#حزب_الله لن يسمح لاي كان بـ”كسر” الجنرال
ابتسام شديد – صحيفة الديار
التصعيد العوني بات واقعاً لا محالة منه بعدما سدت كل الافق تقريباً ومسارب الحلول للازمة الراهنة، فتيار المستقبل لم يحسم قراره بمعادلة رئيس مقابل رئيس لا بل فان كل المؤشرات تشير الى ان سعد الحريري لن يكون بمقدوره السير في هذه الخيار لحسابات داخلية في تياره تتعلق بشعبيته في الشارع السني في ظل حرب انتزاع الزعامة منه التي يقودها الوزير أشرف ريفي و«الفيتو» السعودي الذي لا يزال جاثماً فوق افق الرابية، وحيث ان الضوء الاخضر الاقليمي لم يصدر بعد بشأن انتاج رئيس للجمهورية، وبالتالي فان انسداد هذا الافق وعملية الحشر التي يتعرض لها ميشال عون جعلته يختار التصعيد، وهذا التصعيد بات مسألة ايام وساعات يحصيها التيار الذي من المقرر على المحاربين والانصار ان يلبوا نداء جنرالهم عندما تدق ساعة المواجهة.
ولكن التصعيد هذه المرة كما تقول اوساط سياسية لا يشبه تصعيد الامس، فلا ميشال عون هو ذاته، ولا تياره يشبه تيار الامس، فيما الظروف تبدو اكثر تعقيداً اذا ما قيس الوضع الامني اليوم في ظل غزو داعش والارهاب لبنان والمنطقة عن السياق الماضي، وقد كشفت عملية عين الحلوة وما يسقط في ايدي الاجهزة الامنية من ارهابيين خطورة الوضع الامني وما تحويه الساحة اللبنانية من مخططات وارهابيين لولا جهود القوى الامنية لكان لبنان سقط في ايدي الارهاب «الداعشي» منذ سنتين .
فالتصعيد بالنسبة الى الرابية لا بد منه، لا بل هو الخيار الاخير، ولكن بدون شك له ايجابياته كما سلبياته، في الاولى فان عون لم يعد لديه ما يخسره، فهو يخوض معركة الميثاقية بعدما صدت كل الابواب في وجهه . خسر ميشا ل عون كل معارك التمديد، وبالتالي فان المواجهة تحت عنوان استعادة حقوق المسيحيين تكسبه الكثير في الشارع المسيحي، وبالتالي فان التحرك اما يكون مصيريا ومربحاً فيكسب عون الرئاسة، واما تكون بداية مرحلة مختلفة ومعقدة فينتقل عون الى نادي الانقلابيين والانشقاقيين وكل عناصر المعركة متوفرة لديه، فالدولة غارقة في نفاياتها والبلاد معطلة.
اما سلبيات التصعيد فلا تحصى، فالتيار الوطني الحر الذي شهد انتفاضة وحملة تطيير لقياديين في صفوفه والذي خسر حروب كثـيرة لا يحتمل انتكاسات اضافية الى رصيده، والسؤال عن جدوى التصعيد طالما ان اللاعبين الاقليميين ومن يؤثرون في الاستحقاق اللبناني يرفعون شعار التريث ويطالبون بالتهدئة طالما ان لبنان مستودع آمن للنازحين، وسقوط الحكومة «خط احمر» فالرئيس نبيه بري يرفض التشويش على الحكومة واسقاطها او ضربها وبقاء الحكومة ولو على شكل «هيكل عظمي» افضل من رحيلها، وبالتالي فان بري الذي تصالح مع الرابـية في ما هو معروف بالتفاهم النفطي اعـاد شـحذ المعركة فالهجوم على الحكومة تحت عنوان رفض التمديد للقيادات العسكرية غير مفهوم او مبرر، لان قرار التمديد لا علاقة لمجلس الوزراء به وهو منوط بوزير الدفاع، في حين ان حزب الله يرفض ايضاً مبدأ ضرب الحكومة والتعطيل والفراغ بعد قصر بعبدا في السراي الحكومي، خصوصاً ان حزب الله طرح مبادرة لعودة الحريري الى السراي الحكومي.
