حتى السعادة صودرت منا
موقع راصد الخليج ـ
جاسر الدخيل:
صباح يوم الاحد الواقع في 30/3/1437هـ الموافق 10/1/2016م تنافست صحيفتا «الوطن» و«اليوم» السعوديتين على نشر مسح قيل ان شبكة «وين جالوب إنترناشونال» العالمية «المستقلة» المتخصصة في الأبحاث قد قامت به. وبحسب المسح، وفق ما ذكرت الصحيفتان، فقد حل السعوديون في المرتبة السادسة على مستوى العالم من حيث التفاؤل بمستقبل أفضل، والمركز الثالث من حيث السعادة.
وفيما قامت صحيفة الوطن بعنونة الخبر« السعوديون السادس عالميا تفاؤلا بالمستقبل» قامت صحيفة «اليوم» بعنونته « السعوديون ثالث أسعد شعوب العالم».
بعيدا عن هذه الشركات والشبكات الاحصائية والمسحية، فجميعنا يعلم كيف تعمل وتمول، فما لفتني هو هذه الاحصاءات التي كثرت مؤخرا عن مملكتنا العظيمة. من الاوائل العالميا في حقوق الانسان ومن والاوائل عالميا في المساواة بين الرجل والمرأة، ومن الاوائل عالميا في السعادة وكذلك في التفاؤل.
يا أخي ماذا عن مرتبتنا في تصدير الارهاب والفكر الارهابي الظلامي؟ وماذا عن مرتبتنا في عدد الملتحقين بالفكر الضال والمشاركين في اعمال ارهابية؟
وماذا عن مرتبتنا عالميا في قمع الحريات والعقوبات القاسية بحق النشطاء الاعلاميين؟
وماذا عن مرتبتنا في اقامة الحدود بسبب تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي؟
وهل نعلم مرتبتنا من حيث التطور العلمي؟ وهل نعلمها من حيث عدد الابحاث العلمية التي تنشر سنويا؟
بالله عليكم أخبروني عن مرتبتنا من حيث عدد مراكز الدراسات والابحاث العلمية!.
اني لا شك ابدا اننا الاوائل من حيث عدد الفتاوى التي تتحدث عن كيفية دخول الحمام، كما انني لا اشك اننا الانشط عالميا في شؤون المرأة لا سيما فتاوى النكاح. وكذلك فتاوى حكم الاختلاط في القبور!
كيف لا نكون سعداء ومتفائلون وقد ذكر تقرير لجمعية المتقاعدين يكشف عن أن 44% من المتقاعدين لا يمتلكون مساكن خاصة بهم؟!
ما هو عدد العاطلين عن العمل في دولتنا؟ وما هي نسب الطلاق؟ وكم تبلغ نسب الاعتداءات المسلحة؟
وماذا عن نسب توزيع الثروة الوطنية؟ وماذا عن الفروقات والنسب المئوية بين الاكثر ثراء والاكثر فقراً؟
وماذا عن نسبة درجة «الكسل» اذا اخذنا عدد العاملين والعاملات في الخدمات المنزلية كمؤشر؟ بالطبع لا تقل لي يا أخي ان ذلك دليل على الرفاهية فان معظم هؤلاء بالكاد يجدون قوت يومهم ومع ذلك يستخدمون العاملات!
حسنا دعونا من هذه المراتب، فاننا نود ان نعلم ماهي المعايير التي اعتمدت في تحديد هذه المراتب؟ فهل هي عدد المبتسمين ودرجة اتساع ابتسامتهم؟ اذ رب انسان يبتسم من الالم؟!
كفانا تنظيرا، قد يقول البعض، ربما انتم محقون؟ كفانا تنظريا ولندع الوقائع تتحدث وسأكتفي هذا اليوم بهذا الخبر :
أصدرت المحكمة الجزائية في نجران الأسبوع الماضي حكما ابتدائيا بحق اثنين من منسوبي صحة المنطقة، أحدهما استشاري والآخر صيدلي، بسبب دعوى أقامتها ضدهما مديرية الشؤون الصحية بالمنطقة على خلفية انتقادهما عبر تغريدات في تويتر للأداء العام واعتراضهما على الأسلوب الإداري الذي تتبعه المديرية في شغل الوظائف، حسب ما أوضح مصدر لـصحيفة «مكة».
ونص صك الحكم -الذي تقول صحيفة “الوطن” انها اطلعت عليه- على سجن الأول سبعة أشهر وجلده 50 جلدة، وسجن الثاني ستة أشهر و50 جلدة، وخمسة أشهر و40 جلدة للإداري الثالث، وسجن الأخير ثلاثة أشهر و20 جلدة.
وكانت صحة نجران ضمنت دعواها تغريدات ناقدة دونها المذكوران على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وانتقاداتهما الشفهية للأداء العام، ودفعت بها مع خطاب رسمي مطالبة بمحاكمتهما نظير ما رأت أنه سب وإشانة بحقها، مع العلم أن المدعى عليهما من أصحاب المؤهلات العلمية الرفيعة وسبق أن تقدما بشكوى إلى وزير الصحة الأسبق الدكتور عبدالله الربيعة متظلمين من تجاوزهما في شغل الوظائف القيادية وحصول آخرين من أصحاب المؤهلات الأقل على درجات رفيعة في صحة المنطقة.
والآن أترك للقارئ العزيز وللمواطن السعيد والمتفائل ان يحدد مرتبتنا في حرية الرأي والنقد البناء، والعقوبات الايجابية، والتفاعل الاداري.