حقُّ الطبابة مُهدّد.. فوضى واستنزاف في مستشفيات لبنان
موقع العهد الإخباري:
أزمةٌ تلوَ أخرى تعصفُ بالقطاع الصحي في لبنان. بعضٌ من وباء وآخر من فساد دولة وسياسات مالية عشوائية، لتلقي بظلالها على المواطن الذي بات مهدداً بفقدان حقّه في الطبابة.
علاماتُ استفهام تطرحُ حول واقع الصحة في لبنان بعد النجاح باجتياز معركة فيروس كورونا، إذ يعيش اللبنانيون اليوم دون هوس وخوف من الوباء، بفضل تضحيات الطاقم الطبي والتمريضي ووزارة الصحة، فكيف يتعامل المعنيون مع الواقع؟
الأدوية موجودة ولكن!
مدير العناية الطبية في الوزارة الدكتور جوزيف حلو أوضح أن وضع القطاع الصحي صعب لكنه لم ينهر بعد، مشيرًا إلى أنه لغاية الآن ما زال المرضى يدخلون الى المستشفيات على نفقة الوزارة.
وكشف الحلو أنه في عام 2020 تَطَبَّبَ 190 ألف مواطن لبناني على نفقة وزارة الصحة وجهات ضامنة أخرى.
وعمّا وصل إليه القطاع اليوم، أعاد الحلو السبب إلى خطة الدعم المعتمدة منذ سنة ونصف من قبل مصرف لبنان التي لم تنجح، وكان يجب أن تعدَّل لجهة وجود لجنة طبية في المصرف للإشراف على الفواتير.
وإذ لفت إلى أن المشكلة الحالية هي أن الأدوية والمستلزمات موجودة في المستودعات بعد الكشف عن 36 مستودعًا خلال الأيام السابقة، إلا أنه أوضح أن هذه الأدوية تفتقد لدعم لها من مصرف لبنان. كما أعلن وزير الصحة حمد حسن استعداد الوزارة تسليم المستشفيات تلك الأدوية بعد تحصيل الموافقة الشفهية من المصرف بالدعم.
عشوائية مصرف لبنان
بدورها، رئيسة تجمع نقابة مستوردي المعدات والمستلزمات الطبية سلمى عاصي أعلنت أن المصرف المركزي ردّ عددًا كبيرًا من الفواتير بشكل عشوائي ما ترك ضررا كبيرا لدى الكثير من الشركات.
وقالت إن “الأزمة ليست بجديدة، بل نحن منذ سنة ونصف نتحمل مسؤولية الخطر المترتب عن مصرف لبنان، فالمصرف بنهاية عام 2020 بدأ بتخفيف دفعاته ورد الفواتير عشوائيًا، دون معرفة السبب”.
مشكلتان تعاني منهما النقابة بحسب عاصي، الأولى أن هناك فواتير عالقة لدى مصرف لبنان منذ ستة أشهر، والموردون في الخارج يرفضون تسليمها المستلزمات قبل تسكير الفواتير القديمة. أما المشكلة الثانية فهي أن الشركات المحلية تعيش حالة ضياع بسبب قرارات مصرف لبنان المفاجئة.
ورفعت عاصي الصرخة لعدم قدرة النقابة على الاستمرار دون سياسة دعم واضحة، وأشارت إلى التعاون التي قدمته منذ بداية الأزمة من خلال تشكيل لجنة طبية مع المصرف التي لم تكتمل، ثم تم تشكيل لائحة بمستلزمات لتحديد المدعوم بقيت دون رد.
نقصٌ في مستلزمات الكلى
وفي السياق، حذّرت نقابة المستشفيات من أنها تعاني من نقص حاد في مستلزمات غسل الكلى يهدد بتوقف هذه الخدمة اعتبارًا من الأسبوع المقبل.
وقالت إن المستشفيات عامة تعاني من نقص حاد في الكواشف والمستلزمات الضرورية لإجراء الفحوصات المخبرية وتشخيص الأمراض، مما جعل العديد منها يتوقف عن إجراء تلك الفحوصات للمرضى الذين يقصدونها، كما اضطرت الى تقليص عدد حالات دخول المرضى الى المستشفيات بسبب النقص المذكور.
وأوضحت أن النقص مردّه إلى الخلاف الحاصل بين مستوردي تلك المستلزمات الطبية وبين مصرف لبنان حول دعم شرائها بنسبة 85% بسعر الصرف الرسمي للدولار (1515 ل.ل.).
وأعلنت المستشفيات أنه في حال توقف دعم تلك المستلزمات فإن الموردين سيبيعونها للمستشفيات بسعر صرف الدولار في السوق الموازية، وهذا الأمر يعني أن تعرفة تلك الخدمات ستزداد أضعافاً وأن على المريض المستفيد تحمل فروقات تلك الأسعار مما سيهدد الأمن الصحي للمواطنين، إذ ليس بمقدورالجميع تكبد تلك النفقات الإضافية.
فوضى الدخول إلى المُستشفيات
رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي رأى أن ترشيد الدخول إلى المُستشفيات خطوة مهمة وضرورية في هذا الظرف الاستثنائي، مشيرا إلى أن الوضع الذي كان سائدًا غير صحي أساساً للقطاع.
ولفت عراجي إلى أن لبنان من البلدان القليلة التي تشهد ما يُعرف بمرضى نهاية الأسبوع، إذ إن أي شخص يريد إجراء فحوصات عادية يلجأ الى صندوق الضمان ويدخل المستشفى في نهاية الأسبوع من دون أن تكون هناك حاجة إلى ذلك.
وأكد أن “التقديرات تشير إلى أن نحو 30% من المرضى الذين يدخلون الى المُستشفيات يعانون من أعراض رشح وإسهال والتهابات غير خطيرة لا تستدعي دخول المستشفى، فيما قد يستلزم الحصول على موعد لإجراء عملية قلب مفتوح في بعض البلدان الأوروبية وكندا خمسة أشهر”.
وفي وقت تشير فيه الإحصاءات العالمية إلى عدم وجوب تخطي المقيمين في المُستشفيات الـ13% من عدد السكان، فإن النسبة في لبنان تفوق ذلك بكثير.
وكشف عراجي أن “فوضى الدخول إلى المُستشفيات وتضخم أعداد المختبرات وغيرها تسهم في استنزاف هذا القطاع”، وقال إن “الضغط الذي أحدثه الوباء على الأسرّة تراجع بشكل كبير، وعليه فإنّ أعداد المحتاجين الى الدخول يفترض أن تكون ضمن السقف المحدد”.