حركة طالبان باكستان: إتباع نموذج طالبان الأفغانية
موقع الخنادق:
تحاول “حركة طالبان الباكستانية” إتباع نموذج طالبان الأفغانية، حيث يسعى زعيم الجماعة، نور ولي محسود، للاقتداء بطالبان، لدرجة أنه فور انتصار طالبان في أفغانستان قال في مقابلة مع “سي أن أن” أنه ” نأمل الاستفادة من انتصار طالبان في أفغانستان”.
وفي مقابلة للمحلل في الشؤون الآسيوية “بهروز أياز” مع الموقع الإلكتروني “للمجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية” يشير الى ان ” حركة طالبان الباكستانية… غالبًا ما ترى في شرعية طالبان في المجتمع الدولي واستقرارها، قاعدة لانتشار أفكارهم وتأمين مصالحهم… وهي تسعى إلى استخدام محادثات طالبان الأفغانية مع الولايات المتحدة كنموذج لمحادثاتها الأخيرة مع الحكومة الباكستانية”.
كما أن أفغانستان تشبه فسيفساء على مستوى اختلاف الأعراق والقوميات، وكانت دائماً ساحةً للعبة القوى العظمى، ومن المحتمل أن دولاً أخرى تشارك في معركة السلطة وتقدم مصالحها من خلال اختيارها إحدى هذه الأعراق أو الجماعات نيابة عنها، وبالتالي فإن قمع وغياب قوميات “الطاجيك” و”الأوزبك” و”الهزارة” من اللعبة السياسية، يمكن أن يسوق هذه الأعراق إلى جانب جبهات القوى العظمى الأخرى.
المقال المترجم:
إن إحدى الجماعات المتأثّرة بطالبان، هي جماعة “حركة طالبان الباكستانية”، حيث تضم مجموعات مختلفة وتسيطر على مناطق ولايات شمال باكستان، وهي منطقة يوجد فيها أكثر من 1.5 مليون لاجئ أفغاني. يذكر أن أكثر من أربعة آلاف من أعضاء الجماعة، حارب القوات الحكومية، لمساعدة طالبان في شرق أفغانستان.
وتحاول “حركة طالبان الباكستانية” تحقيق مطالبها باتباع نموذج طالبان الأفغانية، حيث يسعى زعيم الجماعة، نور ولي محسود، للاقتداء بطالبان، لدرجة أنه فور انتصار طالبان في أفغانستان قال في مقابلة مع “سي أن أن” أنه ” نأمل الاستفادة من انتصار طالبان في أفغانستان”.
في ظل هذه الظروف، لم تدعم حكومة طالبان في أفغانستان حركة طالبان الباكستانية بشكل مباشر ورسمي، لأن حكومة طالبان تتصرف انسجاماً مع الحكومة الباكستانية، وتعتمد على الدعم والمساعدات الإقليمية والدولية، بالتالي الدعم العلني لطالبان باكستان ومساعدتها، هو أمر مغاير لطلب إسلام آباد.
وموضوع الإفراج عن سجناء طالبان الباكستانيين من قبل حكومة طالبان، والذي تم بذريعة إطلاق سراح جميع السجناء، حيث من الممكن أن يكون له تأثير كبير على التعزيز العسكري لحركة طالبان الباكستانية، وبالنظر إلى العلاقات الوثيقة التي تربط شبكة حقاني وتنظيم القاعدة، بجماعة “حركة طالبان الباكستانية”، من المتوقع أن يكون هناك دعًما ماليًا واستخباراتياً غير مباشر من خارج المسار الحكومي للجماعة.
ومن المتوقع مع تشكيل حكومة طالبان في كابول، أن تحصل جماعة “حركة طالبان الباكستانية”، في المناطق الشمالية الباكستانية، على دعم استخباراتي ومالي من جانب شبكة حقاني والقاعدة وربما الحكومة الهندية؛ لأن لدى القاعدة وشبكة حقاني ارتباطات فكرية وثيقة مع حركة طالبان الباكستانية، فهم يرون بإنشاء مناطق تسيطر عليها الجماعة في شمال باكستان نجاحًا وإنشاء قاعدة أخرى تشاركهم الفكر والرأي، حيث يؤدي بالإضافة إلى نشر أيديولوجيتهم، الى دفع “داعش” من منطقة جنوب آسيا.
