حرب الغرب على روسيا: الميادين والأدوات
موقع الخنادق:
يحاول بعض الإعلام – وخاصة الداعم للولايات المتحدة – تضليل الرأي العام وتصوير العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وكأنها إما “غزواً” روسياً أو حرباً محصورة بالطرفين موسكو وكييف. الا أن الوقائع تؤكد أن للصراع الحالي أبعاداً تتجاوز الحدود الأوكرانية حيث أنه باتت حرباً علنية للغرب ضد روسيا.
على الرغم من أن الغرب لم يعلن دخوله في الحرب ضد روسيا عسكريًا؛ إلا أنّه قد عمد إلى تجنيد مختلف الجبهات والميادين في مجابهة روسيا من بوابة اوكرانيا. حيث تسعى الولايات المتحدة إلى محاولة الاستئثار بالقرار العالمي والإبقاء على هيمنتها عليه، من خلال التأثير على حلفائها الأوروبيين لمحاربة روسيا عبر إجراءات اقتصادية معادية، وتجييش حرب كونية من خلال الحملات الدعائية والتحريضية وفتح كل القنوات الإعلامية والدبلوماسية العالمية لأجل ذلك.
بحسب التغيرات الدولية الحاصلة، يبدو أنه قد تشكل ما يشبه معسكرًا غربيًا مقابل روسيا “الشرقية”، فما هي الاعتبارات السياسية والدولية لهذا المعسكر، وما هي ميادينه وأدواته؟
الاصطفافات الدولية الجديدة:
ما فتئت إرهاصات تراجع الأحادية القطبية والذهاب نحو عالم متعدد الأقطاب في النظام العالمي تعلو في دراسات وتحليلات منظري العلاقات الدولية منذ سنين خلت، وهي تتجاوز العقد من الزمن او تناوئ العقدين. وقد شهد العالم بروز قوى سياسية واقتصادية جديدة وقفت في وجه الولايات المتحدة الأمريكية، التي عملت على الاستفراد بقيادة العالم، بعيد انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة. فمن الصين “العملاق الاقتصادي” إلى روسيا الاتحادية “خزان النفط والغاز” للقارة الأوروبية، بالإضافة إلى الدول الصاعدة اقتصاديا والفاعلة دوليا مثل كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا التي تحدت الإرادة الأمريكية وصمدت في وجه الإجراءات الاقتصادية العدائية التي عرفت بالعقوبات الاقتصادية.
وعليه، فقد بدأت تتشكل معالم نظام عالمي جديد، يميل إلى التعدد، ويثني الولايات المتحدة عن الهيمنة في قراراتها وفرض سيطرتها على القرارات الدولية أو الاستئثار بالاقتصاد العالمي. وبعد سنين من بسط سلطة الدولار الأمريكي على مختلف العمليات التجارية والاقتصادية العالمية، نشهد تحررًا عالميا جديدا على هذا المستوى من خلال التكتل الشرقي في مقابل الهيمنة الغربية والتوجه نحو العملات الصينية واليابانية والروسية للتداول فيما بين الدول.
الواقع أن الحلف الشرقي الآخذ في التوسع ليس وليد الأزمة الأوكرانية أو نتيجة للعملية العسكرية الروسية هناك، بل هو نتيجة إجماع متعدد الأقطاب للخروج من الثوب الأمريكي والذهاب نحو اتخاذ قرارات “مناوئة” تحررية تخدم مصالح هذه الدول ولا تتماشى مع المصالح الأمريكية. لكن هذا الحلف لم يذهب إلى التمظهر على شكل معسكر شرقيّ حقيقيّ، إنما هو تحالف تشكّل تلقائيًا، جاء نتيجة لطبيعة التغيرات الدولية ومصالح تلك الكيانات الاقتصادية التي تأذت من الهيمنة الأمريكية. وقد ظهر على شكل اتفاقات ثنائية ومتعددة بين الدول انسجاما مع تلك المصالح، إلا أن تلك الاتفاقات لم تؤدِ إلى تبني الموقف الروسي المستجد بخصوص الأزمة الأوكرانية. وقد اعتبرت الخارجية الروسية أن “الأحداث الجارية في أوكرانيا ستخلق نوعًا جديدًا من العلاقات بين موسكو والولايات المتحدة وأوروبا وحلف الناتو وستحمل طابعا جديدا”.
