حقوق الإنسان بين الإعلان والممارسة
جريدة البناء اللبنانية-
خليل بركات*:
اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إعلان أطلقته المنظمة الدولية، وتردّده منظمات حقوق الإنسان المنتشرة في معظم الدول في العالم بما في ذلك الدول التي تمارس القمع والاضطهاد والاحتلال والتمييز العنصري.
انّ حقوق الإنسان ليست مجرد شعار، وكلمات مدوّنة واحتفال تقيمه المنظمات التي تدّعي انتماءها الى هذا الإعلان، وإنما ممارسة وتطبيق لمفهوم حقوق الإنسان، وموقف حازم وجريء من منتهكي هذه الحقوق.
وقضية فلسطين، هي مثال ساطع وامتحان لصدقية كلّ الذين يتحدّثون عن حقوق الإنسان، وحرصهم على تلك الحقوق.
فاحتلال فلسطين وتشريد شعب فلسطين، وإحلال اليهود من كلّ أرجاء المعمورة مكانهم، ليس أفظع منه في التاريخ، سوى إبادة الهنود الحمر في القارة الأميركية، وما يرتكبه الصهاينة المحتلون لفلسطين، من سلب للأراضي وهدم لبيوت الفلسطينيين واضطهاد وتنكيل وزجّ في السجون، وتمييز عنصري… وغيرها من الممارسات التي تطال النساء والأطفال والشيوخ على مرأى من العالم، يلقى التشجيع والدعم من الدول التي تتبجّح زوراً وبهتاناً بحرصها على حقوق الإنسان، من خلال الدعم المالي والتسليحي والسياسي لهذا الكيان، وممارسة الضغوط لمنع الدول من إدانة هذا الكيان، واتخاذ مواقف عملية وإجرائية ضدّه سياسياً واقتصادياً، وغير ذلك.
وإذا كنا ندين ونستنكر تخاذل المنظمات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان في أرجاء المعمورة، إلا ما ندر منها، فحريّ بنا، ان ندين ونستنكر تخاذل أنظمة عربية، راحت تجهر بخيانتها، بإقامة صلح مع الكيان الصهيوني وعقد اتفاقات أمنية وسياسية واقتصادية معه، والتطبيع، بما يمثله ذلك، من طعنة في الظهر لنضالات شعب فلسطين وتضحياته منذ وعد بلفور المشؤوم، وخيانة للشهداء الذين ارتقوا الى عالم الخلود والجرحى الذين رووا بدمائهم أرض فلسطين الطاهرة، والأسرى الأحرار في سجون العدو، الذين يواجهون بمعنويات عالية، ويتحدّون جبروته من وراء القضبان، وليس أدلّ على ذلك من المشهد الذي رآه العالم على شاشات التلفزة منذ يومين، كيف واجه الأبطال الستة، الذين سبق أن حفروا بملعقة نفق الحرية، كيف واجهوا الجنود الصهاينة، في محكمة الناصرة، بمعنويات عالية وهتافات لفلسطين.
إلاّ أنّ أنظمة التطبيع هذه قد أدانها شعبنا، بمظاهراته العارمة في المغرب والأردن والجزائر واليمن والبحرين وغيرها من الأقطار العربية، التي أعلنت رفضها للتطبيع وتمسكها بتحرير فلسطين، وإدانتها لأنظمة التطبيع ودعوات التطبيع الخيانية.
انّ رفضنا للتطبيع، يتجسّد بدعم المقاومة في فلسطين ولبنان، ودعم نضالها في وجه العدو الصهيوني، وردع العدوان، فالمقاومة هي القوة التي توصلنا الى تحرير فلسطين، وليكن شعارنا فلسطين أمانة، والتطبيع خيانة.
انّ على المناضلين، وكلّ الأحرار في العالم، ان يجعلوا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عنواناً لنضال يومي، من أجل انتزاع تلك الحقوق، التي يأتي في طليعتها تحرير فلسطين من الاحتلال.
فتحية الى شعب فلسطين، الصامد، الصابر والمجاهد.
وتحية الى الأسرى والمعتقلين، الأحرار، في سجون العدو.
وتحية الى الشهداء والمفقودين والجرحى والمقاومين، الذين كتبوا بدمائهم ونضالهم تاريخ أمتنا المجيد.
*رئيس لجنة المحامين في تجمع اللجان والروابط الشعبية