ربما تسعى الحكومة الهندية، من وراء مساعداتها لهذه الجماعة، إلى تقليص القوة السياسية لباكستان، وخلق تحديات أمنية وسيادية، وتقويض جيشها، وبالتالي تقليص القدرة العسكرية على صعيد التطورات والتحولات الراهنة، لا سيما في منطقه كشمير.
وفي إشارة إلى التقارب العرقي والأيديولوجي بين طالبان باكستان وأفغانستان، فإن تعزيز كل من الحركتين، سيؤثر على الآخر، وأنه على الرغم من أن طالبان اليوم تختلف عن طالبان قبل عشرين عامًا، إلا أنها لم تتغير كثيرًا من الجانب الأيديولوجي والفكري.
وأن قبول بعض القواعد والأنظمة الدولية تعتبر ملزمة لعضوية طالبان في النظام الدولي وكسب الشرعية، وإن الجماعات الدينية “المتطرفة”، بما في ذلك جماعة “حركة طالبان الباكستانية” والقاعدة، على معرفة تامه بهذه القضايا التي تظهرهم بصوره إيجابية، وغالبًا ما يرون في شرعية طالبان في المجتمع الدولي واستقرارها، قاعدة لانتشار أفكارهم وتامين مصالحهم.
وحول احتمال حدوث شرخ بين حركة طالبان الباكستانية وطالبان الأفغانية بسبب تواجد طالبان الأفغانية في السلطة وضرورة قبول وتنفيذ بعض الالتزامات، فإن” حركة طالبان الباكستانية” بقيادة نور ولي محسود، على عكس القادة السابقين، حيث أبعدت نفسها عن تحقيق أهدافها “الجهادية” الطموحة المتمثلة في الإطاحة بالحكومة الباكستانية وركزت على تحقيق الحكم الذاتي في المناطق القبلية الباشتونية أي المقاطعة الحدودية الشمالية كهدف رئيسي لها. وهي تسعى إلى استخدام محادثات طالبان الأفغانية مع الولايات المتحدة كنموذج لمحادثاتها الأخيرة مع الحكومة الباكستانية؛ لذلك، فإن احتمال حدوث خلاف بسبب قبول القواعد والأنظمة الدولية بين الحكومة الطالبانية وجماعة ” حركة طالبان الباكستانية” في باكستان، أمر غير وارد.
وعن إمكانية استخدام باكستان لأفغانستان كنقطة لتشكيل مجموعات محاربة بالوكالة، فلطالما نظرت باكستان إلى الساحة السياسية الخارجية من نافذة العداء مع الهند، ولذلك تطالب باكستان منذ فترة طويلة ومن أجل الحفاظ على عمقها الاستراتيجي بأن تكون أفغانستان بلداً تابعًا ومنفذا لأوامرها. ولطالما فضل الجيش ومنظمة المخابرات العسكرية الباكستانية، القبائل الباشتونية المتدينة على القوميين الأفغان.
تداعيات وقوع حرب بالنيابة على باكستان
بما أن أفغانستان تشبه فسيفساء على مستوى اختلاف الأعراق والقوميات، فقد كانت دائماً ساحةً للعبة القوى العظمى، ومن المحتمل أن دولاً أخرى تشارك في معركة السلطة وتقدم مصالحها من خلال اختيارها إحدى هذه الأعراق أو الجماعات نيابة عنها، وبالتالي فإن قمع وغياب قوميات “الطاجيك” و”الأوزبك” و”الهزارة” من اللعبة السياسية، يمكن أن يسوق هذه الأعراق إلى جانب جبهات القوى العظمى الأخرى
ومن المحتمل أن يكون هناك انقسامًا بين المتدينين “المتطرفين” في أفغانستان حول تقسيم السلطة في الأشهر المقبلة وإعطائهم دوراً ضمن جماعات تعمل بالوكالة عن الجهات الأجانب، وربما تعاد الحرب الأهلية في أفغانستان نتيجةً لهذا الوضع، مما يؤدي إلى دعم باكستان لنواة طالبان وزيادة قدرتها وجعلها غير مستقرة داخليًا ومعزولة دوليًا.
وأن أي احتمال لانعدام الأمن في أفغانستان سيضر بسمعة باكستان الدولية. في ظل هذه الظروف، ستتجه باكستان للعداء أكثر مع الهند، وللبعد عن الولايات المتحدة، واعتماداً أكبر على الصين. كما أن انتشار انعدام الأمن الإقليمي قد يجعل باكستان وأفغانستان “ملاذاً آمناً للإرهابيين”.