في المقابل، عملت أمريكا على احتواء روسيا من خلال نشر الناتو على حدودها ونشر الدرع الصاروخية، ولكنها قد أوصلت بالاستفزاز إلى تأجيج الأزمة في أوكرانيا. حيث وقفت خلف النظام الأوكراني داعمةً فلديمير زيلينسكي، وهي التي تستفيد منه لمحاربة الروس بطريقة غير مباشرة. فإذا ما ذهبت إلى حرب مباشرة، فإن ذلك سيؤدي حتما إلى حرب عالمية “عسكرية”.
تستخدم الولايات المتحدة الأوروبيين في مجابهة الخصم الروسي. تلك الدول التي ما انفكت منضوية في حلف شمال الأطلسي، الذي تشكل لمحاربة حلف وارسو الشرقي. وإذا أضفنا عليها اليابان (المنضوية في مجموعة G7 (وأستراليا (المنضوية في حلف إكسوس)، كوريا الجنوبية وسويسرا نكون أمام معسكر غربي _ ما فوق الأطلسي_ حيث خرج من حدود حلف الناتو وتوسع ليضم الدول التي لا تزال تسير في رحى الإدارة الأمريكية، ووقفت في وجه العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وعليه، نكون أمام حرب غربية _ روسية، حيث تجاوزت معالمهما حدود الأطلسي ووسعت أدواتها لتطال العمق الاقتصادي الروسي وتمس أمنها القومي، ما يمكن أن يؤدي إلى ” حرب نووية” بحسب تعبير بوتين.
وهنا، يمكن القول، أننا في مرحلة جديدة في العلاقات الدولية ترتسم فيها مسارات ومعسكرات تعود بنا إلى زمن الاصطفافات في عصر الحرب الباردة.
ميادين الحرب الغربية – الروسية:
بينما أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تعسكر الغرب مقابل روسيا ولكن في ميادين شتى، لم يكن الميدان العسكري سوى ساحة جانبية للقتال. وقد شكلت الإجراءات الاقتصادية المعادية أبرزها وأهمها حيث بدت كحرب اقتصادية عالمية، هذا وقد سبق لها أن مولت أوكرانيا بالذخيرة والعتاد وأغدقت عليها بالأسلحة الفتاكة. كما لا يمكن إغفال الميدان الأمني السيبراني الذي غدا من سمات العالم المعاصر وحروب الجيل الخامس.
1. الإجراءات الغربية الاقتصادية العدائية على روسيا:
فرضت 35 دولة حول العالم إجراءات اقتصادية عدائية عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا بسبب غزوها اوكرانيا، من الولايات المتحدة الأميركية إلى المملكة المتحدة وكندا وسويسرا وعدد من الدول الآسيوية وصولاً إلى 27 دولة ضمن الاتحاد الأوروبي.
وتتنوع العقوبات ما بين حظر الصادرات النفطية، وتكبيل القطاع المصرفي، وحظر الطيران، ومنع شركات الدول الكبرى من التعامل مع السوق الروسية، وصولاً إلى مصادرة الأملاك الروسية، وفرض عقوبات مباشرة على أصحاب رؤوس الأموال والنواب والدائرة المحيطة بالكرملين وصولاً إلى فلاديمير بوتين شخصياً.
حيث قرر قادة المفوضية الأوروبية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وكندا اتخاذ تدابير محددة لزيادة عزل روسيا عن النظام المالي الدولي. وذلك بحسب تغريدة أطلقها البيت الأبيض على حسابه على توتير.
