حروب أميركا.. هل دكتاتورية الرئاسة هي السبب؟
صحيفة الوطن السورية-
دينا دخل اللـه:
رغم إعلان انتهاء الانسحاب الأميركي من أفغانستان، إلا أن الإدارة الأميركية مازالت تعاني انتقادات إعلامية وسياسية على جميع المستويات. تساؤلات كثيرة تطرح ومحاولات عديدة لفهم ما حصل.
في الكونغرس حمل النائب الجمهوري عن ولاية يوتا، ميت رومني مسؤولية ما يحدث في أفغانستان لإدارة بايدن وسلفه دونالد ترامب إذ قال: «الحقيقة هي أن الوضع الذي نحن فيه الآن هو بسبب قرارات خاطئة من كلتا الإدارتين»، وأضاف: «إن إنهاء الحرب ليس كسحب القوات، وهذا ليس قرار حزب واحد بل يجب أن يكون قرار الحزبين معاً».
على حين قال مستشار الأمن القومي للرئيس السابق ترامب هربرت ماكماستر: «جميعنا نتحمل المسؤولية في حرب أفغانستان، فهي حرب كانت مبنية على إستراتيجية خاطئة ما أدى إلى إنهائها بهزيمة ذاتية وهو أمر محزن».
أما زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش مكونيل فقال: «إن قرار سحب القوات الأميركية من أفغانستان هو من أسوأ قرارات السياسة الخارجية في تاريخ الولايات المتحدة وخاصة أننا تركنا خلفنا ما أتينا لإصلاحه قبل عشرين عاماً».
ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالاً للكاتب ستيفان ورثيم يقول فيه: «إن ما يحصل هو بسبب تنازل الكونغرس عن واجبه الدستوري في تحديد من وكيف ومتى ستقاتل أميركا»، ففي السنوات القليلة الماضية أصبح لدى الولايات المتحدة جنود على الأرض أو أنها تقوم بتنفيذ ضربات جوية في أكثر من تسع دول غير أفغانستان، كالعراق وكينيا وليبيا ومالي وباكستان والصومال وسورية واليمن، هذه الحروب جميعها تحصل بشكل منفصل لأن شخصاً واحداً قام بشنها. ويرى الكاتب أنه «كان على الرئيس بايدن الوقوف أمام الكونغرس والطلب منه أن يصدر إعلاناً رسمياً عن الحروب التي يريد الكونغرس أن تستمر أو أن تعود جميع القوات مع كامل عتادها إلى الوطن، ما قد يكون إعلاناً لبداية جديدة في السياسة الخارجية الأميركية يعيد صلاحية إعلان الحرب للكونغرس بعيداً عن الرغبات الشخصية التي تعمل على تحريك أكبر قوة عسكرية في العالم». ويضيف الكاتب: «إنه إذا اعتبرت هذه الأفكار ثورية فإن الانقلاب الذي حصل حقيقة هو عندما تنازل الكونغرس عن صلاحياته في إعلان الحرب».
يعتبر إعطاء الكونغرس صلاحية إعلان الحرب عنصراً أساسياً في الدستور الأميركي، فقد سماه الرئيس الرابع للولايات المتحدة جايمس ماديسون الجزء الأكثر حكمة في الدستور، لأنه كان يعتقد أن القسم التنفيذي من السلطة، أي الرئيس وإدارته، هو الأكثر عنفاً وميلاً للحرب. وسعى بعض الأميركيين المهتمين إلى رفع السقف بالنسبة لإعلان الحرب وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى، حيث طالب النائب عن ولاية انديانا لويس لودلوو بإعطاء صلاحية إعلان الحرب للشعب مباشرة، فقدم مشروع قانون يقوم بموجبه كل الشعب بالتصويت لإعلان الحرب أو عدمه، ووافق على مشروع القانون أكثر من 70 بالمئة من الشعب إلا أن مجلس النواب رفضه بفارق بسيط عام 1938.
وأعلن الكونغرس في الولايات المتحدة الحرب بعد الاعتداء الياباني على مرفأ بيرل هاربر عام 1941، وكانت هذه آخر مرة يقوم فيها بذلك، ومنذ ذلك الوقت وواشنطن تلعب دور الشرطي العالمي الذي يتخذ قراراته حسب أهواء حكام البيت الأبيض الذين استثنوا أكثر من 300 مليون أميركي من قراراتهم التي يدفع ثمنها الأميركيون أنفسهم إضافة إلى باقي شعوب العالم.