حدود العربدة الأميركية
وكالة أنباء الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
كشف الأسبوع الماضي حقيقة الحد الأقصى من القدرات الأميركية والخليجية التركية في محاولة التأثير على توازن القوى القاهر الذي يحكم الحرب على سورية والتي دخل فيها المعتدون مأزقا كبيرا أمام صمود و مقاومة البلد الذي يظهر شعبه وجيشه مزيدا من الصلابة والتماسك في وجه أبشع عدوان أجنبي تستعمل فيه جماعات الإرهاب والمرتزقة وتحشد لخوضه أكثر من أربعين دولة ترمي بثقل أموالها وأسلحتها وإعلامها واستخباراتها.
أولا: الكلام الغربي الخليجي عن التسليح وعن شحنات السلاح التي أرسلت بآلاف الأطنان إلى سورية وكذلك قرار قمة الدوحة بهذا الخصوص هو تصريح عن أفعال وعمليات حصلت وليس إعلانا لشيء جديد يمكن أن يخل بتوازن القوى الإجمالي في سورية فالتقارير الصحافية أكدت أن الجسر الجوي السعودي الذي نظمته المخابرات الأميركية لنقل السلاح إلى سورية لصالح العصابات الإرهابية قد أنجز بين شهري تشرين الثاني 2012 وشباط 2013 .
يتضح للخبراء والمتابعين أن طاقة دول العدوان بقيادة الولايات المتحدة على حشد وإرسال الجماعات الإرهابية متعددة الجنسيات قد بلغت ذروتها فاقتصر الأمر في الأسابيع الماضية على إرسال المئات من اليمن وتونس وليبيا وغيرها بينما بات من الظاهر بقوة أن طاقة العصابات الإرهابية على استمالة وتجنيد السوريين بلغت ذروتها وهي في طريق انحسار يتناسب مع المزاج الشعبي العام الذي تقلصت معه داخل سورية مساحة ما يسمى بالبيئة الحاضنة ، بل إن الأحداث أبرزت في الأسابيع الماضية اتجاه كتلة كبيرة من الجمهور السوري ومن جميع المشارب والمناطق للتطوع في قوات الدفاع الوطني والقتال إلى جانب الجيش وتذهب بعض التقديرات إلى القول إن عشرات الآلاف باتوا مدربين ومنظمين في وحدات شعبية تشارك في جميع معارك الجيش السوري بينما يرى بعض المتابعين أن خطة الحشد و التعبئة الوطنية إذا ما دق الرئيس بشار الأسد النفير العام لشعبه سوف تضع بتصرف القيادة العسكرية مئات الألوف من الرجال و النساء المدربين و الجاهزين للقتال.
ثانيا: ظهرت حدود ترتيبات التحشيد التي أجراها أوباما من حيث الطاقة على زحزحة التوازن القاهر الذي يمنع العصابات الإرهابية من تحقيق تغيير جدي في خارطة القوى من خلال خطوتين واحدة على جبهة الجولان عبر المحاولة الإسرائيلية لاختبار فرص إقامة شريط حدودي عازل من خلال عصابات عميلة يجري تدريبها في الأردن وقد بوشر بنشرها في المنطقة الفاصلة بين الجولان السوري والجولان المحتل وهي منطقة تبلغ ذروة عرضها (3 كلم) من الناحية الأردنية وتضيق حتى تبلغ عشرات الأمتار بتقاطعها مع الحدود اللبنانية لجهة مزارع شبعا المحتلة، ويضاف إلى هذا الأمر نشاط الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية والأطلسية الذي تصاعد على الأرض السورية وغايته ضرب بعض الأهداف الإستراتيجية الحساسة لكن ما ينبغي الالتفات إليه هو أن القوات العربية السورية تحتفظ بجهوزيتها الكاملة لصد العدوان .
أما الخطوة الثانية التي أسفرت عنها جولة أوباما للحشد والتصعيد فهي جر النظام الأردني إلى توسيع نطاق التسهيلات التي يمنحها للعصابات الإرهابية في المناطق الحدودية لتهريب الأسلحة بعدما قامت السلطات الأردنية بتخزين السلاح الذي اشترته السعودية والنظام يدخل بذلك في مغامرة صعبة ومحفوفة بالمخاطر حاول تفاديها منذ اندلاع الأحداث وهو يتلعثم بسبب مخاوفه في خطاب سياسي مرتبك إزاء الوضع السوري عبرت عنه التصريحات المتضاربة للملك الأردني.
ثالثا: خطوة تسليم مقعد سورية لائتلاف الدوحة هي ضربة رمزية ومعنوية لا تبدل شيئا في واقع الحال منذ قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية والحقيقة أن الرد الروسي والإيراني والصيني على هذه الخطوة شكل إشارة سياسية قوية خصوصا وقد حملت الدول الثلاث الولايات المتحدة والحكومات العربية التابعة للغرب مسؤولية تعطيل الحل السياسي ولوح الوزير سيرغي لافروف برفض أي دور للأخضر الإبراهيمي في المساعي السياسية المقبلة بشأن الوضع السوري بعدما صارت الجامعة طرفا مباشرا في العدوان على الدولة السورية.
ومن اللافت للانتباه أن التصميم القطري التركي السعودي على هذه الخطوة في قمة الدوحة أدى إلى مزيد من الاختلاف داخل الواجهات السياسية للمعارضة السورية التي باتت غالبيتها الواضحة في الداخل والخارج تقف إلى جانب الحوار والحل السياسي وتجتمع في رفضها للإرهاب وللعدوان الأجنبي وقد كانت لها مواقف صارخة ضد الدوريين القطري والتركي بشكل خاص فما بقي من المعارضة السورية في قبضة المشروع الأميركي هو تنظيم الأخوان المسلمين وبعض المرتزقة في حاشيته السياسية في حين أن التوازنات الميدانية في سورية ثابتة تكشف عجز العصابات الإرهابية عن تحقيق أي تقدم جدي على الأرض والبرهان أن مقر رئيس الحكومة القطرية المؤقتة المعينة في سورية سيكون في قشرة الحدود التركية السورية فلا سيطرة للعصابات على منطقة يمكن فيها إيجاد مقر آمن ومعلن للجهاز السياسي الذي نصبه الأميركيون باسم المعارضات العميلة.