تطول لائحة الإجراءات الغربية الاقتصادية العدائية المفروضة على روسيا منذ بدء هذه الحرب الغربية الروسية، ولا يمكن حصرها في هذه الورقة. حيث صرح الأمريكي انه لم يسبق أنه فرض “عقوبات اقتصادية” على أحد من الدول كالتي فرضها على روسيا الاتحادية. إلا أن الاقتصاد الروسي قد عمد إلى الاعتماد على إجراءات بديلة لكل ما يتعرض للعقوبات. كما انه يستخدم ورقة الغاز والنفط باعتباره صاحب ثاني إنتاج للغاز في العالم والمصدر الأساسي للنفط في أوروبا.
2. التسليح العسكري لأوكرانيا:
رغم أنه قد تحفظ بداية على مواصلة التسليح كي لا يتورط في حرب مباشرة مع روسيا، بعيد بدء العملية العسكرية الروسية فيها، فقد أعلن البيت الأبيض الأمريكي عن حزمة مساعدات قيمتها 800 مليون دولار لمساعدة أوكرانيا. وذلك باعتباره يقيم حربًا بالوكالة مع حلفائه الأوروبيين في مواجهة الروس هناك. وعليه، يرتفع إجمالي المساعدة الأمنية الأمريكية المخصصة لأوكرانيا إلى مليار دولار وما مجموعه 2 مليار دولار منذ ذلك الحين.
وفي نفس السياق، قررت كوريا الجنوبية إرسال معدات عسكرية لأوكرانيا رغم تحفظها بادئ ذي بدء عن فرض عقوبات اقتصادية. وللمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، أرسلت السويد أسلحة إلى بلد في حالة حرب كما فعلت في أوكرانيا. تشمل الشحنات 5000 سلاح مضاد للدبابات من صنع صعب، بالإضافة إلى 5000 خوذة و5000 درع للجسم و135000 حصة ميدانية.
اتفق الناتو والدول الغربية على إرسال مساعدات عسكرية لأوكرانيا حيث تواجه اليوم الخامس من الهجمات الروسية.
سترسل دول الناتو آلاف الصواريخ المضادة للدبابات ومئات من صواريخ الدفاع الجوي إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى الذخيرة.
كما وافقت دول الاتحاد الأوروبي على توريد أسلحة أوكرانيا بقيمة 450 مليون يورو (503 مليون دولار) ومعدات واقية بقيمة 50 مليون يورو (55 مليون دولار) وكذلك دعم الجيش الأوكراني بطائرات مقاتلة ووقود.
قررت المملكة المتحدة، التي سلمت أوكرانيا صواريخ مضادة للدبابات في يناير، تقديم حزمة دعم عسكري إضافية تشمل أسلحة دفاعية فتاكة وغير فتاكة.
أظهرت ألمانيا دعمها العسكري لأوكرانيا من خلال توفير 5000 صاروخ مضاد للدبابات و500 صاروخ ستينغر، بالإضافة إلى 5000 خوذة. وتقدم فرنسا مساعدات الوقود لأوكرانيا بالإضافة إلى دعم المعدات العسكرية. وكجزء من الناتو، سترسل فرنسا 500 جندي وعربة مدرعة إلى رومانيا المجاورة لأوكرانيا، وأربع طائرات حربية طراز ميراج 2000 إلى إستونيا. كما سترسل فرنسا ما بين 200 و250 جنديًا إلى إستونيا.
ومنذ عام 2016، عمدت الدول الأجنبية على ضخ أوكرانيا بالسلاح للعمليات الهجومية وليس للدفاع عن الدولة، حيث تم إمداد أوكرانيا بالأسلحة الفتاكة. ويمكن هنا استعراض أبرز الدول الغربية التي عمدت إلى تسليح أوكرانيا:
الولايات المتحدة: على رأس المعسكر الغربي، قدمت واشنطن منذ الـ 2016 حتى اليوم أكثر من 2.5 مليار دولار للمساعدات العسكرية في أوكرانيا، تشمل: بنادق مختلفة إلى ثلاث شحنات من أنظمة جافلين المضادة للدبابات، وقاذفات قنابل يدوية من طراز PSRL-1 وبنادق قنص من طراز Barrett ومائة من بنادق قنص باريت، 35 صاروخًا مضادًا للدبابات من طراز FGM-148 Javelin و210 صواريخ. في عام 2022 صدرت أمريكا شحنة أسلحة بقيمة إجمالية حوالي 200 مليون دولار إلى أوكرانيا.
