدم الشهيد شمران انموذج القائد المعلم المربي، المخترع الشاعر الناسك الزاهد، لذا اطلق عليه روح الله الموسوي الخميني (قده) لقب :”حمزة العصر”.