على ان الاخطر على الرابية ان التحرك اليوم لا يشبه الامس، فالتوقيت السياسي الدقيق وثمة مرشحين منافسين يقلقان هدوء الرابية، خصوصاً الحليف السابق سليمان فرنجية الذي لا يبدو رغم كل ما يحكى في صدد التنحي لعون.
من هنا فان الرابية التي تحتسب الساعات لانطلاق تحركها على دفعات تكون ذروتها في 13 تشرين الاول حبست انفاسها، فاي خطوة ناقصة تعرض البلاد للخطر الامني وثمة مخاوف من اندساس مجموعات معينة في تحركات عندما تحين ساعة النزول على الارض، وعملياً اطلق التيار صفارات التحرك على الارض حيث بدأت التعليمات تصدر الى الناشطين حول طبيعة التحرك وشكله، وحيث ان رهان التيار كبير على ما سيحققه من خطوات على الارض حيث سيفيض النهر البرتقالي هذه المرة بصورة مختلفة واكثر قوة عن المرات السابقة.
تتعدد السيناريوهات العونية والتوقعات المفترضة كثيرة لاحداث تحولات في ملفات اساسية، لكن المؤكد ان عون ليس في وارد تغيير خطة الشارع الا اذا طرأت تغيرات ما او تعديلات في مجمل الوضع السياسي، فقرار عون بقلب الطاولة واضح ورد الصاع صاعين لمن حاول تهميشه ورفض الشراكة معه ولمن يتعرض للميثاقية ولمن يضع العصي في دواليب القانون الانتخابي ووصوله الى قصر بعبدا. والواضح ايضاً ان حزب الله يعمل على تهدئة عون وعلى شحنه بالمعنويات وجرعات الدعم اللازمة وان كان لا يرغب بتدمير البيت الحكومي واسقاطه فوق رؤوس الجميع في هذا التوقيت بالذات، لكنه لن يسمح ابداً لأيّ كان مهما كان موقعه ان يكسر الجنرال.
وفي حال لم تحصل تطورات مفاجئة في الاربع والعشرين ساعة القادمة فان جدول الحسابات العونية سيكون مفتوحاً ليطال ويشمل كثيرين، بدءاً بتيار المستقبل الخصم الاساسي الى اخصام عون وكارهوه في الداخل من المختارة الى بكفيا الى عمشيت والمصيطبة واليرزة لدور مفترض لهم بالتضييق على الرابية ضرب عون واسقاطه بالضربة القاضية وحشره بالزاوية وتحجيمه لمنعه من ان يكون لاعباً في الاستحقاقات حتى لو كانت الاستحقاقات مسيحية ومن حقه الشرعي كونه يمثل الشريحة المسيحية الاكبر في المؤسسات وعلى المستوى الشعبي ايضاً.
يدرك التيار ان المؤامرة مستمرة عليه وتم حبكها بدقة لامتناهية من الرعاة الإقليميين ومن الافرقاء في الداخل وعلى رأسهم المستقبل الذي ينفذ اجندة إقليمية بالتواطوء ببن وزير الدفاع وبسكوت مشبوه وملتبس من عين التينة وادراك من المختارة، لكن ميشال عون هو ربما امام الفرصة الاخيرة، فعامل الوقت لا يخدم الرابية، وربما يحتاج الى اعادة تصويب البوصلة وتحديد مسار المواجهة الحالية وادارة المعركة بطريقة مختلفة عن السابق متسلحاً بدعم الحليف المسيحي في معراب وبقرار لا رجوع عنه من الحليف الشيعي الذي اعطاه التفويض باستعادة حقوقه بالرئاسة والادارة المسيحية لجمهوره.