الجمهورية التشيكية: اشترت أوكرانيا من الجمهورية التشيكية 40 وحدة مدفعية ذاتية الدفع و177 مدفع رشاش ثقيل ومركبات القتال المشاة، واستوردت كييف في عام 2018 40 بندقية ذاتية الدفع 2S1، 2019 تم شراء BMP-1AK وحوامل مدفعية ذاتية الدفع (ACS) 2S1
إستونيا، ليتوانيا، لاتفيا: زودت هذه الدول أوكرانيا بأسلحة أمريكية الصنع بموافقة أمريكية، إضافة إلى 150 رشاشًا من ليتوانيا، في عام 2014.
بولندا: اشترت أوكرانيا 100 مدافع عديمة الارتداد، SPG-9، وحاملتي مدفع للسفن.
تركيا: بدأ التعاون الأوكراني التركي في مجال الطيران بدون طيار في خريف عام 2020.
3. الإجراءات السيبرانية العدائية تجاه روسيا:
إن الفضاء السيبراني هو المجال الأكثر فاعلية في حروب الجيل الخامس، فعلى جانب الميدان العسكري والإجراءات الاقتصادية العدائية التي يمكن أن تتعرض لها الدول، فإن جولة طويلة من الهجمات السيبرانية لا بد أن تبقى في الحسبان.
إبان بداية الحرب الروسية الغربية، اقترحت أوكرانيا على منظمتي الإنترنت الدوليتين مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة المعروفة اختصارا بـ”آي سي إيه إن إن” (ICANN) ومركز تنسيق شبكة الإنترنت المعروف بـ”رايب إن سي سي” (RIPE NCC) إزالة المجالات الروسية عن الإنترنت وإزالة خوادم الجذر الخاصة بهما، وفق تقرير لموقع “بيزنس إنسايدر” (Businessinsider).
وقد رفض مركز تنسيق شبكة الإنترنت اقتراحات أوكرانيا، معتبرا أن “وسائل الاتصال يجب ألا تتأثر بالنزاعات السياسية الداخلية أو النزاعات الدولية أو الحروب”.
إلا أن موقع “يوتيوب” قام بحذف قناتي RT، وDFP الناطقتين باللغة الألمانية، التابعتين لشبكة قنوات RT الروسية دون الحق في الاستعادة، ورئيسة تحرير الشبكة ردت بضرورة منع القنوات الألمانية في روسيا.
وبرر الموقع حجبه لـ RTD بأنها انتهكت قواعد النشر، دون أن يحدد ماهيتها. يأتي ذلك في الوقت الذي تتصدر فيه تلك القنوات أفضل خمس مشاهدات على موقع “يوتيوب” بين وسائل الإعلام الناطقة باللغة الألمانية في فئة الأخبار والسياسة.
وكانت لوكسمبورغ، في وقت سابق، قد رفضت منح RT رخصة للبث، مستشهدة بذلك برأي السلطات الألمانية. هذه حرب إعلامية حقيقية تعلنها ألمانيا ضد روسيا. كما تم حجبها RT الناطقة باللغة العربية التي تحظى بـ 2.8 مليار مشاهد ثم تم رفع الحظر.
وفي نفس السياق، حجب موقع “إنستغرام” جميع حسابات قناة “آر تي” في 27 دولة أوروبية.
هذه الإجراءات هي حلقة من سلسلة طويلة يستخدمها الحرب في معركة التضليل الممارسة تجاه روسيا، وهي بدورها تمارس إجراءات وردودًا في ظل معركة مجال الفضائي مفتوح على أقصى الدرجات.
