حروب طائفية مقيتة نتاج تحريض الخطاب السلفي الوهابي
نشأ التحالف السلفي الوهابي السعودي في القرن الثامن عشر بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود لنشر الدعوة السلفية في العالم الاسلامي.
وقد تبنى التحالف الجديد في الجزيرة العربية الخطاب الطائفي التحريضي ضد كل الجماعات المخالفة له وعلى الاخص أتباع مذهب أهل البيت. وكان أول مبادرات هذا التحالف الطائفي مهاجمة كربلاء والنجف مطلع القرن التاسع عشر، وقتل الآلاف من اتباع أهل البيت وهدم ضريح الامام الحسين في كربلاء ونهب كل ما كان في المرقد من تحف ومجوهرات كما قام هذا التحالف بهدم قبور ائمة أهل البيت في البقيع في المدينة المنورة سنة 1925 .
التحالف السلفي الوهابي السعودي تطور بفعل اموال النفط . ويقول مؤلف كتاب “الحركات الاسلامية في الوطن العربي” ان الطفرة النفطية أدت إلى تعزيز اهتمام السعودية ببناء الجامعات والمعاهد العلمية التي تدرّس السلفية، وبناء مؤسسات إقليمية (مثل رابطة العالم الإسلامي)، وتقديم آلاف المنح للطلاب العرب والأجانب للدراسة في هذه الجامعات، وهو ما ساعد في نشر الفكر السلفي في أنحاء مختلفة من العالم، مع تأثر العاملين في السعودية والخليج (الفارسي) بهذه الأفكار، فأصبحت السعودية بمثابة المركز العالمي لنشر الدعوة والأفكار السلفية.
الدعوة السلفية انتشرت في العالم الاسلامي بفعل المال السعودي ورجال وظفوا لخدمة أجندة آل سعود لقيادة العالم الاسلامي. وکانت حرب افغانستان أول تجربة للتحالف السلفي الوهابي السعودي التي استهدفت التدخل الروسي في افغانستان. وقد دعمت الولايات المتحدة هذا التوجه الجديد وجند آل سعود آلاف الشباب العربي للتوجه الى افغانستان لمواجهة القوات الروسية. وعندما انتهت الحرب في افغانستان عاد الافغان العرب الى بلدانهم وواجهت الدولة السعودية آلاف الشباب السعودي المنتمين الى تنظيم القاعدة وهم يرون النظام السعودي وقد سمح للقوات الاميركية والاوروبية التمركز في الجزيرة العربية والتمتع بخيراتها من اجل دعم النظام.
وهكذا واجه النظام السعودي الافغان العرب العائدين من حرب افغانستان، وشن حربا شعواء على هؤلاء الشباب الذين اعتقلوا وقتلوا بذريعة انتمائهم الى الجماعات الارهابية . وقد تخلص السعوديون من هؤلاء الشباب وكانت تجربة مريرة لهذا النظام.
ولكن النظام السعودي، لم يأخذ العبرة من حرب افغانستان وعودة الافغان العرب الى بلادهم ، بل بدأ منذ عام 2012 تجييش الجيوش لتدمير سوريا ، ولاقت هذه الحملة تأييد الولايات المتحدة والبلدان الاوروبية، وخصصت السعودية مليارات الدولارات “للجهاد في سوريا” وتم تعبئة مئات آلالاف من الشباب العربي والاوروبي للتوجه الى سوريا لخوض الجهاد والقتال في سبيل الله حسب مزاعم رجال دين وهابيين.
وبدعم من السعودية نظم مؤتمر لـ”رابطة علماء المسلمين” في القاهرة في حزيران 2013 اكد على “وجوب الجهاد” في سوريا، معتبرا بأن ما يجري في سوريا هو حرب على الاسلام من النظام السوري الذي وصفه ب”الطائفي”.
