“حذاء خروتشوف”!
موقع إنباء الإخباري ـ
سليم السراي*:
لم تَنم الامبريالية الامريكية في تلك الليلة الطويلة على خشبة سريرها وفي أحضان رجائها وخيلائها. وفي تلكم الليلة لم تعد الامبريالية بقادرة على تواصل أحلامها وحياتها وأمالها بلعقها دماء الشعوب، فقد صَعقها الحذاء السوفيتي – الروسي أيّما صعقة, وأصبح “أقرب إليها من حبل الوريد”، فقد أمسى الحذاء كابوساً مُرعباً يعيش معها ليلاً ونهاراً، وكان أقرب من القوس ووتره الى نحرها. فما الباطل يدوم يوماً على مر تاريخ البشرية، وإنما هو أمر يتعاظم فجأة كشروق شمس من جديد ليُعلن الشروق – الحق أنه الأقوى، وليعود الى أهله بالطمأنينة والاستقرار، حيث ترحل الظلمة ويتبرعم النور مُتجدِّداً كأنه ساق مورّقة تناثرت براعمه على ما أشتهى لها وتشتهي له، بعدما سيطرت القوى الخبيثة على ليالي الأرض المِلاح.
ومع كل نقلة نوعية يَجترحها اليوم الزعيم فلاديمير بوتين في العالم العربي وخارجه، يَعود حذاء خروتشوف الى الحضور!.. فمايزال ذاك الحذاء يُسبّب الأرق للامبريالية الأمريكية وعملائها أينما وجدوا وتواجدت بإراداتهم أو بسوء طالعهم وحظهم العاثر برغمٍ من تباعد الزمان وعمر الحذاء التاريخي، لكنه بقي ساكناً في عقولهم وماثلاً أمام أنظارهم يَصعقهم مجدّداً في أفقهم الضيق وحياتهم اليومية الرتيبة المُملة.. فقد غدا الحذاء مشابه لعاصفة متجددة تهب على الأرض تفرض ذاتها من حين الى حين، وتقتلع أحلام طغاة الأرض وتثقل قلوبهم وترهب نفوسهم وترعبها، فقد أذاقهم الحذاء – العاصفة وبال كذبهم وخداعهم وفريتهم على البشرية في وعدهم بمستقبل مشرق وآمن.
مر على حادثة الحذاء الصاعق وأجيال وأجيال، وتغيرت الأحوال والأنظمة والمعسكرات والسياسات، واختلفت حدود الأوطان وملامحها الجيوسياسية، وربما ولدت شواطئ ودول وشعوب بأفكار وقيم جديدة، ولكن ما زالت الامبريالية الامريكية على مزاجها القديم، ولا يَعرف أحدٌ لها ملامح وخلق أو صورة مُحبّبة، بل بقيت حرباءً بقلب متلوّن، تدبّر أمرها بدهاء وخبث كبيرين، يَلج فيهما ما يلج مَن تسطّح العقل والضحالة الإدراكية، ومع هذه الهالة الكبيرة للإمبريالية لا يَغيب عن أفقها الواسع سحائب غبار الحذاء السوفيتي – الروسي.
ضربة الحذاء السوفيتي كانت موفقه في ذلك الوقت بدون استخدام آلة حربية، فقد أنقذ صاحبه نصف العالم من الدمار والتفكك والأقتتال الداخلي، فيا لها مِن صعقة مباركة، جعلت العالم الامبريالي في شِراكها.. يَزحف ويئن تحت وطأة رعدتها وعَصفها، وفي كل آن يأتي على ذِكرها وعنفوانها.
ويا لسخرية الزمان حين ينقلب الأحفاد عن النَّصير الى المخادع، حين يتسابقون للارتماء عراةً نياماً في أحضان مَن أعتدى عليهم بالأمس القريب، وحاول ان يُغيّر خارطتهم أو محوها، وبين هذا وذاك يرون أن الحذاء أمسى مُستضعَفاً، لا قوة له في الظهور من جديد، لكن تفكيرهم هذا إنما يَعتوره فكر ضحل يعشعش في ذواتهم الهرمة المجافية للوقائع. أشفق على هؤلاء لانهم لا يدركون ولا يعلمون أن الذي صعق أسيادهم بالأمس هو أصغر سلاح كان حاضراً بيد الزعيم السوفياتى نيكيتا خروتشوف.
ان على بعض زعماء المنطقة المتقزّمين لأمريكا، أن يرفعوا أيديهم إستسلاماً بدون قيد أو شرط، وأن يكفوا أيديهم عن أهل الحق وأتباعه، فلا نفع من سجودهم وحجّهم الى بيتها الأسود، فقد يُقلعهم “البيت” عن كراسيهم مهما طال التصاقهم بها، والأمثلة الماثلة لا حصر لها!
* كاتب وناشط في رابطة القلميين الالكترونية مُحبي بوتين وروسيه في الاردن والعالم العربي