4. العصر الجديد للمعسكر الغربي:
بالعودة إلى كلام وزير القوات المسلحة البريطاني قبل بدء العملية العسكرية في روسيا الذي صرح بحزم عدم الانجرار الى المعركة العسكرية مع الروس “أوقفنا خلافاً لذلك جميع أنشطتنا التدريبية للأوكرانيين، وكنا واضحين جداً طوال الوقت بأنّه لن يكون هناك تدخل بريطاني في أيّ صراع في أوكرانيا”، إلا أنه قد أشار إلى المدى الزمني للمعركة معهم “الغرب يدخل فترة جديدة من المنافسة مع روسيا”، قد تستمر لأكثر من جيل.
وعلى نفس الوتيرة، عبرت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن في مؤتمر صحفي بكوبنهاغن إن “اللحظات التاريخية تتطلب قرارات تاريخية”. وحيث أن موسكو بحسب تعبيرها قد “بشرت بعصر جديد وواقع جديد، فصراع أوكرانيا ليس فقط في أوكرانيا.. أكدت فريدريكسن على التحالف الأوروبي “نحن نقف معا في أوروبا”. وردا على سؤال حول سبب ضرورة التغيير الجذري في السياسات الأمنية الدنماركية تجاه الاتحاد الأوروبي في هذا التوقيت، أجابت: “الآن يجب على كل شخص في العالم الغربي أن يتخذ قراره”. وذكرت أن الدنمارك ستعزز كذلك الإنفاق العسكري حتى تحقق هدف حلف شمال الأطلسي المتمثل في 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2033.
ما يمكن أن يستقى من كلام المسؤولين الأوروبيين هو التشديد على التحالف الغربي، فبعد الحديث عن وحدة الموقف الأوروبية تم الانتقال إلى التأكيد على تعزيز حلف الناتو ودعمه، وأن المدى الزمني لمجابهة الغرب قد تستمر لأكثر من جيل.
5. سلاح الإعلام الغربي في الحرب الأوكرانية
لا يسع الغرب لدعم أصدقائهم الأوكران، بعد الخذلان العسكري، والابتعاد عن قرار خوض غمار حرب مباشرة مع الروس على الأراضي الأوكرانية، سوى التضامن المعنوي والعمل على إعلان ذاك التضامن عبر شتى السبل، فمن الإعلام والتواصل الاجتماعي إلى المنظمات الدولية والحقوقية، حتى أن الرياضة رغم إعلان حيادها في مختلف القضايا العالمية فقد سمحت لنفسها المجال لتوصيف بوتين كمجرم حرب.
ولتعويض ما يخسره الغرب في الساحة الأوكرانية خلال العملية العسكرية الروسية، تعلو أصوات المذيعين والناشطين في ساحات التواصل الاجتماعي، لدرجة أن يسمح فايسبوك بتداول هاشتاغات وفيديوهات لما يحصل هناك رغم منعها أي إيحاء للعنف في القضايا المحقة كالذي يحصل في أحياء القدس وغزة في فلسطين المحتلة.
وإذا أردنا الاصغاء إلى سرديات القنوات الإعلامية والمواقع الإخبارية بخصوص الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، فإنها تغاير ما يعرض اليوم في أوكرانيا.
وحيث ان الحروب لم تكن لتقوم بمعزل عن الإعلام والدعاية والحرب النفسية، لحشد الرأي العام ورفع معنويات الجيوش، ومواجهة العدو وتحطيمه، وقد بقيت فنون الاتصال والإعلام على علاقة وثيقة بالحرب، ولكنها في هذا العصر الذي يتميز أساسا بالاتصالات والمعلوماتية تكاد تتحول برمتها إلى الإعلام والدعاية، والحرب في جوهرها تبادل منظم للعنف، والدعاية في جوهرها عملية إقناع منظمة، فإذا أمكن إقناع الخصم فلا حاجة للحرب العسكرية ابتداء وهذا ما يعمل المعسكر الغربي على ممارسته ضد روسي.