واعلن بيان المؤتمر الذي عقد في أحد فنادق العاصمة المصرية تحت عنوان “دور العلماء في نصرة سورية” عن “وجوب (الجهاد) لنصرة (إخواننا) في سوريا، بالنفس والمال والسلاح، وكل أنواع (الجهاد) والنصرة وما من شأنه إنقاذ الشعب السوري من قبضة النظام الطائفي”.
وهكذا جيّش النظام السعودي رجال دين سلفيين جمعهم من أنحاء العالم لتحريض الشباب العربي للذهاب الى سوريا للقتال هناك بذريعة الجهاد ضد النظام.
ولكن هذه الدعوة ارتدت على السعوديين الذين ذهبوا الي سوريا للقتال وعاد الشباب السعودي جثثا هامدة، بعد مشاركتهم في القتال حيث كانوا حطبا لنار الفتنة التي وقعت أخيرا بين المجموعات السلفية بينها النصرة وداعش والقاعدة وهذا ما أدى الى سخط شعبي كبير على ال سعود ورجال الدين الذين طبلوا وزمروا للجهاد في سوريا ومنهم العريفي والعرعور الذين كانا ادوات للدعاية السلفية السعودية لإرسال الشباب السعودي والعربي الى سوريا.
وقد أصدر الملك عبد الله بن عبد العزيز أخيرا قرارا قرر بموجبه معاقبة كل من يشارك في “اعمال قتالية” خارج المملكة (سوريا) بالسجن بين ثلاث سنوات وعشرين سنة انطلاقا من “سد الذرائع″ ومنع الاخلال بالأمن و”الضرر بمكانة المملكة”، كما تطال العقوبة كل من يؤيد الجماعات “الارهابية” او يتبنى فكرها او الافصاح عن التعاطف معها، بأي وسيلة كانت، او دعمها ماليا او التحريض على الدعم، او التشجيع عليه او الترويج له بالدعم او الكتابة.
وقد مهد لهذا القرار الاعلامي السعودي داوود الشريان الذي شن حملة ضد الدعاة الذين يحرضون المواطنين السعوديين على الجهاد في سورية، ويقومون بتجنيدهم، كان واضحا ان حملته هذه تأتي تمهيدا لهذا المرسوم الملكي.
وكانت معلومات قد ذكرت ان هناك ما يقرب من العشرة آلاف سعودي يقاتلون في سورية تحت لواء جماعات جهادية، وان عددا كبيرا منهم لقي حتفه، ومعظم هؤلاء ذهبوا الى القتال بتحريض من رجال دين عبر فضائيات سعودية.
فالسلطات السعودية تخشى من عودة الشباب الذين قاتلوا في سوريا الى المملكة وتوجيه بنادقهم باتجاه القوات السعودية، وتوظيف خبراتهم في القتال ضدها، ونشر فكرها في اوساط الشباب السعودي، مضافا الى ذلك انها تخشى من دعوات قانونية ترفع ضدها في المحاكم الدولية بتهمة دعم الارهاب.
فاليوم يشن اتباع جماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام “داعش” هجوما على مدينة سامراء العراقية متأثرين بالحملات الطائفية السعودية التي تبث الحقد الطائفي ضد اتباع أهل البيت وقد استهدف هؤلاء احتلال مدينة سامراء واعلانها جزءا من الدولة الاسلامية التي يريدون تأسيسها في كل من الشام والعراق. ولا يستبعد المراقبون ان يكون النظام السعودي قد حث انصار داعش على هذا الهجوم من أجل التمويه على قتلاه في سوريا والغضب الشعبي الذي واجهه في الفترة الاخيرة.
ان الهجوم الأخير الذي شنه انصار جماعة داعش على مدينة سامراء، هو خطة متكاملة من جانب السعوديين لنشر الرعب والقتل والارهاب في دول المنطقة. فبعد أن هزمت خططهم شر هزيمة في سوريا، ها هم يوجهون عملاءهم الى العراق لشن حرب طائفية جديدة في المنطقة علهم يحققون أهدافهم الطائفية المقيتة .
موقع قناة العالم – شاكر كسرائي