حزب الله يفكك العبوات السياسية “المستقبلية”
هتاف دهام –
صحيفة البناء اللبنانية:
انطلق رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في كلمته الأسبوع الفائت خلال الجلسة الأخيرة من جلسات مناقشة البيان الوزاري بعد مطالعات لـ34 نائباً، من منطلق القوة، لامتلاكه الحجة والمعلومة والحق.
اتسمت كلمة النائب رعد، وفق مصادر نيابية في 8 آذار، بالهدوء وعدم التصعيد لا سيما انها تضمّنت، على رغم «العبوات السياسية المستقبلية»، دعوات لإنجاح الحكومة.
لم تأتِ كلمة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة بجديد، فهي تكرار للمواقف السابقة كما قال مصدر نيابي في تيار المستقبل. هذا الكلام أكده مصدر نيابي في كتلة الوفاء للمقاومة لكون الموقف الذي عبّر عنه رئيس الكتلة والنائب حسن فضل الله في كلمتيهما لم يستجدّ، إنما كان السمة الأساسية، على مدى العامين الماضيين. فحزب الله، يكرّر عند كلّ محطة وفي كلّ خطاب يلقيه مسؤول أو قيادي فيه، الأسباب الموجبة التي دفعته إلى القتال في سورية، بينما لم يألُ جهداً في الدعوات للتهدئة على الصعيد الداخلي والحوار والشراكة الوطنية.
تحت عنوان كشف الغطاء عن نفاق كتلة المستقبل، وحسم الموقف من مطالبتها وسواها من فريق 14 آذار المتكرّرة للانسحاب من سورية، أدرج مصدر نيابي في 8 آذار كلمة النائب رعد، التي ذكّر فيها تيار المستقبل، بأنه ربط لبنان من دون مشاورة أحد في الدولة اللبنانية بالأزمة السورية علناً وسراً، بكلامه عن معسكرات التدريب واستجلاب البواخر المحملة بالسلاح. ويعود المصدر النيابي بالذاكرة الى تغريدات للرئيس سعد الدين الحريري مع بداية الأزمة السورية عبر تويتر وقوله: «لن أعود إلى بيروت إلا عبر مطار دمشق»، ظناً منه يومذاك أنّ النظام في سورية سيسقط، وسينتصر من يُسمّيهم الحريري «الثوار». هذا الكلام الذي سرعان ما نفاه الحريري ونواب المستقبل مع تراجع المشروع الذي يمثلهم في المنطقة.
في جعبة حزب الله وثائق تثبت تورّط التيار الأزرق في الأزمة السورية من تعيين النائب عقاب صقر مديراً ميدانياً لعمليات تهريب السلاح والمسلحين، إلى البواخر التي كانت تحط في مرفأ طرابلس، إلى رفض تيار المستقبل خطة الجيش اللبناني في طرابلس لوقف تهريب السلاح، إلى إرسال عناصر من عكار ووادي خالد للقتال إلى جانب المسلحين في سورية، ودعم الجماعات الإرهابية إعلامياً ومادياً. كل هذه الوثائق لم يكشف عنها الحاج رعد أو النائب فضل الله، أو النائب علي عمار في جلسات منح الثقة للحكومة، فحزب الله لا يزال مصراً على انتهاج سياسة اليد الممدودة تجاه الفريق الآخر، ولم ينتهج نوابه نهج المستقبل التحريضي، حفاظاً على المصلحة الوطنية.
لم يأبه حزب الله ولن يأبه للافتراءات التي وردت في مداخلات نواب «كتلة لبنان أولاً»: خالد الضاهر، زياد القادري، وأحمد فتفت، والتي ليست بجديدة، كما تقول مصادره، مشيرة الى أنّ نواب تيار المستقبل «ما خلّوا ولا بقّوا علينا» وصولاً إلى اتهام الحزب بأنه يريد إلحاق لبنان بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي وفْقَ النائب عمار حوري ورّطت حزب الله في سورية، ودفعت بمجاهديه الى القتال هناك، بقرار إيراني، أدى إلى استنزاف لبنان واستنزاف حزب الله.
يتحدث مصدر نيابي في 8 آذار بسخرية عن لجوء نائبيْ المستقبل فتفت والضاهر إلى إسلوب ادعيا فيه أنّ التيار الذي ينتميان إليه هو من أركان المقاومة الوطنية تاريخياً في لبنان، قائلاً: «قد يكون نواب تيار المستقبل بلا ذاكرة، الا أنّ جمهور المقاومة الوطنية لمّا ينس بعدُ حين قدم النائب فتفت الشاي إلى الإسرائيليين في ثكنة مرجعيون أثناء عدوان تموز 2006، ولم ينس أيضاً الدعوات التي أطلقها خالد الضاهر في طرابلس الى إنشاء الجيش اللبناني الحرّ، على غرار الجيش الجنوبي، إلى العمل على شقّ الجيش اللبناني، والتحريض ضدّه.
أكدت كلمات نواب المستقبل أنهم لا يؤمنون بالبيان الوزاري لا من قريب ولا من بعيد، فعبارة الرئيس فؤاد السنيورة التي أكد فيها على مبدأ الاعتراف بالآخر والالتزام بقواعد الشراكة في الوطن، كانت الإشارة الايجابية الوحيدة، وكلّ ما خلا هذه العبارة كان افتراء وتهجماً منظماً من قبل نواب التيار على مدى الجلسات الأربع.
لا يريد تيار المستقبل أن يصدّق أنّ حزب الله يقاتل الإرهابيين التكفيريين في سورية، وأنّ مشاركته التي بدأت في القصير وامتدّت إلى يبرود، كانت دفاعية، لا هجومية، على رغم أنه يدرك ذلك. فدعا الرئيس السنيورة حزب الله إلى العودة إلى لبنان والانسحاب من هذا الآتون اليوم قبل الغد. الا أنّ هذه الدعوة ردّ عليها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة بكلمة حاسمة أعلن فيها أنّ تدخل المقاومة في سورية دفاعيّ، في إشارة ضمنية، إلى أننا كما نقول إنّ سلاح المقاومة مرتبط بالخطر «الإسرائيلي»، فإنّ وجود المقاومين من حزب الله في سورية، مرتبط بالقضاء على الخطر التكفيري، الذي إن امتد إلى لبنان لن ينجو منه أحد .
يرفض تيار المستقبل المجاهرة بوجود إرهابيين تكفيريّين يقاتلون في سورية، فالوزير نهاد المشنوق كان أطلق من مراكش على بعض أجنحة القاعدة اسم «ثوار». لم يقتصر الأمر على هذا الحدّ، فنائب بيروت عن تيار المستقبل عمار حوري، أكمل بالأمس ما أعلنه المشنوق في مراكش، وقال: «إنّ حزب الله يكفّر الثائرين بحجة أنهم يكفّرون المذاهب الأخرى»، مضيفاً: «ليس هناك من يُكفّر الآخر في لبنان إلا حزب الله». هذا الكلام ردّت عليه مصادر حزب الله لـ«البناء» مؤكدة أنه «هراء واختلاق كامل وادّعاء لا سند له على الإطلاق، فهذا يتناقض مع تعاليم الحزب ومع منهجيته»، مؤكدة في الوقت عينه «أنّ تيار المستقبل هو من راهن على التكفيريّين الذين باعتقاده يساعدونه ويساندونه في إحداث توازن ما في مقابل حزب الله وحركة أمل.